161 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند:
161_ قال الإمام أحمد رحمه الله ج5ص354:حد ثنا زيد حدثني حسين حدثني عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول صلى الله عليه وسلم في الإنسان ستون وثلاث مائة مفصل فعليه ان يتصدق عن كل مفصل منها صدقة قالوا فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله قال النخاعة في المسجد تدفنها أو الشيء تنحيه عن الطريق فان لم تقدر فركعتا الضحى تجزئ عنك.
……………………
وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد: روايته عن ابن بريدة متكلم فيها
أخرج نحوه مسلم في صحيحه 720 من حديث أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»
ومن حديث أبي هريرة في البخاري 2560 ومسلم 1009 ولفظه : «كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس» قال: «تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة» قال: «والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة»
راجع الصحيحة للألباني برقم (575) (576) (577) .
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم ( الحديث السادس والعشرون ) : وقد ذكر علماء الطبِّ أنَّ جميعَ عظام البدن مئتان وثمانية وأربعون عظماً سوى السمسمانيات ، وبعضهم يقول : هي ثلاث مئة وستون عظماً ، يظهر منها للحسِّ مئتان وخمسة وستون عظماً ، والباقية صغارٌ لا تظهر تُسمى السمسمانية ، وهذه الأحاديث تُصدق هذا القول ، ولعلَّ السُّلامى عبر بها عن هذه العظام الصغار ، كما أنَّها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام … ومعنى الحديث : أنَّ تركيب هذه العظام وسلامتها مِن أعظم نِعَمِ الله على عبده ، فيحتاج كلُّ عظم منها إلى صدقة يتصدق ابنُ آدم عنه ، ليكونَ ذلك شكراً لهذه النعمة . قال الله – عز وجل – : { يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ } ، وقال – عز وجل – : { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ } ، وقال
: { وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، وقال : { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } ، قال مجاهد : هذه نِعَمٌ من الله متظاهرةٌ يقرِّرُكَ بها كيما تَشكُر .
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الأربعين : والطب الحديث يوافق هذا – سبحان الله – مما يدل على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حق .
قال النووي في شرح مسلم : قوله صلى الله عليه وسلم على كل سلامى من أحدكم صدقة هو بضم السين وتخفيف اللام وأصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله .
قال الحافظ : له على كل مسلم صدقة أي على سبيل الاستحباب المتأكد أو على ما هو أعم من ذلك والعبارة صالحة للإيجاب والاستحباب كقوله عليه الصلاة والسلام على المسلم ست خصال فذكر منها ما هو مستحب اتفاقا .
قال الزين بن المنير : إنما يحصل ذلك للممسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة بخلاف محض الترك والإمساك أعم من أن يكون عن غيره فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه فإن كان شره لا يتعدى نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم قال وليس ما تضمنه الخبر من قوله فإن لم يجد ترتيبا وإنما هو للإيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة فإنه يمكنه خصلة أخرى فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق وأن يغيث الملهوف وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويمسك عن الشر فليفعل الجميع ومقصود هذا الباب أن أعمال الخير تنزل منزلة الصدقات في الأجر ولا سيما في حق من لا يقدر عليها ويفهم منه أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة ومحصل ما ذكر في حديث الباب أنه لا بد من الشفقة على خلق الله وهي إما بالمال أو غيره والمال إما حاصل أو مكتسب وغير المال إما فعل وهو الإغاثة وإما ترك وهو الإمساك انتهى الفتح3/308
قال الحافظ : قوله كل سلامى بضم المهملة وتخفيف اللام أي أنملة وقيل كل عظم مجوف صغير وقيل هو في الأصل عظم يكون في فرسن البعير واحده وجمعه سواء وقيل جمعه سلاميات وقوله كل يوم عليه صدقة بنصب كل على الظرفية وقوله عليه مشكل قال بن مالك المعهود في كل إذا أضيفت إلى نكرة من خبر وتمييز وغيرهما أن تجيء على وفق المضاف كقوله تعالى كل نفس ذائقة الموت وهنا جاء على وفق كل في قوله كل سلامى عليه صدقة وكان القياس أن يقول عليها صدقة لأن السلامى مؤنثة لكن دل مجيئها في هذا الحديث على الجواز ويحتمل أن يكون ضمن السلامى معنى العظم أو المفصل فأعاد الضمير عليه كذلك والمعنى على كل مسلم مكلف بعدد كل مفصل من عظامه صدقة لله تعالى على سبيل الشكر له بأن جعل عظامه مفاصل يتمكن بها من القبض والبسط وخصت بالذكر لمافي التصرف بها من دقائق الصنائع التي اختص بها الآدمي . اهـ الفتح 6/132
قال الحافظ في الفتح 4/64 : وأشار بالصلاة إلى ما وقع في آخر حديث أبي ذرّ – رضي اللَّه عنه – عند مسلم: “وُيجزىء عن ذلك كلّه ركعتا الضّحى”. وهو يؤيّد ما قدّمناه أن هذه الصدقة لا يكمّل منها ما يختلّ من الفرض؛ لأن الزكاة لا تكمّل بالصلاة، ولا العكس، فدلّ على افتراق الصدقتين.
واستشكل الحديث مع تقدّم ذكر الأمر بالمعروف، وهو من فروض الكفاية، فكيف تجزئ عنه صلاة الضّحى، وهي من التطوّعات؟.
وأجيب يحمل الأمر هنا على ما إذا حصل من غيره، فسقط به الفرض، وكان في كلامه هو زيادة في تأكيد ذلك، فلو تركه أجزأت عنه صلاة الضّحى. قال الحافظ: كذا قيل. وفيه نظرٌ، والذي يظهر أن المراد أن صلاة الضحى تقوم مقام الثلاثمائة وستّين حسنةً التي يُستحبّ للمرء أن يسعى في تحصيلها كلّ يوم؛ لِيُعتق مفاصله التي هي بعددها، لا أن المراد أن صلاة الضحى تغني عن الأمر بالمعروف، وما ذُكر معه، وإنما كان كذلك؛ لأن الصلاة عملٌ بجميع الجسد، فتتحرّك المفاصل كلّها فيها بالعبادة.
ويحتمل أن يكون ذلك لكون الركعتين تشتملان على ثلاثمائة وستين ما بين قول وفعل، إذا جعلت كلّ حرف من القراءة مثلًا صدقةً، وكأنّ صلاة الضحى خُصّت بالذكر؛ لكونها أوّل تطوّعات النهار بعد الفرض، وراتبته. وقد أشار في حديث أبي ذرّ – رضي اللَّه عنه – إلى أن صدقة السّلامَى نهاريّة؛ لقوله: “يصبح على كلّ سُلامَى من أحدكم”. وفي حديث أبي هريرة – رضي اللَّه عنه -: “كلّ يوم تطلع فيه الشمس”. وفي حديث عائشة – رضي اللَّه عنها -: “فيمسي، وقد زحزح نفسه عن النار”. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- .
قال الاثيوبي في ذخيرة العقبى : وهو بحث نفيس جدا .
قال ابن عثيمين :
إذاً معنى الحديث الحث على معونة إخوانك المسلمين حتى في غير المثال الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كان أخوك أحوج إلى معونتك كانت المعونة أفضل، وكلما كانت المعونة أنفع لأخيك كانت أفضل./ شرح الأربعين