1628 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——–‘——-‘——-”
الصحيح المسند
1628 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «لَوْلَا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ، لَأَخْبَرْتُهَا بِمَا لَهَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
قال الشيخ مقبل الوادعي: هذا حديث صحيح.
——————————–
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
*1 – تخريج الحديث:*
هذا الحديث انفرد بإخراجه عن عائشة رضي الله عنها الإمام أحمد.
وقد جاء من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بلفظ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لَأَخْبَرْتُهَا مَا لِخِيَارِهَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
أخرجه أحمد في “مسنده”برقم: (17202) بهذا اللفظ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” برقم: (33054) (كتاب الفضائل، ما ذكر في فضل قريش) بمثله.
*2 – الحكم على الحديث:*
* أورده الهيثمي في “مجمع الزوائد” 10/ 20 وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
* قال محققو المسند عن حديث عائشة رضي الله عنها: ” إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وسعيد بن عمرو بن سعيد الأموي والد إسحاق، سمع من عائشة فيما قال البخاري في “التاريخ الكبير” 3/ 499″ مسند أحمد ط الرسالة (42/ 144).
* قال محققو المسند عن حديث معاوية رضي الله عنه: ” إسناده صحيح، وأخرجه الحافظ في “تغليق التعليق” 4/ 481 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 12/ 169، ومن طريقه ابن أبي عاصم في “السنة” (1129) و (1527) عن أبي نعيم، بهذا الإسناد. ولفظ ابن أبي عاصم: “الناس تبع لقريش في هذا الأمر لخيارهم، وشرارهم تبع لشرارهم”.
وفي باب قوله: “الناس تبع لقريش … “: عن أبي هريرة، سلف برقم (7306)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب. ونزيد عليها: عن أبي بريدة عند ابن أبي عاصم في “السنة” (1511).
وعن سهل بن سعد عند الطبراني في “الكبير” (5841)، وفي “الأوسط” (5592).
وفي باب قوله: “لولا أن تبطر قريش”: عن جبير بن مطعم وابن عباس وقتادة عند ابن أبي عاصم بالأرقام (1528) و (1529) و (1530) ” مسند أحمد ط الرسالة (28/ 126).
* أخرج البخاري 3305، ومسلم 1818 من حديث أبي هريرة مرفوعاً «الناس تبع لقريش فى هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم الناس معادن خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا تجدون من خير الناس أشد الناس كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه».
* عن عبدالله بن السائب: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلاَ تَقَدَّمُوهَا، وَتَعَلَّمُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَلاَ تُعَالِمُوهَا، وَلَوْلاَ أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتُهَا بِمَا لِخِيَارِهَا عِنْدَ اللهِ» أورده السيوطى فى الجامع الصغير من حديث عبد الله بن السائب، وعزاه إلى الطبراني، ورمز له بالصحة، وقال المناوى: أبو معشر قالوا: ضعيف. فيض القدير: 4/ 512، وقال الشيخ الألباني في صحيح الجامع 7832: “صحيح”، وينظر الإرواء 519، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 16451: ” رواه الطبراني وفيه أبو معشر وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح ”
* عن ابن عباس، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما أعلم: «قدموا قريشا ولا تقدموها، فلولا تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله عز وجل». قال البزار في مسنده 465: ” وهذا الحديث قد روي نحو من كلامه عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ولا نعلمه يروى عن ابن عباس، عن علي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وابن الفضل ليس بالحافظ، وأبو بكر بن أبي جهمة، وأبوه لا نعلمهما يحدثان إلا بهذا الحديث”، والحديث في صحيح الجامع 7843، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 16450: ” رواه البزار وفيه عدي بن الفضل وهو متروك وليس هو عدي بن الفضل الذي في ثقات ابن حبان “.
* عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لمحسنها عند الله من الثواب.» أخرجه ابن عدي (11/ 2) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا سفيان الثوري قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال ابن عدي: “وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل ليس يرويه غير إسماعيل وكان يحدث عن الثقات بالبواطيل” وقال ابن حبان: “يروي الموضوعات عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه”، وقال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة 1361: “موضوع”.
*ثانياً: دراسة الحديث دراية:*
*1 – ألفاظ الحديث:*
قَامَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ [وفي رواية: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَلَوْلَا [وفي رواية: وَاللَّهِ لَوْلَا] أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لَأَخْبَرْتُهَا بِمَا لَهَا [وفي رواية: بِمَا لِخِيَارِهَا] [وفي رواية: مَا لِخِيَارِهَا] عِنْدَ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [وفي رواية: قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ].
