171- فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل:
171 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 7 ص 368): حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ وَيُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَا أخبرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ.
وحَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَا أخبرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الشَّقِيقِيُّ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَا أخبرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ».
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
قال أبو عبد الرحمن: هو حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
الحديث أخرجه النسائي (ج 1 ص 231)، وابن ماجه (ج 1 ص 342)، وأحمد (ج 5 ص 346). شرح المجتبى (18/ 230)
——–
بوب عليه الشيخ مقبل:
الرد على المرجئة
كفر تارك الصلاة
ترك الصلاة
بوب عليه ابن ماجه:
بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ
بوب الترمذي:
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ
بوب النسائي:
باب الحكم في تارك الصلاة
قال ابن عبدالبر:
واختلَف العلماءُ في حكم تاركِ الصَّلاةِ عامدًا وهو على فعلِها قادرٌ؛ فرُوِيَ عن عليِّ بن أبي طالب، وابنِ عباسٍ، وجابرٍ، وأبي الدَّرْداء، تَكفيرُ تاركِ الصَّلاةِ؛ قالوا: من لم يُصلِّ فهو كافرٌ .
وعن عمرَ بن الخطّاب، أنّه قال: لا حظَّ في الإسلام لمن ترَك الصلاة .
وعن ابن مسعودٍ: مَن لم يُصلِّ فلا دِينَ له.
وقال إبراهيمُ النَّخَعيُّ، والحكمُ بن عُتيبةَ، وأيُّوبُ السَّخْتيانيُّ، وابنُ المباركِ، وأحمدُ بن حنبلٍ، وإسحاقُ بن راهُويَة: من ترَك صلاةً واحدةً متَعَمِّدًا حتى يَخرجَ وقتُها لغيرِ عُذْرٍ، واصلى من قضائِها وأدائِها وقال: لا أُصلِّي، فهو كافرٌ، ودمُه ومالُه حلالُ، ولا يَرِثُه ورَثَتُه من المُسلمينَ، ويُسْتَتابُ فإنْ تاب، وإلّا قُتِل، وحكمُ مالِه ما وصَفنا كحُكم مالِ المُرتَدِّ. وبهذا قال أبو داودَ الطَّيالسيُّ، وأبو خَيثمةَ، وأبو بكر بن أبي شَيْبةَ .
وقال إسحاقُ بن راهُويةَ: وكذلك كان رأيُ أهل العلم من لَدُن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – إلى زماننا هذا: أنّ تاركَ الصلاةِ عمدًا من غير عُذْرٍ حتى يَذهبَ وقتُها كافرٌ إذا أبَى من قَضائِها وقال: لا أُصَلِّيها. قال إسحاقُ: وذهابُ الوقتِ أن يُؤخِّرَ الظهرَ إلى غُروب الشَّمسِ، والمغربَ إلى طُلوع الفَجْر. قال: وقد أجمَع العلماءُ على أنّ من سبَّ الله عزَّ وجلَّ، أو سبَّ رسولَه – صلى الله عليه وسلم -، أو دفَع شيئًا أنزَله اللهُ، أو قتَل نبيًّا من أنبياءِ الله، وهو مع ذلك مُقِرٌّ بما أنزَل اللهُ – أنّه كافرٌ، فكذلكَ تاركُ الصلاةِ حتى يَخرُجَ وقتُها عامدًا. قال: ولقد أجمَعوا في الصلاةِ على شيءٍ لم يُجمِعوا عليه في سائرِ الشَّراع؛ لأنّهم بأجمَعِهم قالوا: مَن عُرِف بالكُفر ثم رَأوْه يُصلِّي الصلاةَ في وقتِها، حتى صلَّى صلواتٍ كثيرةً في وقتِها، ولم يَعلَموا منه إقرارًا باللِّسان، أنّه يُحْكَمُ له بالإيمان، ولم يَحْكُموا له في الصوم والزكاةِ والحجِّ بمثلِ ذلك. قال إسحاقُ: فمَن لم يَجعَلْ تاركَ الصلاةِ كافرًا فقد ناقَض وخالَف أصْلَه وقولَ غيرِه. قال: ولقد كفَر إبليسُ إذْ لم يَسجُد السجدةَ التي أُمِرَ بسُجودِها. قال: وكذلك تاركُ الصلاةِ عمدًا حتى يَذهبَ وقتُها كافرٌ إذا أبَى من قَضائِها. وقال أحمدُ بن حنبل: لا يُكَفَّرُ أحدٌ بذنبٍ إلا تاركُ الصلاةِ عمدًا، ثم ذكَر اسْتِتابتَه وقتلَه.
وحُجَّةُ من قال بهذا القول ما رُوِيَ من الآثارِ عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – في تَكفير تاركِ الصلاةِ” منها حديثُ جابرٍ عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، أنّه قال: “ليسَ بينَ العبدِ وبينَ الكفرِ – أو قال: بينَ الشركِ – إلّا تركُ الصلاة” . وحديثُ بُريد عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: “العهدُ الذي بَيْنَنا وبينَهم الصلاةُ، فمَن ترَكها فقد كَفَر”. وقولُه – صلى الله عليه وسلم -: “مَن ترَك صلاةَ العصرِ – يعني مُتعَمِّدًا – فقد حَبِط عملُه”.
هذا كلُّه ممّا احتجَّ به إسحاقُ بن راهُويَة في هذه المسألةِ لقوله المذكور، واحتجَّ أيضًا بأنّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – كان إذا غزَا قومًا لم يُغِرْ عليهم حتى يُصْبحَ، فإذا أصبح كان إذا سمِع أذانًا أمسَك، وإذا لم يَسمعْ أذانًا أغارَ ووضَع السيفَ
واحتجَّ أيضا بقول الله عزَّ وجلَّ: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، وبقولِه عزَّ وجلَّ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31]، وبقوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [فاطر: 18]، وبقوله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [الأعراف: 175]، وبآياتٍ نحو هذا كثيرةٍ وآثار.
