1658 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——–
الصحيح المسند
1658 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَ عَطَاءً: أَنَّهُ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَمَرَ امْرَأَتَهُ فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ رَسُولَ اللهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ” فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَشْيَاءَ، فَارْجِعِي إِلَيْهِ، فَقُولِي لَهُ: فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَشْيَاءَ، فَقَالَ: ” أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللهِ ”
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
————————–
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
* قال الهيثمى (3/ 166): رجاله رجال الصحيح.
* قال الألباني: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إلا الرجل الأنصاري فهو لم يسم، ومعلوم أن جهالة الصحابي لا تضر؛ لأنهم كلهم عدول عند أهل السنة.
والحديث أخرجه مالك (1/ 273) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن رجلاً … ؛ فأرسله. لم يذكر الرجل الأنصاري، والموصول أرجح؛ لأن زيادة الثقة مقبولة.
وللحديث شواهد كثيرة من حديث عائشة وغيرها بنحوه من طرق بألفاظ متقاربة، تقدم أحدها برقم (328)، وفي طريق آخر عنها بلفظ:”والله! إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي “.أخرجه مسلم وابن خزيمة وابن حبان في “صحاحهم “، وهو مخرج في “صحيح أبي داود” (2067).
وقد كان تقدم مني تخريج هذا الحديث برواية أحمد فقط عقب حديث عائشة المشار إليه آنفاً (329)، والآن قدر لي إعادة تخريجه بزيادة فائدة والحمد لله.
وله شاهد بنحوه من حديث عمر بن أبي سلمة عند مسلم وغيره، وهو مخرج في ” الإرواء ” (4/ 84). [السلسلة الصحيحة المجلدات الكاملة 1 – 9 برقم 3107 (9/ 35)]
* قال محققو المسند: ” إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الأنصاري، وجهالته لا تضرُّ، فهو صحابيٌّ.” مسند أحمد ط الرسالة (39/ 87)
*ثانياً: دراسة الحديث درايةً:*
* قال السندي: ” قوله (يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي: وقد قيل للناس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} | الأحزاب: 21 |
قوله (يُرَخَّصُ) أي: تخصيصًا له، وفي مثله لا ينبغي الاتباع فيحتمل أن يكون هذا منه
قوله (فَقَالَ أَتْقَاكُمْ … إلخ)، أي: فكيف أذكر للناس في مقام السؤال، والفتوى أمرًا مخصوصًا بي أو المراد فكيف يترك فعلي، وأما احتمال الخصوص، فكأنه ترك الجواب عنه، لأن الأصل هو العموم، فلذلك حث الله تعالى العباد على اتباعه مطلقًا، والله تعالى أعلم.” مسند الإمام أحمد بحاشية السندي (22/ 357)
* قال صاحب الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني (1/ 14)
أي يبيح الله عز وجل لرسوله ما لم يبحه لغيرة، فاعتقد أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم كالزيادة على أربع نسوة مثلا.
في الموطأ زيادة (فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي لاعتقاد الرجل التخصيص بغير علم أشار اليه ابن العربي وابن عبد البر.
وقال القاضي عياض غضبه صلى الله عليه وسلم لذلك ظاهر لأن السائل جوّز وقوع المنهى عنه منه صلى الله عليه وسلم لكن لا حرج عليه إذ غفر له فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقال “أنا أتقاكم لله وأعلم بحدود الله” فكيف تجوزون وقوع ما نهى عنه منى (تخريجه) (لك) مرسلاً عند جميع الرواة ووصله عبد الرزاق باسناد صحيح صححه الحافظ, وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(زوائد الباب) عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فرأيته ينظر إلي, قلت يا رسول الله ما شأنك؟ قال أولست المقبّل وأنت صائم؟ فقلت, والذي نفسي بيده لا أقبّل وأنا صائم أبداً, رواه البزار ورجاله رجال الصحيح, قال البزار وقد روى عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا (عن أبي هريرة رضي الله عنه) قال نهى النبي أن يقبّل الرجل وهو صائم (طس) وفيه الحارث بن نبهان قال ابن عدى له أحاديث؛ وهو ممن يكتب حديثه وضعفه الأئمة (وعن عمر ابن الخطاب) رضي الله عنه أنه كان ينهى الصائم أن يقبّل.
