166 – فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند:
166_ قال الإمام أحمد رحمه الله ج5ص350:حد ثنا إسماعيل ثنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن بريدة الأسلمى قال خرجت ذات يوم لحاجة فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه و سلم يمشى بين يدي فأخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا فإذا نحن بين أيدينا برجل يصلي يكثر الركوع والسجود فقال النبي صلى الله عليه و سلم أتراه يرائى فقلت الله ورسوله أعلم فترك يدي من يده ثم جمع بين يديه فجعل يصوبهما ويرفعهما ويقول عليكم هديا قاصدا عليكم هديا قاصدا عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه.
* قال الإمام أحمد رحمه الله ج5ص361:حد ثنا وكيع ثنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن بريدة الأسلمى قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه.
………………………….
وأخرجه الحاكم (1/ 312) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وسنن البيهقي (3/ 18). والسنة لابن أبي عاصم (46). وقال الألباني: إسناده صحيح وعزاه كذلك للطحاوي في مشكل الآثار والمروزي في زوائد الزهد والخطيب في التاريخ.
وأخرج أحمد (4 / 337) عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن الأدرع قال:
” كنت أحرس النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فخرج لبعض حاجته، قال: فرآني
فأخذ بيدي، فانطلقنا، فمررنا على رجل يصلي يجهر بالقرآن، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: ” عسى أن يكون مرائيا “، قال: قلت: يا رسول الله يجهر
بالقرآن، قال، فرفض يدي، ثم قال: إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة. قال: ثم خرج ذات ليلة وأنا
أحرسه لبعض حاجته، فأخذ بيدي، فمررنا برجل يصلي بالقرآن، قال: فقلت: عسى
أن يكون مرائيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” كلا إنه أواب “. قال:
فنظرت فإذا هو عبد الله ذو النجادين “. صححه الألباني في الصحيحة 1709
بوب البيهقي : بابُ القَصدِ في العِبادَةِ والجَهدِ في المُداوَمَةِ السنن الكبرى
قال المناوي : ( عليكم هدياً قاصداً ) أي طريقا معتدلاً غير شاق ( عليكم هدياً قاصداً عليكم هدياً قاصداً ) أي الزموا القصد في العمل وهو أخذ برفق بغير غلو ولا تقصير ( فإنه من يشاد ) بشد الدال ( هذا الدين يغلبه ) أي من يقاومه ويكلف نفسه من العبادة فوق طاقته يجره ذلك إلى التقصير في العمل وترك الواجبات / فيض القدير
وقد ردت جملة من الأحاديث التي تحث وتأمر بالاقتصاد في العبادة ، ومجانبة الغلو فيها :
1 – عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّها قالت: «إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دخل عليها وعندها امرأة. قال: «من هذه؟». قالت: فلانة تذكر من صلاتها.
قال: «مه، عليكم بما تطيقون، فو اللّه لا يملّ اللّه حتّى تملّوا، وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه») أخرجه البخاري (43). ومسلم (785).
2 – عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّه قال: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يسألون عن عبادة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها، …..
فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «أنتم الّذين قلتم كذا وكذا. أما واللّه إنّي لأخشاكم للّه وأتقاكم له لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء فمن رغب عن سنّتي فليس منّي») أخرجه البخاري (5063) وهذا لفظه. ومسلم (1401).
3 – عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّه قال: دخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإذا حبل ممدود بين السّاريتين، فقال: «ما هذا الحبل؟» قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «حلّوه، ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد») أخرجه البخاري (1150) ومسلم (784).
4 – عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: ذكر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجال يجتهدون في العبادة اجتهادا شديدا. فقال «تلك ضراوة الإسلام وشرّته ولكلّ ضراوة شرّة، ولكلّ شرّة فترة. فمن كانت فترته إلى اقتصاد وسنّة فلا أمّ ما هو، ومن كانت فترته إلى المعاصي فذلك الهالك») أخرجه أحمد (2/ 165) رقم (6539) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (10/ 50). وذكره الهيثمي في المجمع، وقال: رواه الطبراني في الكبير وأحمد بنحوه. ورجال أحمد ثقات (2/ 259، 260). والسنة لابن أبي عاصم (28) رقم (51) وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين وعزاه لابن حبان والطحاوي.
5 – عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّها قالت: سئل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه؟ قال: «أدومها وإن قلّ». وقال: «اكلفوا من العمل ما تطيقون») أخرجه البخاري (6465) ومسلم (783) نحوه.
وَقَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: قوله: “فسدّدوا، وقاربوا”: التسديد: هو إصابة الغرض المقصود، وأصله منْ تسديد السهم: إذا أصاب الغرض الْمَرْميَّ إليه، ولم يُخطئه. والمقاربة: أن يقارب الغرض، وإن لم يُصبه، لكن يكون مجتهداً عَلَى الإصابة، فيُصيب تارةً، ويقارب أُخْرَى، أو تكون المقاربة لمن عجز عن الإصابة، كما قَالَ تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} الآية [التغابن: 16]، وَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: “إذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم”، متَّفقٌ عليه. وفي “المسند” 4/ 212، و”سنن أبي داود” 1096 عن الحكم بن حَزْن الْكُلَفيّ أنه سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول عَلَى المنبر، يوم الجمعة: “يا أيها النَّاس، إنكم لن تُطيقوا -أو لن تفعلوا- كلّ ما أمرتكم، ولكن سدّدوا، وأبشروا”.
