17 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
101 – (2452) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا» قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا، قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ
الفوائد
——————-
قال النووي: (معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية وهي الجارحة فكن يذرعن أيديهن بقصبة فكانت سودة أطولهن جارحة وكانت زينب أطولهن يداً في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلمن أن المراد طول اليد في الصدقة والجود … وفيه معجزة باهرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ومنقبة ظاهرة لزينب.
ووقع الحديث في كتاب الزكاة من البخاري بلفظ: متعقد يوهم أن أسرعهن لحاقاً سودة وهذا الوهم باطل بالإجماع).
* ذكر بعض الباحثين ما يلي:
الخلاف في ترجيح اللّفظ الصّحيح بين زينب وسودة رضي الله عنهن:
1 – رواية البخاري ذكرت سودة في طول اليد من غير تعيين في سرعة اللّحوق، وعيّنه البخاري في “التّاريخ”، وكذا ورد التّعيين في رواية البيهقي و ابن حِبّان.
وممّا يعضد رواية البخاري مجيء بعض الآثار في وفاة سَوْدة في خلافة عمر رضي الله عنه، وهو ما ذكره البخاري والذّهبي وابن سيّد النّاس.
2 – ابن سعد والواقدي على أنّ الحديث في زينب لتقدّم وفاتها على سودة؛ وهو ترجيح ابن بطّال والصّدفي وابن الجوزي ومغلطاي وابن رشيد.
وابن حجر يرجّح رواية مسلم على أنّ المذكور زينب، وذِكْرُ: “سودة” وهمٌ من أبي عوانة، ويعضد ترجيح ابن حجر رواية مسلم ورواية الحاكم المُفَسَّرة.
قال ابن بطال رحمه الله:
هذا الحديث سقط منه ذكر زينب، لأنه لا خلاف بين أهل الأثر والسير أن زينب أول من مات من أزواج النبي، (صلى الله عليه وسلم).
وروى ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: صليت مع عمر بن الخطاب على أم المؤمنين زينب بنت جحش، وكانت أول نساء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) توفيت بعده.
وروى ابن أبى خيثمة، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا المسعودي، قال: حدثنا القاسم بن معن، قال: كانت زينب بنت جحش أول نساء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لحوقًا به ……..
وفي السلسلة الضعيفة قال الألباني:
3581 – (خيركن أطولكن يداً).
موضوع
أخرجه أبو يعلى (13/ 7430)، والخطيب في “التاريخ” (5/ 6) عن أم الأسود، عن منية، من حديث أبي برزة قال:
[كان] للنبي – صلى الله عليه وسلم – تسع نسوة، فقال يوماً: … فذكره، فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار! قال:
“لست أعني هذا، ولكن أصنعكن يدين”.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة منية هذه؛ قال الذهبي:
“تفردت عنها أم الأسود”. ولهذا قال الحافظ:
“لا يعرف حالها”.
قلت: فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال: “إسناده حسن”. ليس بحسن، لا سيما والمحفوظ في هذه القصة أنه قال لهن: “أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً”.
أخرجه البخاري (1/ 359)، ومسلم (7/ 144)، والنسائي (1/ 352)، وأحمد (6/ 121) من طرق عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
وفي رواية مسلم أنها زينب بنت جحش، وهو الصواب. (8/ 75السلسلة الضعيفة
3 – الجمع بين الرّوايات؛ على أنّ رواية البخاري في نساء النبيّ ? الحاضرات؛ وهذا القول مشهورٌ عن الطّيبي. ويُشْكِلُ عليه رواية ابن حِبّان.
* جاء في البخاري عنها أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي صلى الله عليه وسلم أينا أسرع بك لحوقا قال أطولكن يدا فأخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة وكانت أسرعنا لحوقا به وكانت تحب الصدقة (كتاب الزّكاة، باب، الرقم:1420)
ولم يعلق الشيخ الألباني رحمه الله على الحديث في مختصر البخاري.
* في الحديث:
1 – فضل الصّدقة والمداومة.
2 – فضل صدقة الصّحيح القادر.
3 – فيه عَلَم من أعلام النّبوّة.
4 – فيه حسن الإفتاء.
ترجمة لزينب:
وهي زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر الأسدي حليف بني عبد شمس وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من المهاجرات الأول، تزوجها صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث، وقيل سنة خمس، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة وفيها نزلت فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 27] وكان زيد يدعي ابن محمد فلما نزلت ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ [الأحزاب: 5]، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأته انتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه بحيث يتوارثان إلى غير ذلك، وكانت زينب رضي الله عنها من سادات النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به حيث كانت وفاتها سنة عشرين فرضي الله عنها وأرضاها.
انظر:
سير أعلام النبلاء 2/ 211 – 218.
الإصابة 4/ 307 – 308
ومن فضائل زينب بنت جحش:
– قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: ” مَاذَا عَلِمْتِ؟ “، أَوْ ” رَأَيْتِ؟ ” فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ. أخرجه البخاري 4141 ومسلم 2770.
ففي ما تقدم من كلام عائشة رضي الله عنها فضيلة ظاهرة ومنقبة عالية لأم المؤمنين زينب رضي الله عنها وأرضاها.
وفي ذلك يقول الإمام الذهبي: ويروى عن عائشة أنها قالت: يرحم الله زينب لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوجها، ونطق به القرآن، وإن رسول الله قال لنا: ((أسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً)) فبشرها بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة.
