1600 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
‘———-”———-”———-”
الصحيح المسند 1600
عن سالم بن عمر أن عبد الله يعني ابن عمر كان يصنع ذلك، يعني يقطع الخفين للمرأة المحرمة، ثم حدثته صفية بنت أبي أبي عبيد أن عائشة رضي الله عنها حدثتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين، فترك ذلك.
——”’——–“‘———
روى البخاري (1543)، ومسلم (1177) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ” أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟
فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ).
فهذا الحديث صريح في نهي المحرم عن لبس الخف، ويقاس عليه كل ما في معناه مما يستر كامل القدم.
قال النووي: ” لُبْسَ الْخُفِّ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْخُفُّ صَحِيحًا أَوْ مُخَرَّقًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ” انتهى من ” المجموع شرح المهذب ” (7/ 258).
فقال صلى الله عليه وسلم (وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَنَعْلَيْنِ) رواه أحمد في “مسنده” (8/ 500)، وصححه ابن خزيمة (2601).
قال ابن قدامة رحمه الله: ” فَأَمَّا النَّعْلُ، فَيُبَاحُ لُبْسُهَا كَيْفَمَا كَانَتْ، وَلَا يَجِبُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ إبَاحَتَهَا وَرَدَتْ مُطْلَقًا ” انتهى من “المغني” (5/ 123).
وقال الجويني: ” أما النعل، فملبوسُ المحرمِ، وإن كان يحتوي شِراكه على ظهر القدم، فلا منعَ فيما يسمى نعلاً، وإن عَرُض الشِّسع والشراك، وقد تمس الحاجة إلى تعريضه في السير المتمادي” انتهى من ” نهاية المطلب في دراية المذهب” (4/ 251).
وفي ” تحفة المحتاج” (4/ 162): ” وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ: التَّاسُومَةُ، وَمِثْلُهَا: قَبْقَابٌ لَمْ يَسْتُرْ سَيْرُهُ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ ” انتهى.
قال في ” مطالب أولي النهى” (2/ 329): ” وَتُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ نَعْلٌ، وَهِيَ الْحِذَاءُ، وَتُطْلَقُ عَلَى التَّاسُومَةِ، وَلَوْ كَانَتْ النَّعْلُ بِعَقِبٍ وَقِيدٍ، وَهُو َ: السَّيْرُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى الزِّمَامِ؛ لِلْعُمُومَاتِ “. انتهى بتصرف يسير.
والمقصود أنه لا يضر ما يوجد على النعل من رباط يساعد على تماسكه في القدم، سواء كان من ناحية العقب أو الأصابع.
ومذهب جمهور العلماء أنه يحرم لبس كل ما يستر القدم، ولو لم يستر الكعبين، سواء ستر جميع الأصابع في الأمام، أو ستر كامل العقبين، أو ستر ظهر القدم.
قال في ” منح الجليل شرح مختصر خليل ” (2/ 260): ” فَلَا يُلْبَسُ مِنْ النِّعَالُ غَيْرُ مَا لَهُ شِرَاكَانِ يُرْبَطُ بِهِمَا عَلَى الْقَدَمِ لِتَاتِي الْمَشْيَ خَاصَّةً، فَلَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ سِبَاطٍ، وَلَا مِزْت، وَلَا شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النِّعَالِ الصَّحْرَاوِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَهَا فِي عَاقِبِهَا حَارِكًا، وَلِاتِّسَاعِ شِرَاكِهَا فَتَسْتُرُ كَثِيرًا مِنْ الْقَدَمِ ” انتهى.
وقال أبو إسحاق الشيرازي: ” فان لبس الخف مقطوعاً من أسفل الكعب مع وجود النعل: لم يجز على المنصوص، وتجب عليه الفدية … ؛ لأنه ملبوس على قدر العضو، فأشبه الخف ” انتهى من ” المهذب في فقة الإمام الشافعي” (1/ 381).
قال النووي: ” وَأَمَّا لُبْسُ الْمَدَاسِ وَالْجُمْجمِ وَالْخُفِّ الْمَقْطُوعِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، فَهَلْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ، فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ، الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِهِمْ: تَحْرِيمُهُ، … وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ؟ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ) “.
انتهى من ” المجموع شرح المهذب ” (7/ 258).
وقال الماوردي: ” لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لُبْسَهُمَا مَقْطُوعَيْنِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلنَّعْلَيْنِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ لَمْ تُوجَدِ الْإِبَاحَةُ ” انتهى من “الحاوي الكبير” (4/ 97).
وقال ابن قدامة: ” فَإِنْ لَبِسَ الْمَقْطُوعَ، مَعَ وُجُودِ النَّعْلِ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَلَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ … لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَطَ فِي إبَاحَةِ لُبْسِهِمَا عَدَمَ النَّعْلَيْنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِمَا، وَلِأَنَّهُ مَخِيطٌ لِعُضْوٍ عَلَى قَدْرِهِ، فَوَجَبَتْ عَلَى الْمُحْرِمِ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ، كَالْقُفَّازَيْنِ ” انتهى من “المغني” (5/ 122).
