167فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند:
167 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 353): حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورجع من بعض مغازيه فقالت إني كنت نذرت إن ردك الله صالحًا أن أضرب عندك بالدف قال «إن كنت فعلت فافعلي وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي» فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب ثم دخل عمر قال فجعلت دفها خلفها وهي مقنعة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس هاهنا ودخل هؤلاء فلما أن دخلت فعلت ما فعلت».
وقال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 10 ص 177): حدثنا الحسين بن حُرَيْثٍ، أخبرنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي … فذكره.
هذا حديث صحيحٌ.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (ج 5 ص 356) فقال رحمه الله: ثنا أبو تُمَيْلَةَ يحيى بن واضح، أنا حسين بن واقد به.
* قال الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم رحمه الله في “السنة” (ج 2 ص 581): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، عن حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إني لأحسب الشيطان يفرق منك يا عمر».
هذا حديث حسنٌ.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة (ج 12 ص 29).
________
الحديث في سنن الترمذي
3690 وقال الترمذي:
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَفِي الْبَابِ: عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ.
سبق نقل تعليل الإمام أحمد لرواية حسين عن ابن بريدة خاصة ونا ورد من توثيق مطلق له عن ابم معين فيحمل على غير روايته عن ابن بريدة
فالحديث لا يصح لكن لبعضه شواهد
قال المباركفوري:
وذَكَرَ الحافِظُ حَدِيثَ بُرَيْدَةَ هَذا فِي الفَتْحِ وسَكَتَ عَنْهُ قَوْلُهُ وفِي البابِ عَنْ عُمَرَ وعائِشَةَ أمّا حَدِيثُ عُمَرَ فَأخْرَجَهُ الشَّيْخانِ وفِيهِ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما لَقِيَكَ الشَّيْطانُ سالِكًا فَجًّا قَطُّ إلّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ وأمّا حَدِيثُ عائِشَةَ فَأخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذا.
ففي سنن الترمذي
(3691) – حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ الصَّبّاحِ البَزّارُ، قالَ: حَدَّثَنا زَيْدُ بْنُ حُبابٍ، عَنْ خارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيْمانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، قالَ: أخْبَرَنا يَزِيدُ بْنُ رُومانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ، قالَتْ: كانَ رَسُولُ اللهِ ? جالِسًا فَسَمِعْنا لَغَطًا وصَوْتَ صِبْيانٍ، فَقامَ رَسُولُ اللهِ ? فَإذا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ والصِّبْيانُ حَوْلَها، فَقالَ: يا عائِشَةُ تَعالَيْ فانْظُرِي.
فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ عَلى مَنكِبِ رَسُولِ اللهِ ?، فَجَعَلْتُ أنْظُرُ إلَيْها ما بَيْنَ المَنكِبِ إلى رَاسِهِ، فَقالَ لِي: أما شَبِعْتِ، أما شَبِعْتِ. قالَتْ: فَجَعَلْتُ أقُولُ لاَ لأنْظُرَ مَنزِلَتِي عِنْدَهُ إذْ طَلَعَ عُمَرُ، قالَتْ: فارْفَضَّ النّاسُ عَنْها: قالَتْ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ?: إنِّي لأنْظُرُ إلى شَياطِينِ الإنْسِ والجِنِّ قَدْ فَرُّوا مِن عُمَرَ قالَتْ: فَرَجَعْتُ.
هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِن هَذا الوَجْهِ.
لكن أنكر على خارجة ففي ذخيرة الحفاظ:
(2122) – حَدِيث: إنِّي لأظُن شياطين الإنْس، والجِنّ، فررا من عمر، فِي قصَّة لعب الحَبَشَة. رَواهُ خارِجَة بن عبد الله: عَن يزِيد بن رُومان، عَن عُرْوَة، عَن عائِشَة. وخارجة ضَعِيف.
