174 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل:
الصحيح المسند
قال أبو داود:
3573 – حدثنا محمد بن حسان السمتي، حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار “، قال أبو داود: وهذا أصح شيء فيه يعني حديث ابن بريدة القضاة ثلاثة
_________
[حكم الألباني]: صحيح كما في صحيح «سنن أبي داود» وراجع إرواء الغليل (2614)
والحديث أفرده ابن حجر بجزء في المقاصد الحسنة وراجع نصب الراية وتلخيص الحبير
خلف بن خليفة:
قال ابن حجر:” صدوق اختلط في الآخر” (تقريب التهذيب)
قال ابن سعد:” – خلف بن خليفة.
ويكنى أبا أحمد مولى لأشجع. كان من أهل واسط فتحول إلى بغداد. وكان ثقة ثم أصابه الفالج قبل أن يموت حتى ضعف وتغير لونه و *اختلط* ” (الطبقات الكبرى)
فربما أخرج له مسلم انتقاءا
جاء في معنى الحديث:
عند الترمذي قال:
1322 – حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عبد الملك يحدث، عن عبد الله بن موهب، أن عثمان قال لابن عمر: اذهب فاقض بين الناس، قال: أو تعافيني يا أمير المؤمنين قال: فما تكره من ذلك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحري أن ينقلب منه كفافا» فما أرجو بعد ذلك؟ وفي الحديث قصة وفي الباب عن أبي هريرة: حديث ابن عمر حديث غريب وليس إسناده عندي بمتصل وعبد الملك الذي روى عنه المعتمر هذا، هو عبد الملك بن أبي جميلة
[حكم الألباني]: ضعيف
«سنن الترمذي» (3/ 604 ت شاكر)
وفي سنن الترمذي أيضا قال:
1323 – حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن بلال بن أبي موسى، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه ينزل الله عليه ملكا فيسدده»
[حكم الألباني]: ضعيف
وفي سنن الترمذي:
1325 – حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا الفضيل بن سليمان، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ولي القضاء، أو جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين»: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي أيضا من غير هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
[حكم الألباني]: صحيح
«سنن الترمذي» (3/ 606 ت شاكر)
وهو في الصحيح المسند (1362)
وفي سنن الترمذي 3136 حدثنا عبد بن حميد.
حدثني حبان بن هـلال.
أخبرنا سهيل بن عبد الله – وهـو ابن أبي حزم، أخو حزم القطعي -.
حدثنا أبو عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ “.
(ضعيف – المشكاة 235، (ضعيف سنن أبي داود 2/ 789 / 3652)).
قال الترمذي:
هـذا حديث غريب.
وقد تكلم بعض أهـل الحديث في سهيل ابن أبي حزم.
وهـكذا روي عن بعض أهـل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهـم: أنهم شددوا في هـذا، في أن يفسر القرآن بغير علم.
وأما الذي روي عن مجاهـد، وقتادة وغيرهـما من أهـل العلم: إنهم فسروا القرآن.
فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم، أو من قبل أنفسهم، وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا.
إنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم. انتهى كلام الترمذي
قال ابن عثيمين: ولهذا جاء التحذير من تفسير القرآن بالرأي وأن من فسر القرآن برأيه فقد أخطأ وإن أصاب
«فتاوى نور على الدرب للعثيمين» (5/ 2 بترقيم الشاملة آليا)
قال الخطابي:
قوله إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر إنما يؤجر المخطاء على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط. وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعا لآلة الاجتهاد عارفا بالأصول وبوجوه القياس. فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهومتكلف ولا يعذر بالخطأ في الحكم بل يخاف عليه أعظم الوزر بدليل حديث ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، أما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق فجار في الحكم ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار.
وفيه من العلم ليس كل مجتهد مصيبا، ولو كان كل مجتهد مصيبا لم يكن لهذا التفسير معنى، وإنما يعطى هذا أن كل مجتهد معذور لا غير، وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل. فإن من أخطأ فكان غير معذور في الخطأ وكان حكمه في ذلك مردودا
«معالم السنن» (4/ 160).