واختار هذا القول الشيخ ابن عثمين فقال: ” الجزمات تحت الكعبين بعض العلماء يقول: لا بأس بها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين) قال: لأنهما لو قطعا من أسفل الكعبين، صارا بمنزلة النعلين.
ولكن ظاهر السنة العموم (ولا الخفين)، فالصواب أنه حرام، وأنه لا يجوز للمحرم أن يلبس كنادر ولو كانت تحت الكعب” انتهى من “مجموع الفتاوى” (22/ 136).
وقال بعض المشايخ: ” لا يجوز للمحرم أن يلبس حذاءً يغطي قدمه، أو أغلب قدمه، بل يلبس الحذاء الذي لا يغطي أغلب القدم، وإذا كان الحذاء يغطي جزءاً من القدم، فإنه ينبغي أن تكون أصابعه مكشوفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وليقطعهما أسفل من الكعبين)، وبناءً على ذلك تكون الأصابع مكشوفة، وعلى هذا فلو كان الحذاء يغطي رءوس أصابع القدمين فإنه لا يجوز لبسه، كالبلغة التي تكون مستورةً أول القدم، فهذه لا تُلبس”.
انتهى من ” شرح زاد المستقنع” (135/ 5، بترقيم الشاملة آليا).
وذهب الحنفية إلى جواز لبس ما يستر القدم بشرط أن لا يكون ساتراً للكعبين، فلو لبس حذاء يستر مقدم القدم وعقبها وظهرها: لا بأس بذلك ما دام لم يستر الكعبين.
واحتجوا: بأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد من لم يجد النعلين إلى أن يلبس الخفين ويقطعهما ليكونا أسفل من الكعبين: مما يفيد أنه بعد القطع انتقل من الصورة المحرمة للصورة المباحة، فدل على إباحة لبس ما دون الكعبين.
قال الكاساني: ” وَرَخَّصَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرُونَ لُبْسَ الصَّنْدَلَةِ، قِيَاسًا عَلَى الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ ” انتهى من ” بدائع الصنائع ” (2/ 184).
وقال السرخسي: ” وَعَلَى هَذَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا: لَا بَاسَ لِلْمُحْرِمِ بِأَنْ يَلْبَسَ الْمِشَكَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّعْلَيْنِ” انتهى من “المبسوط” (4/ 127).
وفي “الموسوعة الفقهية” (2/ 154): ” أَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِالْخُفَّيْنِ: كُل مَا سَتَرَ شَيْئًا مِنَ الْقَدَمَيْنِ سَتْرَ إِحَاطَةٍ، فَلَمْ يُجِيزُوا لُبْسَ الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ أَسْفَل مِنَ الْكَعْبَيْنِ إِلاَّ عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ. وَلَوْ وَجَدَ النَّعْلَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُمَا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ خَلْعُهُمَا إِنْ كَانَ قَدْ لَبِسَهُمَا، وَإِنْ لَبِسَهُمَا لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ لَمْ يَاثَمْ وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: كُل مَا كَانَ غَيْرَ سَاتِرٍ لِلْكَعْبَيْنِ، اللَّذَيْنِ فِي ظَاهِرِ الْقَدَمَيْنِ، فَهُوَ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ” انتهى.
واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية.
فقال: ” الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ مَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ: مِثْلَ الْخُفِّ الْمُكَعَّبِ، وَالْجُمْجُمِ، وَالْمَدَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ وَاجِدًا لِلنَّعْلَيْنِ أَوْ فَاقِدًا لَهُمَا “.
انتهى من ” مجموع الفتاوى” (26/ 110).
وقال عن حديث (فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ): ” دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْطُوعَ كَالنَّعْلَيْنِ: يَجُوزُ لُبْسُهُمَا مُطْلَقًا، وَلُبْسُ مَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ جُمْجُمٍ وَمَدَاسٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَوَجْهٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي جَدِّي أَبُو الْبَرَكَاتِ – رَحِمَهُ اللَّهُ – فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَمَّا حَجَّ …
وَإِنَّمَا قَالَ (لِمَنْ لَمْ يَجِدْ)؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ وُجُودِ النَّعْلِ إفْسَادٌ لِلْخُفِّ، وَإِفْسَادُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَدِمَ الْخُفَّ، فَلِهَذَا جَعَلَ بَدَلًا فِي هَذِهِ الْحَالِ لِأَجْلِ فَسَادِ الْمَالِ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى” (1/ 327).
