163 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند:
163 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 355): حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين حدثنا عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة [ص: 137] يقول: إن معاذ بن جبل يقول صلى بأصحابه صلاة العشاء فقرأ فيها {اقتربت الساعة} (1) فقام رجل من قبل أن يفرغ فصلى وذهب فقال له معاذ قولًا شديدًا فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاعتذر إليه فقال إني كنت أعمل في نخل فخفت على الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «صل بـ {والشمس وضحاها} (2) ونحوها من السور».
هذا حديث حسنٌ.
_____
قال محققو المسند:
صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي كسابقه، غير أن قوله: فقرأ فيها: (اقتربت الساعة) شاذ في حديث بريدة الأسلمي، فإنه مخالف لسائر روايات الحديث عن غيره من الصحابة، فالمحفوظ أنه قرأ فيها البقرة كما في حديث جابر بن عبد الله في “الصحيحين”، وفي بعض رواياته: أنه قرأ البقرة أو النساء – على الشك، وجاء في حديث غيره: أنه قرأ بسورة طويلة من غير تعيين لها، والله أعلم.
وأخرجه العراقي في “تقريب الأسانيد” ص 20 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد
مسند أحمد (38/ 116 ط الرسالة)
وللمعلمي رسالة بعنوان إعادة الصلاة طول فيها في تخريج الأحاديث:
قال المعلمي: رسالة إعادة الصلاة:
أخرج أبو داود والنسائي وابن حِبّان في «صحيحه» وغيرهم من طريق حسين بن ذَكْوان المعلِّم عن عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة قال: أتيتُ ابنَ عمر على البلاط وهم يُصلُّون، فقلتُ: ألا تصلِّي معهم؟ قال: قد صليتُ، إني سمعتُ رسول الله – ? – يقول: «لا تُصَلُّوا صلاةً في يومٍ مرتينِ». لفظ أبي داود.
ولفظ النسائي: «لا تُعاد الصلاةُ في يومٍ مرتينِ».
وفي رواية لغيره («والناس في صلاة العصر»، ذكره الدارقطني (ص (159)) وقال: تفرد به حسين المعلم عن عمرو بن شعيب.
وللطحاوي من طريق عمرو بن شعيب أيضًا عن خالد بن أيمن المعافري قال: «كان أهلُ العوالي يُصلُّون في منازلهم، ويُصلُّون مع النبي – ? -، فنهاهم رسول الله – ? – أن يُعيدوا الصلاةَ في يومٍ مرتين». قال عمرو: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: صدق.
ثم شرع في تخريج هذه الأحاديث وقصة معاذ من كافة طرقها … ثم نقل كلام ابن حجر
قال الحافظ في «الفتح»: وجمع بعضهم بين هذا الاختلاف بأنهما واقعتان، وأيَّد ذلك بالاختلاف في الصلاة: هل هي العشاء أو المغرب؟ وبالاختلاف في السورة: أهي البقرة، أو {اقْتَرَبَتِ}؟ وبالاختلاف في عذر الرجل: هل هو لأجل التطويل فقط لكونه جاء من العمل وهو تَعْبان، أو لكونه أراد أن يَسْقِيَ نخلَه إذ ذاك، أو لكونه خاف على الماء في النخل كما في حديث بريدة … ويحتمل أن يكون النهي أولًا وقع لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنّتْ نفوسُهم بالإسلام ظنَّ أن المانع زال، فقرأ بـ {اقْتَرَبَتِ} … فصادف صاحب الشغل.
أقول مستعينًا بالله: حديث أنس سندُه بغاية القوة، وهو ظاهر في أن الصلاة التي أطالها معاذ هي الصبح، فمن المحتمل أن يكون معاذ صلّى الصبح فأطال ففارقه حرام، وصلّى العشاء فأطال ففارقه سُلَيم، اتفق الأمرانِ في يومٍ، أو أيامٍ متقاربة، فكان معاذ يَعْتِبُ على كلًّ منهما، فبلغَ النبيَّ – ? – الأمرانِ، فعاتب معاذًا، ولذلك كرَّر عليه: «أفتّان أفتّان أفتّان».