قال القاضي عياض:
قوله: ” إذا حكم الحاكم ثم اجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر “: قال أهل العلم: وهو ما لا خلاف [فيه ولا شك]، أن هذا إنما هو فى الحاكم العالم الذى يصح منه الاجتهاد، وأما الجاهل فهو مأثوم فى اجتهاده بكل حال، عاص بتقلده ما لا يحل له من ذلك؛ ولأنه متكلف فى دين الله متحرض على شرعته متحكم فى حكمه، فهو مخطئ كيفما تصرف، ومأثوم فى كل ما تكلف، وإصابته ليس بإصابة إنما هو اتفاق وتخرص، وخطؤه غير موضوع لأنه يجهله كالعامد، والجاهل والعامد هما سواء. قد جاء فى الحديث الآخر: ” القضاة ثلاثة: اثنان فى النار، وواحد فى الجنة. فقاض قضى بغير الحق وهو يعلم بذلك ففى النار، وقاض قضى وهو لا يعلم فأهلك حقوق الناس فذلك فى النار، وقاض قضى بالحق فذلك فى الجنة “. وفى الرواية الأخرى: ” وقاض علم قوله هذا، فعدل فأحرز أموال الناس وأحرز نفسه “. ومعنى قوله هنا: ” أخطأ ” يعنى وجه الحكم. وجعل له الأجر لاجتهاده لأنه فى طاعة بعلمه، ولم يكمل لعدم إصابته، والآخر تم له الأجر لكمال أجره فى الاجتهاد والإصابة لوجه الحكم، فكان له من الأجر الكثير الجسيم بقدر ذلك.
وقد استدل بهذا الحديث من يرى أن الحق فى طرفين، وأن كل مجتهد مصيب، قال: لأنه صلى الله عليه وسلم جعل له أجرا. واحتج به – أيضا – أصحاب القول الآخر بأن المصيب واحد والحق فى طرف واحد؛ لأنه لو كان كل واحد مصيبا لم يسم أحدهم مخطئا، فجمع الضدين فى حالة واحدة. ومعنى الحديث عند الطائفة الأولى فى أنه أخطأ النص وذهل عليه، أو ما لا يسوغ الاجتهاد فيه من الدلائل القطعية مما خالفه إجماع، وما اطلع الله – سبحانه – أو نبيه صلى الله عليه وسلم على حقيقه الحق [فيه] ووجه الحكم، فهذا متى اتفق لحاكم الخطأ فيه بعد اجتهاده لم يختلف فى نسخ حكمه [ورد نظره وإخبار خطئه، وهو] الذى يصح عليه إطلاق الخطأ.
وأما للمجتهد فى قضية ليس فيها نص ولا إجماع فمن أين يقال: إنه أخطأ؟ ولا يلتفت إلى قول من لم يحقق لقوله: ” إن فى كل نازلة حكما عند الله تعالى هو الصواب، فإذا أخطأ المجتهد كان مخطئا، وإذا أصابه كان مصيبا ” فى أن هذا تخييل وتوهيم، ممن لا تحقيق عنده، إذ النوازل التى لم يبرز الله لها حكما ولا نص لنا على وجه حكمها من حرمها لا حكم لله فى شاء منها، سوى ما سبق فى قديم مشيئة علمه فى آحادها من اختلاف المجتهدين فيها، وأن الشافعى يحكم فى نازلة فلان بالجواز، ومالك يحكم فى نازلة فلان آخر وهى مثلها بالمنع، وأبو حنيفة يحكم فى قضية فلان بالتعزير، ومالك يحكم فيها بعينها لأخر بالرجم. وهكذا فى تفصيل آحاد النوازل فى علم الله – سبحانه – وسابق كتابه، الذى لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء.
فإذا وقعت هذه النوازل فكل حاكم حكم فيها باجتهاده فهو الذى علمه الله – تعالى – وشاءه، وما نفذ فيها فهو قضاؤه – تعالى – بها وحكمه، ولا تناقض فى هذا كما زعم الآخرون حتى يكون الشاء حلالا معا وصحيحا فاسدا فى حالة واحدة وواجبا حراما في أخرى، فإن تناقض اختلافهم بتضاد أحكامهم إنما هو على الجملة وجنس النازلة، وبحسب تقدير اجتماع ذلك فى النازلة الواحدة، والنظر فى إصابة صواب الحكم ومراد الله فيه فإنما هو بعد وقوعه، ولا يصح أن يقع إلا على صفة واحدة فلا ينفذ فى الشأن القتل والاحتياط فى حالة، ولا يجتمع التحليل والتحريم فى حكم واحد.
