1621 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي والديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——–‘——-‘——-”
——–‘——–‘——”
الصحيح المسند:
1621 – قال الإمام أبو عبدالله بن ماجه رحمه الله: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً، لَرَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا، وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ وَزَنَّى أُمَّهُ».
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.
——————————–
*أولاً: دراسة الحديث رواية:*
*1 – تخريج الحديث:*
أخرجه ابن حبان في “صحيحه” برقم: (5785) (كتاب الحظر والإباحة، ذكر البيان بأن هجاء المرء القبيلة من أعظم الفرية)، وابن ماجه في “سننه” برقم: (3761) (أبواب الأدب، باب ما كره من الشعر)، والبيهقي في “سننه الكبرى” برقم: (21191) (كتاب الشهادات، باب الشاعر يكثر الوقيعة في الناس على الغضب والحرمان)، والطحاوي في “شرح مشكل الآثار” برقم: (9) (10) (باب ما قد روي عن رسول الله عليه السلام في أشد الناس عذابا يوم القيامة،).
*2 – الحكم على الحديث:*
* قال الحافظ ابن حجر: وسنده حسن. فتح الباري (10/ 539)
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 763: ” وهذا في رأيي قصور، بل هو صحيح، فإن رجاله كلهم ثقات أثبات، من رجال الستة … وصححه ابن حبان أيضا رقم (2014) “.
* قال البوصيري: “هَذَا إِسْنَاد صَحِيح رِجَاله ثِقَات وَعبيد الله هُوَ ابْن مُوسَى الْعَبْسِي أَبُو مُحَمَّد وشيبان هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ أَبُو مُعَاوِيَة الْمُؤَدب وَالْأَعْمَش وَهُوَ سُلَيْمَان بن مهْرَان وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد لَطِيفَة أَرْبَعَة من التَّابِعين يروي بَعضهم عَن بعض رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُسْنده هَكَذَا وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْكُبْرَى من طَرِيق مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور عَن الْأَعْمَش فَذكره بِمثلِهِ”. مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (4/ 123)
* قال محققو سنن ابن ماجه: ” إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن موسى العبسي الكوفي، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وأخرجه البخاري في “الأدب المفرد” (874)، وابن حبان (5785)، والبيهقي 10/ 241 من طريق الأعمش، بهذا الإسناد “. سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (4/ 690).
*ثانياً: دراسة الحديث دراية:*
*- غريب الحديث:*
قوله: (فرية) وهي الكَذْبة. (هجا) وقع فيه بالشعر و سبه و عابه و الاسم الهِجَاءُ.
* قال السندي رحمه الله: ” قَوْلُهُ: (وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ) أَيْ: بِأَنْ نَسَبَ نَفْسَهُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ (وَزَنَّى) بِتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّزْنِيَةِ، أَيْ: نَسَبَهَا إِلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ ابْنًا لِلْغَيْرِ لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ”. حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/ 411)
*- شرح الحديث*:
* قال المناوي رحمه الله: ” (أعظم الناس فرية) بالكسر أي كذبا (اثنان) أحدهما (شاعر يهجو) من الهجو (القبيلة) المسلمة (بأسرها) أي كلها لإنسان واحد منهم كان ما يقتضيه لأن القبيلة لا تخلو من عبد صالح فهاجي الكل قد تورط في الكذب على التحقيق فلذلك قال أعظم فرية (و) الثاني (رجل انتفى من أبيه) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الولد ولو أنثى وأراد بالأب من ولادة وإن علا ويظهر أن مثله الأم إذ لا فارق ويؤخذ منه أن ذلك كبيرة وبه صرحوا أما من هجا واحدا من قبيلة فإنه ليس أعظم الناس فرية وإن كان مفتريا أيضا إذ يحرم هجو المسلم ولو تعريضا وكذبا وصدقا أما الكافر فيجوز هجوه وكذا مسلم مبتدع ومتظاهر بفسقه ذكره أصحابنا ثم إن ما ذكر من سياق الحديث هو ما رأيته في نسخ الكتاب والذي وقفت عليه في سنن ابن ماجه اعظم الناس فرية رجل هاجى رجلا فهجى القبيلة بأسرها ورجل انتفى من أبيه وزنى أمه أي جعلها زانية”. فيض القدير (2/ 7).
*في التنوير شرح الجامع الصغير للأمير الصنعاني -رحمه الله-:*
لأن الشتم بالشعر يستحليه اللسان ويرويه كل إنسان ويبقي على مر الأزمان
بوب ابن ماجه على الحديث: باب ما يكره من الشعر.