وانفرد أنس بذكر قصة حرام؛ لأنه خاله، وانفرد جابر بذكر قصة سليم؛ لأنه من رهطه، وقضى الله أن استشهد الرجلان: سُلَيم وحرام، الأول بأُحُد والثاني ببئر معونة.
وأما حديث حسين – وهو ابن واقد – عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: فأحسِبُه انتقل ذهن الراوي من قصة إلى قصة، فجاء المتن ملفَّقًا، وقد استنكر أحمد أحاديث حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة جدًّا.
وكذلك حديث طالب بن حبيب عن عبد الرحمن بن جابر: أخشى أن يكون ملفَّقًا من عدة قصص، وأخشى أن لا يكون هناك وجودٌ لحَزْم بن أبي كعب، وإنما وقع تحريف وتغيير، وذهاب إلى واقعة أبي بن كعب، وأكثر ما يقع في الكتب [ق (14)] في هذه الطريق: «حزم بن أبي كعب»، وقد قال البخاري في طالب: «فيه نظر»، ولم يُوثَّقه أحد، إلا أن ابن حبّان ذكره في «الثقات»، وليس ذلك بنافعٍ له؛ لما عُرِف من شرط ابن حبان، مع تساهله حتى أنه لا يفي بشرطه، كما بينتُه في موضع آخر.
وأما محارب: فإنه لم يضبط هذا الحديث، كما عُرِف من كثرة شكِّه فيه، واضطرابِه، كما يُعلَم مما تقدم، وأحسبه سمع في هذا الباب عدة أحاديث متقاربة المعنى، فكان يلتبس عليه بعضها ببعض.
وبالجملة، فما وقع في تلك الرواية عن أبي الزبير من ذكر المغرب إذا ضُمّ إلى وقوع ذلك في أكثر الروايات عن محارب، مع وقوعه في روايةٍ لطالب، وإن ظهر أنه خطأ، فإنه يدل على أنّ هناك قصةً أخرى تتعلق بالمغرب.
ثم قال المعلمي
فصل
قال البخاري في «الصحيح»: «باب إذا صلّى ثمَّ أمَّ قومًا: حدثنا سليمان بن حرب وأبو النعمان قالا: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن
عمرو بن دينار عن جابر قال: «كان معاذ يُصلِّي مع النبي – ? -، ثم يأتي قومَه فيُصلِّي بهم».
واعتبر أن هذا عموم يشمل كل الصلوات حتى المغرب
وذكر أن مسلم لا يصحح لفظة المغرب فتستثنى من عموم الصلوات التي كان يصليها معاذ بقومه بخلاف الترمذي الذي اعتبرها محفوظة
ثم طول المعلمي في ترجيح جواز إعادة الصلاة ….. فليراجع.
قصة معاذ وردت
من حديث أنس:
عن أنس بن مالك قال: كان معاذ بن جبل يؤم قومه، فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخله، فدخل المسجد ليصلي مع القوم، فلما رأى معاذا طول، تجوز في صلاته ولحق بنخله يسقيه، فلما قضى معاذ الصلاة، قيل له: إن حراما دخل المسجد، فلما رآك طولت تجوز في صلاته ولحق بنخله يسقيه. قال: إنه لمنافق، أيعجل عن الصلاة من أجل سقي نخله قال: فجاء حرام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ عنده، فقال: يا نبي الله، إني أردت أن أسقي نخلا لي، فدخلت المسجد لأصلي مع القوم، فلما طول، تجوزت في صلاتي ولحقت بنخلي أسقيه، فزعم أني منافق. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: ” أفتان أنت، أفتان أنت، لا تطول بهم، اقرأ: بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها، ونحوهما ” أخرجه أحمد قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن علية مسند أحمد (19/ 273 ط الرسالة)
وهو في الصحيح المسند برقم 48 وذكرنا في شرحه ترجيحات الأتيوبي.
حديث جابر كما في مسند أحمد:
عن محارب بن دثار، سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: أقبل رجل من الأنصار ومعه ناضحان له، وقد جنحت الشمس، ومعاذ يصلي المغرب، فدخل معه الصلاة، فاستفتح معاذ البقرة، أو النساء – محارب الذي يشك – فلما رأى الرجل ذلك صلى، ثم خرج، قال: فبلغه أن معاذا نال منه – قال حجاج: ينال منه – قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ” أفتان أنت يا معاذ، أفتان أنت يا معاذ ” أو ” فاتن، فاتن، فاتن ” – وقال حجاج: ” أفاتن، أفاتن، أفاتن ” – ” فلولا قرأت سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها
أخرجه أحمد
قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي.