وقيل: أراد بالتسديد: العمل بالسداد، وهو القصد، والتوسّط فِي العبادة، فلا يُقصّر فيما أُمر به، ولا يتحمّل منها ما لا يُطيقه. قَالَ النضر بن شُميل: السَّدَاد: القصد فِي الدين والسبيل، وكذلك المقاربة المراد بهما التوسط بين التفريط والإفراط، فهما كلمتان بمعنىً واحدٍ.
وقيل: بل المراد بالتسديد التوسّط فِي الطاعات بالنسبة إلى الواجبات والمندوبات، وبالمقاربة: الاقتصار عَلَى الواجبات. وقيل فيهما غير ذلك. انتهى “شرح البخاريّ” 1/ 151 – 152.
(وَأَبْشِرُوا) بقطع الهمزة، منْ الإبشار، يقال: أبشر: إذا فرِح، ومنه أبشر بخير. قاله فِي “القاموس”، وَقَالَ أيضاً: بشرت به، كعلم، وضرب: سُرِرتُ. انتهى. وفي “المصباح”: بَشِر بكذا، مثل فرح يفرَح وزنًا ومعنى، وهو الاستبشار أيضًا، والمصدر البُشُور، ويتعدّى بالحركة، فيقال: بَشَرتَهُ أبشُرُه بشرا، منْ باب قتل فِي لغة تهامة، وما والاها. انتهى.
قال الاثيوبي في ذخيرة العقبى : والمعنى: استبشروا بالثواب عَلَى العمل الدائم، وإن قَلَّ، والمراد تبشير منْ عجز عن العمل بالأكمل، بأن العجز إذا لم يكن منْ صنيعه، لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به؛ تعظيما له، وتفخيمًا (وَيَسِّرُوا) عَلَى أنفسكم، وعلى غيركم فِي أمور الدين (وَاسْتَعِينُوا بِالْغُدْوَةِ) بضم الغين المعجمة، وسكون الدال المهملة، وضبطه الكرماني، والحافظ بالفتح، وتعقّبهما العينيّ، وهو كما قَالَ: وهو سير أول النهار إلى الزوال، وَقَالَ الجوهري: ما بين صلاة الغداة، وطلوع الشمس، (وَالرَّوْحَةِ) -بالفتح: السير بعد الزوال (وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ”) -بضم أوله، وفتحه، وإسكان اللام-: سير آخر الليل، وقيل: سير الليل كله، وعَبَّر فيه بـ”منْ” التبعيضية؛ لأن عمل الليل أشق منْ عمل النهار.
والمعنى: استعينوا عَلَى مداومة العبادة، بإيقاعها فِي الأوقات الْمُنَشِّطَة، فإن هذه الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه -صلى الله عليه وسلم- خاطب مسافرا إلى مقصد، فنبهه عَلَى أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعا، عجز وانقطع، وإذا تحرى السير فِي هذه الأوقات المنشطه، أمكنته المداومة، منْ غير مشقة. وحَسَّنَ هذه الاستعارة، أن الدنيا فِي الحقيقة، دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة.
وقوله فِي رواية ابن أبي ذئب: “القصدَ القصدَ” -بالنصب فيهما عَلَى الإغراء، والقصد الأخذ بالأمر الأوسط. قاله فِي “الفتح”.
وَقَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: يعني أن هذه الأوقات الثلاثة أوقات العمل، والسير إلى الله تعالى، وهي أول النهار، وآخره، فالغُدوة أول النهار، والروحة آخره، والدُّلْجة سير آخر الليل. وفي “سنن أبي داود” 2571: عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “إذا سافرتم، فعليكم بالدُّلْجة، فإن الأرض تُطوى بالليل”. فسير آخر الليل محمود فِي سير الدنيا بالأبدان، وفي سير القدوب إلى الله بالأعمال. وأخرج البخاريّ هَذَا الْحَدِيث فِي أواخر كتابه، وزاد فيه: “القصدَ القصدَ تبلغوا”. يعني أن منْ دام عَلَى سيره إلى الله فِي هذه الأوقات الثلاثة، مع الاقتصاد بلغ، ومن لم يقتصد، بل بالغ، واجتهد، فربّما انقطع فِي الطريق، ولم يبلغ. وَقَدْ جاء منْ رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، مرفوعاً: “إن هَذَا الدين متينٌ، فأوغِل فيه برفق، ولا تُبغّض إلى نفسك عبادة الله، فإن الْمُنْبَتَّ لا سفراً قطع، ولا ظهرًا أبقى” . والمنبت هو المنقطع فِي سفره قبل وصوله، فلا سفره قطع، ولا ظهره الذي يسير عليه أبقى، حَتَّى يمكنه السير عليه بعد ذلك، بل هو كالمنقطع فِي المفاوز، فهو إلى الهلاك أقرب، ولو أنه رفَق براحلته، واقتصد فِي سيره عليها، لقطعت به سفره، وبلغ إلى المنزل. انتهى “شرح البخاريّ لابن رَجَب” 1/ 152 – 153.
قال الاثيوبي : ومن فوائد الحديث ما قاله ابن الْمُنَيِّر رحمه الله تعالى: فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَمٌ منْ أعلام النبوة، فقد رأينا ورَأى الناسُ قبلنا أن كل مُتَنَطِّع فِي الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل فِي العبادة، فإنه منْ الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة فِي التطوع، المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته، كمن بات يصلي الليل كله، ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه، فِي آخر الليل، فنام عن صلاة الصبح فِي الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس، فخرج وقت الفريضة، وفي حديث مِحْجَن بن الأردع -رضي الله عنه- عند أحمد: “إنكم لن تنالوا هَذَا الأمر بالمبالغة، وخير دينكم اليسرة”.