وقال: ” فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: (فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ الْكَعْبَيْنِ) بَيَانٌ لِمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ الْخُفِّ الْمَمْنُوعِ، وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ النَّعْلِ الْمُبَاحِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ لُبْسِهِمَا مَقْطُوعَيْنِ وَصَحِيحَيْنِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَ لِمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ إِنَّهُ رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي لُبْسِ الْخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ لِلْعَادِمِ، فَبَقِيَ الْمَقْطُوعُ، كَالسَّرَاوِيلِ الْمَفْتُوقِ: يَجُوزُ لُبْسُهُ بِكُلِّ حَالٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَى الْمُحْرِمَ عَنِ الْخُفِّ، كَمَا رَخَّصَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، وَالْمَقْطُوعُ وَمَا أَشْبَهَ مِنَ الْجُمْجُمِ، وَالْحِذَاءِ وَنَحْوُهُمَا: لَيْسَ بِخُفٍّ، وَلَا فِي مَعْنَى الْخُفِّ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمَنْعِ، كَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَسْحِ، لَا سِيَّمَا وَنَهْيُهُ عَنِ الْخُفِّ: إِذْنٌ فِيمَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ، فَقَالَ: (لَا يَلْبَسُ كَذَا .. )، فَحَصَرَ الْمُحرَّمَ، فَمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فَهُوَ مُبَاحٌ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْقَدَمَ عُضْوٌ يَحْتَاجُ إِلَى لُبْسٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَاحَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُمْ فِيمَا يُشْبِهُهُ مِنَ الْجُمْجُمِ وَالْمَدَاسِ وَنَحْوِهِمَا ” انتهى من ” شرح عمدة الفقه” (3/ 46).
واختاره أيضاً الشخ ابن باز رحمه الله تعالى، فقال: ” الذي يلبس كنادر تحت الكعبين: لا حرج فيها؛ لأنها من جنس النعال في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للذي لم يجد النعلين: (يلبس الخفين ويقطعهما أسفل من الكعبين).
فدل ذلك على أن المقطوعين من جنس النعال، وقد صحح كثير من أهل العلم جواز لبس الخفين من دون قطع عند فقد النعلين.
فالحاصل: أن المقطوع هو الشيء الذي صنع تحت الكعب هذا لا بأس به، فإذا كانت الكنادر تحت الكعبين لا تستر على الكعبين فحكمهما حكم النعال، ولا حرج في ذلك “.
انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” (17/ 275).
وقال: ” ويجوز للمحرم لبس الخفاف التي ساقها دون الكعبين، لكونها من جنس النعلين ” انتهى من ” التحقيق والإيضاح” (ص: 34).
وهذا القول الذي ذهب إليه الحنفية واختاره شيخ الإسلام وغيره من العلماء، وإن كان قوياً من حيث الدليل والنظر، إلا أن الأحوط للمسلم ولعبادته: ألا يفعله، خاصة مع توافر النعال وكثرتها، إلا إذا وجدت الحاجة لذلك، كأن يكون ممن يتأذى بلبس النعل، أو لا يستطيع المشي به بسهولة.
—-
*قال العباد حفظه الله في شرح السنن:*
أورد أبو داود هذا الأثر عن ابن عمر أنه كان يقطع الخفين للمرأة المحرمة، فلما حدثته صفية بنت أبي عبيد -وهي زوجته- أن عائشة -وهي أم المؤمنين- رضي الله عنها حدثتها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين ترك ذلك).
أي: رخص لهن أن يلبسن الخفاف من دون قطع، فترك ذلك الذي كان يأمرهن به، فلعل ابن عمر اجتهد أولاً وقاس النساء على الرجال، ولما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص ذلك للنساء، ترك الأمر بالقطع.
____
*قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار:*
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ذلك وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران، أو الورس …..
*وقال رحمه الله في موضع آخر (شارحا الحديث الذي معنا):*
قوله: (كان يقطع الخفين للمرأة) لعموم حديث ابن عمر المتقدم فإن ظاهره شمول الرجل والمرأة لولا هذا الحديث والإجماع المتقدم.
قوله: (فترك ذلك) يعني: رجع عن فتواه وفيه دليل على أنه يجوز للمرأة أن تلبس الخفين بغير قطع.
______
*وفي كتاب “طرح التثريب في شرح التقريب” للحافظ العراقي وأكمله ابنه رحمهما الله:*
(الثانية والعشرون) هذا الحكم خاص بالرجل أما المرأة فلها لبس الخفين مطلقًا قال ابن المنذر وبه قال كل من يحفظ عنه من أهل العلم انتهى لكن في سنن أبي داود «أن ابن عمر كان يصنع ذلك يعني يقطع الخفين للمرأة المحرمة ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد أن عائشة – رضي الله عنها – حدثتها أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد كان رخص للنساء في الخفين فترك ذلك» وقال ابن عبد البر لا يقول به أحد من أهل العلم فيما علمت وهذا إنما كان من ورع ابن عمر وكثرة اتباعه فاستعمل ما حفظ على عمومه حتى بلغه فيه الخصوص.