وأخرجه الطيالسي (1728)، وعبد بن حميد (1102)، والبخاري (705)
وأبو عوانة 2/ 158، والطحاوي في “شرح معاني الآثار” 1/ 213، والبيهقي 3/ 116 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولا ومختصرا النسائي في “المجتبى” 2/ 97 – 98 و172، وفي “الكبرى” (11652) و (11673) من طريق الأعمش، والطحاوي 1/ 213، وأبو عوانة 2/ 158 من طريق سعيد بن مسروق، والنسائي في “الكبرى” (11664)، وابن قانع في “معجم الصحابة” 1/ 136 من طريق مسعر، والطبراني في “الأوسط” (2682) من طريق محمد بن قيس، و (7783)، من طريق سليمان الشيباني، خمستهم عن محارب بن دثار، به. وقرن النسائي في الموضع الأول من “المجتبى” وفي (11673) من “الكبرى” بمحارب أبا صالح السمان. وفي رواية الأعمش: أنها العشاء، وفي رواية الباقين: أنها المغرب. هكذا اختلف على محارب في الصلاة أهي المغرب أم العشاء، وسيأتي الحديث مختصرا من طريق سفيان الثوري عن محارب برقم (14202) وذكر أنها الفجر، وهذا
اختلاف ثالث.
وسيأتي الحديث من طريق عبيد الله بن مقسم برقم (14241)، ومن طريق عمرو بن دينار برقم (14307) و (14960)، كلاهما عن جابر، وفي هذين الطريقين أن الصلاة كانت صلاة العشاء. وهو الصحيح إن شاء الله تعالى
مسند أحمد (22/ 100 ط الرسالة)
قال البخاري (705) – حَدَّثَنا آدَمُ بْنُ أبِي إياسٍ، قالَ: حَدَّثَنا شُعْبَةُ، قالَ: حَدَّثَنا مُحارِبُ بْنُ دِثارٍ، قالَ: سَمِعْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأنْصارِيَّ، قالَ: أقْبَلَ رَجُلٌ بِناضِحَيْنِ وقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوافَقَ مُعاذًا يُصَلِّي، فَتَرَكَ ناضِحَهُ وأقْبَلَ إلى مُعاذٍ، فَقَرَأ بِسُورَةِ البَقَرَةِ – أوِ النِّساءِ – فانْطَلَقَ الرَّجُلُ وبَلَغَهُ أنَّ …..
قال أبو عبدالله- يعني البخاري-: وتابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ -[(143)]-، ومِسْعَرٌ، والشَّيْبانِيُّ، قالَ عَمْرٌو، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ، وأبُو الزُّبَيْرِ: عَنْ جابِرٍ، قَرَأ مُعاذٌ فِي العِشاءِ بِالبَقَرَةِ، وتابَعَهُ الأعْمَشُ، عَنْ مُحارِبٍ
تبويبات الأئمة
بوب البخاري:
باب من شكا إمامه إذا طول
باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال
ثم أعقبه بباب:
باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا
وأورد تحته حديث جابر
بوب أبو داود:
باب تخفيف الصلاة
بوب النسائي:
اختلاف نية الإمام والمأموم
وخروج للرجل من صلاة الإمام وفراغه من صلاته في ناحية المسجد
والقراءة في المغرب بسبح اسم ربك الأعلى
والقراءة في العشاء الآخرة بسبح اسم ربك الأعلى والقِراءَةُ فِي العِشاء الآخِرَةِ بِالشَّمْسِ وضُحاها
ومن أمَّ قوما فليخفف
بوب ابن خزيمة:
باب القراءة في صلاة العشاء الآخرة
و باب الرخصة في خروج المأموم من صلاة الإمام للحاجة تبدو له من أمور الدنيا إذا طول الصلاة
و باب إباحة ائتمام المصلي فريضة بالمصلي نافلة، ضد قول من زعم من العراقيين أنه غير جائز أن يأتم المصلي فريضة بالمصلي نافلة
بوب ابن حبان:
ذكر الإباحة للمرء أن يؤدي فرضه جماعة ثم يؤم الناس بتلك الصلاة
أورده الشيخ مقبل في باب:
القراءة في المغرب والعشاء والفجر
سورة {والشمس وضحاها}
قال الخطابي:
النواضح الإبل التي يستقى عليها، والفتان هو الذي يفتن الناس عن دينهم ويصرفهم عنه، وأصل الفتنة الامتحان، يقال فتنت الفضة في النار إذا امتحنتها فأحميتها بالنار لتعرف جودتها.