فربما نهي عمر بن الخطاب خوفا عليهم من أن يقودهم التقبيل إلى أكثر من ذلك.
قلت سيف: حديث اولست المقبل وانت صائم نقل ابن عبدالهادي في تنقيح التحقيق أن البيهقي قال: تفرد به عمر بن حمزة فإن صح فعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قويا مما يتوهم تحريك القبلة شهوته. وراجع سنن البيهقى 4/ 232
وذكره ابن عدي في ترجمة عمر بن حمزة
ونقل ابن كثير عن البزار انه قال: لا أعرفه يروى إلا بهذا الإسناد وقد روي عن عمر خلافه … ثم نقل عن ابن حزم أن هذا رؤيا منام لا يعول عليه لأنه ثبتت الرخصة والذي قاله في حكم المنام هو قول الجمهور في الأحلام. (مسند الفاروق)
وقال الهيثمي رواه البزار ورجاله رجال الصحيح قال البزار وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.
ثم ذكر حديث أبي هريرة مرفوعا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل وهو صائم. وقال رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحارث بن نبهان قال ابن عدي له أحاديث حسان وهو ممن يكتب حديثه وضعفه الأئمة
وعن عمر انه كان ينهى الصائم أن يقبّل ويقول ليس لكم من العصمة ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الأوسط وفيه زيد بن حبان الرقي وقد وثقه ابن حبان وغيره وفيه كلام.
وفي مختلف الحديث رقم: {(88)}
كيف التوفيق بين حديث: أم سلمة
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأم سلمة كانا يغتسلان من إناء واحد، وكان يُقبلها وهو صائم]
[مختصر البخاري للألباني يرقم: (165)]
و أيضاً عن عائشة رضي الله عنها في حديث القبلة للصائم”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم ثم تضحك” [رواه مسلم]
وبين ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي}.رواه البخاري ((7492)) واللفظ له، ومسلم ((1151)).
——–
قال النووي في شرح مسلم [7/ 215]:
(باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته).
ذكر أهل العلم في هذه المسألة (تقبيل الزوجة و هو صائم) أقوال:
قال الشافعي والأصحاب القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها ولا يقال إنها مكروهة له وإنما قالوا إنها خلاف الأولى في حقه مع ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمن في حقه مجاوزة حد القبلة ويخاف على غيره مجاوزتها كما قالت عائشة كان أملككم لإربه وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح عند أصحابنا
وقيل مكروهة كراهة تنزيه
قال القاضي قد قال بإباحتها للصائم مطلقا جماعة من الصحابة والتابعين وأحمد وإسحاق وداود
وكرهها على الإطلاق مالك
وقال بن عباس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي تكره للشاب دون الشيخ الكبير وهي رواية عن مالك وروى بن وهب عن مالك رحمه الله إباحتها في صوم النفل دون الفرض
ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا أن ينزل المني بالقبلة واحتجوا له بالحديث المشهور في السنن وهو قوله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو تمضمضت ومعنى الحديث أن المضمضة مقدمة الشرب وقد علمتم أنها لا تفطر وكذا القبلة مقدمة للجماع فلا تفطر وحكى الخطابي وغيره عن بن مسعود وسعيد بن المسيب أن من قبل قضى يوما مكان يوم القبلة. النووي نفس المصدر السابق.
سئل العلامة الالباني رحمه الله
حكم تقبيل الزوجة في نهار رمضان؟
والجواب عليه يختلف باختلاف الأشخاص، بين أن يكون شاباً ولا سيما إذا كان حديث عهد بعرس وبزواج، وبين أن يكون كهلاً أو شيخاً فانياً، فالأول من باب الحيطة والحذر يبتعد عن حلاله وعن زوجته، وعن كل الأسباب التي قد توقعه في المحرم عليه، ألا وهو الجماع؛ لأن السيدة عائشة رضي الله عنها التي تروي بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل نساءه وهو صائم، تقول: (وأيكم يملك من إربه ما كان يملك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟)، وهذه الحيطة لا بد منها.
