160 جامع الأجوبة الفقهية ص 199
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-”——”——-”
باب المسح على الخفين
بلوغ المرام
وعن علي – رضي الله عنه – قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه, وقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمسح على ظاهر خفيه. أخرجه أبو داود بإسناد حسن. وهو في الصحيح المسند 967
——–‘——–‘——–‘
مسألة: مسح ظاهر القدم وباطنه
♢- جواب ناصر الريسي:
صورة المسألة: هل يجوز المسح على ظاهر الخف وأسفله، أم يقتصر المسح على ظاهر الخف؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
الأول: يمسح الظاهر والباطن من الخف. وهو مذهب المالكية ، والشافعية، وهو قول ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومكحول، وابن المبارك.
انظر: حاشية الدسوقي (1/ 146، 147)، مواهب الجليل (1/ 324)، المجموع (1/ 550)، مغني المحتاج (1/ 67)، المغني (1/ 217).
♢- جاء في المدونة (1/ 142): ” قال مالك: يمسح على ظهور الخفين وبطونهما، ولا يتبع غضونهما، والغضون الكسر الذي يكون في الخفين على ظهور القدمين.
ثم قال: قال ابن القاسم: أرانا مالك المسح على الخفين، فوضع يده اليمنى على أطراف أصابعه من ظاهر قدمه، ووضع اليسرى من تحت أطراف أصابعه من باطن خفه، فأمرهما، وبلغ اليسرى حتى بلغ بهما إلى عقبيه، فأمرهما إلى موضع الوضوء، وذلك أصل الساق حذو الكعبين. انتهى
♢- قال الإمام الشافعي في الأم (8/ 103): ” وأحب أن يغمس يديه في الماء، ثم يضع كفه اليسرى تحت عقب الخف، وكفه اليمنى على أطراف أصابعه، ثم يمر اليمنى إلى ساقه، واليسرى إلى أطراف أصابعه “. انتهى
♢- واستدلوا على قولهم بالتالي:
1- عن المغيرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توضأ فمسح أسفل الخف وأعلاه. رواه الإمام أحمد في مسنده (4/ 251).
2- عن المغيرة بن شعبة، قال: «وضأت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فمسح أعلى الخف وأسفله» . رواه ابن ماجه.
قال ابن قدامة في المغني وحديثهم معلول، قاله الترمذي قال: وسألت أبا زرعة، ومحمدا – عنه فقالا: ليس بصحيح. وقال أحمد: هذا من وجه ضعيف، رواه رجاء بن حيوة، عن وراد كاتب المغيرة، ولم يلقه.
قلت سيف بن دورة :
وراجع أحاديث معلة ظاهرها الصحة 392. وضعيف أبي داود للألباني
قال أبوداود : بلغني أن ثور لم يسمعه من رجاء .
قال البخاري في التاريخ الأوسط في حديث المغيرة : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ، ظاهرهما : و هذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة. انتهى
وقال ابونعيم : غريب من حديث رجاء لم يروه عنه إلا ثور. ونقل ابن كثير في إرشاد الفقيه : أن الشافعي علله وكذلك أبو زرعة وأبو حاتم والترمذي. وقال النووي : ضعفه أهل الحديث.
«ترتيب علل التِّرمِذي الكبير» (70).
ـ وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأَبا زُرعَة، عن حديث المغيرة
فقالا: رواه الوليد هكذا، ورواه غيره، ولم يذكر المغيرة، وأفسد هذا الحديث حديث الوليد، وهذا أشبه والله أعلم. «علل الحديث» (78).
ـ وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول : ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح. «علل الحديث» (135).
ـ وقال الدارقُطني:
وحديث رجاء بن حيوة الذي فيه ذكر أعلى الخف وأسفله لا يثبت، لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد، مرسلا. «العلل» (1238).
3- عن ابن جريج، قال: قال عطاء: رأيت ابن عمر يمسح عليهما – يعني خفيه – مسحة واحدة بيديه كلتيهما، بطونهما وظهورهما، وقد أهرق قبل ذلك الماء، فتوضأ هكذا لجنازة دعي إليها. ورواه البيهقي (1/ 291) وابن المنذر في الأوسط (1/ 452)
4- من النظر أن المسح بدل من الغسل، وإذا كان في الغسل يغسل أعلى القدم وأسفله، فكذلك المسح ينبغي أن يستوعب القدم أعلاه وأسفله.
♢- قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 26)
“وسبب اختلافهم تعارض الآثار الواردة في ذلك وتشبيه المسح بالغسل، … فمن ذهب مذهب الجمع بين الحديثين حمل حديث المغيرة على الاستحباب، وحديث علي على الوجوب، وهي طريقة حسنة.