وفي الحديث من الفقه جواز صلاة للمفترض خلف المتنفل.
وفيه أن المأموم إذا حزبه أمر يزعجه عن إتمام الصلاة مع الإمام كان له أن يخرج من إمامته ويتم لنفسه. وقد تأوله بعض الناس على خلاف ظاهره وزعم أن صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نافلة وليس هذا عندنا كما توهمه وذلك أن العشاء اسم للفريضه دون النافله. ثم لا يجوز على معاذ مع فقهه أن يترك فضيلة الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فعل نفسه، هذا مع قوله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وكيف يجوز عليه أن يترك المكتوبة وقد أقيمت إلى النافلة التي لم تكتب عليه ولم يخاطب بها
معالم السنن (1/ 200)
قال ابن بطال:
قال المهلب: معنى هذا الباب أن المتأول معذور غير مأثوم، ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال لحاطب لما كاتب المشركين بخبر النبى إنه منافق، فعذر النبى عليه السلام عمر لما نسبه إلى النفاق، وهو أسوأ الكفر.
شرح صحيح البخارى لابن بطال (9/ 291)
قال ابن عبد البر:
وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ((أفتان أنت يا معاذ اقرأ ب (سبح اسم ربك الأعلى) (والشمس وضحاها) ونحو ذلك في العشاء الآخرة
وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لبعض من طول من الأئمة لا تبغضوا الله إلى عباده
وإذا كان الناس يؤمرون بالتخفيف في الزمن فما ظنك بهم اليوم
ألا ترى إلى ما أجمعوا عليه من تخفيف القراءة في السفر
وقد روي عن النبي – عليه السلام ((إني لأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مخافة أن أشق على أمه وهذه الآثار كلها في التمهيد بأسانيدها والحمد لله
الاستذكار (1/ 441)
قال القاضي عياض:
وقال الأصيلى: إذا ثبت أن معاذا صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم العشاء ثم صلاها بقومه ولم ينكر ذلك – عليه السلام – وجب أن يقال: إن صلاة الخوف نزلت بعد برهة من مقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، ومعاذ من أول من أسلم، فيكون فعله متروكا لذلك، مع أن أصحاب عمرو ابن دينار يختلفون عليه فى أن يكون صلاته مع النبى صلى الله عليه وسلم هى التى صلى بقومه، وأصحاب جابر غير عمرو لا يذكرون صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا لم يبح الله لرسوله فى صلاة الخوف أن يصلى بالناس صلاتين لم ينبغ أن يسوغ ذلك لغيره.
وقال المهلب (7): إنما كان ذلك أول الإسلام لعدم القُرَّاء، وإنه لم يكن للقوم عوض من معاذ ولم يكن لمعاذ عوض من النبى صلى الله عليه وسلم، فكان هؤلاء ذهبوا إلى نسخ القصة، وكذلك اختلفوا فى المأموم هل له أن يخرج (8) اختيارا عن إمامة إمامه فيتم منفردا؟ فأباح ذلك الشافعى لعذر أو غير عذر، وحجته هذا الحديث، ومنعه أبو حنيفة، وهو معروف مذهبنا، وترجح فيه ابن القصار على تخريجها على الوجهين فى المذهب من الإجزاء [أو] (9) عدم الإجزاء، وفى حديث معاذ عند مسلم أن الرجل سلم ثم صلى وحده (10) وهذا ابتداء ممنوع لغير عذر، فإن كان لعذر جاز له كما قال الإمام أبو عبد الله، إلا أنه يكره أن يصلى مع الإمام فى موضع واحد لنهيه – عليه السلام – عن صلاتين معا، وليصلى خارجا عن المسجد، فإن صلى أجزأ عنه وأساء.