الحديث أورده الألباني في الصحيحة وقال: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقد يشكل
هذا الحديث على بعض الناس لأن الضرب بالدف معصية في غير النكاح والعيد،
والمعصية لا يجوز نذرها ولا الوفاء بها. والذي يبدو لي في ذلك أن نذرها لما
كان فرحا منها بقدومه صلى الله عليه وسلم صالحا سالما منتصرا، اغتفر لها السبب
الذي نذرته لإظهار فرحها، خصوصية له صلى الله عليه وسلم دون الناس جميعا، فلا
يؤخذ منه جواز الدف في الأفراح كلها. لأنه ليس هناك من يفرح كالفرح به صلى
الله عليه وسلم، ولمنافاة ذلك لعموم الأدلة المحرمة للمعازف والدفوف وغيرها
، إلا ما استثنى كما ذكرنا آنفا
«سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها» (4/ 142)
وقال الألباني:
ورب سائل يقول: قد عرفنا مما تقدم من الأحاديث والبحوث وأقوال العلماء تحريم آلات الطرب كلها بدون استثناء سوى الدف في العرس والعيد فهل هناك مناسبة أخرى يحل فيها الدف أيضا؟
فأقول: يرد في كلام بعض العلماء ما يشير إلى جواز الضرب على الدف في الأفراح – هكذا يطلقون – وفي الختان وقدوم الغائب وأنا شخصيا لم أجد ما يدل على ذلك مما تقوم به الحجة ولو موقوفا وقد رأيت ابن القيم ذكر في كتابه مسألة السماع ص 133، أثرا من رواية أبي شعيب الحراني بسنده عن خالد عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب كان إذا سمع صوت الدف سأل عنه؟ فإن قالوا: عرس أو ختان سكت.
ورجاله ثقات ولكنه منقطع وقد أبعد النجعة في عزوه لأبي شعيب الحراني وإن كان ثقة فإنه ليس مؤلف معروف وقد رواه من هو أشهر منه وأوثق ومن المصنفين كابن أبي شيبة 4/ 192، وقال: أقره مكان سكت وعبد الرزاق 11/ 5، وعنه البيهقي 7/ 290، من طريقين عن أيوب عن ابن سيرين: أن عمر كان … إلخ. ولفظ ابن أبي شيبة:
عن ابن سيرين قال: نبئت أن عمر وهذا صريح في الانقطاع وما قبله ظاهر في ذلك لأن محمد بن سيرين لم يدرك عمر بن الخطاب ولد بعد وفاته بنحو عشر سنين.
وقد استدل بعضهم للمسألة بحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه:
أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم – ورجع من بعض مغازيه – فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا وفي رواية: سالما أن أضرب عندك بالدف [وأتغنى]؟ قال:
“إن كنت فعلت وفي الرواية الأخرى: نذرت فافعلي وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي”.
فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب ثم دخل عمر قال: فجعلت دفها خلفها وفي الرواية الأخرى: تحت إستها ثم قعدت عليه وهي مقنعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الشيطان ليفرق وفي الرواية: ليخاف منك يا عمر أنا جالس ههنا [وهي تضرب] ودخل هؤلاء [وهي تضرب] فلما أن دخلت [أنت يا عمر] فعلت ما فعلت” وفي الرواية: ألقت الدف.
أخرجه أحمد والسياق له والرواية الأخرى مع الزيادات للترمذي وصححه هو وابن حبان وابن القطان وهو مخرج في الصحيحة 1609 و 2261 وسكت عنه الحافظ في الفتح 11/ 587 – 5881
وقد ترجم لحديث بريدة هذا جد ابن تيمية رحمهما الله تعالى في المنتقى من أخبار المصطفى بقوله:
باب ضرب النساء بالدف لقدوم الغائب وما في معناه.
قلت: وفي الاستدلال بهذا الحديث على ما ترجم له وقفة عندي لأنها واقعة عين لا عموم لها وقياس الفرح بقدوم غائب مهما كان شأنه على النبي صلى الله عليه وسلم قياس مع الفارق كما هو ظاهر ولذلك كنت قلت في الصحيحة 4/ 142، عقب الحديث:
وقد شرح السبب الذي ذكرته الإمام الخطابي رحمه الله فقال في معالم السنن 4/ 382:
ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يعلق بها النذور وأحسن حاله أن يكون من باب المباح غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة من بعض غزواته وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين صار فعله كبعض القرب التي من نوافل الطاعات ولهذا أبيح ضرب الدف.