أما الأصل فهو مباح؛ ولذلك لما جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فقال له: (هلكت يا رسول الله! قال: ما أهلكك؟ قال: هششت إلى أهلي فقبلت.
قال: ما هو إلا كما لو تمضمضت بالماء) دروس للشيخ الالباني من الشاملة.
قال العلامة ابن باز:
والحاصل والخلاصة أنه إذا كان يخشى يترك التقبيل، أمَّا إن كان ما يخشى يعرف نفسه، وأن لا خطر في التقبيل، فلا بأس في ذلك ولا حرج (فتاوى نور على الدرب).
قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في كتابه الفذ مجالس رمضان المجلس الرابع عشر في (مفطرات الصوم)
الثاني: إنزالُ المنيِّ باختياره بتقبيل أو لمسٍ أو استمناء أو نحو ذلك لأنَّ هذا مِنَ الشَّهْوةِ الَّتِي لا يكونُ الصوم إلاَّ باجتِنَابها كما جاء في الحديث الْقُدْسيِّ: «يَدَع طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجْلِي»، رواه البخاري. فأمَّا التقبيلُ واللَّمْس بدونِ إنْزالٍ فلا يُفَطِّرُ، لمَا في الصحيحين من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُقَبِّلُ وهو صائمٌ ويباشر وهو صائمٌ، ولَكِنَّه كان أمْلَكَكُمْ لإِربِه». وفي صحيح مسلم أنَّ عُمرَ بن أبي سلمة سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلّم: أيُقَبِّلُ الصائمُ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «سَلْ هذه ـ يعني أمَّ سلمةَ ـ فأخْبَرتْهُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان يصنعُ ذلك، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: أما والله إني لأتقاكم لله وأخَشاكم له»، لكن إنْ كان الصائمُ يخشى على نفْسِه من الإِنزالِ بالتقبيلِ ونحوِه أو مِنَ التدَرُّج بذلك إلى الجماعِ لعدمِ قوَّتِهِ على كَبْحِ شَهْوَتِهِ فإنَّ التقبيلَ ونَحْوَه يحرم حينئذٍ سَداً للذَّريعةِ، وَصوناً لصيامه عن الفسادِ، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلّم المتوضأ بالمبالغة في الاستنشاق إلا أن يكون صائماً خوفاً من تسرب الماء إلى جوفه.
وأمَّا الإِنزالُ بالاحتلام أو بالتَّفْكير المجرَّدِ عن العمل فلا يُفَطِّر لأنَّ الاحتلامَ بغيرِ اختيارِ الصائَم. وأمَّا التَفكيرُ فمعفوٌ عنه لقولِه صلى الله عليه وسلّم: «إنَّ الله تَجَاوزَ عن أمَتِي ما حدَّثَتْ به أنْفُسَهَا ما لم تَعْملْ أوْ تتكلمْ»، متفق عليه.
قال العلامة الفوزان في المنتقى: إذا قبل الرجل زوجته بدون شهوة في أثناء الصوم أو بعد الطهارة ولم يخرج منه شيء فإن ذلك لا يخل بصيامه ولا بطهارته فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم ويقبل وهو متوضئ لما كان مالكًا لإربه فدل ذلك على الجواز في هذه الحالة – أما الذي يخشى من ثوران شهوته فإنه لا يقبل في هاتين الحالتين خشية أن يخرج منه شيء يخل بصيامه أو طهارته والله أعلم.
فتبين من نقل كلام أهل العلم، أن تقبيل الزوجة في نهر رمضان؛ الاصل فيه الجواز إلا اذا كان يخشى من التقبيل الوقوع في الجماع فيترك، و الله أعلم.
—–
قال ابن حجر في باب (قوله باب القبلة للصائم):
أي بيان حكمها
1827 – قوله حدثني يحيى هو القطان وهشام هو بن عروة وقد أحال المصنف بالمتن على طريق مالك عن هشام وليس بين لفظهما مخالفة فقد أخرجه النسائي من طريق يحيى القطان بلفظ كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم وزاد الإسماعيلي من طريق عمرو بن على بن يحيى قال هشام قال أني لم أر القبلة تدعو إلى خير …..