ومن ذهب مذهب الترجيح أخذ إما بحديث علي، وإما بحديث المغيرة، فمن رجح حديث المغيرة على حديث علي رجحه من قبل القياس (أعني قياس المسح على الغسل) ومن رجح حديث علي رجحه من قبل مخالفته للقياس أو من جهة السند”. انتهى
القول الثاني: الاقتصار على ظاهر الخف فقط، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة. بذلك قال عروة، وعطاء، والحسن، والنخعي، والثوري، الأوزاعي، وإسحاق، وابن المنذر، ورجحه ابن عثيمين
انظر: البحر الرائق (1/ 180)، حاشية ابن عابدين (1/ 448). المحرر (1/ 13)، الإنصاف (1/ 184،185)، المغني (1/ 217).
♢- قال في مسائل ابن هانئ (1/ 18،21): لا يمسح على أسفل الخفين، هذا شيء ذهب إليه ابن عمر، والزهري أخذه عنه ” اهـ.
♢- واستدلوا بأحاديث واثار عن بعض الصحابة رضي الله عنهم:
1- عن علي – رضي الله عنه – قال: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من ظاهره، وقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمسح ظاهر خفيه» . رواه أبو داود.
2- عن المغيرة قال: «رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمسح على الخفين على ظاهرهما» . رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
3- عن المغيرة بن شعبة، قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بال، ثم جاء حتى توضأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الخفين. مصنف ابن أبي شيبة (1/ 170).
4- عن عمر، قال: «رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – يأمر بالمسح على ظاهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان.» رواه الخلال بإسناده
5- عن أبي العلاء، قال: رأيت قيس بن عباد بال، ثم أتى دجلة، فمسح على الخف، وفرج بينهما، فرأيت أثر أصابعه في الخف مصنف عبد الرزاق (1/ 219) رقم (852).
6- عن الفضل بن مبشر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يتوضأ، ويمسح على خفيه على ظهورهما مسحة واحدة إلى فوق، ثم يصلي الصلوات كلها، قال: ورأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصنعه، فأنا أصنع كما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 454). وفيه الفضل بن مبشر فيه لين
7- عن أيوب، قال: رأيت الحسن بال، ثم توضأ، فمسح على خفيه مسحة واحدة على ظهورهما، قال: فرأيت أثر أصابعه على الخف. رواه عبد الرزاق في مصنفه برقم (851) وإسناده صحيح
8 في موطأ محمد بن الحسن 51 نا مالك ني هشام بن عروة عن أبيه : أنه رأى أباه يمسح على الخفين على ظهورهما لا يمسح بطونهما
8- قالوا لأن باطنه ليس بمحل لفرض المسح، فلم يكن محلا لمسنونه، كساقه؛ ولأن مسحه غير واجب، ولا يكاد يسلم من مباشرة أذى فيه، تتنجس يده به، فكان تركه أولى.
♢- قال الشيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 225):
إذا نظرنا إلى هذه المسألة بالرأي العميق وجدنا أن أعلى الخف أولى بالمسح من أسفله؛ لأنك إذا مسحت على الخف مسحت على شيء نظيف، على شيء لم تلوثه الأرض بالأذى والقذر، ولو مسحت على الأسفل فتلوثت يدك بالأذى والقذر والوسخ، وليس المراد بهذا المسح أن نغسل الرجل، ولو كان المراد أن نغسل الرجل لوجب علينا أن نخلع، لكن المراد بالتعبد لله عز وجل بمسح هذا العضو بما يكون تطهيرا له، فعليه يكون الدين – وهو مسح الخف من أعلاه- موافقا للعقل وللرأي السليم الصواب.
♢- قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود (2/ 16):
الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمسح على ظهر القدمين، وهذه هي السنة، وهذا هو التشريع، وهذا هو الحق الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، والشيء الذي كان يراه علي أو الذي كان في ذهن علي أن هذا أحق، ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم تبين له أن رأيه أو الشيء الذي كان قد انقدح في ذهنه أنه أحق ليس هو الأحق؛ لأن المعتبر هو الدليل. انتهى
♢- قال في توضيح الأحكام (1/ 262) ما يؤخذ من الحديث:
1 – وجوبُ كون مسح الخف على أعلى الخف فقطْ، فلا يجزىء مسح غيره، ولا يشرع مسح غيره معه، سواء الأسفل أو الجوانب.
2 – الذي يتبادر للذِّهْن هو أنَّ الأولى بالمسح هو أسفل الخف، لا أعلاه؛ لأنَّ الأسفل هو الذي يباشر الأرض، وربمَّا أصابته النجاسة، فكان أولى بالإزالة، ولكن الواجب هو تقديمُ النَّقل الصحيحِ على الرأي؛ فإنَّ الذي شرع ذلك هو أعلم بالمصالح. انتهى