الرواية الأصلية:
المطالب العالية: (9/ 599) برقم: (2102)
الزوائد: مصنف ابن أبي شيبة: (17/ 283) برقم: (33054)، مسند أحمد: (7/ 3738) برقم: (17202) المعجم الكبير: (19/ 360) برقم: (847)
*2 – شرح الحديث:*
* قال ابن الأثير رحمه الله: ” بطر الرجل -بالكسر- يبطر -بالفتح-: إذا طغى في النعمة وكفرها وجار فيها، يريد: لولا أنها إذا علمت ما لها عند الله من الخير والأجر والثواب والنعيم المعد المدخر لها؛ كانت تبطر وتدع العمل وترتكب ما لا يحل لها، اتكالا على ما لها عند الله من حسن الجزاء لأعلمتها به. وهذا دليل على علو منزلتها وارتفاع قدرها عند الله، وأن المعد لها شيء كثير؛ لا يمكن الإنسان مع معرفته به إلا أن يطغى ويبطر. وفي إضافة البطر إليها نقص ولكنه أمر طبيعي قد ركب في الإنسان وجبلت الفطرة الآدمية فلا يكاد يخلو عنه وإن وجد من يقهر نفسه، ويكف هواه، ويغلب طبعه فإليه المنتهى وقليل ما هم فلا نظن أن ذلك نقص يخصهم فإنه وصف لا يخلو منه بشر. وفقنا الله وإياكم لقهر شيطان الهوى.” الشافي في شرح مسند الشافعي (5/ 523)
* قال المناوي في شرح حديث عبدالله بن السائب المتقدم: ” (قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا من قريش) العلم الشرعي وآلته (ولا تعلموها) بضم المثناة وفتح العين وشد اللام بضبطه لأن التعليم إنما يكون من الأعلى إلى الأدنى ومن الأعلم لغيره فنهاهم أن يجعلوهم في مقام التعليم ومقام المغالبة بالعلم (ولولا أن تبطر قريش) أي تطغى في النعمة وتكفرها (لأخبرتها ما لخيارها عند الله) من المنازل العالية والمثوبات العظيمة يعني أنها إذا علمت ما لها عند الله من الثواب العظيم والنعيم المقيم المعد لها ربما بطرت وتركت العمل اتكالا على ما لها عنده من حسن الجزاء فلذلك لا أعلمها به” فيض القدير (4/ 512)
* وقال المناوي أيضاً في شرح حديث علي المتقدم: ” (قدموا قريشا) تصغير قرش وهي دابة في البحر لا تمر بشيء غث وسمين إلا أكلته أخرجه البيهقي عن ابن عباس وقد أكثر ابن دحية من حكاية الخلاف في تسمية قريش قريشا ومن أول من تسمى به؟ ولا تقدموها (ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها) أي لخيارها كما بينه الخبر الذي قبله (عند الله) من الخير والأجر وهذا وما قبله دليل على علو منزلتها وارتفاع قدرها عنده وأن المعد لها شيء عظيم لا يمكن الإنسان مع معرفته به أن لا يطغى وإضافة البطر إليها ليس غضبا عليها ولا حطا لقدرها لأنه جبلي ركب في الإنسان وطبعت فطرته عليه فلا يكاد يخلو منه وإن وجد من يقهر نفسه ويكف هواه فإليه المنتهى وقليل ما هم ” فيض القدير (4/ 512)
* وقال الصنعاني في شرح حديث عبدالله بن السائب المتقدم: ” (قدموا قريشاً) ظاهره العموم في كل شيء وأن الأمر للإيجاب وزاد قوله. (ولا تقدموها) للتأكيد وإلا فإنه قد أفيد للجملة الأولى. (وتعلموا من قريش) حذف مفعوله ليعم كالأول. (ولا تعلموها) فإنه عنها يؤخذ العلم وهذا مشكل فإن القرشي يفتقر إلى أخذ العلم عن غيره فرب فارسي وعجمي أعلم من قرشي فالذي يلوح أن الحديث خطاب لأهل عصره – صلى الله عليه وسلم – من أهل المدينة لا غيرهم فإنه هاجر إليهم المهاجرون من قريش وقد صاروا عالمين بمناسك الدين فأمرت الأنصار وغيرهم من العرب الذين تأخر إسلامهم أن تعلم علم الدين منهم هذا أقرب ما يقال فالمراد تعلموا من عالم قريش كما دل له قوله. (ولولا أن تبطر قريش) أي تكفر النعمة. (لأخبرتها ما لخيارها عند الله تعالى) فإن الوعيد لخيارها وهم علماؤها فالمراد بقريش خيارها في هذه الأحاديث أي قدموا خيار قريش وتعلموا منهم ولا تعلموهم لما لهم عند الله من الكرامة والمنازل العلية ” التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 64)
*3 – فقه الحديث:*