وذكر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبلها وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتاثر بالمباشرة والتقبيل لا للتفرقة بين الشاب والشيخ لأن عائشة كانت شابة نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فرق من فرق
وقال المازري ينبغي أن يعتبر حال المقبل فإن أثارت منه القبلة الإنزال حرمت عليه لأن الإنزال يمنع منه الصائم فكذلك ما أدى إليه وأن كان عنها المذي فمن رأى القضاء منه قال يحرم في حقه ومن رأى أن لا قضاء قال يكره وأن لم تؤد القبلة إلى شيء فلا معنى للمنع منها الا على القول بسد الذريعة
قال النووي ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم الا أن انزل بها.
قال أعضاء اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز:
مفصلة في حكم القبلة والمباشرة للصائم هذا نصها:
(من كان ذا شهوة وغلب على ظنه أنه إذا قبل زوجته أو باشرها فيما دون الفرج أمنى – حرم عليه ذلك وهو صائم في رمضان، ومن كان ذا شهوة ولا يغلب على ظنه أنه ينزل لكنه لا يأمن أن يحصل منه ذلك – كره له التقبيل ونحوه من مقدمات الجماع؛ وذلك لأن إتمامه لصومه ومحافظته عليه من الواجبات، ومباشرة امرأته بقبلة ونحوها فيما دون الجماع مما يعرضه لإفساد صومه في هاتين الصورتين، وإن اختلفت درجة ذلك وإفساده لصوم واجب – لا يجوز.
أما من كان التقبيل ونحوه لا يحرك شهوته؛ لكونه يملك إربه، أو لكونه شديد الضعف لمرض أو كبر سن – فله أن يقبل زوجته ويباشرها بما دون الجماع، وهذه الحالة هي التي يحمل عليها ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه». رواه البخاري ومسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يملك شهوته ولا يخشى أن يفضي ذلك منه إلى جماع وإنزال، فجاز التقبيل ونحوه من مقدمات الجماع، وجاز لمن كان في حكمه من أمته، وقد روى أبو داود عن أبي هريرة: «أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه؛ فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب»
وعلى كل حال من فعل ذلك ولم ينزل فصومه صحيح، ومن أمنى فسد صومه وعليه الغسل والقضاء، أما من أمذى فلا يفسد صومه على الصحيح. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم). انتهى
وقد اختلف العلماء في مسألة الإنزال من غير جماع: قال بعض المشايخ في فتوى له:
فبِغضِّ النظر عن حُكْمِ الاستمناء الذي تقدَّمَ في فتوى سابقة (1 – الموسومة ب «في حكم العادة السرية» فلا أعلمُ خلافًا في انتفاء الكفَّارة على من باشر الاستمناءَ باليد أو بأسبابِ الإنزال الأخرى كتقبيل الرجُلِ زوجتَهُ أو ضَمِّها إليه ونحوِ ذلك؛ لأنّ الأصلَ عدمُ الكفارةِ، وإنما الخلافُ في قضائه، وأصحُّ القولين في ذلك أنّ مباشرة الاستمناءِ باليد أو غيرِه لا توجب قضاءً ولا كفارةً، وهو مذهبُ ابنِ حزم، وبه قال الصنعاني والشوكاني وغيرُهم؛ لأنّ الأصلَ استصحاب صحّة الصوم إلى أن يَرِدَ دليلٌ على الإبطال، وإلحاقه قياسيًّا بالمُجَامِعِ ظاهرٌ في الفَرْقِ لكون الجِمَاع أغلظ من الاستمناء، ويعارضه بعضُ الآثارِ السلفيةِ الدالَّةِ على أنّ المباشرةَ بغير جِماع لا تُفطر ولو أنزل، منها قولُ عائشةَ رضي الله عنها لِمَن سألها: ما يحلّ للرجل من امرأته صائمًا؟ قالت: «كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الجِمَاع» (2 – أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»: (1258)، وانظر «السلسلة الصحيحة» للألباني: (1/ 434)، و «ما صح من آثار الصحابة في الفقه» لقادر الباكستاني: (2/ 654))، وعنها رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإرْبِهِ» (3 – أخرجه البخاري في «الصوم»، باب المباشرة للصائم: (1836)، ومسلم في «الصيام»، باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته: (2579)، وأبو داود في «الصوم»، باب القبلة للصائم: (2382)، والترمذي في «الصوم»، باب ما جاء في مباشرة الصائم: (728)، وابن ماجه في «الصيام»، باب ما جاء في المباشرة للصائم: (1687)، وأحمد: (23654)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، وقد ثبت عن ابن مسعود أنه كان يباشر امرأتَه نصف النهار وهو صائم (4 – أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»: (9/ 314)، وابن أبي شيبة في «المصنف»: (9399)، والأثر
صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (1/ 436))، وسُئِلَ جابرُ بن زيد عن رجل نظرَ إلى امرأته في رمضان فأمنى من شهوتها هل يفطر؟ قال: لا، يتمُّ صومه» (5 – أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (9447)، قال الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (1/ 437): «إسناده جيّد»)، وما إلى ذلك من الآثار الصحيحة.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. انتهي
قال باحث: وماذهب إليه ابن حزم والألباني هو قول جماعة من الحنفية
في الهداية
(قَالَ (فَإِنْ نَامَ فَاحْتَلَمَ لَمْ يُفْطِرْ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصِّيَامَ الْقَيْءُ وَالْحِجَامَةُ وَالِاحْتِلَامُ}، وَلِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ صُورَةُ الْجِمَاعِ وَلَا مَعْنَاهُ وَهُوَ الْإِنْزَالُ عَنْ شَهْوَةٍ بِالْمُبَاشَرَةِ (وَكَذَا إذَا نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ فَأَمْنَى) لِمَا بَيَّنَّا فَصَارَ كَالْمُتَفَكِّرِ إذَا أَمْنَى وَكَالْمُسْتَمْنِي بِالْكَفِّ عَلَى مَا قَالُوا
انتهى
وفي العناية شرح الهداية
((وَكَالْمُسْتَمْنِي بِالْكَفِّ) يَعْنِي إذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ بِكَفِّهِ حَتَّى أَمْنَى لَمْ يُفْطِرْ (عَلَى مَا قَالُوا) أَيْ الْمَشَايِخُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الْجِمَاعِ صُورَةً وَمَعْنًى.
وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ.
وأجاب باحث آخر فقال:
قول جابر بن زيد إنما هو في ((الإنزال بالنظر)) ولا يخفاك أن الشافعية وغيرهم لا يرون أن هذا مفسد للصوم لأنه لا مباشرة فيه. فكيف توسعون مفهومه ليشمل ما لا يمكن الجزم به من عموم الإنزال الناشئ عن مباشرة.
وأما كلام ابن حزم رحمه الله فلا يصلح خارقاً لإجماع سابق. والله أعلم.
والاستمناء حرام عندهم لكن لا يبطل الصوم، فنفهم من هذا الكلام ان المرأة اذا جاءت وباشرت بيدها لزوجها ونزل منه المنى
انه لا شئ عليه وان صيامه صحيح ولا اثم عليه!!!
لان الاستمناء لم يفعله هو وانما فعلته هي
فلو فعلوا ذلك في اليوم عشرات المرات فصيامهم صحيح!!!
ونقل بعضهم الإجماع فقال ابن قدامة: إن قبَّل فأنزل أفطر بلا خلاف.
قال النووي في المجموع: (ونقل صاحب الحاوى وغيره الاجماع على بطلان صوم من قبل أو باشر دون الفرج فأنزل).
وأخرج ابن خزيمة؛
عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله: إلا الصيام، فهو لي، وأنا أجزي به، يدع الطعام من أجلي، ويدع الشراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة عند لقاء ربه»
والمسألة لها تفريعات فالشافعية يرون عدم الفطر إذا نظر فأنزل:
قال الشيرازي في المهذب: (وان نظر وتلذذ فانزل لم يبطل صومه لانه انزل من غير مباشرة فلم يبطل الصوم كما لو نام فاحتلم، وان استمنى فانزل بطل صومه لانه انزال عن مباشرة فهو كالانزال عن القبلة، ولان الاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج من الاجنبية في الاثم والتعزير فكذلك في الافطار)
ولعلنا نتوسع فيها إن شاء الله في جامع الأجوبة الفقهية.