فبان أن الذى نفد به الحكم فى هذه النازلة من المالكية من قتل هذا هو حكم الله – تعالى – فيه لا سواه، وفى هذه الأخرى من جلد آخر فيها بحكم الحنفى هو حكمه أيضا لا سواه، ومن تصريح آخر وترك التبعة له فى مثلها. بحكم الشافعى لذلك، وأن الصواب فى هذه النوازل كأنها ما نفذ فيه حكم المجتهدين وفتاويهم فيها بخاصة كل قضية، وأنها أحكام الله – سبحانه – فيها، ومراده فى أزله، وسابق علمه لا غير ذلك؛ إذ لا حكم لله فى نازلة إلا ما نص عليه، أو قام مقام نص بما شرعه رسوله قطعا، أو اجتمعت عليه أمته أو مستنده إلى مثل ذلك، أو ما كشف الغيب مراده أنه حكمه بتقييد مجتهد له ولا تناقض ولا تضاد فى ذلك، إذ التناقض والتضاد إنما يتصور فى المحل الواحد، وهذا كله بين جلى.
والقول بأن الحق فى طرفين هو قول أكثر أهل التحقيق من المتكلمين والفقهاء، وهو مروى عن مالك والشافعى وأبى حنيفة، وإن كان قد حكى عن كل واحد منهم اختلاف فى هذا الأصل، وهذا كله فى الأحكام الشرعية وما لا يتعلق بأصل وقاعدة من أصول التوحيد وقواعد التوحيد، مما مبناه على قواطع الأدلة القطعية، فإن الخطأ فى هذا غير موضوع، والحق فيها فى طرف واحد بإجماع من أرباب الأصول، والمصيب فيها واحد، إلا ما حكى عن عبيد الله بن الحسن العنبرى أن مذهبه فى ذلك على العموم. وعندى أنه إنما يقول ذلك فى أهل الملة دون الكفرة. والاجتهاد المذكور فى هذا الباب هو: بذل الوسع فى طلب الحق والصواب فى النازلة «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (5/ 572)
قال الزيلعي:
وقد جاء في التحذير من القضاء آثار، وقد اجتنبه أبو حنيفة رضي الله عنه وصبر على الضرب واجتنبه كثير من السلف، وقيد محمد نيفا وثلاثين يوما، أو نيفا وأربعين يوما، حتى تقلده: قلت: فيه حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “يا أبا ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم”، أخرجه مسلم، ووهم الحاكم في المستدرك فرواه، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى. وفيه حديث: من ولي القضاء، فقد ذبح بغير سكين، وقد تقدم قبله.
وحديث بريدة: أخرجه أبو داود2 عن ابن بريدة عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به، فهو في الجنة، ورجل عرف الحق، فلم يقض به، وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق، فقضى للناس على جهل، فهو في النار”، انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك في الأحكام، وزاد فيه: قالوا يا رسول الله، فما ذنب هذا الذي يجهل؟ قال: “ذنبه أن لا يكون قاضيا حتى يعلم”، وقال فيه: حديث صحيح على شرط مسلم، انتهى.
حديث آخر: أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عمران بن الحطان عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة، فليقى من شدة الحساب، ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره”، انتهى.
قال محقق بلوغ المرام طبعة الآثار: فيه عمرو بن العلاء اليشكري وصالح بن سرج الأول مجهول الحال، والثاني مجهول انتهى
قال ابن الملقن: ولما رَواهُ ابْن الجَوْزِيّ فِي «علله» بِإسْنادِهِ قالَ: إنَّه حَدِيث لا يَصح. ثمَّ أتبعه بقول العقيلِيّ: عمران بن حطّان لا يُتابع عَلى حَدِيثه.
وأعله العقيلِيّ بِوَجْه آخر فَقالَ: لا يتَبَيَّن لي سَماعه من عائِشَة.
قلت: فِي رِوايَة الإمام أحْمد أنه قالَ: دخلت عَلى عائِشَة فذاكرتها حَتّى ذكرنا القاضِي فَقالَت عائِشَة: سَمِعت رَسُول الله – عزوجل – يَقُول: «ليَاتِيَن …. انتهى
والحديث ضعفه محققو المسند: ونقلوا كلام العقيلي: ثم نقلوا تعقب الذهبي في «الميزان» (3) / (235) بقوله: كان الأولى أن يلحق الضعف في هذا الحديث بصالح أو بمن بعده، فإن عمران صدوق في نفسه.
حديث آخر: أخرجه الحاكم في المستدرك3 عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ليوشكن الرجل أنه يتمنى أنه خر من الثريا، ولم يل من أمر الناس شيئا”، انتهى. وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأخرجه أحمد (8901)
وحسنه محقق المسند بشواهده
حديث آخر: أخرجه الحاكم أيضا عن سعدان بن الوليد عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من ولي على عشرة، فحكم بينهم بما أحبوا، أو كرهوا جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، فإن حكم بما أنزل الله، ولم يرتش في حكمه، ولم يجف فك الله عنه يوم لا غل إلا غله، وإن حكم بغير ما أنزل الله، وارتشى في حكمه، وحابى فيه شدت يساره إلى يمينه، ثم رمي به في جهنم”، وسكت عنه، ثم قال: وسعدان بن الوليد البجلي كوفي، قليل الحديث، ولم يخرجاه عنه.
