166 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوضوء من صحيحه:
(30) باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين
166 – حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها قال وما هي يا ابن جريج قال رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين ورأيتك تلبس النعال السبتية ورأيتك تصبغ بالصفرة ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية قال عبد الله أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعل التي
ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته
———–
فوائد الباب:
1 – قوله (باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين) وترجم عليه النسائي فقال ” الوضوء في النعل”
2 – حديث ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي في الشمائل المحمدية
3 – قوله (رأيتك تصنع أربعا) وعند مسلم 1187 من طريق ابن قسيط ” رأيت منك أربع خصال”، وعند الإمام أحمد في مسنده 4672 وأبي عوانة في مستخرجه 3691 من طريق
عبيد الله ” أربع خلال رأيتك تصنعهن” وعند الفاكهي في أخبار مكة 99 من طريق محمد بن عجلان ” إِنِّي أَرَاكَ تَصْنَعُ خِصَالًا أَرْبَعًا لَا يَصْنَعُهُنُّ أَحَدٌ”.
4 – قوله (ورأيتك تلبس النعال السبتية) وعند النسائي 117 من طريق عبيد الله ومالك وبن جريج ” رأيتك تلبس هذه النعال السبتية وتتوضأ فيها”.
5 – زاد ابن عجلان ” ويمسح عليها” قال البيهقي في السنن الكبرى ” وهذه الزيادة إن كانت محفوظة فلا تنافى غسلهما، فقد يغسلهما في النعل ويمسح عليهما كما مسح بناصيته وعلى عمامته والله أعلم.
6 – ذكر أخبار رويت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في المسح على النعلين مجملة، غلط في الاحتجاج بها بعض من أجاز المسح على النعلين في الوضوء الواجب من الحدث قاله ابن خزيمة في صحيحه.
7 – قال الكرماني كما في الكواكب الدراري فإن قلت هذا كيف يدل على الترجمة قلت الوضوء إذا أطلق لا يتبادر الذهن إلا إلى الوضوء الذي تغسل الرجل فيه لا إلى ما نمسح فيه لما ورد ظاهر القرآن بالغسل ولأن الغسل هو الأصل
8 – قال البيهقي كما في السنن الكبرى “والذي يدل على أن المراد به غسل الرجلين في النعلين” ثم ذكر حديث الباب برقم 1414 من سننه الكبرى … يعني حديث عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر … وموضع الشاهد يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها
9 – قال الطحاوي في شرح معاني الآثار: إن “الخفين اللذين قد جوز المسح عليهما إذا تخرقا حتى بدت القدمان منهما أو أكثر القدمين فكل قد أجمع أنه لا يمسح عليهما فلما كان المسح على الخفين إنما يجوز إذا غيبا القدمين ويبطل ذلك إذا لم يغيبا القدمين وكانت النعلان غير مغيبين للقدمين ثبت أنهما كالخفين اللذين لا يغيبان القدمين “. قال الحافظ ابن حجر في الفتح وهو استدلال صحيح لكنه منازع في نقل الإجماع المذكور.
وسيأتي في آخر المبحث التوسع في هذه المسألة.
10 – وفي مصنف عبد الرزاق ” قلنا لأبي بكر: ما السبتية؟ قال: «نعال ليس فيها شعر من جلود البقر»، قلنا: لعل ذلك من قدمها يذهب شعرها قال: «لا، إلا أنها تدبغ كذلك بلا شعر كهيئة الركاء” وأبو بكر المذكور أظنه عبد الرزاق نفسه صاحب المصنف
11 – قوله (رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين) وعند الإمام أحمد في مسنده 4672 من طريق عبيد الله ” ورأيتك تستلم هذين الركنين اليمانيين لا تستلم غيرهما”
12 – وعند مسلم 1187 من طريق ابن قسيط في أوله ” عن عبيد بن جريج، قال: حججت مع عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، بين حج وعمرة، ثنتي عشرة مرة” وهذا يفسر سبب أسئلته وهو رؤيته ابن عمر يفعل ذلك في أثناء مرافقته له.
13 – قوله (قال عبد الله أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين) وعند البخاري 1609 من طريق سالم بن عبد الله عن أبيه ” لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين”، فيه شدة اتباع عبد الله بن عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي نفس الحجة التي أجاب بها في بقية أفعاله.