واحتجَّ غيرُه ممّن ذهَب مذهبَه في هذه المسألة بحديث أبي هريرة، قال: “من ترَك الصلاةَ حُشِرَ مع قارونَ وفرعونَ وهامانَ”، وبحديثِ أنسٍ عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -: “من صَلَّى صلاتَنا واستقبَل قِبْلتنا فذلك المسلمُ”.
قالوا: هذا دليلٌ على أنّ من لم يُصلِّ صلاتَنا، ولم يَستقبِلْ قبلتَنا فليس بمسلم. وبما رواه شَهْرُ بن حَوْشَب، عن أمِّ الدَّرداءِ، عن أبي الدَّرْداءِ، قال أوصَاني خَليلي أبو القاسم – صلى الله عليه وسلم – بسبعٍ: “لا تُشرِكْ بالله شيئًا وإنْ قُطِّعتَ وإن حُرِّقْتَ، ولا تَتْرُكْ صلاةً مكتوبةً متعمِّدًا، فمن ترَكها فقد بَرِئَتْ منه الذِّمّةُ، ولا تَشْرَبِ الخمرَ؛ فإنّها مفتاحُ كلِّ شرٍّ، وأطِعْ والديكَ وإن أمَراكَ أنْ تَخْرُجَ لهما من دُنياكَ فافْعلْ، ولا تُنازع الأمرَ أهلَه وإنْ رأيتَ أنّك أنتَ، ولا تَفِرَّ من الزَّحفِ؛ فإنّ فيه الهلَكَةَ، وأنْفِقْ على أهلِكَ من طَوْلِكَ، وأخِفْهُمْ في الله، ولا تَرْفَعْ عَصاكَ عنهم”. وبما رُوِيَ عن الصحابةِ الذين قدَّمْنا الذكرَ عنهم بذلك.
وجَدْتُ في كتاب أبي، رحِمه اللهُ، بخطِّه أنّ أحمدَ بن سعيد بن حَزْم حدّثهم، قال: حدَّثنا محمدُ بن محمدِ بن بدر الباهليُّ، قال: حدَّثنا أبو شُريح محمدُ بن زَكرِيا كاتِبُ العُمَريِّ، قال: حدَّثنا الفِرْيابيُّ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزُّبير، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: “بينَ العبدِ وبينَ الكفرِ تركُ الصلاةِ”. ورواه ابنُ جُريج، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ، عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، مثلَه
حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا حمزةُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيب، قال: حدَّثنا أحمدُ بن حربٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن ربيعةَ، عن ابن جُرَيْج، فذكَره.
وأخبَرنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن معاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعيبٍ، قال: أخبَرنا الحسينُ بن حُرَيْثٍ، قال: حدَّثنا الفضلُ بن موسى، عن الحسينِ بن واقدٍ، عن عبدِ الله بن بُريدةَ، عن أبيه، قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: “إنّ العهدَ الذي بينَنا وبينهم الصلاةُ، فمَن ترَكها، فقد كَفَر”.
وذكَر إسماعيلُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن أبي بكرٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن زُريعٍ، قال: حدَّثنا المسعوديُّ، قال: أنبأَني الحسنُ بن سعدٍ، عن عبد الرحمن بن عبد الله، قال: قيل لعبد الله: إنّ الله يُكثرُ ذكرَ الصلاةِ في القرآن: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23]، {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 9]. فقال عبدُ الله: على مواقيتِها. فقال: ما كنّا نرَى إلّا أنْ تُتْرَكَ. فقال عبدُ الله: تَرْكُها الكفرُ
وفي هذه المسألة قولٌ ثانٍ؛ قال الشافعيُّ: يقولُ الإمامُ لتاركِ الصلاة: صلِّ. فإنْ قال: لا أصلِّي. سُئِلَ؛ فإنْ ذكَر عِلَّةً بجسمِه أُمِرَ بالصلاةِ على قدرِ طاقَتِه، فإنْ أبَى من الصلاةِ حتى يَخرُجَ وقتُها قتَله الإمامُ، وإنّما يُسْتَتابُ ما دام وقتُ الصلاةِ قائمًا، فيُستَتابُ في أدائِها وإقامَتِها، فإنْ أبَى قُتِلَ ووَرِثه وَرَثَتُه. وهذا قولُ أصحابِ مالكٍ ومذهبُهم، وبعضُهم يروِيه عن مالك.
وروَى محمدُ بن عليٍّ البَجَليُّ، قال: حدَّثنا يونسُ بن عبد الأعلى، قال: سمِعْتُ ابنَ وَهْبٍ يقولُ: قال مالكٌ: مَن آمَن بالله وصَدَّق المرسلينَ وأبَى أنْ يُصلِّي قُتِلَ. وبه قال أبو ثورٍ وجميعُ أصحابِ الشَّافعيِّ، وهو قولُ مكحولٍ، وحمادِ بن زيدٍ، ووكيع.
ومن حجَّةِ مَن ذهَب هذا المذهبَ أنّ أبا بكرٍ الصديقَ استَحَلَّ دماءَ مانعِي الزّكاة، وقال: والله لأُقاتِلَنَّ من فرَّق بين الصلاةِ والزَّكاةِ. فقاتلَهم على ذلك في جمهورِ الصحابةِ، وأراقَ دماءَهم لمَنْعِهم الزَّكاةَ وإباءَتِهم من أدائِها. فمَن امتنَع من الصلاةِ وأبَى من إقامَتِها كان أحرَى بذلك، ألا ترَى أنّ أبا بكرٍ شَبَّهَ الزَّكاةَ بالصلاةِ، ومعلومٌ أنّهم كانوا مُقِرِّين بالإسلام والشهادةِ، يُوَضِّحُ لكَ ذلك قولُ عمرَ لأبي بكرٍ: كيف تُقاتِلُهم وقد قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُمِرْتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ، فإذا قالُوها عَصَموا منِّي دماءَهم وأموالَهم، إلّا بحَقِّها، وحسابُهم على الله”؟ فقال أبو بكرٍ: هذا من حقِّها، والله لو مَنَعُوني عَنَاقًا أو عِقالًا ممّا كانوا يُعْطُون رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – لقاتَلْتُهم على ذلك.