وسيأتي أحاديث بمعناه
حديث آخر: رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن معمر بن سليمان عن عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن وهب عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كان قاضيا عالما فقضى بالجور، كان من أهل النار، ومن كان قاضيا، فقضى بجهل، كان من أهل النار، ومن كان قاضيا عالما فقضى بعدل، فبالحري أن ينقلب كفافا”، انتهى. قال أبو حاتم في علله عبد الملك هذا مجهول، وعبد الله بن وهب أرى ابن موهب الرملي، انتهى.
قال الحافظ فى «المطالب» (2) / (246): لابى يعلى بانقطاع فيه. انتهى
أخرج الترمذى بعضه وقال: إن فيه انقطاعا، وقال البوصيرى: رواه ابن حبان فى صحيحه، ورواه الترمذى مختصرا، وقال: هذا حديث ليس إسناده بمتصل، قال البوصيرى: وهو كما قال فإن عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان
قال ابن كثير في مسند الفاروق:
ففى سياق ابن ابى عاصم ما يبين اتصال الحديث لكن عبد الملك هذا لم يرو عنه سوى معتمر ولهذا قال فيه أبو حاتم مجهول
حديث آخر: روى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا محمود بن خالد الدمشقي ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا يسار أبو الحكم عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أبي ذر، وبشر بن عاصم رضي الله عنهما أنهما قالا لعمر بن الخطاب، وقد أراد أن يستعمل بشر بن عاصم على عمل: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من ولي شيئا من أمر المسلمين أتي به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم، فإن كان محسنا نجا، وإن كان مسيئا انخرق به الجسر، فهوى فيه سبعين خريفا”، انتهى.
قال باحث:
وأخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ أبِي عاصِمٍ «الآحادُ والمَثانِي» ((3) / (231): (230))، وابْنُ قانِعٍ «مُعْجَمُ الصَّحابَةِ» ((1) / (82)) مِن طُرُقٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ ثَنا سَيّارُ أبُو الحَكَمِ عَنْ أبِي وائِلٍ عَنْ عُمَرَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عاصِمٍ بِهِ.
ق: وهَذا إسْنادٌ ضَعِيفٌ جِدَّا. سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ نُمَيْرٍ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ القاضِي لَيْسَ بِشَئٍ. قالَ أحْمَدُ بن حنبلٍ: مَتْرُوكُ الحَدِيثِ. وقالَ يَحْيى بنُ معينٍ: لَيْسَ بِشَيءٍ. وقالَ البُخارِيُّ: فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ نَظَرٌ. وقالَ النَّسائِيُّ: ضَعِيفٌ. وقالَ ابْنُ حِبّانَ: كانَ كَثِيرَ الخَطَأ فاحِشَ الوَهْمِ.
وذكره المنذري في
الترغيب والترهيب
كتاب القضاء وغيره – الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئا من ذلك
وهو في ضعيف الترغيب (1311)
وتوسع في بيان ضعفه في السلسلة الضعيفة (6865)
وفي مجمع الزوائد (9040): رَواهُ الطَّبَرانِيُّ، وفِيهِ سُوِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وهُوَ مَتْرُوكٌ.
قال السيوطي في جمع الجوامع:
أبو نعيم، وأبو سعيد النقاش في كتاب القضاء، هـ طب في المتفق والمفترق، وسويد بن عبد العزيز متروك ولكن له طرق أخرى تأتى في مسند بشر انتهى
وقال السيوطي في مسند بشر:
ابن أبى شيبة، وأبو نعيم وقال: ورواه عمار بن أبى يحيى عن سلمة بن تميم عن عطاء بن أبى رباح عن عبد الله بن سفيان عن بشر بن عاصم مثله. قلت: أخرجه من هذا الطريق ابن منده بهاتان الطريقان مقويتان للطريق الثالث السابق فى مسند عمر