وأخرج البخاري:5825 عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا
و 5826 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا
وبوب البخاري للحديثين بـ: باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن. ا. ه
وقال أهل العلم: لا بأس برواية الشعر الذي ليس فيه هجاء ولا نكت عرض أحد من المسلمين ولا فحش، روي ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس وعمرو بن العاص وعبد الله ابن الزبير، ومعاوية وعمران بن الحصين والأسود بن سريع وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
(ورجل انتفى من أبيه)
وذلك لأنه كذب أولاً ثم ترتب عليه قبائح عديدة لا تنحصر من خلط النسب وعقوق الأب وقطيعة الرحم
*في كتاب المناقب، من صحيح البخاري -رحمه الله-:*
# أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ – وَهُوَ يَعْلَمُهُ – إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ، فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
*قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرح الحديث (باختصار):*
وقوله (ليس من رجل) من زائدة والتعبير بالرجل للغالب وإلا فالمرأة كذلك حكمها.
قوله (ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله) كذا وقع هنا كفر بالله ولم يقع قوله بالله في غير رواية أبي ذر ولا في رواية مسلم ولا الإسماعيلي وهو أولى وإن ثبت ذاك فالمراد من استحل ذلك مع علمه بالتحريم وعلى الرواية المشهورة: فالمراد كفر النعمة وظاهر اللفظ غير مراد وإنما ورد على سبيل التغليظ والزجر لفاعل ذلك أو المراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلا شبيها بفعل أهل الكفر
وقد تقدم تقرير هذه المسألة في كتاب الإيمان …..
وقوله (فليتبوأ) أي ليتخذ منزلا من النار وهو إما دعاء أو خبر بلفظ الأمر ومعناه هذا جزاؤه إن جوزي وقد يعفى عنه وقد يتوب فيسقط عنه وقد تقدم تقرير ذلك في كتاب الإيمان في حديث (من كذب علي)
وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتا ونفيا؛ لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له، وفيه جواز إطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر كما قررناه ….
*قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في شرح رياض الصالحين:*
فهذه الأحاديث الصحيحة كلها تتعلق بتحريم الانتساب إلى غير الأب، وأن الواجب على كل مسلم أن ينتسب إلى أبيه وإلى جماعته وألا يترك ذلك لا احتقارًا ولا لغير ذلك من المقاصد، بل يجب أن يكون انتسابه إلى أبيه وجماعته، وليس له أن ينتسب إلى زيد أو عمرو من أجل دنيا أو مكاسب أخرى، ولهذا توعد في ذلك في الأحاديث الصحيحة: من ادعا إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وهذا وعيد شديد، وفي اللفظ الآخر فالجنة عليه حرام، وفي لفظ إنه كفر
وهذا يدل على شدة الوعيد وأن الواجب الحذر، والمعنى أنه كفر أصغر، وهو فيه الوعيد الشديد، وإذا استحل ذلك صار كفرًا أكبر، نسأل الله العافية.
بعض الناس ينتسب إلى عمه أو إلى زيد لأجل الجنسية ….
*- مشكل الحديث*:
* قال الطحاوي في “مشكله”: روى أبو وائل عن عبد الله أنه – عليه السلام – قال: “إن أشد الناس عذابا يوم القيامة: رجل قتل نبيا، أو قتله نبي، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين”.
قال: فوقفنا بهذا الحديث على أنه لا مثل لأهل هذه الأصناف الثلاثة في شدة العذاب من أحد من الناس سواهم، غير أنه قد روي في حديث عائشة ما يعارضه قالت: دخل علي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنا مستترة بقرام فيه صور فهتكه، ثم قال: “إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله” إلا أن الصحيح في الحديث رواية من روى فيه أنه – عليه السلام – قال: “من أشد الناس عذابا .. ” الحديث؛ لأن التعارض ينفى على هذه الرواية، إذ كان المشبه بخلق الله هو الممثل بخلق الله واحد الأصناف الثلاثة الأول، وروي أيضا من حديث عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل هجا رجلا فهجا القبيلة بأسرها”، وقد يعارض الحديث الأول، إلا أنه غير صحيح، والصحيح فيه رواية من روى “أعظم الناس فرية يوم القيامة الرجل يهجو القبيلة بأسرها”، وهو على هذا لا خلاف فيه للأول، فيحتمل أن يكون من رواه على غير هذا من رواته قد قصر في الحفظ”. مشكل الآثار” 1/ 10 – 13.