ولو كفَر القومُ، لقالَ أبو بكرٍ: قد ترَكوا لا إلهَ إلا اللهُ، وصارُوا مُشرِكين. وقد قالوا لأبي بكرٍ بعدَ الإسار: ما كفَرنا بعدَ إيمانِنا، ولكن شَحَحنا على أموالِنا. وذلك بَيِّنٌ في شِعْرِهم؛ قال شاعرُهم:
ألا فاصْبَحِينا قبلَ نائِرَةِ الفجرِ … لعَلَّ مَنايانَا قريبٌ وما نَدْرِي
أَطَعنا رسولَ الله ما كان بَيْنَنا … فيا عجبًا ما بالُ مُلْكٍ أبي بكرِ
فإنَّ الذي سأَلوكمُ فمَنَعْتُمُ … لكالتَّمْرِ أو أشهَى إليهم من التَّمْرِ
فرأى أبو بكرٍ في عامّة الصحابةِ ومعه عمرُ قتالهَم، وبعَث خالدَ بن الوليد وغيرَه إلى قتالِ مَن ارْتَدَّ هذا كلُّه احتجَّ به الشِّافعيُّ رحِمه اللهُ، وقال: ففي هذا دلالةٌ على أنّ مَن امتَنع ممّا افترَض اللهُ عليه كان على الإمام أخْذُه به وقتالُه عليه، وإنْ أبَى ذلك على نفسه.
وأمّا تَوْريثُ ورثتِهم أموالَهم فلأنّ عمرَ بن الخطّاب لمّا وُلِّيَ رَدَّ على وَرَثَةِ مانعِي الزَّكاةِ كلَّ ما وُجِدَ من أموالِهم بأيدِي الناس.
وقد كان أبو بكرٍ سبَاهم كما سبَى أهلَ الرِّدَّة، فخالَفه في ذلك عمرُ لصلاتِهم وتوحيدِهم، ورَدَّ إلى ورَثَتِهم أموالَهم في جماعةِ الصحابة، ولم يُنْكِرْ ذلك عليه أحدٌ.
وقال أهلُ السِّيَر: إنّ عمرَ لمّا وُلِّيَ أرسَل إلى النِّسوةِ اللَّاتي كان المسلمون أحْرَزُوهنَّ ، فخيَّرهنَّ أنْ يَمْكُثْنَ عندَ من هُنَّ عندَه بتَزْويجٍ وصداقٍ، أو يَرْجِعْنَ إلى أهْلِيهِنَّ بالفِداء، فاخْتَرْن أنْ يَمْكُثْنَ عندَ من كُنَّ عندَه، فمكَثنَ عندَهم بتزويجٍ وصَداقٍ. قال: وكان الصَّداقُ الذي جعَل لمَن اختارَ أهلَه عَشْرَ أواقٍ لكلِّ امرأةٍ، والأُوقيَّةُ أربعون درهمًا. فاحْتَجَّ الشَّافعيُّ بفعلِ عمرَ هذا في جماعةِ الصحابةِ أيضًا من غيرِ نكيرٍ.
وروَى سفيانُ بن عُيينةَ، عن عَمْرِو بن دينارٍ، عن محمدِ بن طلحةَ بن يزيدَ، قال: قال عمرُ بن الخطّاب: لأنْ أكونَ سألتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – عن ثلاثٍ أحبُّ إليّ من حُمْرِ النَّعَم: الخليفةِ بعدَه، وعن قوم أقرُّوا بالزَّكاةِ ولم يُؤَدُّوها، أيَحِلُّ لنا قتالُهم؟ وعن الكَلالة
وروَى حمّادُ بن زيدٍ، عن عَمْرِو بن مالكٍ النُّكْريِّ، عن أبي الجَوْزاء، عن ابن عبّاس، قال: قواعدُ الدِّين ثلاثةٌ: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ، والصلاةُ وصومُ رمضانَ. ثم قال ابنُ عبّاسٍ: تَجِدُه كثيرَ المالِ ولا يُزَكِّي، فلا يُقالُ لذلك: كافرٌ، ولا يَحِلُّ دَمُه، وتجدُه كثيرَ المالِ لا يحُجُّ، فلا نَراه بذلكَ كافرًا ولا يحلُّ دمُه. وقد ذكَرنا هذا الحديثَ بإسنادِه في كتابِ الزَّكاةِ من كتابِ “الاستذكار”.