** قال الحافظ فى «الإصابة» (1) / (251): قال البغوى: لم يروه عن سيار غير سويد وفى حديثه لين اه.
وقد وقع لنا من غير طريق سويد أخرجه ابن أبى شيبة. انتهى
يقصد ما في المصنف:
34729 – حدثنا ابن نمير قال: ثنا فضيل بن غزوان عن محمد (الراسبي) عن بشر بن عاصم قال: كتب عمر بن الخطاب عهده فقال: لا حاجة لي فيه، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن الولاة يجاء بهم يوم القيامة فيقفون على شفير جهنم، فمن كان (مطواعا) لله تناوله الله بيمينه حتى ينجيه، ومن عصى الله انخرق به الجسر إلى واد من نار (تلتهب) التهابا”، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل عمر إلى أبي ذر وإلى سلمان، فقال لأبي ذر: أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم والله، وبعد الوادي واد آخر من نار، قال: وسأل سلمان فكره أن يخبر بشيء، فقال عمر: من يأخذها بما فيها، فقال أبو ذر: من (سلت) الله أنفه وعينيه وأصدع خده إلى الأرض.
قال المحقق: مجهول؛ لجهالة الراسبي، أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (587)، وأحمد بن منيع كما في المطالب (2099)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1175)، وذكره ابن حجر في الإصابة ترجمة رقم (663)، ورواه بنحوه ابن أبي عاصم في الآحاد (1591)، والطبراني (1219)، وعبد بن حميد (430)
«مصنف ابن أبي شيبة» (18/ 211 ت الشثري)
الآثار: روى النسائي في كتاب الكنى أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران ثنا أبو عبد الله محمد بن بكار ثنا أبو عبد الرحمن يحيى بن حمزة، أخبرني الوليد بن أبي السائب أنه سمع مكحولا يقول: لو خيرت بين ضرب عنقي، وبين القضاء لاخترت ضرب عنقي، انتهى.
أثر آخر: روى ابن سعد في الطبقات في ترجمة أبي الدرداء أخبرنا عفان بن مسلم ثنا حماد ابن يزيد عن يحيى بن سعيد، قال: استعمل أبو الدرداء على القضاء، فأصبح الناس يهنونه، فقال: أتهنونني بالقضاء، وقد جعلت على رأس مهواة منزلتها أبعد من عدن أبين، ولو علم الناس ما في القضاء، لأخذوه بالدول رغبة عنه وكراهية له، انتهى
منقطع بين يحيى بن سعيد وأبي الدرداء
وفي حاشية نصب الراية 4/ 66 تعليقا على أثر أبي الدرداء:
قال ابن الهمام في الفتح ص (460) ج (5): وأما ما في البخاري. سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل الحديث. فلا ينافي مجيئه أولًا: مغلولة يده في عنقه إلى أن يفكها عدله، فيظله الله تعالى في عدله فلا يعارض، انتهى. قلت: يشهد لهذا ما أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ص (192) ج (4) عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:» ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولًا لا يفكه إلا العدل”، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، انتهى. قال ابن الهمام في الفتح ص (460) ج (5)، وقد اجتنبه أبو حنيفة، وصبر على الضرب والسجن حتى مات في السجن، وقال: البحر عميق، فكيف أعبره بالسباحة؟ فقال أبو يوسف: البحر عميق، والسفينة وثيق، والملاح عالم، فقال أبو حنيفة: فكأني بك قاضيًا اهـ.
حديث أبي هريرة ما من أمير عشرة …. هو في الصحيح المسند (1395)
وورد أيضا في الصحيح المسند:
عن عوف بن مالك الاشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن شئتم انبأتكم عن الإمارة وما هي ” قال: فقمت فناديت بأعلا صوتي ثلاث مرات، فقلت: وما هي يا رسول الله؟ قال: أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل ”
قال ابن الملقن:
قال طاوس: أشر الناس عند الله يوم القيامة إمام قاسط.
