173 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
173_ قال الإمام النسائي رحمه الله ج6ص64: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ الْمَالُ.
………………………..
وصححه الألباني في الارواء 6/271
قال الاثيوبي : و”الحسّب -بفتحتين-: أصله الشرف بالآباء، وما يعدّه الإنسان من مفاخرهم، وجمعه أحساب. قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: “الحسَب -بفتحتين-: ما يُعدّ من المآثر، وهو مصدرُ حَسُبَ، وزانُ شَرُفَ شَرَفًا، وكَرُمَ كَرَمًا. قال ابن السّكِّيت: الحسَبُ، والكَرَمُ يكونان في الإنسان، وإن لم يكون لآبائه شرَفٌ، ورجلٌ حَسِيبٌ: كَرِيم بنفسه. قال: وأما المجد، والشَّرَفُ فلا يوصف بهما الشخص، إلا إذا كانا فيه، وفي آبائه. وقال الأزهريّ: الحسَبُ: الشَّرَفُ الثابتُ له، ولآبائه. قال: وقوله – صلى اللَّه عليه وسلم -: “تُنكح المرأة لحسَبِها” أحوجَ أهلَ العلم إلى معرفة الحسَب؛ لأنه مما يُعتبر في مهر المثل، فالحسَبُ انفَعَالُ له، ولآبائه، مأخوذٌ من الحِسَاب، وهو عَدُّ المناقب؛ لأنهم كانوا إذا تفاخروا حَسَبَ كلُّ واحد مناقبه، ومناقب آبائه، ومما يشهد لقول ابن السّكّيت قول الشاعر [من الطويل]:
وَمَن كَانَ ذَا نَسْبٍ كَرِيمٍ وَلَمْ يَكُنْ … لَهُ حَسَبٌ كَانَ اللَّئِيمَ الْمُذمَّمَا
جعل الحسب فَعَالَ الشخص، مثل الشجاعة، وحسن الخلُق، والجود. ومنه قوله: “حسَبُ المرء دِينُهُ” انتهى. ذخير العقبى 27 /86
قال السندي : ( إن أحساب أهل الدنيا ) أي فضائلهم التي يرغبون فيها ويميلون إليها ويعتمدون عليها في النكاح وغيره هو المال ولا يعرفون شرفا أخر مساويا له بل مدانيا أيضا علما أو دينا وورعا وهذا هو الذي صدقه الوجود فصاحب المال فيهم عزيز كيفما كان وغيره ذليل كذلك والله تعالى أعلم ( حاشية السندي على سنن النسائي 6/64 )
قال الاثيوبي : قال الحافظ وليّ الدين: هذا الحديث يحتمل أن يكون خرج مخرج الذّمّ لذلك؛ لأن الأحساب إنما هي بالأنساب، لا بالمال، فصاحب النسب العالي هو الحسيب، ولو كان فقيرًا، والوضيع في نسبه ليس حسيبًا، ولو كان ذا مال. ويحتمل أن يكون خرج مخرج التقرير له، والإعلام بصحّته، وإن تفاخر الإنسان بآبائه الذين انقرضوا مع فقره لا يُحَصِّلُ له حَسَبًا، وإنما يكون حسبه وشرفه بماله، فهو الذي يرفع شأنه في الدنيا، وإن لم يكن طيّب النسب. ويدلّ للاحتمال الثاني ما رواه الترمذيّ، وابن ماجه، والحاكم في “مستدركه” من حديث قتادة، عن الحسن، عن سمرة – رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم -: “الحسَبُ المال، والكرم التقوى” ( حسنه لغيره محققو المسند ). قال الترمذيّ: حسن صحيح، غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وقد ذكر بعضهم أن الحسب والكرم يكونان في الرجل، وإن لم يكن له آباء لهم شرف، والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء.
وروى الحاكم في “مستدركه” من حديث مسلم بن خالد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة – رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم -: “كرم المؤمن دينه، ومروءته عقله، وحسَبه خلقه”. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم . ( ضعيف )
وقال في “الفتح”: وأما ما أخرجه أحمد، والنسائيّ، وصححه ابن حبّان من حديث بُريدة – رضي اللَّه عنه -، رفعه: “إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال”. فيحتمل أن يكون المراد أنه حَسَبُ مَن لا حَسَبَ له، فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له. ومنه حديث سمرة – رضي اللَّه عنه -، رفعه: “الحسَبُ المال، والكرم التقوى”. أخرجه أحمد، والترمذيّ، وصححه هو، والحاكم. وبهذا الحديث تمسّك من اعتبر الكفاءة بالمال.
أو أن من شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال، ولو كان وضيعًا، وضَعَةُ من كان مُقلًّا، ولو كان رفيع النسب، كما هو موجودٌ مشاهدٌ. فعلى الاحتمال الأول يمكن أن يؤخذ من الحديث اعتبار الكفاءة بالمال، لا على الثاني؛ لكونه سيق في الإنكار على من يفعل ذلك انتهى .
قال الجامع ( الاثيوبي ) – عفا اللَّه تعالى عنه -: الصواب عندي أن الحديث سيق لبيان ما هو الحاصل في واقع الناس، ومجتمعهم، وذلك أنهم يعتمدون على المال، ويفتخرون به، وأن ذلك غير معتبر شرعًا، فهو كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} إلى أن قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فقد أخبر اللَّه تعالى بحكمة خلقه الناس ذكرًا وأنثى، وجعلهم شعوبًا وقبائل، وذلك للتعارف، لا للتفاخر والتناحر، ثم أخبر بأن الرفعة عنده لا تكون من هذه الجهة، وإنما هي من جهة التقوى فقط، فمن اتقى فهو أكرم عند اللَّه، وإن كان وضيع النسب، ومن لم يتّق، فهو أهون على اللَّه، وإن كان شريف النسب، فلا اعتبار بالأنساب دون التقوى.
وكذلك هنا أن الفخر السائد بين الناس هو الفخر بالمال، ولكنه ليس معتبرًا في الشرع إلا إذا كان مع التقوى، والقيام بأداء واجبات المال، وهذا -واللَّه أعلم-أيضًا معنى حديث سمرة – رضي اللَّه عنه -: “الحسب المال، والكرم التقوى”. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال الحافظ وليّ أيضًا: ويترتب على هذين الاحتمالين أن المال هل هو معتبر في كفاءة النكاح حتى لا يكون الفقير كفؤًا للغنيّة، أو ليس معتبرًا، فإن الحسب ليس هو المال، وإنما هو النسب، إن جعلناه ذمًّا دلّ على أن المال غير معتبر، وإن جعلناه تقريرًا اعتبرناه، وفي ذلك خلاف لأصحابنا الشافعيّة، والأصحّ عندهم عدم اعتباره، وقد فهم النسائيّ من هذا الحديث هذا المعنى في الجملة، فأورده في “سننه” في “كتاب النكاح”، وبوب عليه “الحسَب”. انتهى .
قال الجامع ( الاثيوبي ) – عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: “وإنما هو النسب الخ” فيه نظر، وإنما الحقّ أن يفسر الحسب الشرعيّ بالدين، لا بالنسب، كما مرّ تقريره آنفًا. ( شرح النسائي )