173 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—‘——‘——-
مسند أحمد
22510 – حدثنا عارم، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، حدثنا السميط، عن أبي السوار، حدثه أبو السوار، عن خاله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه فأتبعته معهم قال: ففجئني القوم يسعون قال: وأبقى القوم فأتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربني ضربة إما بعسيب أو قضيب أو سواك أو شيء كان معه قال: فوالله ما أوجعني. قال: فبت بليلة. قال: أو قلت: ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشيء علمه الله في. قال: وحدثتني نفسي أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبحت قال: فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنك راع فلا تكسر قرون رعيتك». قال: فلما صلينا الغداة، أو قال: أصبحنا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إن أناسا يتبعوني، وإني لا يعجبني أن يتبعوني. اللهم فمن ضربت أو سببت، فاجعلها له كفارة وأجرا» أو قال: «مغفرة ورحمة». أو كما قال
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل
للاختلاف في سميط
تنبيه:
في متن الحديث (قال وأبقى القوم)
لعل الصحيح
(قَالَ: وَاتَّقَى الْقَوْمُ بِي)
كما جاء في الطبقات لابن سعد ومشكل الآثار للطحاوي
والله أعلم
———-
ترجم البخاري في صحيحه (قوله باب قول النبي صلى الله عليه و سلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة)
قال النووي: هذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وهذه الرواية المذكورة آخرا تبين المراد بباقي الروايات المطلقة وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو
ذلك إذا لم يكن أهلا للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه وكان مسلما والا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ولم يكن ذلك لهم رحمة فإن قيل كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك فالجواب ما أجاب به العلماء ومختصره وجهان أحدهما أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر ولكنه في الظاهر مستوجب له فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر. والثاني أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية كقوله تربت يمينك وعقرى حلقى وفي هذا الحديث لا كبرت سنك وفي حديث معاوية لا أشبع الله بطنه ونحو ذلك لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شئ من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه. ” شرح مسلم ” (16/ 152)
[الالفاظ التي جاءت فيها الكفارة تكون لمن سبه من المسلمين أو للمؤمنين]
عن (سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(اللهم فأيما مؤمن سببته) الفاء جزائية والشرط محذوف يدل عليه السياق أي إن كنت سببت مؤمنًا،
وفي مسلم من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه بهذا الإسناد: اللهم إني اتخذت عندك عهدًا لن تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته، ومن طريق أبي صالح عن أبي هريرة: اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته،
ومن طريق الأعرج عن أبي هريرة مثل رواية ابن أخي ابن شهاب قال: فأي مؤمن آذيته شتمته لعنته جلدته،
ومن طريق سالم عن أبي هريرة: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدًا الحديث وفيه: فأيما مؤمن آذيته، ومن حديث عائشة قالت: دخل على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فسبهما ولعنهما فلما خرجا قلت له فقال: “أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو شتمته أو سببته
(فاجعل ذلك) السب أو غيره مما ذكر (له قربة) تقربه بها (إليك يوم القيامة) وفي رواية ابن أخي الزهري: فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة، وفي رواية أبي صالح عن أبي هريرة: فاجعلها له زكاة ورحمة، وفي رواية الأعرج فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة. وفي حديث عائشة فاجعلها له زكاة وأجرًا. وفي حديث أنس عند مسلم أيضًا: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورًا وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، وقوله ليس لها بأهل أي عندك في باطن أمره لا في ظاهر ما يظهر منه حين دعائي عليه لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان متعبدًا بالظواهر وحساب الناس في البواطن إلى الله تعالى. وفي الحديث كمال شفقته على أمته وجميل خلقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجزاه عنا أفضل الجزاء بمنه وكرمه وأماتنا على محبته وسنته. انظر شرح القسطلاني (9/ 207)
وعبر أبو العباس القرطبي عن الجواب الأول بعبارة حسنة أحببت نقلها فقال أوضحها وجه واحد وهو أنه – صلى الله عليه وسلم – إنما يغضب لما يرى من المغضوب عليه من مخالفة الشرع فغضبه لله لا لنفسه فإنه ما كان يغضب لنفسه ولا ينتقم لها، وقد قررنا في الأصول أن الظاهر من غضبه تحريم الفعل المغضوب من أجله.