وذكر أثر مكحول وسبق
«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» (32/ 493)
قال المناوي:
قال في المطامح: هذا التقسيم بحسب الوجود لا بحسب الحكم ومعروف أن مرتبة القضاء شريفة ومنزلته رفيعة لمن اتبع الحق وحكم على علم بغير هوى {وقليل ما هم} روي أن عمر جاءه خصمان فأقامهما فعادا فأقامهما فعادا ففصل بينهما فقيل له فيه فقال وجدت لأحدهما ما لم أجد لصاحبه فعالجت نفسي حتى ذهب ذلك قال القاضي: الإنسان خلق في بدر فطرته بحيث يقوى على الخير والشر والعدل والجور ثم تعرض له دواعي داخلة وأسباب خارجة تتعارض وتتصارع فتجذبه هؤلاء مرة وهؤلاء أخرى حتى يفضي التطارد بينهما إلى أن يغلب أحد الحزبين ويقهر الآخر فتنقاد له بالكلية ويستقر على ما يدعوه إليه فالحاكم إن وفق حتى غلب له أسباب العدل وتمكن فيه دواعيه صار بشراشره مائلا إلى العدل مشغوفا به متحاشيا عما ينافيه ونال به الجنة وإن خذل بأن كان على خلاف ذلك جار بين الناس ونال بشؤمه النار وقيل معناه من كان الغالب على أقضيته العدل والتسوية بين الخصمين فله الجنة ومن غلب على أحكامه الجور والميل إلى أحدهما فله النار
«فيض القدير» (4/ 538)
وقال المناوي أيضا:
فيه إنذار عظيم للقضاة التاركين للعدل والأعمال والمقصرين في تحصيل رتب الكمال قالوا: والمفتي أقرب إلى السلامة من القاضي لأنه لا يلزم بفتواه والقاضي يلزم بقوله فخطره أشد فيتعين على كل من ابتلي بالقضاء أن يتمسك من أسباب التقوى بما يكون له جنة ويحرص على أن يكون الرجل الذي عرف الحق فقضى به وكان المخصوص من القضاة الثلاثة بالجنة ويجعل داء الهوى عنه محسوما ولحظه ولفظه بين الخصوم مقسوما ولا يأل فيما يجب من الاجتهاد إذا اشتبه عليه الأمران ويعلم أنه إن اجتهد وأخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران وصوب الصواب واضح لمن استشف بنور الله برهانه ويتوكل على الله في قصده ويتقي فإن الله يهدي قلبه ويثيب لسانه
«فيض القدير» (4/ 538)
قال الإتيوبي في شرح حديث عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير”).وقد أخرجه البخاري بنحوه 6722
(المسألة الرابعة): في فوائده:
1 – (منها): ما قاله الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: ظاهره يقتضي كراهية سؤال الإمارة مطلقا، والفقهاء تصرفوا فيه بالقواعد الكلية، فمن كان متعينا للولاية وجب عليه قبولها إن عرضت عليه، وطلبها إن لم تعرض؛ لأنه فرض كفاية، لا يتأدى إلا به فيتعين عليه القيام به، وكذا إذا لم يتعين، وكان أفضل من غيره، ومنعنا ولاية المفضول مع وجود الفاضل.
وإن كان غيره أفضل منه، ولم نمنع تولية المفضول مع وجود الفاضل فههنا يكره له أن يدخل في الولاية، وأن يسألها، وحرم بعضهم الطلب، وكره للإمام أن يوليه، وقال: إن ولاه انعقدت ولايته، وقد استخطئ فيما قال.
ومن الفقهاء من أطلق القول بكراهية القضاء، لأحاديث وردت فيه. انتهى.
فمن الأحاديث ما رواه أصحاب السنن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي عن بريد بن الحصيب -رضي الله عنه-، مرفوعا: “القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة: رجل علم الحق، فقضى به، فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل عرف الحق، فجار في الحكم فهو في النار”.
ومنها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، مرفوعا: “من ولي القضاء، فقد ذبح بغير سكين”، رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وحسنه الترمذي مع الغرابة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
مع أن بعض العلماء يؤول هذا على المدح، وقال: لاجتهاده في طلب الحق، والظاهر أنه على الذم؛ لعجزه عن القيام، وعدم المعين له على الحق.
ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر -رضي الله عنه-: “لا تأمرن على اثنين”، رواه مسلم.
ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم-: “إنكم ستحرصون على الإمارة، وإنها ستكون ندامة، وحسرة يوم القيامة، فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة” رواه البخاري.
قال العلامة ابن الملقن رحمه الله بعد ذكر ما تقدم: ومن أصحابنا من قال: القضاء من أعلى القربات، ومنهم إمام الحرمين، وابن الصباغ، والأحاديث المحذرة منه محمولة على الخائن، أو الجاهل، بدليل الحديث السالف: “القضاة ثلاثة … “، وقال ابن الصباغ: الأحاديث المحذرة دالة على عظم قدره حتى لا يقدم عليه من لا يثق بنفسه، ويحمل حديث عبد الرحمن بن سمرة، وما في معناه، كحديث أبي موسى في “الصحيحين”: “لن نستعمل في عملنا هذا من أراده”، على من سأل لمجرد الرئاسة والنبل، ومن استحبه فهو لمن قصد به القربة، وبالغ إمام الحرمين وجماعة، فقالوا: القيام بفرض الكفاية أحرى بإحراز الدرجات، وأعلى في قبول القربات من القيام بفرض العين، فإن فاعل فرض العين وتاركه يختص الثواب والعقاب به، وفاعل فرض الكفاية كاف نفسه، وسائر المخاطبين العقاب، وأمل أفضل الثواب.