قلت: ففيه إشارة قوية إلى أن القصة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي حادثة عين لا عموم لها كما يقول الفقهاء في مثيلاتها والله سبحانه وتعالى أعلم
«تحريم آلات الطرب» (ص121)
بوب عليه الشيخ مقبل في الجامع الصحيح:
الإيمان بوجود الشيطان
فضائل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –
جواز مدح الشخص بما فيه إذا أمنت الفتنة
قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}
ذكرنا فضائل عمر في 127 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
وقوله: “وهي مقنعة”: من الإقناع: وهو رفع الرأس والنظر في ذل وخشوع
«مسند أحمد» (38/ 94 ط الرسالة)
قال ابن تيمية:
وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف. كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لخاصي ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح. وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: {التصفيق للنساء والتسبيح للرجال} {. ولعن المتشبهات من النساء بالرجال. والمتشبهين من الرجال بالنساء} “. ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ويسمون الرجال المغنين مخانيث وهذا مشهور في كلامهم. ومن هذا الباب حديث {عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها – رضي الله عنه – في أيام العيد وعندها جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث. فقال أبو بكر رضي الله عنه أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط. فقال: دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام} ففي هذا الحديث بيان: أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري عليه معللا ذلك بأنه يوم عيد والصغار يرخص لهم في اللعب في الأعياد كما جاء في الحديث {ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة} ” وكان لعائشة لعب تلعب بهن ويجئن صواحباتها من صغار النسوة يلعبن معها وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك.
والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع؛ لا بمجرد السماع. كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار
«مجموع الفتاوى» (11/ 565)
قال باحث:
الحمدُ لله ربِّ العالَمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِه الأمينِ
أمَّا بعدُ:
فالأصلُ في جميعِ أنواعِ المعازفِ تحريمُ سَماعِها واستخدامِ آلاتِها، للرِّجالِ والنِّساءِ معًا؛ لحديثِ أبي مالكٍ الأشعريِّ رَضِيَ الله عنه مرفوعًا: ((لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ، والخَمْرَ والمَعَازِفَ)). أخرجه البخاريُّ تعليقًا بصيغةِ الجَزمِ.
ولِحديثِ عامرِ بنِ سَعدٍ البَجَليِّ، قال: ((دخلتُ على قَرَظةَ بنِ كَعبٍ وأبي مسعودٍ، وجوارٍ يَضرِبنَ بالدُّفِّ ويُغَنِّينَ، فقالوا: قد رُخِّصَ لنا في اللَّهوِ عند العُرسِ)) (حديثٌ حسَنٌ رواه النَّسائيُّ وغيره) والرُّخصةُ لا تكونُ إلَّا لأمرٍ مَحظورٍ.
والدُّفُّ والطَّبلُ مِن هذه المعازفِ قطعًا، قال ابنُ الأثير في ((النهاية في غريب الحديث والأثر)): (العَزفُ: اللَّعِبُ بالمعازفِ، وهي الدُّفوفُ وغيرُها ممَّا يُضرَبُ به).
وقال ابنُ القَيِّم في مدارج السَّالكين (1/ 484): (وآلاتُ المعازفِ: مِن اليراعِ والدُّفِّ والأوتارِ والعيدانِ).
وقال ابن حجر في الفتح (10/ 46): (وفي حواشي الدمياطي: المعازِفُ: الدُّفوفُ وغيرُها ممَّا يُضرَبُ به).
فالدُّفُّ والطَّبلُ- لُغةً وشَرعًا- من المعازِفِ التي ورد النصُّ بتَحريمِها.
والفَرقُ بينهما على الرَّاجِحِ: أنَّ الدُّفَّ مفتوحٌ مِن أحدِ طَرَفيه وليس له جلاجِلُ، أمَّا الطَّبلُ فمُغلَقٌ مِن الجِهَتينِ. قال الحافظ ابن حجر: (الدُّفُّ: الذي لا جلاجِلَ فيه، فإن كانت فيه جلاجِلُ، فهو المُزهرُ). (الفتح 2/ 440).
إذا عَلِمتَ هذا الأصلَ فاعلَمْ أنَّه قد جاءت أحاديثُ مُستثنِيةً استخدامَ الدُّفِّ للنِّساءِ والصِّغارِ فقط، وبَقِيَ الرِّجالُ على الأصلِ، وليس هناك حديثٌ عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو أثَرٌ عن صحابيٍّ أو تابعيٍّ أنَّ رجلًا ضرب بالدُّفِّ.