وعلى هذا فيجوز له أن يؤدب المخالف باللعن والسب والجلد والدعاء عليه بالمكروه وذلك بحسب مخالفة المخالف …. انظر ” طرح التثريب” (8/ 13)
[قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية لا أشبع الله بطنه فهي منقبة له رضي الله عنه]
قال العلامة الألباني: ((((وقد يستغل بعض الفرق هذا الحديث ليتخذوا منه مطعنا في معاوية رضي الله عنه، وليس فيه ما يساعدهم على ذلك، كيف وفيه أنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم؟! ولذلك قال الحافظ ابن عساكر (16/ 349 / 2) ” إنه أصح ما ورد في
فضل معاوية ” فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود، بل هو ما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية كقوله صلى الله عليه وسلم في بعض نسائه ” عقرى حلقى ” و ” تربت يمينك “. السلسلة الصحيحة (1/ 165)
و قال أيضا: وقد أشار الذهبي إلى هذا المعنى الثاني فقال في ” سير أعلام النبلاء ”
(9/ 171 / 2)
” قلت: لعل أن، يقال: هذه منقبة لمعاوية لقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة “.انتهى
واعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث: ” إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر .. ” إنما هو تفصيل لقول الله تبارك وتعالى: (قل إنما أنا بشر
مثلكم، يوحى إلي …. ) الآية.
وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء، إلى إنكار مثل هذا الحديث بزعم تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتنزيهه عن النطق به! ولا مجال إلى مثل هذا الإنكار فإن الحديث صحيح، بل هو عندنا متواتر، فقد رواه مسلم من حديث عائشة وأم سلمة كما ذكرنا، ومن حديث أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما، وورد من حديث سلمان وأنس وسمرة وأبي الطفيل وأبي سعيد وغيرهم.
انظر ” كنز العمال ” (2/ 124).
وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما مشروعا، إنما يكون بالإيمان بكل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم صحيحا ثابتا، وبذلك يجتمع الإيمان به صلى الله
عليه وسلم عبدا ورسولا، دون إفراط ولا تفريط، فهو صلى الله عليه وسلم بشر، بشهادة الكتاب والسنة، ولكنه سيد البشر وأفضلهم إطلاقا بنص الأحاديث الصحيحة. وكما يدل عليه تاريخ حياته صلى الله عليه وسلم وسيرته، وما حباه الله تعالى به من الأخلاق الكريمة، والخصال الحميدة، التي لم تكتمل في بشر اكتمالها فيه صلى الله عليه وسلم، وصدق الله العظيم، إذ خاطبه بقوله الكريم: (وإنك لعلى خلق عظيم)))))) انتهى النقل نفس المصدر السابق يعني السلسلة الصحيحة
قال العلامة العباد: ومن جميل صنيع الإمام مسلم رحمة الله عليه أنه لما فرغ من هذه الأحاديث أورد حديث ابن عباس الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم في معاوية: (لا أشبع الله بطنه)، فهذا من جملة الأحاديث التي فيها بيان أن من دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة ليس هو لها بأهل أن يجعل الله ذلك له زكاءً وطهراً، وحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (ادع لي معاوية، فذهب إليه فوجده يأكل، ثم قال: اذهب ادع لي معاوية، فذهب إليه وقال: إنه يأكل، قال: ادعه لا أشبع الله بطنه) فبعض الذين في نفوسهم ريب ومرض وحقد على الصحابة يأتون بهذا الحديث على أنه سب وذم لمعاوية، لكن على هذا الحديث صار محمدة ودعوة لمعاوية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا أن كل من دعا عليه بدعوة وهو ليس لها بأهل أن يبدل الله ذلك له زكاءً، ولهذا عندما شرح الإمام النووي رحمة الله عليه هذا الحديث قال: إنه
صار منقبة له، وأثنى بذلك على صنيع الإمام مسلم وحسن ترتيبه ووضعه الأحاديث في موضعها. وقد ذكر ابن عساكر رحمه الله في تاريخ دمشق حديث: (لا أشبع الله بطنه) ثم قال: هذا أصح حديث في فضل معاوية. شرح سنن ابي داود