ومن حُجَّتِه أيضًا ما حدَّثناه عبدُ الله بن محمدِ بن عبد المؤمن، قال: حدَّثنا أحمدُ بن جعفر بن حمدانَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن أحمدَ بن حنبلٍ، قال: حدَّثني أبي، قال : حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرنا هشامُ بن حسّانَ، عن الحسن، عن ضَبَّةَ بن مِحْصَنٍ، عن أُمِّ سلمةَ، قالت: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: “إنّه سيكونُ أمراءُ تَعْرفون وتُنْكِرون، فمَن أنكَر فقَدْ برئَ، ومن كَرِه فقد سلِم، ولكنْ مَن رَضِيَ وتابَع”. قالوا: يا رسولَ الله، ألا نُقاتِلُهم؟ قال: “لا، ما صَلَّوا الخَمْسَ”
وفيه دليلٌ على أنّهم إنْ لم يُصلُّوا الخمسَ قُوتِلوا، ومن حُجَّتِهم أيضًا قولُه – صلى الله عليه وسلم -: “نُهِيتُ عن قتلِ المصلِّين” ، وفي ذلك دليلٌ على أنّ من لم يُصَلِّ لم يُنْهَ عن قَتْلِه، واللهُ أعلمُ، ألا ترَى إلى قولِه – صلى الله عليه وسلم – لأصحابِه الذين شاوَرُوه في قتلِ مالكِ بن الدُّخْشُم: “أليس يصلِّي؟ “. قالوا: بلى، ولا صلاةَ له. فنَهاهُم عن قتلِه لصَلاتِه، إذ قالوا : بَلَى إنّه يُصَلِّي، ولو قالوا: إنّه لا يُصَلِّي، ما نَهاهم عن قتلِه، واللهُ أعلمُ. ولم يَحْتَجَّ عليهم في المنعِ من قتلِه إلا بالشَّهادةِ والصَّلاةِ؛ لأنّه قال لهم: “أليس يَشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا الله؟ “. قالوا: بلَى، ولا شهادةَ له. فقال: “أليس يُصَلِّي؟ “. قالوا: بلَى، ولا صلاةَ له. قال: “أولئك الذين نَهاني اللهُ عن قَتْلِهم”. وقد قال في غير ذلك الحديث: “نُهِيتُ عن قتلِ المصَلِّين”.
واضَلُّوا في دفعِ الآثارِ المرويَّةِ في تكفيرِ تاركِ الصلاةِ بأن قالوا: معناها فيمن ترَك الصلاةَ جاحِدًا لها، مُعانِدًا ، مُستكبِرًا، غيرَ مُقِرٍّ بفَرْضِها. قالوا: ويَلزَمُ مَن كَفَّرَهم بتلك الآثارِ وقَبِلَها على ظاهِرها فيهم أنْ يُكَفِّرَ الزَّانيَ، وشارِبَ الخمرِ، والسارقَ، والمُنْتَهِبَ، ومَن رَغِبَ عن نَسَبِ أبيه؛ فقد صحَّ عنه – صلى الله عليه وسلم – أنّه قال: “سبابُ المسلم فسوقٌ، وقِتَالُه كفرٌ” . وقال: “لا يَزْني الزَّاني حين يَزْني وهو مؤمنٌ، ولا يَسْرِقُ السارقُ حينَ يَسْرِقُ وهو مؤمنٌ، ولا يَشرَبُ الخمرَ حينَ يَشْرَبُها وهو مؤمنٌ، ولا يَنتَهِبُ نُهْبَةً ذاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ الناسُ إليه فيها أبصارَهم حين يَنتَهِبُها وهو مؤمنٌ”
وقال: “لا تَرْغَبوا عن آبائِكم، فإنّه كفرٌ بكم أن تَرْغَبوا عن آبائِكم”. وقال: “لا تَرْجِعوا بَعدِي كفّارًا؛ يَضْرِبُ بعضُكم رقابَ بعضٍ. إلى آثارٍ مثلِ هذه لا يُخرجُ بها العلماءُ المؤمنَ من الإسلام، وإنْ كان بفعلِ ذلك فاسقًا عندَهم، فغيرُ نكيرٍ أنْ تكونَ الآثارُ في تاركِ الصلاةِ كذلك.
قالوا: ومعنى قوله: “سبابُ المسلم فُسوقٌ، وقتالُه كفرٌ”: أنّه ليس بكفرٍ يُخرِجُ عن الملَّة، وكذلك كلُّ ما ورَد من تكفيرِ مَن ذكَرنا ممَّن يَضْرِبُ بعضُهم رقابَ بعضٍ، ونحو ذلك.
وقد جاء عن ابن عباسٍ، وهو أحدُ الذين رُوِيَ عنهم تكفيرُ تاركِ الصَّلاة، أنّه قال في حكم الحاكم الجائرِ: كفرٌ دونَ كُفْرٍ.
حدَّثني محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن مُطَرِّفٍ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن عثمانَ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن هشام بن حُجَيْر، عن طاووسٍ، قال: قال ابنُ عباس: ليس بالكفرِ الذي تذهبون إليه، إنّه ليس بكفرٍ يَنقلُ عن الملَّةِ، ثم قرَأ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44](3)
واحتجُّوا أيضًا بقولِ عبد الله بن عمرَ: لا يَبلُغُ المرءُ حقيقةَ الكُفرِ حتى يَدعوَ مثنَى مثنَى. وقالوا: يَحتَمِلُ قولُه – صلى الله عليه وسلم -: “لا يَزْني الزَّاني حينَ يَزْني وهو مؤمنٌ”. يريدُ مُستكمِلَ الإيمان؛ لأنّ الإيمانَ يزيدُ بالطَّاعةِ، وَينقُصُ بالمعصيةِ، وكذلك السارقُ، وشاربُ الخمر، ومَن ذُكِرَ معهم. وعلى نحو ذلك تأوَّلوا قولَ عمرَ بن الخطّاب: لا حَظَّ في الإسلام لمن ترَك الصلاة. قالوا: أراد أنه لا كبير حَظٍّ له، ولا حظًّا كاملًا له في الإسلام. ومثلُه قولُ ابن مسعودٍ وما أشْبَهَه، وجعَلوه كقوله: “لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلّا في المسجدِ” أي: أنّه ليس له صلاةٌ كاملةٌ.
ومثلُه الحديثُ: “ليس المسكينُ بالطَّوّاف عليكم” يريدُ ليس هو المسكينَ حقًّا؛ لأنّ هناك من هو أشدّ مَسْكنةً منه، وهو الذي لا يسألُ، ونحوُ هذا ممّا اعْتَلُّوا به.