وممَّا يدلُّ أيضًا على أنَّ الأصلَ في الضَّربِ بالدُّفِّ التَّحريمُ، إقرارُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي بكرٍ رَضِيَ الله عنه في نَعتِه للدُّفِّ بمَزمورِ الشَّيطانِ عندما سَمِعَه من الجويرياتِ، وهذا النعتُ لم يأتِ إلَّا نتيجةً لِما استقَرَّ في ذِهنِ أبي بكرٍ رَضِيَ الله عنه مِن التَّحريمِ العامِّ للمَعازفِ- ومنها الدُّفُّ- إلَّا أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَّنَ له أنَّ الدُّفَّ أبيحَ استثناءً للجُويرياتِ في يومِ العيدِ، بل إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نفسَه نسَبَه إلى الشَّيطانِ بِقَولِه: ((إنَّ الشَّيطانَ لَيخافُ منك يا عُمَرُ)). رواه الترمذي، لَمَّا ألقَتِ الجاريةُ الدُّفَّ عند مَقدَمِ عمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ الله عنه، فلو كان في أصلِه مباحًا ما نسَبَه إلى الشَّيطانِ
وأمَّا الأحاديثُ الواردُ فيها الأمرُ بصيغةِ الجَمعِ، كحديثِ عائشةَ رَضِيَ الله عنها، وفيه: ((واضرِبوا عليه بالدُّفِّ))، وحديثِ مُعاذٍ رَضِيَ الله عنه، وفيه: ((دَفِّفوا على رأسِ صاحِبِكم))، وحديثِ أنسٍ رَضِيَ الله عنه، وفيه: ((اضرِبوا على رأسِ صاحِبِكم))، فكلُّها ضعيفةٌ لا تقومُ بها حُجَّةٌ.
إذًا فالدُّفُّ أبيح استثناءً من الأصلِ، وللنِّساءِ والصِّغارِ فقط كما تقَدَّم.
وقد تتَّبعتُ جميعَ الأحاديثِ التي أباحت استخدامَ الدُّفِّ، فكانت كلُّها للنِّساءِ والصِّغارِ، ولا تخلو من حالتَينِ: العُرسِ أو العيدِ، وهناك حالةٌ ثالثةٌ فيها خِلافٌ بين أهل العلمِ، سيأتي الكلام عنها مفصَّلًا، وهي عند قُدومِ غائبٍ.
فمن الأحاديثِ التي أباحت الضَّربَ بالدُّفِّ في العُرسِ حديثُ الرُّبَيِّعِ بنتِ مُعَوِّذ رَضِيَ الله عنها قالت: ((دخل عليَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فجلس على فِراشي كمَجلِسِكَ منِّي، وجويرياتٌ يَضرِبنَ بالدُّفِّ .. )) رواه البُخاريُّ.
ومن الأحاديثِ التي أباحَته في العيدِ: حديثُ عائشةَ ((أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ الله عنه دخل عليها وعِندَها جاريتانِ في أيَّامِ مِنًى تُدَفِّفانِ وتَضرِبانِ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم متغَشٍّ بثوبِه، فانتَهَرهما أبو بكرٍ، فكشف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وَجهِه، فقال: دَعْهما يا أبا بكرٍ؛ فإنَّها أيامُ عيدٍ، وتلك الأيَّامُ أيَّامُ مِنًى)). رواه البخاريُّ.
بل إنَّ جميعَ ما ورد في الأحاديثِ الصَّحيحةِ الصَّريحةِ في استخدامِ الدُّفِّ، إنَّما كان من الجُويريَاتِ الصَّغيراتِ، إلَّا حديثَ بُرَيدة رَضِيَ الله عنه، وسيأتي الكلامُ عنه.
ففي حديثِ عائشةَ رَضِيَ الله عنها في النِّكاحِ: ((فهل بعَثْتُم معها جاريةً تَضرِبُ بالدُّفِّ)). رواه الطبرانيُّ في الأوسط.
وفي حديثِ الرُّبَيِّع بنتِ مُعَوِّذ رَضِيَ الله عنها: ((فجعلت جُوَيريَاتٌ يَضرِبنَ بالدُّفِّ)). رواه البخاريُّ.
وفي حديثِ أنسٍ رَضِيَ الله عنه: ((فإذا هو بجَوارٍ يَضرِبنَ بدُفِّهنَّ)). رواه ابنُ ماجه.
وفي حديثِ عائشةَ رَضِيَ الله عنها في العيدِ: ((وعندها جاريتانِ تَضرِبان بدُفَّينِ)). رواه أحمدُ والنَّسائي.
لكنْ هناك فرقٌ بين حُكمِ ضَربِ الرِّجالِ بالدُّفِّ، وبين سَماعِ الرِّجالِ لِضَربِ الدُّفِّ؛ لأنَّ سَماعَ الرِّجالِ لضَربِ الدُّفِّ إذا كان مِن الصِّغارِ وفي العُرسِ أو الأعيادِ، فهو جائِزٌ، وقد ورَدَت فيه أحاديثُ تقَدَّمَ بَعضُها.