وقوله: ” أفتان أنت يا معاذ ” أى تفتن الناس وتصرفهم عن دينهم، أصل الفتنة: الامتحان والاختبار
وقوله. ” فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب فى موعظة قط أشد مما غضب فقال: أيها الناس، إن منكم منفرين … ” الحديث: فيه الغضب لما ينكر فى الدين، وكذلك ترجم عليه البخارى والغضب فى الموعظة (1)، وترجم عليه أيضا هل يقضى الحاكم وهو غضبان؟ والنبى صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره لأنه – عليه السلام – لا يستفزه غضب، ولا يقول فى الغضب والرضى ولا يحكم إلا بالحق، وفيه أن الخلاف على الأئمة شديد ونفاق لقوله: ” أنافقت “، وإن قائل هذا لأخيه على وجه التأويل لا يكفر، وقد ترجم عليه البخارى كذلك
إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 380)
قال ابن الجوزي:
قد احتج بهذا الحديث من يرى جواز اقتداء المفترض بالمتنفل، ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر، وهو مذهب الشافعي، والمنصور من الروايتين عن أحمد أنه لا يجوز ذلك، وهو قول أبي حنيفة ومالك، والجواب عن احتجاجهم أن حديث معاذ قضية في عين، فيحتمل أن معاذا كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلا ثم يصلي بقومه الفريضة. فإن قالوا: فقد روي عن جابر أنه قال: فيكون له تطوعا. قلنا: لا يصح، ولو صح كان ظنا من جابر. وإن قالوا: فكيف يترك معاذ فضيلة الفريضة خلف النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي بقومه الفرائض فامتثل أمره.
والرجل الذي انحرف وصلى وحده اسمه حرام بن ملحان، خال أنس بن مالك.
والنواضح: ما يستعمل من الإبل في سقي الزرع والنخل.
وقوله: ((أفتان أنت؟)) استفهام إنكار. والمعنى: أتريد أن تصرف الناس عن صلاة الجماعة؟ وقال أبو سليمان: أتريد صرف الناس عن الدين.
وجنح الليل: أظلم
كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 37)
قال ابن الأثير:
في هذا الحديث من الفقه: الصلاة الواحدة في جماعتين، وصلاة المفترض خلف من صلى فرضه وخلف المتنفل، وأن على الإمام تخفيف الصلاة، وأن المصلي في جماعة إذا أراد أن ينفرد عن الجماعة ويتم لنفسه جاز له ذلك.
وفيه: بيان ما يقرأ في الصلاة من السور وقدر ما يقرأ.
ولكل واحد من هذه الأحكام موضع يذكر فيه، والذي يخص هذا الموضع منها: هو تخفيف الصلاة
في شرح مسند الشافعي (2/ 33)
قال ابن رجب:
وفيه: دليل على أن الصحابة لم يكن من عادتهم قراءة بعض سورة في الفرض؛ فإن معاذا لما افتتح سورة البقرة علم الرجل أنه يكملها في صلاته، فلذلك انصرف.
وقد خرجه مسلم من حديث سفيان – هو: ابن عيينة -، عن عمرو، عن جابر، وقال في حديثه: فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم، ثم صلى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا، والله، ولآتين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلأخبرنه، فأتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخبره، فقال: يا رسول الله، إنا أصحاب نواضح، نعمل بالنهار، وإن معاذا صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على معاذ، فقال: ((يا معاذ، أفتان أنت؟)) – وذكر الحديث.
ففي هذه الرواية: أنه انصرف بمجرد افتتاح معاذ للبقرة.
وفيها: أنه سلم ثم صلى وحده وانصرف، ولم ينكر عليه النببي – صلى الله عليه وسلم – ذلك.
وذكر البيهقي في ((كتاب المعرفة)): أن هذه الزيادة – يعني: سلام الرجل – تفرد بها محمد بن عباد، عن سفيان. قال: لا أدري هل حفظها عن سفيان، أم لا؛ لكثرة من رواه عن سفيان بدونها؟
وقد خرجه النسائي من طريق سفيان – أيضا -، وزاد فيه بعد قوله: ((فاستفتح بسورة البقرة)): ((فلما سمعت ذلك تأخرت فصليت)).