وقد رأى مالكٌ استتابةَ الإباضيّةِ والقَدَريّة، فإنْ تابوا وإلّا قُتِلوا؛ ذكَر ذلك إسماعيلُ القاضي، عن أبي ثابتٍ، عن ابن القاسم ، وقال: قلتُ لأبي ثابتٍ هو رأيُ مالكٍ في هؤلاء حَسْبُ؟ قال: بل في كلِّ أهل البدع. قال القاضي: وإنّما رأى مالكٌ ذلك فيهم لإفسادِهم في الأرض، وهم أعظمُ إفسادًا من المحاربين؛ لأنّ إفسادَ الدِّين أعظمُ من إفسادِ المال، لا أنّهم كفّارٌ.
قال أبو عُمر: فهذا مالكٌ يُريقُ دماءَ هؤلاء وليسوا عندَه كفّارًا؛ فكذلك تاركُ الصلاةِ عندَه من هذا الباب قتلُه، لا من جهةِ الكُفرِ.
وممّا يدلُّ على أنّ تاركَ الصلاةِ ليس بكافرٍ كفرًا يَنقُلُ عن الإسلام إذا كان مؤمنًا بها، مُعتَقِدًا لها، حديثُ ابن مسعودٍ، عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، قال: “أُمِرَ بعبدٍ من عبادِ الله أن يُضْرَبَ في قبرِه مئةَ جلدةٍ، فلم يَزَلْ يَسألُ اللهَ ويدعُوه، حتّى صارَتْ جَلْد واحدةً فامْتَلأ قبرُه نارًا، فلمّا أفاقَ، قال: علامَ جَلَدْتمُوني؟ قالوا: إنّك صَلَّيْتَ صلاةً بغَيرِ طُهورٍ، ومرَرْتَ على مظلوم فلم تَنْصُرْه”.
قال الطحاويُّ: في هذا الحديث ما يَدلُّ على أنّ تاركَ الصلاةِ ليس بكافرٍ؛ لأنّ مَن صلَّى صلاةً بغيرِ طُهورٍ لم يُصَلِّ، وقد أُجِيبَتْ دَعْوَتُه ولو كان كافرًا ما أُجِيبَتْ له دعوةٌ؛ لأنّ اللهَ تباركَ وتعالى يقولُ: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 50]. وقد ذكَرنا إسنادَ حديثِ ابن مسعودٍ هذا في بابِ يحيى بن سعيدٍ، عندَ قوله – صلى الله عليه وسلم -: “خمسُ صلواتٍ كتَبهُنَّ اللهُ على العباد”. ثم قال: “ومَن لم يَأْتِ بهنَّ فليس له عندَ الله عهدٌ؛ إنْ شاءَ عَذَّبَه، وإن شاء غفَر له”.
وممّا يدُلُّ على أنّ الكفرَ منه ما لا يَنْقُلُ عن الإسلام قولُه – صلى الله عليه وسلم -: “يَكْفُرْنَ العشيرَ، وَيكْفُرْنَ الإحسانَ”
وكافرُ النعمةِ يُسَمَّى كافرًا، وأصلُ الكفرِ في اللغة: السَّتْرُ، ومنه قيلَ للَّيلِ: كافرٌ، لأنّه يَسْتُرُ؛ قال لَبيدٌ:
في ليلةٍ كفَر النُّجومَ غَمَامُها
أي: ستَرَها.
وفي هذه المسألةِ قولٌ ثالثٌ قاله ابنُ شهابٍ؛ رواه شُعَيْبُ بن أبي حمزةَ عنه، قال: إذا ترَك الرجلُ الصلاةَ، فإن كان إنّما ترَكها لأنّه ابتدَع دينًا غيرَ الإسلام قُتِلَ، وإنْ كان إنما هو فاسقٌ فإنّه يُضْرَبُ ضرْبًا مُبَرِّحًا ويُسْجَنُ حتى يَرجِعَ. قال: والذي يُفْطِرُ في رمضانَ كذلك.
قال أبو جعفرٍ الطحاويُّ: وهو قولُنا، وإليه يذهَبُ جماعةٌ من سَلَفِ الأُمَّةِ من أهلِ الحجازِ والعراق.
قال أبو عُمر: بهذا يقولُ داودُ بن عليٍّ، وهو قولُ أبي حنيفةَ في تاركِ الصَّلاةِ: إنّه يُسْجَنُ ويُضْرَبُ ولا يُقْتَلُ.
وابنُ شهابٍ القائلُ ما ذكَرنا هو القائلُ أيضًا في قولِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -: “أُمِرْتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلّا الله”: كان ذلك في أوّل الإسلام، ثم نزَلتِ الفرائضُ بعدُ. وقولُه هذا يَدُلُّ على أنّ الإيمانَ عندَه قولٌ وعملٌ، واللهُ أعلمُ، وهو قولُ الطَّائفتين اللَّتين ذكَرْنا قولَهم قبلَ قول ابن شهابٍ، كلُّهم يقولُ: الإيمانُ قولٌ وعملٌ.
وقد اختلَفوا في تاركِ الصلاةِ كما رأيتَ، واحتجَّ مَن ذهَب هذا المذهبَ، أعني مذهبَ ابن شهابٍ، في أنّه يُضْرَبُ ويُسْجَنُ ولا يُقْتَلُ – بقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُمِرْتُ أن أُقاتلَ الناسَ حتّى يقولوا: لا إلهَ إلّا اللهُ، فإذا قالُوها عَصَموا منِّي دماءَهم وأموالَهم إلّا بحَقِّها”. قالوا: وحقُّها الثلاثُ التي قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: “لا يَحِلُّ دمُ امرئ مسلم إلّا بإحدى ثلاثٍ: كفرٌ بعدَ إيمان، أو زنًى بعدَ إحصانٍ، أو قَتْلُ نفسٍ بغير نفسٍ”.