أمَّا ضَربُ الدُّفِّ عند قُدومِ الغائِبِ، فقد ورد فيه حديثانِ:
الأول: حديثُ أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ الله عنه، وفيه: ((أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ ببعضِ المدينةِ، فإذا هو بجَوارٍ يضرِبنَ بدُفِّهنَّ ويتغَنَّينَ)). رواه ابن ماجه، وليس عنده أنَّه قَدِمَ المدينةَ، فلا يُستشهَدُ به على قدومِ الغائبِ، ثمَّ إنهنَّ صغيراتٌ، يدُلُّ على ذلك قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما في آخرِ الحديثِ: ((يعلَمُ اللهُ أنِّي لأحِبُّكنَّ)).
والثاني: حديثُ بُرَيدةَ رَضِيَ الله عنه قال: ((خرج رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في بعضِ مَغازيه، فلمَّا انصَرَف جاءت جاريةٌ سَوداءُ، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنِّي كنتُ نَذَرتُ إن ردَّك اللهُ صالحًا- وفي روايةٍ: سالِمًا- أن أضرِبَ بين يَدَيك بالدُّفِّ وأتغنَّى … )). رواه الترمذي.
والذي يظهَرُ أنَّ هذه الحادثةَ واقِعةُ عَينٍ لم تتكَرَّر، فلا عمومَ فيها، ولا تُعارَضُ بها النُّصوصُ.
وواقعةُ العَينِ: هي الحادثةُ الظَّنِّيةُ التي تعارِضُ أصلًا أو قاعدةً كُليَّةً في الشَّريعةِ، وتكونُ مُحتَمِلةً لأكثَرَ مِن تأويل، وقضايا الأحوالِ إذا تطَرَّق إليها الاحتِمال، سقط بها الاستِدلال، ومن الأمثلةِ المَشهورةِ في واقعاتِ العَينِ قِصَّةُ رَضاعِ سالمٍ مَولى أبي حذيفةَ مِن سَهلةَ بنتِ سُهَيلٍ رَضِيَ الله عنهم، والمعروفة عند الفُقَهاءِ بـ ((رَضاع الكبير)).
وعليه، فهذه الحادثةُ واقِعةُ عَينٍ لا عمومَ لها, وحوادِثُ الأعيانِ لا يُستدَلُّ بها على عُمومِ الأحكامِ, فالجاريةُ نَذَرت أن تضرِبَ فوق رأسِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَرَحًا بعَودتِه سالِمًا, وهذا لا مُماثِلَ له ليُقاسَ عليه، والذين أباحوا الضَّربَ بالدُّفِّ في كل مُناسَبةِ فَرَحٍ وسرورٍ، وعند قدومِ أيِّ غائبٍ، غَفَلوا عن النَّهيِ الصريحِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الضَّربِ بالدُّفِّ ما لم تكُن قد نذَرَت, والنَّهيُ قد جاء في الحديثِ نَفسِه بلَفظِ: (وإلَّا فلا)، وفي لفظ آخر: (وإلَّا فلا تفعَلي) فهذا نهيٌ صريحٌ عن الضَّربِ بالدُّفِّ فرحًا بعودتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم, والأصلُ في النَّهيِ أنَّه يقتضي التحريمَ، واستَثنى من ذلك أن تكون قد نذَرَت أن تضرِبَ فوق رأسِه هو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فالحالةُ المُستَثناةُ من النَّهيِ الصَّريحِ هي حالةُ النَّذرِ بالضَّربِ فوق رأسِه هو, فرحًا بعودتِه هو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فالخصوصيَّةُ هنا واضِحةٌ، ولله الحمدُ.
ولو سَلَّمنا بأنَّها ليست خُصوصيَّة، وأنَّها ليست واقعةَ عَينٍ، فليس فيها دليلٌ على جوازِ الضَّربِ بالدُّفِّ لِكُلِّ قادمٍ، فما أكثَرَ سَفرَ الصَّحابةِ وقُدومَهم، ومع هذا لم تَرِدْ روايةٌ واحدةٌ أنَّ أحدًا مِن النِّساءِ أو الجُويريَاتِ ضرب بالدُّفِّ على رأسِه، فضلًا عن الرِّجال.
أقوالُ أهل العِلمِ:
1 – قال الإمام أحمد: أذهَبُ إلى حديث إبراهيم: كان أصحابُ عبد اللهِ يَستقبِلون الجواريَ في الطريقِ معهنَّ الدُّفوفُ فيَخرِقونَها. (الأمر بالمعروف للخلال 1/ 172).