وبالجملة فقد امتنع من الدخول فيه الشافعي رحمه الله حين استدعاه المأمون ليوليه قضاء الشرق والغرب، واقتدى به الصدر الأول من أصحابه، حتى إن أبا علي بن خيران لما طلب للقضاء هرب، فختم على عقاره، وامتنع أيضا أبو حنيفة رحمه الله حين استدعاه المنصور له، فضربه وحبسه، ثم أطلقه، وقيل: إن أبا حنيفة ولي القضاء بالرصافة أياما، والشافعي وليه بنجران من بلاد اليمن أياما، ولا يصح، ودخول معظم السلف من الصدر الأول فيه كان لعلمهم يقينا أو ظنا بالقيام به لله، لا لشيء من حظوظ الدنيا، ووجود من يعينهم على الحق، وامتناع الصدر الثاني والثالث؛ لما فيه من الخطر، وعدم براءة الذمة فيه، وتحيلوا على الامتناع منه بأسباب توهم الجنون، أو قلة المروءة، وارتكبوا ذلك؛ للخلاص من المحرم، أو المكروه. انتهى كلام ابن الملقن رحمه الله.
2 – (ومنها): أن في الحديث إشارة إلى ألطاف الله تعالى بالعبد فيما قضاه وقدره، وأوجبه عليه بالإعانة على إصابة الصواب في فعله وقوله، تفضلا زائدا على مجرد التكليف والهداية إلى النجدين، فإنه لما كان خطر الولاية عظيما، بسبب أمور في الوالي، وبسبب أمور خارجة عنه كان طلبها تكلفا، ودخولا في غرر عظيم، فهو جدير بعدم العون، ولما كانت إذا أتت من غير مسألة لم يكن فيها هذا التكلف كانت جديرة بالعون على أعبائها وأثقالها، قال ابن دقبق العيد رحمه الله: وهي مسألة أصولية، كثر فيها الكلام في فنها، والذي يحتاج إليه في الحديث ما أشرنا إليه الآن.
3 – (ومنها): أن من يتعاطى أمرا سولت له نفسه أنه أهل له لا يقوم به، بخلاف من عجز نفسه وقصرها عن ذلك، وهذا من ثمرات التواضع، فإن من سأل الإمارة لم يسألها إلا وهو يرى نفسه أهلا لها، فيوكل إليها، فلا يعان، ويخذل.
4 – (ومنها): أن فيه بيان كرم الله عز وجل على عباده في عدم الوقوف عند الأيمان، وبأنه يحنث فيها؛ لئلا يؤدي ذلك إلى المنع من الخير، وترك البر.
5 – (ومنها): أن للحديث تعلقا بالتكفير قبل الحنث …
«البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج» (28/ 661)
5 – فيه خطورة التقول على الله بغير علم وأنه من الكبائر.
6 – الحديث لا يتعارض مع حديث إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجران. راجع أضواء البيان الإسراء الآية (36)
7 – التحذير ينصب على القاضي الجاهل ولو أصاب
8 – الحديث محمول على تعظيم أمر القضاء قاله البيهقي
9 – قد يتولى القضاء أو الولاية لنشر خير كما فعل يوسف عليه الصلاة والسلام.
وقد يتولاها دفعا لمفسدة أعظم بل قد يغضي عن بعض الحق ويرتكب مفسدة أدنى لدرأ مفسدة أعظم:
قال الشوكاني رحمه الله في رفع الأساطين:
( … فالمتصل بهم من أهل المناصب الدينية، قد يغضي في بعض الأحوال عن شيء من المنكرات، لا لرضا به، بل لكونه قد اندفع بسعيه ما هو أعظم منه، ولا يتم له ذلك إلا بعدم التشدد فيما هو دونه، وهو يعلم أنه لو تشدد في ذلك الدون، لوقع هو وذلك الذي هو أشد منه وأشنع وأفظع، *كما يحكى عن بعض أهل المناصب الدينية أن سلطان وقته أراد ضرب عنق رجل لم يكن قد استحق ذلك شرعاً، فما زال ذلك العالم يدافعه ويصاوله ويحاوره، حتى كان آخر الأمر الذي انعقد بينهما، على أن ذلك الرجل يضرب بالعصا على شريطة اشترطها السلطان، وهو أن يكون الذي يضربه ذلك العالم، فأخرج الرجل إلى مجمع الناس الذين يحضرون في مثل ذلك للفرجة، فضربه ضربات فتفرق ذلك الجمع، وهم يشتمون أقبح شتم، وهم غير ملومين، لأن هذا في الظاهر منكر، فكيف يتولاه من هو المرجو لإنكار مثل ذلك؟ ولو انكشفت لهم الحقيقة،* واطلعوا على أنه بذلك أنقذه من القتل وتفاداه بضرب العصا عن ضرب السيف، لرفعوا أيديهم بالدعاء له والترضي عنه). انتهى
وارتكاب المفسدة الأدنى لدرأ مفسدة أعلى دليله قصة الخضر في خرقه سفينة المساكين
فأنكر موسى عليه السلام بحسب علمه وكان الخضر مصيبا في دفع أعظم الضررين بارتكاب أدناهما
10 – لا يجوز الفرار من القضاء إذا لم يوجد عدول إلا إذا خشي الفتنة على دينه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
إنكم ستَحرصون على الإمارةِ، وإنها ستكونُ ندامةً وحسرةً، فنعْمَتِ المُرْضِعَةُ، وبِئْسِتِ الفاطمةُ.