قالوا: والكافرُ جاحدٌ، وتاركُ الصلاةِ المقرُّ بالإسلام ليس بجاحدٍ ولا كافرٍ، وليس بمستكبرٍ ولا معاندٍ، وإنّما يُكَفَّرُ بالصلاةِ مَن جحَدها واسْتَكبَر عن أدائها.
قالوا: وقد كان مؤمنًا عندَ الجميع بيَقينٍ قبلَ تركِه للصلاة، ثم اختلَفوا فيه إذا ترَك الصلاةَ، فلا يَجِبُ قتلُه إلا بيقين، ولا يقينَ مع الاختلاف، فالواجبُ القولُ بأقلِّ ما قيل في ذلك، وهو الضربُ والسَّجنُ، وأمّا القتلُ ففيه اختلافٌ، والحدودُ تُدْرَأُ بالشُّبهاتِ. واحتجُّوا أيضًا بقولِه – صلى الله عليه وسلم -: “سيكونُ عليكم بعدِي أمراءُ يُؤخِّرُون الصلاةَ عن ميقاتِها، فصلُّوا الصلاةَ لوَقْتِها واجْعَلُوا صلاتَكم معهم سُبْحَةً”. قالوا: وهذا يدُلُّ على أنّهم غيرُ كُفّارٍ بتأخيرِها حتى يَخرُجَ وقتُها، ولو كفروا بذلك ما أمَرهم بالصَّلاةِ خَلْفَهم بسُبْحةٍ ولا غيرِها.
قال أبو عُمر: هذا قولٌ قد قال به جماعةٌ من الأئمةِ ممن يقولُ: الإيمانُ قولٌ وعملٌ. وقالت به المرجئةُ أيضًا، إلّا أنّ المرجئةَ تقولُ: المؤمنُ المُقِرُّ مُسْتكمِلُ الإيمان. وقد ذكَرنا اختلافَ أئمّةِ أهل السُّنَّةِ والجماعةِ في تاركِ الصلاةِ، فأمّا أهلُ البدعِ؛ فإنّ المرجئةَ قالتْ: تاركُ الصلاةِ مؤمنٌ مُستكمِلُ الإيمان إذا كان مُقِرًّا غيرَ جاحدٍ، ومُصدِّقًا غيرَ مُسْتكبِر. وحُكِيَتْ هذه المقالةُ عن أبي حنيفةَ وسائرِ المرجئةِ، وهو قولُ جَهْم.
وقالت المعتزلةُ: تاركُ الصلاةِ فاسقٌ، لا مؤمنٌ ولا كافرٌ، وهو مخُلَّدٌ في النارِ إلّا أن يتوبَ.
وقالت الصُّفريّةُ والأزارقةُ من الخوارج: هو كافرٌ حلالُ الدَّم والمال.
وقالت الإباضيّة: هو كافرٌ، غيرَ أنّ دمَه ومالَه مُحَرَّمان. ويُسَمُّونه: كافرَ نعمةٍ. فهذا جميعُ ما اختلَف فيه أهلُ القبلة في تاركِ الصلاة.
التمهيد – ابن عبد البر (3/ 319 ت بشار)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن بين كفر من تركها جحدا:
هَذَا حُكْمُ مَنْ تَرَكَهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِوُجُوبِهَا.
وَأَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى التَّرْكِ: فَقَدْ ذَكَرَ عَلَيْهِ الْمُفَرِّعُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فُرُوعًا. أَحَدُهَا هَذَا، فَقِيلَ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ: مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. وَإِذَا صِيرَ حَتَّى يُقْتَلَ فَهَلْ يُقْتَلُ كَافِرًا مُرْتَدًّا، أَوْ فَاسِقًا كَفُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ. حُكِيَا رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهَذِهِ الْفُرُوعُ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَهِيَ فُرُوعٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالصَّلَاةِ فِي الْبَاطِنِ، مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهَا، يَمْتَنِعُ أَنْ يُصِرَّ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى يُقْتَلَ، وَهُوَ لَا يُصَلِّي هَذَا لَا يُعْرَفُ مِنْ بَنِي آدَمَ وَعَادَتِهِمْ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ هَذَا قَطُّ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، وَيُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ تُصَلِّ وَإِلَّا قَتَلْنَاك، وَهُوَ يُصِرُّ عَلَى تَرْكِهَا، مَعَ إقْرَارِهِ بِالْوُجُوبِ، فَهَذَا لَمْ يَقَعْ قَطُّ فِي الْإِسْلَامِ.
وَمَتَى امْتَنَعَ الرَّجُلُ مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى يُقْتَلَ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَاطِنِ مُقِرًّا بِوُجُوبِهَا، وَلَا مُلْتَزِمًا بِفِعْلِهَا، وَهَذَا كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا اسْتَفَاضَتْ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ بِكُفْرِ هَذَا، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ. كَقَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلِهِ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» .
وَقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ إلَّا الصَّلَاةَ، فَمَنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى يَمُوتَ لَا يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً قَطُّ، فَهَذَا لَا يَكُونُ قَطُّ مُسْلِمًا مُقِرًّا بِوُجُوبِهَا، فَإِنَّ اعْتِقَادَ الْوُجُوبِ، وَاعْتِقَادَ أَنَّ تَارِكَهَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ هَذَا دَاعٍ تَامٌّ إلَى فِعْلِهَا، وَالدَّاعِي مَعَ الْقُدْرَةِ يُوجِبُ وُجُودَ الْمَقْدُورِ، فَإِذَا كَانَ قَادِرًا وَلَمْ يَفْعَلْ قَطُّ عُلِمَ أَنَّ الدَّاعِيَ فِي حَقِّهِ لَمْ يُوجَدْ. وَالِاعْتِقَادُ التَّامُّ لِعِقَابِ التَّارِكِ بَاعِثٌ عَلَى الْفِعْلِ، لَكِنَّ هَذَا قَدْ يُعَارِضُهُ أَحْيَانًا أُمُورٌ تُوجِبُ تَأْخِيرَهَا وَتَرْكَ بَعْضِ وَاجِبَاتِهَا، وَتَفْوِيتَهَا أَحْيَانًا.
فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى تَرْكِهَا لَا يُصَلِّي قَطُّ، وَيَمُوتُ عَلَى هَذَا الْإِصْرَارِ وَالتَّرْكِ فَهَذَا لَا يَكُونُ مُسْلِمًا؛ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يُصَلُّونَ تَارَةً، وَيَتْرُكُونَهَا تَارَةً، فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا، وَهَؤُلَاءِ تَحْتَ الْوَعِيدِ، وَهُمْ الَّذِينَ جَاءَ فِيهِمْ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ حَدِيثُ عُبَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ، إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» .
فَالْمَحَافِظُ عَلَيْهَا الَّذِي يُصَلِّيهَا فِي مَوَاقِيتِهَا، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَلَّذِي لَيْسَ يُؤَخِّرُهَا أَحْيَانًا عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يَتْرُكُ وَاجِبَاتِهَا، فَهَذَا تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَكُونُ لِهَذَا نَوَافِلُ يُكْمِلُ بِهَا فَرَائِضَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/ 24)
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب ( اقتضاء الصراط المستقيم ) ص70 طبعة السنة المحمدية على قول الرسول صلى الله عليه وسلم : اثنتان في الناس هما بهما كفر ” . قال : فقوله هما بهما كفر أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر وهما قائمتان بالناس لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر ، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته . وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ” ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة ” وبين كفر منكر في الإثبات .
* سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من مسفر لافي العتيبي يقول: أرجو عرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، يقول: ما معنى هذه الآية التي وردت في سورة الروم: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [الروم:31-32]؟ وهل يقال لتارك الصلاة: أنه مشرك؟
الجواب: ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر ، هذا يدل على أن تارك الصلاة يسمى: كافراً، ويسمى: مشركاً، وهو الحق، وهو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه ورحمه التابعي الجليل قال: (لم أر أصحاب رسول الله ﷺ يعدون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة)، فهذا يدل على أن الصلاة عند الصحابة يعتبر تركها كفراً، يعني: كفراً أكبر، ويسمى: كافراً مشركاً، فالذي ترك الصلاة قد فرق دينه، وقد خرج عن جماعة المسلمين، واستحق أن يقتل إن لم يتب؛ لقول النبي ﷺ : لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة.
فالذي يترك الصلاة يعتبر تاركاً لدينه مفارقاً للجماعة، نسأل الله العافية والسلامة. .
وعده الذهبي في الكبائر:
الْكَبِيرَة الرَّابِعَة فِي ترك الصَّلَاة
الكبائر للذهبي (ص17)
قال الإتيوبي:
المسألة الرابعة: في فوائده:
منها: تعظيم شأن الصلاة، وأنها هي الفارق بين المؤمن والكافر ومنها: أنها سبب الأمن للعبد؛ فإن تركها زال أمنه وحل قتله، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عَصَمُوا مني دِمَاءَهُم وأموالَهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله”.
ومنها: إطلاق لفظ الكفر على تارك الصلاة، على اختلاف في معناه، كما سنذكره بعدُ.
المسألة الخماسة: في ذكر أقوال أهل العلم في تارك الصلاة:
ذكر النووي رحمه الله في شرح مسلم تفصيلَ المسألة فقال:
وأما تارك الصلاة؛ فإن كان منكرًا لوجوبها، فهو كافر بإجماع المسلمين خارج عن ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يَبْلُغُهُ فيها وجوب الصلاة عليه.
وإن كان تركه تكاسلًا مع اعتقاده وجوبها، كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه: …. وذكر خلافهم وأدلتهم.
وكتب العلامة أبو الوليد محمد بن رشد في “بداية المجتهد” ما نصه:
وأما الواجب على من تَرَكَهَا عَمْدًا، وأمِرَ بها، فَأبَى أن يصليها لا جُحودًا لِفَرضِهَا، فإن قومًا قالوا: يُقْتَلُ، وقومًا قالوا: يُعَزَّر ويُحْبَس. والذين قَالوا: يقتل، منهم من أوجب قتله كفرًا، وهو مذهب أحمد وإسحاق وابن المبارك، ومنهم من أوجبه حَدًا، وهو مذهب مالك والشافعي. وأبو حنيفة وأصحابه وأهل الظاهر، ممن رأى حبسه وتعزيره حتى يصلي.
والسبب في هذا الاختلاف اختلاف الآثار، وذلك أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفرٌ بعد إيمان، أوزنًا بعد إحْصَان، أو قتلُ نفس بغير نفس” . وذكر حديثي الباب. ثم قال فمن فَهِمَ من الكفر ها هنا الكفَر الحقيقي جَعَلَ هذا الحديث كأنه تفسير لقوله عليه الصلاة والسلام: “كفر بعد إيمان”، ومن فَهِمَ ها هنا التغليظ والتوبيخ، أي إن أفعاله أفعال كافر، وإنه في صورة كافر، كما قال: “لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن، ولا يسرِق السارقُ حين يسرق، وهو مؤمن”. متفق عليه، لم يَرَ قتله كفرًا.
وأما من قال: يُقْتَلُ حدًا فضعيف، ولا مستند له إلا قياس شبْهُ ضعيف إن أمكن، وهو تشبيه الصلاة بالقتل في كون الصلاة رأَسَ المأمورات، والقتلِ رأسَ المنهيات.
