1612 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبد الله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——-‘——–‘
——–‘——-‘
الصحيح المسند
1612 – قال الإمام عبدالرزاق رحمه الله: عن معمر عن الزهري عن عروةعن عائشة قالت جاءت فاطمة ابنة عتبة بن ربيعة تبايع النبي صلى الله عليه و سلم فأخذ عليها ألا تشرك بالله شيئا الآية قالت فوضعت يدها على رأسها حياء فأعجب رسول الله صلى الله عليه و سلم ما رأى منها قالت عائشة أقري أيتها المرأة فوالله ما بايعنا إلا على هذا قالت فنعم إذا فبايعها على الآية.
هذا حديث صحيح.
………………………
قال في طرح التثريب: فيه فوائد: (الأولى) هكذا وقعت هذه الرواية في مسند الإمام أحمد على الشك في راويها عن عروة هل هو الزهري أو غيره، ومع ذلك فلا يحكم لها بالصحة للجهل براويها وما كان ينبغي للشيخ – رحمه الله – أن يذكرها مع الأسانيد الصحيحة مع أنه ليس فيها ما يدل على تبويبه وليست في شيء من الكتب الستة، ولم تشتهر هذه القصة عن فاطمة هذه وإنما اشتهر شيء من ذلك عن أختها هند بنت عتبة بن ربيعة زوج أبي سفيان بن حرب فذكر ابن عبد البر في الاستيعاب
«في ترجمة هند أنه – عليه الصلاة والسلام – لما تلا عليها الآية ولا يسرقن ولا يزنين، قالت: وهل تزني الحرة أو تسرق يا رسول الله فلما قال: ولا يقتلن أولادهن قالت قد ربيناهم صغارا وقتلتهم أنت ببدر كبارا» أو نحو هذا من القول. انتهى.
وفي كتب المفسرين أنه – عليه الصلاة والسلام – «لما فتح مكة جلس على الصفا وبايع النساء فتلا عليهن الآية فجاءت هند امرأة أبي سفيان متنكرة فلما سمعت ولا يسرقن قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح وقد أصبت من ماله فما أدري يحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فهو لك حلال، ولما سمعت ولا يزنين قالت: أوتزني الحرة؟ فقال عمر: لو كانت قلوب نساء العرب على قلب هند ما زنت منهن امرأة قط، ولما سمعت ولا يقتلن أولادهن قالت: ربيناهم صغارا فقتلتموهم كبارا فلما سمعت ولا يعصينك في معروف قالت: والله ما جلسنا مجلسنا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء».
(الثانية) لم يذكر في هذه الرواية قوله تعالى {ولا يسرقن} [الممتحنة: 12]؛ لأنه إنما تعلق غرضه بقوله ولا يزنين ليذكر ما فعلته عند تلاوتها.
(الثالثة) قول عائشة أقري من الإقرار وقولها فوالله ما بايعنا إلا على هذا فرويناه بإسكان العين على إسناد ذلك لعائشة وفي كلامها هذا ما يدل على أن المبايعة كانت عامة لجميع المؤمنات وأنه لم يخص بها المهاجرات في زمن الهدنة امتحانا لإيمانهن.
(الرابعة) إن قلت: لم يورد الشيخ – رحمه الله – لقوله في التبويب وتحريم المؤمنة على الكافر ما يدل عليه.
(قلت) كأن ذلك فهم مما علم من آية الامتحان وأن سببها مهاجرة مؤمنات في الهدنة وأنه
كان مقتضى الصلح ردهن فنزل نقض الصلح في النساء بقوله تعالى {فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} [الممتحنة: 10] فقد فهم ذلك من قصة ذكرها والله أعلم. انتهى من طرح التثريب
قال ابن كثير في تفسيره: روى البخاري عن عروة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال عروة: قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد بايعتك”، كلامًا، ولا والله ما مست يده يد امرأة قَطّ في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: “قد بايعتك على ذلك”
وعن أميمة بنت رُقَيقة قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساء لنبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن: {أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} الآية، وقال: “فيما استطعتن وأطقتن”، قلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، قلنا: يا رسول الله، ألا تصافحنا؟ قال “إني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة”. رواه أحمد والترمذي النسائي ابن ماجه وصححه ابن كثير والترمذي
وقد روي ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب فقال: ” قل لهن: إن رسول الله يبايعكن على ألا تشركن بالله شيئًا” -وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة مُنَكرة في النساء-فقالت: “إني إن أتكلم يعرفني، وإن عرفني قتلني”. وإنما تنكرت فرقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكت النسوة اللاتي مع هند، وأبين أن يتكلمن. فقالت هند وهي مُنَكَّرة: كيف تقبل من النساء شيئًا لم تقبله من الرجال؟ ففطن إليها رسول الله وقال لعمر: “قل لهن: ولا تسرقن”. قالت هند: والله إني لأصيب من أبي سفيان الهَنَات، ما أدري أيحلهن لي أم لا؟ قال أبو سفيان: ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي، فهو لك حلال. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها، فدعاها فأخذت بيده، فعاذت (8) به، فقال: “أنت هند؟ “. قالت: عفا الله عما سلف. فصرف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “ولا يزنين”، فقالت: يا رسول الله، وهل تزني الحرة؟ قال: “لا والله ما تزني الحرة”. فقال: “ولا يقتلن أولادهن”. قالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر، فأنت وهم أبصر. قال: {وَلا يَاتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} قال {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قال: منعهن أن ينحن، وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه، ويقطعن الشعور، ويدعون بالثبور. والثبور: الويل.
وهذا أثر غريب، وفي بعضه نكارة، والله أعلم؛ فإن أبا سفيان وامرأته لما أسلما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيفهما، بل أظهر الصفاء والود له، وكذلك كان الأمر من جانبه، عليه السلام، لهما.
وقوله {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ} وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعم قتله وهو جنين، كما قد يفعله بعض الجهلة من النساء، تطرح نفسها لئلا تحبل إما لغرض فاسد أو ما أشبهه.
وقوله: {وَلا يَاتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} قال ابن عباس: يعني لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم.
وقوله: {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} يعني: فيما أمرتهن به من معروف، ونهيتهن عنه من منكر.