162 و 163 عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
16 – باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها
162 – الثَّالِثُ: عَنْ أَبِي هريرةَ رضي اللَّه عنه أَن رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: “كُلُّ أُمَّتِي يدْخُلُونَ الْجنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبِي”. قِيلَ وَمَنْ يَأَبى يَا رَسُول اللَّه؟ قالَ:”منْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجنَّةَ، ومنْ عصَانِي فَقَدْ أَبِي” رواه البخاري.
قوله: (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى) قال ابن حجر – رحمه الله -:” بفتح الموحدة أي امتنع وظاهره أن العموم مستمر؛ لأن كلا منهم لا يمتنع من دخول الجنة؛ ولذلك قالوا: ومن يأبى، فبين لهم أن إسناد الامتناع إليهم عن الدخول مجاز عن الامتناع عن سنته وهو عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم،” (فتح الباري)
قال فصل آل مبارك:” في هذا الحديث: أعظم بشارة للطائعين من هذه الأمة، وأن كُلّهم يدخلون الجنة إلا من عصى الله ورسوله واتَّبع شهواته وهواه، قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى} [النازعات: 37 – 41].” (تطريز رياض الصالحين)
قال ابن باز – رحمه الله –:” قال تعالى: ((فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى (41)
فمن تابع الهدى واستقام على الطريق فمصيره الجنة والكرامة في جوار الله سبحانه ومن أبى إلا متابعة الهوى وإيثار الدنيا فالمصير إلى الجحيم ” (شرح رياض الصالحين)
فيه التحذير من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم وأن ذلك يمنع من دخول الجنة وفيه حث على اتباع السنة وأن ذلك سبب لدخول الجنة.
163الرَّابعُ: عن أَبِي مسلمٍ، وقيلَ: أَبِي إِيَاسٍ سلَمةَ بْنِ عَمْرو بنِ الأَكْوَعِ رضي اللَّه عنه، أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِشِمَالِهِ فقالَ: “كُلْ بِيمِينكَ”قَالَ: لا أَسْتَطِيعُ قالَ:”لا استطعَت” مَا منعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ فَمَا رَفعَها إِلَى فِيهِ، رواه مسلم.
قال النووي:” هذا الرجل هو ” بسر ” بضم الباء وبالسين المهملة، ابن راعي العير، بفتح العين وبالمثناة، الأشجعي، كذا ذكر ابن منده وأبو نعيم الأصبهاني، وابن ماكولا وآخرون وهو صحابي مشهور عدَّه هؤلاء وغيرهم في الصحابة رضي الله عنهم، وأما قول القاضي عياض رضي الله عنه: إن قوله: ” ما منعه إلا الكبر ” يدل على أنه كان منافقا، فليس بصحيح؛ فإن مجرد الكبر والمخالفة لا يقتضي النفاق والكفر، لكنه معصية إن كان الأمر أمر إيجاب “. (شرح مسلم)
قال ابن حجر معقبا” واستدل عياض في شرح مسلم على أنه كان منافقا، وزيّفه النووي في شرحه متمسكا بأن ابن مندة وأبا نعيم وابن ماكولا وغيرهم ذكروه في الصّحابة.
وفي هذا الاستدلال نظر، لأن كل من ذكره لم يذكر له مستندا إلا هذا الحديث، فالاحتمال قائم، ويمكن الجمع أنه كان في تلك الحالة لم يسلم ثم أسلم بعد ذلك. ” (الإصابة)
قوله (لا استطعت) قال القرطبي رحمه الله: هذا دعاء منه -صلى الله عليه وسلم- عليه؛ لأنه لم يكن له في ترك الأكل باليمين عذر، وإنما قصد المخالفة، وكأنه كان منافقا، والله تعالى أعلم، ولذلك قال الراوي: وما منعه إلا الكبر، وقد أجاب الله تعالى دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الرجل، حتى شلت يمينه، فلم يرفعها لفيه بعد ذلك اليوم. انتهى (المفهم)
قال ابن باز:” (ما منعه إلا الكبر فما رفعه إلى فيه) تكبر أن يأكل بيمينه وزعم أنه لا يستطيع كذبا وإنما حمله الكبر فلهذا دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يستطيع فأجاب الله الدعوة في الحال فشلت يمينه حتى لم يرفعها بعد ذلك” (شرح رياض الصالحين)
قال النووي:” وفي هذا الحديث جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الأكل ” (شرح مسلم)
قال ابن باز:” قد تعجل العقوبات وقد تؤخر … فالبغي والظلم والتكبر من أسباب تعجيل العقوبات وقد يؤخر الله العقوبة إلى يوم القيامة كما قال تعالى: ((وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)) (شرح رياض الصالحين)
قال ابن عثيمين:” الأكل بالشمال والشرب بالشمال محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله». فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال، وعلل هذا النهي بأنه من فعل الشيطان، وهذا يؤكد اجتناب الأكل بالشمال والشرب بالشمال وما أدري لأخي المسلم إذا خيّر بين أن يكون متبعاً للشيطان في خطواته في أكله وشربه، متشبهاً به في أكله وشربه، أو متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وإرشاده لا أدري، إذا خيّر بين ذلك أيهما يختار؟ …. ” (نور على الدرب)