1624 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——–‘——-‘——-”
——–‘——-‘——-”
——–‘——-‘——-”
الصحيح المسند
1624 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الهَُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أُسَرَائِهِمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ لِخَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا. قَالَتْ: فَلَمَّا رَأَىهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا» فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا.
قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: هذا حديث حسن.
وقال رحمه الله: وقد أخرجه أبوداود (ج7 ص356) وليس عند أبي داود تصريح ابن إسحاق بالسماع، وفيه عند أبي داود زيادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أَخَذَ عَلى أبي العاص أَوْ وَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: «كُونَا بِبَطْنِ يَاجِجَ، حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ، فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَاتِيَا بِهَا».
——————————–
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
*1 – تخريج الحديث:*
أخرجه أبو داود في “سننه” برقم: (2692)، كتاب الجهاد، باب في فداء الأسير بالمال، برقم: (2764)،كتاب الجهاد، باب في أمان المرأة، وأحمد في “مسنده” برقم: (27004)، والطيالسي في “مسنده” برقم: (1499)، وعبد الرزاق في “مصنفه” برقم: (9437) (كتاب الجهاد، باب الجوار وجوار العبد والمرأة)، وسعيد بن منصور في “سننه” برقم: (2611) (كتاب الجهاد، باب المرأة تجير على القوم)، وابن أبي شيبة في “مصنفه” برقم: (34073) (34074) (كتاب السير، في أمان المرأة والمملوك)، والنسائي في “الكبرى” برقم: (8630) (كتاب السير، إعطاء الوليدة الأمان)، وابن الجارود في “المنتقى” برقم: (1168) (باب ما جاء في أخذ الفداء من الأسارى)، والطحاوي في “شرح مشكل الآثار” برقم: (4708) (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله للناس في قلادة ابنته زينب لما رآها في الأموال المجتمعة لفداء الأسرى)، والطبراني في “الكبير” برقم: (1050) (مسند النساء، ذكر سن زينب ووفاتها ومن أخبارها)، والحاكم في “مستدركه” برقم: (4329) (كتاب المغازي والسرايا، ذكر فداء أبي العاص أرسلت به زينب بنت رسول الله)، برقم: (5071) (كتاب معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قصة إسلام أبي العاص ورد زينب إليه بنكاحها الأول)، برقم: (5450) (كتاب معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ذكر فداء العباس يوم بدر)، برقم: (6931) (كتاب معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وفاة زينب) والبيهقي في “سننه الكبير”، برقم: (12972) (كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب ما جاء في مفاداة الرجال منهم بالمال)، برقم: (14172) (كتاب النكاح، باب الزوجين الوثنيين يسلم أحدهما فالجماع ممنوع حتى يسلم المتخلف منهما)، برقم: (16915) (كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ، بَابُ أَمَانِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا)، برقم: (18247) (كتاب السير، باب أمان المرأة)
*2 – الحكم على الحديث:*
* قَالَ الحاكم: “هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه” ووافقه الذهبي المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 25) وقال محققو المسند (43/ 382): ” قلنا: لم يحتج مسلم بمحمد بن إسحاق، إنما أخرج له في المتابعات”.
* قال ابن الملقن: ” رواه أبو داود في «سننه» بإسناد حسن” البدر المنير (9/ 117).
* قال محققو المسند: ” إسناده حسن من أجل ابن إسحاق، وهو محمد، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، فقد روى له البخاري في “القراءة خلف الإمام”، وأصحاب السنن، وهو ثقة، وهو في “سيرة” ابن هشام 1/ 653 عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. مسند أحمد ط الرسالة (43/ 381)
* حسّن الشيخ الألباني هذا الحديث في تحقيق سنن أبي داود 2692.
*ثانياً: دراسة الحديث دراية:*
*1 – شرح الحديث:*
* قال الطيبي رحمه الله: قوله: ((رق لها)) أي تذكر غربتها ووحدتها وتذكر صلى الله عليه وسلم عهد خديجة وصحبتها؛ فإن القلادة كانت لها، فلما زوجتها من أبي العاص أدخلت القلادة مع زينب عليه. وقوله: ((إن رأيتم)) المفعول الثاني ((لرأيتم)) وجواب الشرط محذوفان، أي إن رأيتم الإطلاق والرد حسنا فأطلقوه. ((قض)): ((أخذ عليه)) يريد به العهد بتخليته سبيلها أن يرسلها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزينب هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة، وكانت تحت أبي العاص زوجها منه قبل المبعث، وبطن يأحج من بطون الأودية التي حول الحرم، والبطن المنخفض من الأرض. شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (9/ 2746)
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح هذا الحديث: ” أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن كفار قريش لما أرسلوا بالفداء لأسراهم، وكان ممن أُسِروا أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت في فداء زوجها، وكان الذي أرسلته فيه قلادة كانت لها من أمها خديجة أعطتها إياها لما أدخلت على أبي العاص، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، حيث تذكر زواجها وكون تلك القلادة كانت لأمها خديجة، وكونها حزنت حين أسر زوجها وأرادت خلاصه، فالنبي صلى الله عليه وسلم رق لها وقال: [(إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها)].أي: زوجها الذي هو أبو العاص.