2 – وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية: (رُخِّصَ للنساءِ أن يَضْرِبْنَ بالدُّفِّ في الأعراسِ والأفراحِ، وأمَّا الرِّجالُ على عَهدِه فلم يَكُنْ أحدٌ منهم يَضرِبُ بدُفٍّ، ولا يُصَفِّق بكَفٍّ). (مجموع الفتاوى 11/ 565).
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية، رحمه الله تعالى: وأما اتخاذ التصفيق، والغناء، والضرب بالدفوف، والنفخ في الشبابات، والاجتماع على ذلك دينا، وطريقا إلى الله تعالى، وقربة فهذا ليس من دين الإسلام،
وليس مما شرعه لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه، ولا استحسن ذلك أحد من أئمة المسلمين؛ بل ولم يكن أحد من أهل الدين يفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه، ولا تابعيهم بإحسان، ولا تابعي التابعين. انتهى.
والغرض منه قوله: إنه لم يكن أحد من أهل الدين يفعل ذلك، يعني: التصفيق وما ذكر معه، لا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد أصحابه، ولا تابعيهم بإحسان، ولا تابعي التابعين.
وقال الشيخ أيضا في موضع آخر: وأما الرجال على عهده – يعني: على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أحد منهم يضرب بدف، ولا يصفق بكف.
بل قد ثبت عنه في الصحيح، أنه قال: “إنما التصفيق للنساء”، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء; ولما كان الغناء والضرب بالدف، والكف، من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك مخنثا. انتهى.
3 – وقال الحافظ ابن كثير: (نقل غيرُ واحدٍ من الأئمة إجماعَ العُلَماءِ على تحريم اجتماعِ الدُّفوفِ والشبَّابات، ومن النَّاسِ من حكى في ذلك خلافًا شاذًّا، وأمَّا انفرادُ كُلِّ واحدٍ مِن الدُّفِّ واليراع (القصبة) ففيه نزاعٌ في مذهب الإمام الشافعيِّ، والذي عليه أئمَّةُ الطريقة العراقية التحريمُ، وهم أقعَدُ بمعرفةِ المذهبِ مِن الخُراسانيِّين، ويتأيَّدُ ما قالوه بالحديثِ المتقَدِّم- يعني حديثَ ((ليكونَنَّ من أمَّتي)) – ولا يُستثنى من ذلك إلَّا ضَربُ الدُّفِّ للجواري- الصَّغيراتِ- في مثلِ الأعيادِ، وعند قدومِ الغائبِ المُعَظَّم، وفي العُرسِ، كما دلَّت على ذلك الأحاديثُ، كما هو مقَرَّرٌ في مواضِعَ، ولا يلزمُ من إباحة ذلك في بعضِ الأحوالِ إباحتُه في كلِّ حال). (مُلحَق كتاب الكلام على مسألة السَّماع لابن القيِّم ص473).
4 – وقال الحافظ ابن القَيِّم: (فكُلُّ متكَلِّمٍ بغيرِ طاعةِ اللهِ، ومُصَوِّتٍ بيراعٍ أو مِزمارٍ أو دُفٍّ حَرامٍ، أو طَبلٍ؛ فذلك صوتُ الشَّيطانِ) (إغاثة اللهفان 1/ 256)
5 – وقال الحافِظُ ابنُ رَجبٍ في فتح الباري (6/ 82): (ولهذا كان جمهورُ العلماءِ على أنَّ الضَّربَ بالدُّفِّ للغِناءِ لا يُباحُ فِعلُه للرِّجالِ؛ فإنَّه من التشبُّه بالنِّساء، وهو ممنوعٌ منه، هذا قولُ الأوزاعي وأحمد، وكذا ذكَرَ الحليمي وغيره من الشافعية … فأمَّا الغِناءُ بغَيرِ ضَربِ دُفٍّ، فإن كان على وجهِ الحُداء والنَّصْبِ [وهو ضَربٌ من أغانِي العرَبِ شِبْه الحُداء]، فهو جائزٌ، وقد رُوِيَت الرخصةُ فيه عن كثيرٍ من الصَّحابة).
6 – وقال الحافِظُ ابن حجر العسقلاني: (واستُدِلَّ بقوله: ((واضرِبوا)) على أنَّ ذلك لا يختَصُّ بالنِّساءِ، لكنَّه ضعيفٌ، والأحاديثُ القويَّةُ فيها الإذنُ في ذلك للنِّساءِ، فلا يلتحِقُ بهنَّ الرِّجالُ؛ لعُمومِ النَّهيِ عن التشبُّهِ بهنَّ). فتح الباري (9/ 185).