* قال المناوي رحمه الله: ” استدل بقوله في هذه الأحاديث ونحوها قدموا قريشا على رجحان مذهب الشافعي على غيره لورود الأمر بتقديم القرشي على من ليس قرشيا قال عياض: ولا حجة فيها لأن المراد الخلافة وقد قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم ابن حذيفة في إمامة الصلاة وخلفه من قريش وأمر معاذ بن جبل وغيره على من معه من قريش وتعقبه النووي وغيره بأن في أحاديث الباب ما يدل على أن للقرشي مزية على غيره فصح الاستدلال به لترجيح الشافعي على غيره وليس مراد المستدل به أن الفضل لا يكون إلا لقرشي بل المراد أن كونه قرشيا من أسباب الفضل والتقديم كما أن من أسبابها الورع والفقه وغيرهما فيصح الاستدلال على تقديم الشافعي على من سواه في العلم والدين من غير قريش لأن الشافعي قرشي وعجب قول القرطبي في المفهم بعد ما ذكر نحو ما ذكره عياض أن المستدل بهذه الأحاديث على ترجيح الشافعي صحبته غفلة قارنها من صميم التقليد طيشة كذا قال: وهو الذي أصابته الغفلة لكونه لم يفهم مراد المستدل انتهى” فيض القدير (4/ 512 – 513)
* نقل المناوي عن ابن تيمية قوله: ” قال ابن تيمية: والأحاديث في فضل قريش فيها كثرة وهي تدل على فضل العرب إذ نسبة قريش إلى العرب نسبة العرب إلى الناس وسبب هذا الفضل ما خصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم وذلك أن الفضل إما بالعلم النافع أو بالعمل الصالح. والعلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الفهم والحفظ وتمام وهو قوة المنطق الذي هو البيان والعبادة ولسانهم أتم الألسنة بيانا وتمييزا للمعاني وجمعا للمعنى الكثير في اللفظ القليل إذا شاء المتكلم الجمع ثم يميز بين كل شيئين مشتبهين بلفظ آخر مميز مختصر كما نجده في لغتهم في جنس الحيوان مثلا فإنهم يعبرون عن القدر المشترك بين الحيوان بعبارات جامعة ثم يميزون بين أنواعه في أسماء إلى غير ذلك من خصائص اللسان العربي وأما العمل فمبناه على الأخلاق وهي الغرائز المخلوقة في النفس وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم فهم أقرب للأخلاق المحمودة من نحو سخاء وعلم وشجاعة ووفاء وكانوا قبل الإسلام طبيعتهم قابلة للخير معطلة عن فعله فلما جاءهم الهدى ببعثة خير الورى زالت تلك الريون عن قلبهم” فيض القدير (4/ 515).
* ينظر رسالة ” لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش” لابن حجر، قال في مقدمة رسالته: ” فإن بعض الإخوان سألني عن الحديث الوارد المشتهر على الألسنة، هي “الأئمة من قريش” هل هو صحيح أو لا؟ وهل هو مخرج في شيء من الصحيحين أو لا؟ وهل رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد من أصحابه غير أبي بكر الصديق يوم السقيفة أو لا؟
فحداني ذلك على جمع طرق هذا الحديث، وبيان ما صح منها مما هو ضعيف، ونسبة كل طريق منها إلى من أخرجها من الأئمة، وسياق غالب ذلك بالإسناد إلى راويه.
وجعلته على قسمين:
الأول: في سياق الأخبار الواردة في ذلك بغير قيد.
والثاني: في سياق الأخبار الواردة في ذلك بقيد، وبيان ذلك القيد، وما يترتب عليه من الحكم، وإن يسر الله أن أتبع ذلك بحكم المسألة عند أهل العلم أتبعتها، وإلا جعلت ذلك في تصنيف مفرد إن شاء الله وبه التوفيق.”
* قال الشيخ الألباني رحمه الله: ” وفي هذه الأحاديث الصحيحة رد صريح على بعض الفرق الضالة قديما وبعض المؤلفين والأحزاب الإسلامية حديثا الذين لا يشترطون في الخليفة أن يكون عربيا قرشيا. وأعجب من ذلك أن يؤلف أحد المشايخ المدعين للسلفية رسالة في ” الدولة الإسلامية ” ذكر في أولها الشروط التي يجب أن تتوفر في الخليفة إلا هذا الشرط متجاهلا كل هذه الأحاديث وغيرها مما في معناها، ولما ذكرته بذلك تبسم صارفا النظر عن البحث في الموضوع، ولا أدري أكان ذلك لأنه لا يرى هذا الشرط كالذين أشرنا إليهم آنفا، أم أنه كان غير مستعد للبحث من الناحية العلمية، وسواء كان هذا أو ذاك، فالواجب على كل مؤلف أن يتجرد للحق في كل ما يكتب وأن لا يتأثر فيه باتجاه حزبي أو تيار سياسي ولا يلتزم في ذلك موافقة الجمهور أو مخالفتهم. والله ولي التوفيق” سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (3/ 7).