14 – قوله (ورأيتك تصبغ بالصفرة) وجواب ابن عمر (وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها) فيه الامتثال مع الحب، وعند ابن ماجه 3626 والإمام أحمد في مسنده 4672 وأبي عوانة في مستخرجه 3691 من طريق عبيد الله بن عمر ” رأيتك تصفر لحيتك – زاد ابن ماجه “بالورس”- فقال ابن عمر: أما تصفيري لحيتي فإني: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفر لحيته»، وعند النسائي 5243 من طريق زيد بن أسلم عن عبيد قال رأيت بن عمر يصفر لحيته فقلت له في ذلك فقال: رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يصفر لحيته، وعند أبي داود 4210 من طريق ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس، والزعفران»، وكان ابن عمر يفعل ذلك، وعند الأزرقي في أخبار مكة ” ونراك تصفر شعرك ويصبغ الناس بالحناء” وفيه عبد المجيد بن أبي رواد وهو مختلف فيه
15 – فيها صفة نعل النبي صلى الله عليه وسلم
16 – قال أبو عمر: في هذا الحديث دليل على أن الاختلاف في الأفعال والأقوال والمذاهب كان في الصحابة موجودا وهو عند العلماء أصح ما يكون في الاختلاف إذا كان بين الصحابة وأما ما أجمع عليه الصحابة واختلف فيه من بعدهم فليس اختلافهم بشيء وإنما وقع الاختلاف بين الصحابة والله أعلم في التأويل المحتمل فيما سمعوه ورأوه أو فيما انفرد بعلمه بعضهم دون بعض أو فيما كان منه عليه السلام على طريق الإباحة في فعله لشيئين مختلفين وقد بينا العدل في اختلافهم في غير هذا الكتاب.
17 – مسح النعلين في الوضوء:
مذاهب العلماء في مسح النعلين:
1 – عدم الجواز وهو قول الجمهور.
2 – جواز المسح وهو قول الأوزاعي وابن حزم
3 – وذهب شيخ الاسلام إلى المسح على النعلين التي يشق نزعهما (مجموع الفتاوى) (21/ 128)
وراجع كلام ابن عثيمين في بيان اختيار ابن تيمية. وذكر كذلك له قولا آخر
والجمهور تأولوا الأحاديث التي فيها المسح:
– أن مسحه للنعلين كان في وضوء التطوع لا في وضوء حدث، وهذا تأويل ابن خزيمة البزار وابن حبان.
– أنه مسح على نعليه مع الجوربين فكان مسحه على الجوربين فرضا، على النعلين نفلا وهو تأويل الطحاوي
– معنى مسح على رجليه أي غسل رجليه في النعل وهذا تأويل البيهقي.
وقالوا:
وما نقل عن ابن عمر في النعال السبتية إنما هو غسل القدم وهي فيه وإليك البيان:
ورد من حديث ابن عباس أخرجه أبوداود 137 وفيه …. ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى مِنَ الْمَاءِ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَفِيهَا النَّعْلُ ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدَيْهِ يَدٍ فَوْقَ الْقَدَمِ وَيَدٍ تَحْتَ النَّعْلِ ثُمَّ صَنَعَ بِالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ.
وطريق هشام بن سعد، فيه كلام وقد خالفه غيرُ واحد من الثقات فذكروا غسل الرجلين ولم يذكروا النعلين. منهم الثوري في آخرين فبعضهم ذكر (غسل قدميه) أخرجه البخاري. وفي رواية للبخاري (140) من طريق سليمان بن بلال – عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا، أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الأُخْرَى، فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَاسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ اليُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى، فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ، يَعْنِي اليُسْرَى» ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ.
فعلى هذه الرواية لا إشكال في حديث الاغتسال في النعال السبتية وأن المقصود غسل القدم؛ يعمها بالماء وهي في النعل
وبوب البخاري باب غسل القدمين ولا يمسح على النعلين ومنه حديث ويل للأعقاب من النار
وانظر توجيه ابن القيم للفظ (رش قدمه) في تهذيب السنن.
تنبيه: ذكر الدارقُطني في العلل 2885 الخلاف في الأسانيد ورجح أنه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس
18 – بيان ضعف الأحاديث التي وردت بلفظ المسح وتوجيه حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ورد من حديث المغيرة في سنن أبي داود 159 وبعض الرواة ذكر المسح على النعلين والجوربين:
لكن الحديث ضعفه سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي ابن المديني والنسائي ومسلم، وغيرهم والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين.
ـ قال أَبو داود: كان عبد الرَّحمَن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، وعلله ابن القيم في حاشية السنن
وورد من حديث أوس بن أبي أوس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح نعليه ثم قام للصلاة.
قال البيهقي: الراوي عن أوس لم يسمع منه وضعف الحديث ابن عبدالبر أيضا. راجع لبيان ضعف أحاديث المسح على النعلين نصب الراية 1/ 188
وورد عن علي (توضأ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. …… وفيه ثم أخذ بكفيه من الماء فصك بهما قدميه وفيهما النعل ثم قلبها بها. قال السندي أي حرف رجله وحركها قصد لاستيعاب الغسل للرجل. وقال البخاري ما أدري ما هذا وضعفه الشافعي قال: والذي خالفه أثبت.
وعلى توجيه السندي فلا إشكال فيحمل على غسل القدم وتعميمها بالماء أو يتأول بأنه وضوء من لم يحدث كما ورد في رواية عن علي رضي الله عنه حيث قال (هذا وضوء من لم يحدث)