7 – وقال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي: (حكى الإمامُ البيهقيُّ عن شيخِه الإمام الحليمي- ولم يخالِفْه- أنَّا إذ أبَحْنا الدُّفَّ، فإنَّما نبيحُه للنِّساءِ خاصَّةً. اهـ. وعبارة منهاجه: وضربُ الدُّفِّ لا يحِلُّ إلَّا للنِّساءِ؛ لأنَّه في الأصل مِن أعمالهنَّ، وقد لعن رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المتشَبِّهينَ مِن الرِّجالِ بالنِّساءِ). (كف الرعاع للهيتمي) (2/ 292).
وقال: ( … إنَّ جماعةً كثيرينَ مِن أصحابِنا قالوا بحُرمتِه- يعني الدُّفَّ- في غيرِ العُرسِ والخِتانِ، بل اعترضَ تصحيح الشيخينِ إباحَتَه في غيرِهما بأنَّ الذي نصَّ عليه الشافعيُّ رَضِيَ الله عنه، وعليه جمهورُ أصحابِه، أنَّه حرامٌ في غيرهما … وأمَّا الإباحةُ مُطلقًا فلا دليلَ عليها، والاستدلالُ له بلَعِب الجواري به ضَعيفٌ؛ لأنَّهنَّ سُومحنَ بما لم يُسامَحْ به المكَلَّفون). (كف الرعاع 2/ 291).
أمَّا الخِتانُ فلا أعلَمُ فيه حديثًا يصِحُّ عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا أثرًا عن صحابيٍّ.
والخُلاصةُ:
1 – أنَّ الطَّبلَ مُحَرَّمٌ في أيِّ حالٍ وعلى كلِّ أحدٍ؛ لأنَّه من المعازِفِ التي لم تُستثنَ مِن الأصلِ.
2 – أنَّ الدُّفَّ من المعازفِ المحَرَّمِ على الرِّجالِ الضَّربُ بها على أيِّ حالٍ وفي أيِّ مُناسبة.
3 – أنه رُخِّصَ فيه للنِّساءِ، وللصَّغيراتِ خاصَّةً، وفي الأعراسِ والأعياد فقط.
4 – أنَّ سَماعَ الرِّجالِ له مِن الصَّغيراتِ، مُباحٌ في الأعراسِ والأعياد فقط.
5 – أنَّه لا يجوزُ الضَّربُ به في المُناسَبات الأخرى، كقُدومِ غائبٍ، أو في ختانٍ، أو عند شِفاءِ مَريضٍ, أو تخرُّجٍ مِن جامعةٍ, أو حصولٍ على درجةٍ عِلميَّةٍ, أو منصبٍ رفيعٍ، أو ما شابه ذلك.
6 – أنَّه لا يجوزُ سَماعُه من أشرطةِ الكاسيت إلَّا في المُناسَبَتينِ اللَّتين رُخِّصَ لنا فيهما، ومن الصَّغيراتِ، وكذا سَماعُ النِّساءِ مِن بناتِ جِنسِهنَّ.
والله أعلم
سئل ابن باز:
حكم ضرب الدف في الحفلات الدينية
السؤال: أحسنتم، أيضاً يقول في سؤاله الثاني: هل يجوز استعمال الدف في الحفلات الدينية أم يعتبر من الآلات الموسيقية المحرمة، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الدف إنما هو في حق النساء، هذا هو الذي يجوز في حق النساء في الأعراس ونحوها من أمور النساء، وأما الرجال فلا يجوز لهم لا الدف ولا الطبل ولا غير ذلك؛ لأنه من آلات الملاهي، وإنما يجوز اللعب بالحراب .. بالأسلحة .. بالرمي .. بالبنادق؛ لأنه تدرب على شئون الحرب، كما فعل الحبشة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بالدرق والحراب في مسجده عليه الصلاة والسلام، هذا لا بأس به، أما اللعب بالدفوف والطبول والأغاني عليه، هذا لا يجوز، والله المستعان. نعم.