الألباني (ت (1420))، صحيح النسائي (4222) •
لذلك الشيخ ابن باز وشيخه محمد بن إبراهيم تولوا القضاء وتولوا مناصب ونحسبهم والله حسيبهم قاموا بجهود عظيمة وما ذاك إلا بتوفيق من رب العالمين.
11 – قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
“إن الاختبارات حُكْمٌ حين التصحيح، فإن المعلم الذي يقدر درجات أجوبة الطلبة، ويقدر درجات سلوكهم هم حاكم بينهم؛ لأن أجوبتهم بين يديه بمنزلة حجج الخصوم بين يدي القاضي، فإذا أعطى طالباً درجات أكثر مما يستحق فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره، وهذا جور في الحكم، وإذا كان لا يرضى أن يقدم على ولده من هو دونه، فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد من هو دونهم.
إن من الأساتذة من لا يتقي الله تعالى في تقدير درجات الطلبة، فيعطي أحدهم ما لا يستحق، إما لأنه ابن صديقه أو قريبه أو ابن شخص ذي شرف أو مال أو رئاسة، ويمنع بعض الطلبة ما يستحق إما لعداوة شخصية بينه وبين الطالب أو بينه وبين أبيه أو غير ذلك من الأسباب.
وهذا كله خلاف العدل الذي أمر به الله ورسوله، فإقامة العدل واجبة بكل حال على من تحب ومن لا تحب، فمن استحق شيئاً وجب إعطاؤه إياه، ومن لا يستحق شيئاً وجب حرمانه منه” انتهى.
“الضياء اللامع” (2/ 570، 571).
وممن في يصدق عليه أنه قاض أو حاكم – مدير الشركة أو المؤسسة الذي يحكم للموظفين أو عليهم بما يستحقونه من تكريم ومكافآت أو عقوبات. وكذلك – شرطي المرور الذي يحكم بين المتنازعين في حادث تصادم ـ مثلاً ـ فيحكم بأن الخطأ على فلان، أو أن نسبة الخطأ كذا … فهذا قاضٍ، لأنه يحكم بين الخصمين ويلزمهما بحكمه.
أما الشرطي الذي يأتي إلى مكان الحادث ويسجل وصف الحادث في الأوراق، فهذا ليس قاضياً، ولكنه أقرب إلى الشاهد، فيجب عليه أن يشهد بالعدل، ولا يحابي أحداً، وإلا كان شاهداً بالزور، متسبباً في ضياع الحق على صاحبه، لأن الشرطي الذي سيحكم، سيحكم بناء على ما وصفه هذا الشاهد.
وأما الشرطي الذي يتولى التحقيق في الجريمة، فليس قاضياً، لأن حكمه بأن هذا هو الجاني ليس ملزماً، وليس من سلطته تنفيذ ما حكم به، بل هو كالمساعد للقاضي في الوصول إلى الحكم، فيحاول الوصول إلى تفاصيل الجريمة، وملابستها، ثم يضع ذلك بين يدي القاضي الذي يتولى الحكم.
والحاصل … أن كل من حكم بين الناس وكان حكمه ملزماً لهم فهو القاضي، الذي إن كان حكمه مبنياً على الجهل والظلم فهو متوعد بأن يكون من أهل النار، وإن كان حكمه مبنياً على العلم والعدل فهو موعود بالجنة.
والله أعلم
12 – هناك كتب مستقلة في أدب القاضي وغير ذلك من الأحكام التي تخصه. وبعض الفقهاء في كتب الفقه المطولة كذلك جعل كتاب في أدب القاضي.