1625 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——–‘——-‘——-”
——–‘——-‘——-”
——–‘——-‘——-”
الصحيح المسند
1625 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ابْتَاعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ جَزُورًا – أَوْ جَزَائِرَ – بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ، وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ: الْعَجْوَةُ، فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ، فَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّا قَدْ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا – أَوْ جَزَائِرَ – بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخْرَةِ، فَالْتَمَسْنَاهُ، فَلَمْ نَجِدْهُ» قَالَ: فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَا غَدْرَاهُ. قَالَتْ: فَنَهَمَهُ النَّاسُ، وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللهُ، أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا».
ثُمَّ عَادَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزَائِرَكَ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ عِنْدَنَا مَا سَمَّيْنَا لَكَ، فَالْتَمَسْنَاهُ، فَلَمْ نَجِدْهُ» فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاغَدْرَاهُ، فَنَهَمَهُ النَّاسُ، وَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا» فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَأَىهُ لَا يَفْقَهُ عَنْهُ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: «اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقُلْ لَهَا: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ: إِنْ كَانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ، فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ». فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: «اذْهَبْ بِهِ، فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ» قَالَ: فَذَهَبَ بِهِ، فَأَوْفَاهُ الَّذِي لَهُ. قَالَتْ: فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللهِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطِيبُونَ».
قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: هذا حديث حسن.
——————————–
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
*1 – تخريج الحديث:*
أخرجه أحمد في “مسنده”برقم: (26953) (بهذا اللفظ)، وعبد الرزاق في “مصنفه” برقم: (15358) (كتاب البيوع، باب مطل الغني) (بنحوه مختصرا.)، وابن أبي شيبة في “مصنفه” برقم: (22541) (كتاب البيوع والأقضية، الشراء بالعرض الإبل ونحوها) (بنحوه مختصرا.) وعبد بن حميد في “المنتخب من مسنده” برقم: (1499) (بنحوه مختصرا.) والبزار في “مسنده” برقم: (88/ 65) (بنحوه مختصرا.) والحاكم في “مستدركه” برقم: (2249) (كتاب البيوع، إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها) (بنحوه مختصرا.) والبيهقي في “سننه الكبير” برقم: (11214) (كتاب البيوع، باب جواز السلم الحال) (بنحوه مختصرا.)
وأورده ابن حجر في “المطالب العالية” برقم: (1452/ 1) (كتاب البيوع، باب لصاحب الحق مقال وفضل من أدى دينه) (بنحوه مختصرا.)، وبرقم: (1452/ 2) (كتاب البيوع، باب لصاحب الحق مقال وفضل من أدى دينه)
فهذا الحديث روي من طريق هشام بن عروة واختلف على هشام بن عروة فرواه حماد بن سلمة، وابن إسحاق، ويحيى بن عمير البزاز عن هشام بن عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعا، وعبدة بن سليمان الكلابي، ومعمر بن راشد، ووكيع بن الجراح عن هشام بن عروة عن عروة بن الزبير مرسلا.
وله شاهد من حديث أبي حميد الساعدي، أخرجه الطبراني في “الصغير” برقم: (1045) والبزار في “مسنده” برقم: (3709)
*2 – الحكم على الحديث:*
* قَالَ الْبَزَّارُ: “لا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ إِلا يَحْيَى”. كشف الأستار عن زوائد البزار (2/ 106)، ولكن قال محققو المسند: ” قلنا: قد رواه ابن إسحاق وحمَّاد بن سلمة، كما سلف” مسند أحمد ط الرسالة (43/ 339).
* قال الحاكم: ” هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه”
وتعقبه الذهبي فقال: ” يحيى بن سلام ضعيف ولم يخرج له أحد” المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 37)
* قال الهيثمي: “رواه أحمد والبزار وإسناد أحمد صحيح” مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: (4/ 139).
* قال الشيخ الألباني: ” قلت: و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق – و هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة – و هو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، فقد فعل كما ترى، فثبت الحديث و الحمد لله”. السلسلة الصحيحة المجلدات الكاملة 1 – 9 (2677) (6/ 176).
* قال محققو المسند: ” إسناده حسن من أجل ابن إسحاق – وهو محمد -، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. يعقوبُ: هو ابنُ إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف.” مسند أحمد ط الرسالة (43/ 339).