قال: [(وتردوا عليها الذي لها)].أي: الذي دفعته من القلادة وغيرها.
فأجاب إلى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أن يطلقوه من غير فداء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اشترط عليه بأن يفي بالذي طلب منه، وهو أن يرسل زينب إليه إلى المدينة.
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار وقال: [(كونا ببطن يأجج)] وهو موضع قريب من مكة.
قال: [(حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها)].يعني: كونا معها صاحبين لها في الطريق.
وهذا يدل على جواز سفر المرأة من غير محرم إذا كانت برفقة مأمونة إذا كان هناك ضرورة إلى ذلك، وهنا الضرورة موجودة، وذلك لأنها كانت في مكة مع الكفار، وزوجها كان كافراً، وطلب منه أن يرسلها وقد أرسلها، فدل على أنه إذا حصلت ضرورة فالمرأة يمكن أن تسافر مع رفقة أمينة، ولا يتوسع في ذلك فتسافر المرأة من غير محرم بحجة هذا الذي قد حصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم).
وعلى هذا فالذي حصل هو من قبيل أن الضرورات تبيح المحظورات، وسفر النساء بدون محرم هو من الأمور التي جاءت الشريعة بتحريمها والمنع منها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، وكل ذلك صيانة للمرأة من أن تتعرض لما لا تحمد عقباه عليها في عرضها وفي نفسها.
*2 – مشكل الحديث*:
قال الطحاوي: ” فقال قائل: وما كانت الحاجة في هذا إليهم، وإنما المن في ذلك كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إليهم، ألا ترى إلى حديث جبير بن مطعم لما كلم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، فقال ” شيخ: لو كان جاءني يعني أباه المطعم بن عدي لأطلقتهم له ” وقد روينا هذا الحديث فيما تقدم منا في كتابنا هذا وكان جوابنا له في ذلك: إن الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبير إنما كان في الوقت الذي كان للنبي صلى الله عليه وسلم قتلهم، وكان إليه المن عليهم بترك قتلهم، وكان الذي في حديث عائشة، إنما كان بعد أن حقن فداؤهم دماءهم، وعاد ما افتدوا به مالا حكمه حكم الغنيمة التي صارت لمن أوجف عليها ما لهم فيها، فلم يصلح أن يطلق أموالهم منها إلا بما طابت به أنفسهم، وقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ذلك إلى معنى من وجوه الغنيمة بأن يعوض أهلها الذين صرف ذلك إليهم , ما رأى أن يعوضهم من تلك الغنيمة حتى تستقر بكليتها في مواضعها التي يجب أن تستقر فيها، والله الموفق” شرح مشكل الآثار (12/ 137)
——‘——‘——
*قال ابن الهمام -رحمه الله- في فتح القدير:*
وذكر ابن إسحاق أن ممن من عليه المطلب بن حنطب أسره أبو أيوب الأنصاري فخلى سبيله.
وأبو عزة الجمحي كان محتاجًا ذا بنات فكلم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فمن عليه وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحدًا، وامتدح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأبيات ثم قدم مع المشركين في أحد فأسر، فقال: يا رسول الله أقلني، فقال – عليه الصلاة والسلام -: «لا تمسح عارضيك بمكة بعدها، تقول خدعت محمدًا مرتين، ثم أمر بضرب عنقه»
ويكفي ما ثبت في صحيح البخاري – رحمه الله – من قوله – عليه الصلاة والسلام – في أسارى بدر «لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له» والعجب من قول شارح بهذا لا يثبت المن؛ لأن لو لامتناع الشيء لامتناع غيره: يعني فيفيد امتناع المن.
ولا يخفى على من له أدنى بصر بالكلام أن التركيب إخبار بأنه لو كلمه لتركهم وصدقه واجب وهو بأن يكون المن جائزًا فقد أخبر بأنه يطلقهم لو سأله إياهم، والإطلاق على ذلك التقدير لا يثبت منه إلا وهو جائز شرعًا، وكونه لم يقع لعدم وقوع ما علق عليه، لا ينفي جوازه شرعًا وهو المطلوب.
وأجاب المصنف بأنه منسوخ بقوله تعالى {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5] من سورة براءة فإنها تقتضي عدم جواز المن وهي آخر سورة نزلت في هذا الشأن، وقصة بدر كانت سابقةً عليها.
وقد يقال إن ذلك في حق غير الأسارى بدليل جواز الاسترقاق، فيه يعلم أن القتل المأمور حتمًا في حق غيرهم
تنبيه: حديث (لا تمسح عارضيك بمكة بعدها تقول خدعت محمدًا مرتين، ثم أمر بضرب عنقه) ضعفه الألباني في الإرواء 1215