===
*بوب البخاري -رحمه الله- في كتاب المناقب من صحيحه، باب مناقب قريش، وأورد تحته أحاديث منها:*
# عن معاوية -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد، إلا كبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين.
# عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قريش، والأنصار، وجهينة، ومزينة، وأسلم، وأشجع، وغفار موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله.
*قال العيني -رحمه الله- في عمدته (باختصار):*
روي عن سعد بن أبي وقاص، رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يريد هوان قريش أهانه الله)، وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى هاشما من قريش واصطفاني من بني هاشم)، رواه مسلم
وكانت لقريش في الجاهلية مكارم منها: السقاية والعمارة والرفادة والعقاب والحجابة والندوة واللواء والمشورة والأشناق والقبة والأعنة والسفارة والأيسار والحكومة والأموال المحجرة، وكانوا يسمون: آل الله وجيران الله، والنسبة إلى قريش: قريشي، وعن الخليل: قرشي أيضا، فإن أردت بقريش الحي صرفته، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه …..
قوله: (إن هذا الأمر في قريش) أراد به الخلافة ….
وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن سفينة مولى رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا، وفي رواية: ثم يؤتي الله ملكه من يشاء، وهكذا وقع.
فإن خلافة أبي بكر، رضي الله تعالى عنه سنتان وأربعة أشهر إلا عشر ليال، وخلافة عمر، رضي الله تعالى عنه، عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام، وخلافة عثمان، رضي الله تعالى عنه إثنا عشر سنة إلا اثني عشر يوما، وخلافة علي، رضي الله تعالى عنه خمس سنين إلا شهرين، وتكملة الثلاثين بخلافة الحسن بن علي، رضي الله تعالى عنهما نحوا من ستة أشهر حتى نزل عنها لمعاوية عام أربعين من الهجرة.
فإن قلت: يعارض حديث سفينة ما رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة: لا يزال هذا الدين قائما ما كان اثني عشرة خليفة، كلهم من قريش … الحديث.
قلت: قيل: إن الذين لم يزل قائما حتى ولي اثني عشر خليفة كلهم من قريش، وأراد بهذا خلافة النبوة ولم يرد أنه لا يوجد غيرهم، وقيل: هذا الحديث فيه إشارة بوجود إثني عشر خليفة عادلين من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة، ثم قد كان بعد ذلك خلفاء راشدون منهم: عمر بن عبد العزيز، ومنهم المهتدي بأمر الله العباسي، ومنهم المهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان ……..
قوله: (ما أقاموا الدين) أي: مدة إقامتهم الدين، ويحتمل أن يكون معناه: أنهم إن لم يقيموه فلا تسمع لهم، وقيل: يحتمل أن لا يقام عليهم، وإن كان لا يجوز بقاؤهم ………………..
قوله موالي، لأنهم ممن بادروا إلى الإسلام ولم يسبوا فيرقوا كغيرهم من قبائل العرب.
وقال يونس: أي: هم أولياء الله مثلا، وإن الكافرين لا مولى لهم، أي: لا ناصر لهم،
قوله: (ليس لهم مولى دون الله ورسوله)، أي: غير الله ورسوله، والمولى، وإن كان له معان كثيرة، لكن المناسب هنا: الناصر، والولي والمتكفل بمصالحهم والمتولي لأمورهم.
________
*قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح (في شرح حديث معاوية):*
هو خبر بمعنى الأمر وإلا فقد خرج هذا الأمر عن قريش في أكثر البلاد،
ويحتمل حمله على ظاهره وأن المتغلبين على النظر في أمر الرعية في معظم الأقطار وإن كانوا من غير قريش لكنهم معترفون أن الخلافة في قريش ويكون المراد بالأمر مجرد التسمية بالخلافة لا الاستقلال بالحكم والأول أظهر والله أعلم.
__________
*قال صاحب كتاب “اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح”:*
(إن هذا الأمر في قريش)؛ أي: الخلافة ولكن هذا لا يردُّ حديث عبد الله في خروج القحطاني؛ لأنه حكايةٌ عن الواقع، وحديث مُعاوية في الاستحقاق، ولم يقل إنه لا توجد في غيرهم.
قال صاحب “المُفْهِم”: وقد صح حديث عبد الله عن غيره، فقد رواه البخاري من بعد عن أبي هريرة، فلا تناقض بين الحديثين، لأن خروج القحطاني إنما يكون إذا لم تُقِم قريش الدِّين فيُدال عليهم في آخِر الزمان، ولعله الملك الذي يخرج عليه الدجَّال.
________
*وفي صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني -رحمه الله-:*
4390 – قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة.
(صحيح) [حم ت] عن عمرو بن العاص. الصحيحة 1155.
4391 – قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم.
(صحيح) [حم] عن أبي بكر وسعد1. الصحيحة 1156.