وعلى الجملة فاسم الكفر إنما ينطلق بالحقيقة على التكذيب، وتارك الصلاة معلوم أنه ليس بمكذب إلا أن يتركها مُعْتَقدًا لتركها هكذا، فنحن إذن بين أحد أمرين: إما إن أردنا أن نفهم من الحَديث الكفر الحقيقي، يجب علينا أن نتأول أنه أراد عليه الصلاة والسلام مَنْ تَركَ الصلاةَ معتقدًا لتركها فقد كفر، وإما أن يُحْمَل اسم الكفر على غير موضوعه الأول، وذلك على أحد المعنيين: إما على أنَّ حكمه حكم الكافر، أعني في القتل وسائر أحكام الكفار، وإن لم يكن مكذبًا، وإما على أن أفعاله أفعال كافر على جهة التغليظ والردع له، أي أن فاعل هذا يشبه الكافر في الأفعال، إذا كان الكافر لا يصلي، كما قال عليه الصلاة والسلام: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”.
وحمله على أن حكمه حكم الكافر في جميع أحكامه لا يجب المصير إليه إلا بدليل، لأنه حكم لم يثبت بعدُ في الشرع من طريق يجب المصير إليه، فقد يجب إذا لم يدل عندنا على الكفر الحقيقي الذي هو التكذيب، أن يدل على المعنى المجازي لا على معنى يوجب حكمًا لم يثبت بعدُ في الشرع، بل يثبت ضده، وهو أنه لا يحل دمه؛ إذ هو خارج عن الثلاث الذين نص عليهم الشرع، فتأمل هذا، فإنه بَيِّن، والله أعلم
أعني أنه يجب علينا أحد أمرين: إمَّا أن نُقَدِّرَ في الكلام محذوفًا إن أردنا حمله على المعنى الشرعي المفهوم من اسم الكفر، وإما أن نحمله على المعنى المُستعَار، وأما حمله على أن حكمه حكم الكافر في جميع أحكامه -مع أنه مؤمن- فشيء مفارق للأصول، مع أن الحديث نص في حق من يجب قتله كفرًا أو حدًا، لذلك صار هذا القول مضاهيًا لقول من يُكَفِّرُ بالذنوب. انتهى ما كتبه ابن رشد جـ 1 ص 90، 91
وقال العلامة المحقق الشوكاني رحمه الله بعد ذكر نحو ما تقدم في كلام النووي: والحق أنه كافر يقتل، أمَّا كفره فلأن الأحاديث قد صحت أنَّ الشارع سَمَّى تاركَ الصلاة بذلك الاسم، وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاةَ، فتركها مقتضٍ لجواز الإطلاق، ولا يلزمنا شيء من المعاَرضَات التي أوْرَدَ هَا القائلون بأنه لا يكفر، لأنا نقول: لا يُمْنَعُ أن يكون بعضُ أنواع الكفر غيرَ مانع من المغفرة، واستحقاقِ الشفاعةِ، ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرًا، فلا مُلْجِىَء إلى التأويلات التي وقع الناس في مَضِيقهَا.
وَأمَّا أنه يقتل فَلأنَّ حديث “أمرت أن أقاتل الناس … ” يقضي بوجوب القتل، لاستلزام المقاتلة له، وكذلك لمحائر الأدلة، ولا أوضح من دلالتها على المطلوب، وقد شرط الله في القرآن للتخلية التوبةَ وإقامةَ الصلاة وإيتاءَ الزكاة، فقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] فلا يُخَلَّى من لَمْ يُقم الصلاة.
وفي صحيح مسلم: “سيكون عليكم أمراء، فتعرفون، وتنكرون، فمن أنكر فقد بَرِىَء ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، فقالوا: ألا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صَلَّوا”. فجعل الصلاة هي المانعة من مقاتلة أمراء الجور.
وكذلك قوله لخالد بن الوليد حين استأذنه في قتل رجل منافق: “لعله يصلي … ” الحديث، فجعل المانع من القتل نفس الصلاة.
وحديث “لا يحل دم امرىء مسلم … ” لا يعارض مفهومُهُ المنطوقاتِ الصحيحةَ الصريحةَ. انتهى ما قاله الشوكاني “نيل” جـ 2 ص 13، 14.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله العلامة الشوكاني هو التحقيق الواضح الذي تجتمع به الأدلة من غير تكلف
والحاصل أنَّ تارك الصلاة كافر بنص الحديث، ولكنه كفر دون كفر إذا لم يقترن بالجحد القلبي، فإذا مات يُصَلَّى عليه، ويُدفَنُ في مقابر المسلمين، ويَرِثُ، ويُورَثُ. والله أعلم.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل يصلي وقتًا، ويترك الصلاة كثيرًا، أوْ لا يُصَلَّي، هل يُصَلَّى عليه؟
فأجاب رحمه الله بأن مثل هذا ما زال المسلمون يصلون عليه. اهـ. مجموع الفتاوى جـ 24 ص 287. والله تعالى أعلم
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (6/ 198)
قال ابن باز :
وهكذا الذي يترك الصلاة عمدا ولا يصلي هذا كافر أيضا في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، متى تركها تهاونا وتكاسلا فإنه يكفر بذلك في أصح قولي العلماء، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)» فمن ترك عمود الإسلام فقد كفر، ولقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة »، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (»، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم،
فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (4/ 115)
في فتاوى نور على الدرب لابن العثيمين:
تارك الصلاة كافر على القول الراجح كفراً مخرجاً عن الملة …
فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2 بترقيم الشاملة آليا)
جاء في جامع تراث الألباني:
مذهب جماهير العلماء عدم تكفير تارك الصلاة إلا مع الجحد، وهذه رواية عن الإمام أحمد نفسه فهو وافق فيه جماهير الأئمة على أن الترك إن كان ليس عن جحد فهو فسق وليس كفر.
«الهدى والنور» «81/ 29: 25: 00»
جامع تراث العلامة الألباني في الفقه (2/ 38)
* يوجد كتاب بعنوان حكم تارك الصلاة
المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ)
الناشر: دار الجلالين – الرياض
الطبعة: الأولى – 1412