*ثانياً: دراسة الحديث دراية:*
*1 – غريب الحديث:*
* قال السندي رحمه الله: قوله (مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ) هكذا في النسخ بلا ياء وفي (النهاية) من كتب الغريب الذخيرة بالياء، والظاهر أنه الصواب، والله تعالى أعلم (فتجعمه) وفي بعض النسح (فَنَهَمَهُ) قال: نهمه إذا زجره، وصاح به، وتجهمه إذا لقيه بالغلظة، والوجه الكريه. مسند الإمام أحمد بحاشية السندي (24/ 364)
*2 – فوائد الحديث*:
يؤخذ من هذا الحديث عدة فوائد:
• أن من أفضل المسلمين أحسنهم قضاءً.
• فيه وجوب إيفاء الدين عند القدرة.
• فيه حلم النبي صلى الله عليه وسلم.
• فيه لطف النبي صلى الله عليه وسلم في المعاملة.
• فيه وفاء الأنبياء بالوعد والعهد.
• فيه المسارعة في إيفاء الدين.
• فيه البيع بالنسيئة.
====
وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قصة أخرى قريبة من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنه-
ولفظ البخاري:
أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه، فأغلظ فهم به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا، ثم قال: أعطوه سنا مثل سنه، قالوا: يا رسول الله، إلا أمثل من سنه، فقال: أعطوه، فإن من خيركم أحسنكم قضاء
وأورده البخاري في مواضع من صحيحه، أذكر بعضاً منها:
– كتاب الوكالة، باب الوكالة في قضاء الديون
– كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب حسن القضاء
– كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب: لصاحب الحق مقال ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: لي الواجد يحل عقوبته وعرضه قال سفيان: عرضه يقول: مَطَلْتَنِي وَعُقُوبَتُهُ الحَبْسُ
بعض فوائد الحديث الذي في البخاري:
1 – أخذ الجمهور بجواز توكيل الحاضر بالبلد بغير عذر ومنعه أبو حنيفة إلا بعذر مرض أو سفر أو برضا الخصم واستثنى مالك من بينه وبين الخصم عداوة وقد بالغ الطحاوي في نصرة قول الجمهور واعتمد في الجواز حديث الباب قال وقد اتفق الصحابة على جواز توكيل الحاضر بغير شرط قال ووكالة الغائب مفتقرة إلى قبول الوكيل الوكالة باتفاق وإذا كانت مفتقرة إلى قبول فحكم الغائب والحاضر سواء، نقله الحافظ ابن حجر عن ابن بطال في الفتح.
2 – جواز وكالة الغائب مستفادة من الحديث بطريق الأولى لأن الحاضر إذا جاز له التوكيل مع اقتداره على المباشرة بنفسه فجوازه للغائب عنه أولى لاحتياجه إليه، قاله ابن حجر في الفتح (بتصرف).
3 – ربما توهم متوهم أن قضاء الدين لما كان واجبا على الفور امتنعت الوكالة فيه لأنها تأخير من الموكل إلى الوكيل فبين أن ذلك جائز ولا يعد ذلك مطلا، نقله ابن حجر عن ابن المنير في الفتح.
*قال ابن حجر -رحمه الله- في الفتح:*
قوله فأغلظ له يحتمل أن يكون الإغلاظ بالتشديد في المطالبة من غير قدر زائد ويحتمل أن يكون بغير ذلك ……
قوله فهم به أصحابه أي أراد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذوه بالقول أو الفعل لكن لم يفعلوا أدبا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله فإن لصاحب الحق مقالا أي صولة الطلب وقوة الحجة لكن مع مراعاة الأدب المشروع …..
وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وعظم حلمه وتواضعه وإنصافه وأن من عليه دين لا ينبغي له مجافاة صاحب الحق
وأن من أساء الأدب على الإمام كان عليه التعزير بما يقتضيه الحال إلا أن يعفو صاحب الحق …..
وفيه جواز وفاء ما هو أفضل من المثل المقترض إذا لم تقع شرطية ذلك في العقد فيحرم حينئذ اتفاقا وبه قال الجمهور وعن المالكية تفصيل في الزيادة إن كانت بالعدد منعت وإن كانت بالوصف جازت ..
_______