173 جامع الأجوبة الفقهية ص 206
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
باب المسح على الخفين
مسألة 7: إذا مسح مسافر ثم قدم فأقام؟
إذا مسح المسافر على خفيه، ثم أقام، فلا يخلو حاله من أمرين: إما أن يكون قد استوفى مسح يوم وليلة أم لا. وهذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء وإن ادعاء بعضهم الإجماع كما سيأتي، ففيها أقوال هي كالتالي:
الأول: إن كان قد استوفى مسح يوم وليلة في سفره، فقد انتهت مدته، ولا يصح أن يمسح في إقامته شيئا، وإن لم يستوف مسح يوم وليلة أتم مسح مقيم، هذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة واختاره الشيخ ابن عثيمين.
الثاني: إن مسح في السفر ثم أقام، فإن مسح في السفر يوما وليلة، يمسح في الإقامة ثلث يومين وليلتين، وهو ثلثا يوم وليلة وهذا قول المزني.
الثالث: أنه يمسح مسح مسافر إن كان مسح في سفره أكثر من يوم وليلة، وهذا القول اختاره بعض الحنابلة وشذذه بعضهم.
– قال في الإنصاف (1/ 177): ” قال في المبهج: أتم مسح مسافر إن كان مسح مسافرا فوق يوم وليلة. وشذذه الزركشي. قال ابن رجب في الطبقات: وهو غريب. ونقله في الإيضاح رواية، ولم أرها فيه ” اهـ.
الرابع: إن مسح في سفر، ثم أقام أو دخل موضعه؛ ابتدأ مسح يوم وليلة؛ إن كان قد مسح في السفر يومين وليلتين فأقل، ثم لا يحل له المسح، فإن كان مسح في سفره أقل من ثلاثة أيام بلياليها وأكثر من يومين وليلتين؛ مسح باقي اليوم الثالث وليلته فقط، ثم لا يحل له المسح، فإن كان قد أتم في السفر مسح ثلاثة أيام بلياليها؛ خلع ولا بد، ولا يحل له المسح حتى يغسل رجليه، وهذا قول ابن حزم.
انظر: تبيين الحقائق (1/ 51)، البحر الرائق (1/ 189)، المجموع (1/ 515)، الحاوي الكبير (1/ 358،359)، المغني (1/ 372)، الفروع (1/ 167،168)، الإنصاف (1/ 177،178)، المحلى (1/ 341).
– وقد استدل الجمهور على قولهم بالتالي:
الأول: أن هذا المسافر لما أقام أصبح حكمه حكم المقيم، ولا يجوز للمقيم أن يمسح أكثر من يوم وليلة.
وثانيا: أن المسح ثلاثة أيام ولياليهن إنما هي للمسافر، فإذا انتفى السفر، انتفت الرخصة.
وثالثا: أنه اجتمع في حاله حضر وسفر، فغلب حكم الحضر احتياطا.
– ونقل بعضهم الإجماع على هذا القول وهو لا يصح لوجود المخالف كما بينا، ومن هؤلاء الذين نقلوا الاجماع:
أبو العباس بن سريج حيث يقول معلقًا على قول المزني بقوله: “إن كان المزني يذهب إلى أن القياس هذا، ولكن ترك للإجماع أو غيره؛ فليس بيننا وبينه كبير خلاف، وإن كان يذهب إلى أنه يحكم بهذا؛ فهو خلاف الإجماع”. نقله عنه النووي في المجموع (1/ 516)، ثم قال: “وهذا الذي قاله ابن سريج تصريح بانعقاد الإجماع على خلاف قول المزني”. انتهى
وابن قدامة حيث يقول في المغني (1/ 372): “وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة، ثم أقام أو قدم؛ أتم على مسح مقيم وخلع، وإذا مسح مسافر يومًا وليلة فصاعدًا، ثم أقام أو قدم خلع، وهذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا أعلم فيه مخالفًا”. انتهى
– وأما المزني فاحتج لقوله:
بأنه لو مسح ثم أقام في الحال؛ مسح ثلث ما بقي، وهو يوم وليلة، فإذا بقي له يومان وليلتان وجب أن يمسح ثلثهما.
ومعنى استدلاله؛ أن الماسح ليوم وليلة وهو مسافر، لم يستكمل من رخصته إلا الثلث، وبقي له الثلثان، فيأخذ ثلث اليومين اللذين قد استحقهما من قبل ولم يستكملهما، فيكون حقه ثلثا يوم وليلة.
– واستدل ابن حزم على ما اختاره:
بأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يبح المسح إلا ثلاثة أيام للمسافر بلياليها، ويومًا وليلة للمقيم، فصح أنه لم يبح لأحد أن يمسح أكثر من ثلاثة أيام بلياليها، لا مقيمًا ولا مسافرًا، وإنما نهى عن ابتداء المسح، لا عن الصلاة بالمسح المتقدم، فالعبرة عنده بابتداء المسح، وعدم تجاوز ثلاثة أيام.
– قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 251):
“من مسح في سفر ثم أقام، فإنه يتم مسح مقيم إن بقي من المدة شيء، وإن انتهت المدة خلع.
مثاله: مسافر أقبل على بلده وحان وقت الصلاة، فمسح ثم وصل إلى البلد، فإنه يتم مسح مقيم؛ لأن المسح ثلاثة أيام لمن كان مسافرا والآن انقطع السفر، فكما أنه لا يجوز له قصر الصلاة لما وصل إلى بلده، فكذا لا يجوز له أن يتم مسح مسافر. فإن كان مضى على مسحه يوم وليلة، ثم وصل بلده فإنه يخلع، وإن مضى يومان خلع، وإن مضى يوم بقي له. انتهى
والله أعلم.