المصدر: موقع الشيخ على الشبكة
اشكال في الحديث:
قال في طرح التثريب في شرح التقريب (6/ 57)
(الخامسة) إن قلت إذا كان هذا مباحا، وقد فعل بحضور النبي – صلى الله عليه وسلم – وإذنه فكيف ينسب إلى الشيطان ويوفي بما يدل على أن فعله كان بتسويله فلما حضر عمر – رضي الله عنه – هرب الشيطان لخوفه منه فانقطع ذلك التسويل، وما ترتب عليه من الضرب بالدف (قلت) يحتمل وجهين:
(أحدهما) أن الأصل في الضرب بالدف والغناء أنه من باب اللهو وأنه يجر إلى ما لا يرضى فعله كما يقال الغناء بريد الزنا إلا أن تقترن به نية صالحة تصرفه عن ذلك كما في هذه الحالة، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – عالما بهذه القرينة فلما حضر عمر – رضي الله عنه -، وكان من شأنه المبادرة إلى إنكار مثل هذا، والصورة أنه غير عالم بهذه القرينة فخشيت من مبادرته أن يوقع بها محذورا فقطعت ما هي عليه فأعلمه النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن الشيطان يخاف منه وإن لم يكن للشيطان نصيب فيما كانت فيه هذه المرأة لكن الشيء بالشيء يذكر فشبه النبي – صلى الله عليه وسلم – حالتها في انكفافها عما كانت فيه بحالة الشيطان الذي يخاف من عمر ويهرب عند حضوره.
(الثاني) أن الشيطان لم يكن عنده هذه الدقيقة وهي أن مثل هذا اللهو يصير حسنا بالقصد الجميل أو لم يعرف حصول هذا القصد فلما حضر عمر هرب هو لظنه أن هذا اللهو وإن كان الأمر بخلافه، وكم يفوت العارفين من الدقائق فضلا عن الشياطين، والله أعلم.
قال المباركفوري:
قالَ الحافِظُ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِعُمَرَ تَقْتَضِي أنَّ الشَّيْطانَ لا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ لا أنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ العِصْمَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلّا فِرارُ الشَّيْطانِ مِنهُ أنْ يُشارِكَهُ فِي طَرِيقٍ يَسْلُكُها ولا
(10) / (122)
يَمْنَعُ ذَلِكَ مِن وسْوَسَتِهِ لَهُ بِحَسَبِ ما تَصِلُ إلَيْهِ قُدْرَتُهُ فَإنْ قِيلَ عَدَمُ تَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ بِالوَسْوَسَةِ يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ المُوافَقَةِ لِأنَّهُ إذا مَنَعَ مِنَ السُّلُوكِ فِي طَرِيقٍ فالأوْلى أنْ يُلابِسَهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِن وسْوَسَتِهِ لَهُ فَيُمْكِنُ أنْ يَكُونَ حُفِظَ مِنَ الشَّيْطانِ ولا يَلْزَمُ مِن ذَلِكَ ثُبُوتُ العِصْمَةِ لِأنَّها فِي حَقِّ النَّبِيِّ واجِبَةٌ وفِي حَقِّ غَيْرِهِ مُمْكِنَةٌ ووَقَعَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ عِنْدَ الطَّبَرانِيِّ فِي الأوْسَطِ بِلَفْظِ إنَّ الشَّيْطانَ لا يَلْقى عُمَرَ مُنْذُ أسْلَمَ إلّا خَرَّ بِوَجْهِهِ وهَذا دالٌّ عَلى صَلابَتِهِ فِي الدِّينِ واسْتِمْرارِ حالِهِ عَلى الجِدِّ الصِّرْفِ والحَقِّ المَحْضِ وقالَ النَّوَوِيُّ هَذا الحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلى ظاهِرِهِ وأنَّ الشَّيْطانَ يَهْرَبُ إذا رَأَىهُ انْتَهى تحفة الأحوذي
راجع للتوسع رياح المسك العطرة شرح البخاري
رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
باب التصفيق للنساء
1203 – حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء»
1204 – حدثنا يحيى، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التسبيح للرجال، والتصفيح للنساء»
وراجع الصحيح المسند
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1085):
قال الإمام أبو عبد الله ابن ماجة رحمه الله:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ مَا كَانَ شَيْءٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَقَدْ رَأَيْتُهُ، إِلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُقَلَّسُ لَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ».
حيث بينا أن القلس استقبال الرئيس أو الوالي باللهو … وبينا ضعف الحديث ثم نقلنا كلام ابن رجب في الفرق بين لهو العرب الذي لا يثير الشهوات … واللهو الذي دخل على المسلمين من الفرس والروم مما يثير الشهوات حيث أدخلوا أنواع من المعازف.