ومناقبها التي وردت بها الأحاديث والآثار كثيرة وحسبنا هنا ما تقدم”.
افتخار زينب بأن الله زوجها:
– عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” اتَّقِ اللَّهَ، وَ {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} “. قَالَ أَنَسٌ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ. قَالَ: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
أخرجه البخاري في صحيحه برقم 7420،
ما أولم على أحد من نسائه ما أولم على زينب:
– سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ.
أخرجه البخاري 7421.
اعتراف عائشة بفضل زينب:
– عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَاذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. وَأَنَا سَاكِتَةٌ، قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَيْ بُنَيَّةُ، أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ ” فَقَالَتْ: بَلَى. قَالَ: ” فَأَحِبِّي هَذِهِ “. قَالَتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، *وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ*، قَالَتْ: فَاسْتَاذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ، يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. قَالَتْ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَاذَنُ لِي فِيهَا، قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَسَّمَ: ” إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ “.
أخرجه مسلم في صحيحه برقم 2442 وانظر البخاري 2581
نزول الحجاب في شأنها:
– أخرج أحمد في مسنده 12023 عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَأَشْبَعَ الْمُسْلِمِينَ خُبْزًا وَلَحْمًا، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، فَأَتَى حُجَرَ نِسَائِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ، فَدَعَوْنَ لَهُ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَنَا مَعَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلَانِ قَدْ جَرَى بَيْنَهُمَا الْحَدِيثُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِمَا وَلَّى رَاجِعًا، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَلَّى عَنْ بَيْتِهِ قَامَا مُسْرِعَيْنِ، فَلَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.
قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
=============================-
فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها في (القرآن الكريم) وسبق بعضها لكن كررناها من أجل جمع ما ذكر من فضلها في القرآن:
أوجه دلالات قوله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة .. على فضل زينب رضي الله عنها
هذه الآيات الكريمات دلت على عدد من فضائل زينب رضي الله عنها وهي كالتالي:
الفضيلة الأولى: دلالة الآية على إيمانها:
بحسب ما ذكره جمهور المفسرين في سبب نزول الآية الأولى فإنها تدل بكل وضوح على عمق إيمانها رضي الله عنها فرغم أنها من بيت شريف نسيب، والشأن عند العرب أنه لا ينكحها إلا مثلها إلا أنها استجابت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت بزيد زوجاً فكان عاقبة هذا الرضى والتسليم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن صار زوجها بعد ذلك هو سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
الفضيلة الثانية: أن الله تبارك وتعالى هو الذي تولى تزويجها:
وهذا ثابت في قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 37]، فهذه الآية الكريمة تدل على أن الذي زوج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب هو الله تعالى.
وترتب على هذا الفضيلة الثالثة: أنه لم يحصل في زواج زينب شيء مما هو معتبر في النكاح من ولي وصداق وشهود.
قال ابن القيم: (ومن خصائص زينب أن الله سبحانه كان هو وليها الذي زوجها لرسوله صلى الله عليه وسلم من فوق سماواته).
قال الشوكاني: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بغير إذن ولا عقد ولا تقدير صداق ولا شيء مما هو معتبر في حق النكاح في حق أمته). وعلى دلالة الآية على هذا ذهب غير واحد من المفسرين، وقد تأيد هذا المعنى بروايات في السنة المطهرة، فعن أنس رضي الله عنه: (أن زيداً لما خطب زينب للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن وجاء رسول الله ودخل عليها بغير إذن) …
ولهذه الفضيلة كانت رضي الله عنها تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات).
وفي رواية: (إن الله أنكحني في السماء).
، ولعل لأجل هذه الفضيلة أولم عليها رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يولم على امرأة من نسائه.
الفضيلة الرابعة: نزول الحجاب في زواجها:
حيث ثبت أن آية الحجاب وهي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب: 53]، نزلت في قصة زواجها، وقد ثبت ذلك من حديث أنس رضي الله عنه، وقد عد ذلك أهل العلم من فضائلها، ولعل مرد ذلك ما يوحي به نزول الآية في وقت زواجها من مزيد العناية بها رضي الله عنها، ولعل هذا من توابع تزويج الله لها فكأنه سبحانه وتعالى زوجها، وجعل من تبعات ذلك ضرب الحجاب عليها وعلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم والأمة.
– في وصفه– صلى الله عليه وسلم- زينب بأنها أوّاهة وزهدها، وورعها- رضي الله تعالى عنها
قلت سيف: لا يصح فيه حديث
وروى ابن الجوزي عن عبد الله بن رافع عن برزة بنت رافع قالت: لمّا جاءنا العطاء بعث عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فلمّا دخل عليها قالت: غفر الله لعمر، لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا؟ قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان الله، واستترت منه بثوب، وقالت: صبّوه وأطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت لي: أدخلي يدك واقبضي منه قبضة، فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من ذوي رحمها وأيتامها ففرقته حتّى ما بقي منه بقيّة تحت الثّوب فقالت لها برزة بنت رافع: غفر الله لك يا أم المؤمنين! والله، لقد كان لنا في هذا حظ، قالت:
فلكم ما تحت الثّوب، فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهما، ثم رفعت يديها إلى السّماء، وقالت:
اللهم، لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا فماتت.
قلت سيف: وأخرجه اللالكائي في كرامات الأولياء وإسناده جيد