وخرجه – أيضا – من طريق الأعمش، عن محارب بن دثار وأبي صالح، عن جابر، وفي حديثه: أن معاذا أمر الرجل للنبي – صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليه النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((ما حملك على الذي صنعت؟)) فقال: يا رسول الله، عملت على ناضح من النهار، فجئت وقد أقيمت الصلاة، فدخلت المسجد فدخلت معه في الصلاة، وقرأ سورة كذا وكذا وطول، فانصرفت فصليت في ناحية المسجد. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أفتان يا معاذ؟)).
فيستدل بهذا: على أن الإمام إذا طول على المأموم وشق عليه إتمام الصلاة معه؛ لتعبه أو غلبه النعاس عليه أن له أن يقطع صلاته معه، ويكون ذلك عذرا في قطع الصلاة المفروضة، وفي سقوط الجماعة في هذه الحال، وأنه يجوز أن يصلي لنفسه منفردا في المسجد ثم يذهب، وإن كان الإمام يصلي فيه بالناس.
قال سفيان: إذا خشي على غنمه الذئب، أو على دابته أن تؤخذ، أو على صبيه أن يأكله الذئب، فلا بأس أن يقطع صلاته ويذهب إليه.
وقال الحسن وقتادة، في رجل كان يصلي فأشفق أن تذهب دابته، أو أغار عليها السبع؟ قالا: ينصرف. قيل لقتادة: يرى سارقا يريد أن يأخذ نعليه؟ قال: ينصرف.
ولو طول الإمام تطويلا فاحشا، أو حدث للمأموم عذر، مثل حدوث مرض، أو سماع حريق وقع في داره، أو خاف فساد طعام له على النار، أو ذهاب دابة له على باب المسجد ونحو ذلك، فنوى مفارقة إمامه، وأتم صلاته منفردا، وانصرف جاز ذلك عند أصحابنا – أيضا – وحكوه عن الشافعي وأبي يوسف ومحمد.
وعن مالك وأبي حنيفة: تبطل صلاته بذلك …
ولم نقف في شيء من الروايات على أن الرجل قطع صلاته وخرج من المسجد ولم يصل، كما بوب عليه البخاري. وفي بعض النسخ: ((فخرج فصلى))، وهو أصح.
ولو فارق المأموم لغير عذر، لم يجز في أصح الروايتين عن أحمد، وهو قول أبي حنيفة ومالك. والثانية: يجوز، وهو قول أبي يوسف ومحمد.
وللشافعي قولان
واستدلوا على أنه لا يجوز، وأن الصلاة تبطل به بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه))، ومفارقته من غير عذر من الاختلاف عليه.
وأيضا؛ فقد سبق الاستدلال على وجوب الجماعة، والواجب إذا ما شرع فيه لم يجز إبطاله وقطعه لغير عذر، كأصل الصلاة. والله سبحانه وتعالى أعلم
فتح الباري لابن رجب (6/ 211)
قال ابن حجر:
والله أعلم واستدل بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل بناء على أن معاذا كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق بن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد هي له تطوع ولهم فريضة وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح وقد صرح بن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه فقول بن الجوزي إنه لا يصح مردود وتعليل الطحاوي له بان بن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق بن جريج ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح في صحته لأن بن جريج أسن وأجل من بن عيينة وأقدم أخذا عن عمرو منه ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عددا فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة فجوابه أن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل فمهما كان مضموما إلى الحديث فهو منه ولا سيما إذا روي من وجهين والأمر هنا كذلك فإن الشافعي أخرجها من وجه آخر عن جابر متابعا لعمرو بن دينار عنه وقول الطحاوي هو ظن من جابر مردود لأن جابرا كان ممن يصلي مع معاذ فهو محمول على أنه سمع ذلك منه ولا يظن بجابر أنه يخبر عن شخص بأمر غير مشاهد إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه وأما احتجاج أصحابنا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فليس بجيد لأن حاصله النهي عن التلبس بصلاة غير التي أقيمت من غير تعرض لنية فرض أو نفل ولو تعينت نية الفريضة لامتنع على معاذ أن يصلي الثانية بقومه لأنها ليست حينئذ فرضا له وكذلك قول بعض أصحابنا لا يظن بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمة في المسجد الذي هو من أفضل المساجد فإنه وإن كان فيه نوع ترجيح لكن للمخالف أن يقول إذا كان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لم يمتنع أن يحصل له الفضل بالاتباع وكذلك قول الخطابي إن العشاء في قوله
كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء حقيقة في المفروضة فلا يقال كان ينوي بها التطوع لأن لمخالفه أن يقول هذا لا ينافي أن ينوي بها التنفل وأما قول بن حزم إن المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوعا فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم فهذا إن كان كما قال نقص قوي وأسلم الأجوبة التمسك بالزيادة المتقدمة وأما قول الطحاوي لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقريره فجوابه أنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة والواقع هنا كذلك فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة وفيهم ثلاثون عقبيا وأربعون بدريا قاله بن حزم قال ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك بل قال معهم بالجواز عمر وبن عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم وأما قول الطحاوي لو سلمنا جميع ذلك لم يكن فيه حجة لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلى مرتين أي فيكون منسوخا فقد تعقبه بن دقيق العيد بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ وبأنه يلزمه إقامة الدليل على ما ادعاه من إعادة الفريضة اه وكأنه لم يقف على كتابه فإنه قد ساق فيه دليل ذلك وهو حديث بن عمر رفعه لا تصلوا الصلاة في اليوم مرتين ومن وجه آخر مرسل إن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم ثم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فنهاهم ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظر لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة وبذلك جزم البيهقي جمعا بين الحديثين بل لو قال قائل هذا النهي منسوخ بحديث معاذ لم يكن بعيدا ولا يقال القصة قديمة لأن صاحبها استشهد بأحد لأنا نقول كانت أحد في أواخر الثالثة فلا مانع أن يكون النهي في الأولى والإذن في الثالثة مثلا وقد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة أخرجه أصحاب
السنن من حديث يزيد بن الأسود العامري وصححه بن خزيمة وغيره وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويدل على الجواز أيضا أمره صلى الله عليه وسلم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن صلوها في بيوتكم في الوقت ثم اجعلوها معهم نافلة وأما استدلال الطحاوي أنه صلى الله عليه وسلم نهى معاذا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث إما أن تصلي معي وإما أن تخفف بقومك ودعواه أن معناه إما أن تصلي معي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف بقومك ولا تصل معي ففيه نظر لأن لمخالفه أن يقول بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا لم تخفف وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي وهو أولى من تقديره لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف لأنه هو المسئول عنه المتنازع فيه وأما تقوية بعضهم بكونه منسوخا بأن صلاة الخوف وقعت مرارا على صفة فيها مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية في حال الأمن فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفل لصلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم مرتين على وجه لا تقع فيه منافاة فلما لم يفعل دل ذلك على المنع فجوابه أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف مرتين كما أخرجه أبو داود عن أبي بكرة صريحا ولمسلم عن جابر نحوه وأما صلاته بهم على نوع من المخالفة فلبيان الجواز وأما قول بعضهم كان فعل معاذ للضرورة لقلة القراء في ذلك الوقت فهو ضعيف كما قال بن دقيق العيد لأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة كان حافظوه كثيرا وما زاد لا يكون سببا لارتكاب أمر ممنوع منه شرعا في الصلاة وفي حديث الباب من الفوائد أيضا استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين وأما من قال لا يكره التطويل إذا علم رضاء المأمومين فيشكل عليه أن الإمام قد لا يعلم حال من يأتي فيأتم به بعد دخوله في الصلاة كما في حديث الباب فعلى هذا يكره التطويل مطلقا إلا إذا فرض في مصل بقوم محصورين راضين بالتطويل في مكان لا يدخله غيرهم
وفيه أن الحاجة من أمور الدنيا عذر في تخفيف الصلاة وجواز إعادة الصلاة الواحدة في اليوم الواحد مرتين وجواز خروج المأموم من الصلاة لعذر وأما بغير عذر فاستدل به بعضهم وتعقب وقال بن المنير لو كان كذلك لم يكن لأمر الأئمة بالتخفيف فائدة وفيه نظر لأن فائدة الأمر بالتخفيف المحافظة على صلاة الجماعة ولا ينافي ذلك جواز الصلاة منفردا وهذا كما استدل بعضهم بالقصة على وجوب صلاة الجماعة وفيه نحو هذا النظر وفيه جواز صلاة المنفرد في المسجد الذي يصلي فيه بالجماعة إذا كان بعذر وفيه الإنكار بلطف لوقوعه بصورة الاستفهام ويؤخذ منه تعزير كل أحد بحسبه والاكتفاء في التعزيز بالقول والإنكار في المكروهات وأما تكراره ثلاثا فللتأكيد وقد تقدم في العلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه وفيه اعتذار من وقع منه خطأ في الظاهر وجواز الوقوع في حق من وقع في محذور ظاهر وإن كان له عذر باطن للتنفير عن فعل ذلك وأنه لا لوم على من فعل ذلك متأولا وأن التخلف عن الجماعة من صفة المنافق
فتح الباري لابن حجر (2/ 195)
وقد تعقب المعلمي ابن حجر في بعض ما قرر هنا فلتراجع رسالته إعادة الصلاة
قال ابن العثيمين في التعليق على البخاري:
يستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا أطال الإمام وكان له حاجة فله أن ينصرف ولكن إذا لم يكن له حاجة فله أن ينصرف أيضا إذا أطال الإمام إطالة أكثر من السنة والحديث ليس فيه القيد أي قيد أن يكون للإنسان حاجة فالأولى أخذه على الإطلاق لكن ما هو التطويل والتقصير؟ ما خرج عن السنة فهو تطويل وما وافق السنة فهو تخفيف وما كان دون ذلك فهو تفريط انتبه , وعلى هذا فقراءة الإمام في فجر يوم الجمعة تنزيل السجدة و هل … يعتبر تطويلا أو لا؟ يعتبر تخفيفا ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة وأتم الناس صلاة كما قال أنس: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم , وأما قول الكسالى إن إمامنا طول الليلة قلنا لم؟ قال قرأ بنا في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة وقرأ بنا في الثانية هل أتى على الإنسان فماذا نقول له؟ هو تشكى جاء يقول إمامنا يطول نقول لم يطول وإذا كنت معتادا أقصر من ذلك فأنت مفرط أما من قرأ ما وافق السنة فإنه يعتبر مخففا نعم إذا سأل سائل هل ينصرف من صلاته بسلام أو بغير سلام؟ نقول ينصرف بغير سلام وقد جاء في * صحيح مسلم * أن الرجل سلم وانصرف لكن زيادة السلام انفرد بها شيخ مسلم وهي شاذة ليست صحيحة وتعليل ذلك أيضا أن السلام إنما يكون في اختتام الصلاة وهذا الرجل لم يختتمها.
تكلم ابن القيم على مقدار قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلوات ومنها صلاة العشاء فقال:
وأما العشاء الآخرة، فقرأ فيها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (التين والزيتون) ووقَّت لمعاذ فيها ب (الشمس وضحاها) و (سبِّح اسم ربك الأعلى) و (الليل إذا يغشى) ونحوها، وأنكر عليه قراءتَه فيها ب (البقرة) بعدما صلَّى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف، فأعادها لهم بعدما مضى من الليل ما شاء الله، وقرأ بهم ب (البقرة) ولهذا قال له: “أفتان أنت يا معاذ” فتعلق النَّقَّارون بهذه الكلمة، ولم يلتفِتوا إلى ما قبلها ولا ما بعدها.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعين سورة في الصلاة بعينها لا يقرأ إلا بها إلا في الجمعة والعيدين، وأمّا في سائر الصلوات، فقد ذكر أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أنه قال: مَا منَ المفصَّلِ سورةٌ صغيرةٌ ولا كبيرةٌ إلا وقد سمِعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤمُّ الناسَ بها في اَلصَّلاةِ المَكْتُوبةِ.
وكان من هديه قراءةَ السورة كاملة، وربما قرأها في الركعتين، وربما قرأ أول السورة. وأما قراءة أواخر السور وأوساطِها، فلم يُحفظ عنه. وأما قراءةُ السورتين في ركعة، فكان يفعله في النافلة، وأما في الفرض، فلم يُحفظ عنه.
وأما قراءةُ سورة واحدة في ركعتين معاً، فقلما كان يفعله” انتهى.
” زاد المعاد ” (1/ 209 – 215)