16 فتح المنان شرح أصول الإيمان
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
—–”—-”—-”
‘—–‘—–‘—-‘
المبحث الخامس:
ادعاء علم الغيب وما يلحق به
تعريفه وأدلة اختصاص الله به
التحذير من الدجاجلة والكذابين الذين يدعون علم الغيب
ومن تلك الأعمال التي يدعي أصحابها علم الغيب:
1. السحر
2. التنجيم
3. زجر الطير والخط في الأرض
4. الكهانة
5. كتابة حروف أبي جاد
6. القراءة في الكف والفنجان
7. تحضير الأرواح
8. التطير
تكلم عن كل نوع من هذه الأعمال الثمانية
———‘——-‘——–‘
السحر في اللغة: عبارة عما خفي ولطف سببه ولهذا جاء في الحديث: (إن من البيان لسحرا) وسمي السحور سحورا لأنه يقع خفيا آخر الليل. ” تيسير العزيز الحميد” (333).
وأما في الشرع; فإنه ينقسم إلى قسمين:
الأول: عقد ورقى; أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ}.
الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله; فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئا فشيئا حتى يهلك، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه وفي عقله; فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله. ” القول المفيد” (489). للعلامة ابن عثيمين رحمه الله.
قال العلامة المفسر الشنقيطي رحمه الله: اعلم أن السحر في الاصطلاح لا يمكن حده بحد جامع مانع. لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته، ولا يتحقق قدر مشترك بينها يكون جامعاً لها مانعاً لغيرها. ومن هنا اختلفت عبارات العلماء في حده اختلافاً متبايناً. [أضواء البيان].
قال ابن تيمية كما في المجموع (17/ 507): فالسحر يكون من الأنفس الخبيثة لكن بالاستعانة بالأشياء كالنفث في العقد.
[حكم تعليم السحر]
قال الحافظ النووي رحمه الله: وأما عده صلى الله عليه وسلم السحر من الكبائر فهو دليل لمذهبنا الصحيح المشهور ومذهب الجماهير أن السحر حرام من الكبائر فعله وتعلمه وتعليمه. ” النووي على شرح مسلم” (2/ 88).
و جاء في كتاب ” الدرر السنية في الأجوبة النجدية” (13/ 237).
ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله، وهو عقد، ورقى، وكلام يتكلم به، أو يكتبه، أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور، أو عقله أو قلبه، من غير مباشرة؛ وله حقيقة، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجته، ومنه ما يبغض أحدهما إلى الآخر، ويحبب بين اثنين، ويكفر بتعلمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته، كالذي يركب الجماد من مكة وغيرها، فيطير به في الهواء.
قال مقيده ـ عفا الله عنه وغفر له ـ: التحقيق في هذه المسألة هو التفصيل. فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجنّ وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة “البقرة” فإنه كفر بلا نزاع. كما دل عليه قوله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}، وقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ}، وقوله: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}، وقوله تعالى: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} , كما تقدّ! م إيضاحه. وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها فهو حرام حرمة شديدة ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. هذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء. [اضواء البيان].
[هل السحر حقيقة ام خيال]
قال القرطبي (2/ 46): ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة.
قال الإمام المازري: “مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافاً لمن أنكر ذلك … شرح صحيح مسلم للنووي ج14 ص174.
قال العلامة المفسر صاحب أضواء البيان: والتحقيق الذي عليه جماهير العلماء من المسلمين: أن السحر منه ما هو أمر له حقيقة لا مطلق تخييل لا حقيقة له، ومما يدل على أن منه ما له حقيقة قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} فهذه الآية تدل على أنه شيء موجود له حقيقة تكون سبباً للتفريق بين الرجل وامرأته وقد عبّر الله عنه بما الموصولة وهي تدل على أنه شيء له وجود حقيقي. ومما يدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} يعني: السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن. فلولا أن السحر حقيقة لم يأمر الله بالاستعاذة منه.
[هل يكفر الساحر أم لا]
واختلفوا هل يكفر الساحر أو لا فذهب طائفة من السلف إلى أنه يكفر وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد قال أصحابه إلا أن يكون سحره بأدوية وتدخين وسقي شيء يضر فلا يكفر وقيل لا يكفر إلا أن يكون في سحره شرك فيكفر وهذا قول الشافعي وجماعته قال الشافعي رحمه الله إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد اباحته كفر وعند التحقيق ليس بين القولين اختلاف فإن من لم يكفر لظنه أنه يتأتى بدون الشرك وليس كذلك بل لا يأتي السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك وعبادة الشيطان والكواكب ولهذا سماه الله كفرا في قوله انما نحن فتنة فلا تكفر وقوله وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا وفي حديث مرفوع رواه رزين الساحر كافر وقال أبو العالية السحر من الكفر وقال ابن عباس في قوله إنما نحن فتنة فلا تكفر وذلك أنهما علماه الخير والشر والكفر والإيمان فعرفا أن السحر من الكفر وقال ابن جريج في الآية لا يجتراء على السحر إلا الكافر وأما سحر الأدوية والتدخين ونحوه فليس بسحر وإن سمي سحرا فعلى سبيل المجاز كتسمية القول البليغ والنميمة سحرا ولكنه يكون حراما لمضرته يعزر من يفعله تعزيرا بليغا. ” تيسير العزيز الحميد” (335).
قال القرطبي: من السحر ما يكون كفرا من فاعله، مثل ما يدعون من تغيير صور الناس، وإخراجهم في هيئة بهيمة، وقطع مسافة شهر في ليلة، والطيران في الهواء، فكل من فعل هذا ليوهم الناس أنه محق فذلك كفر منه، قاله أبو نصر عبد الرحيم القشيري. قال أبو عمرو: من زعم أن الساحر يقلب الحيوان من صورة إلى صورة، فيجعل الإنسان حمارا أو نحوه، ويقدر على نقل الأجساد وهلاكها وتبديلها، فهذا يرى قتل الساحر لأنه كافر بالأنبياء، يدعي مثل آياتهم ومعجزاتهم، ولا يتهيأ مع هذا علم صحة النبوة إذ قد يحصل مثلها بالحيلة. وأما من زعم أن السحر خدع ومخاريق وتمويهات وتخييلات فلم يجب على أصله قتل الساحر، إلا أن يقتل بفعله أحدا فيقتل به. تفسير القرطبي [2/ 45].
قال ابن كثير في (التفسير) (1/ 249 – 250): وقد استدل بقوله ولو أنهم آمنوا واتقوا من ذهب إلى تكفير الساحر، كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وطائفة من السلف، وقيل: بل لا يكفر، ولكن حده ضرب عنقه، لما رواه الشافعي وأحمد بن حنبل، قالا: أخبرنا سفيان، هو ابن عيينة عن عمرو بن دينار، أنه سمع بجالة بن عبدة يقول: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال:
فقتلنا ثلاث سواحر. وقد أخرجه البخاري في صحيحه أيضا، وهكذا صح أن حفصة أم المؤمنين سحرتها جارية لها، فأمرت بها، فقتلت، قال الإمام أحمد بن حنبل: صح عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الساحر. وروى الترمذي «2» من حديث إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب الأزدي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حد الساحر ضربه بالسيف» ثم قال: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم يضعف في الحديث، والصحيح عن الحسن عن جندب موقوفا. قلت: قد رواه الطبراني من وجه آخر عن الحسن عن جندب مرفوعا. والله أعلم.
قتل الساحر
قال العلامة ابن عثيمين في (القول المفيد) (490): وأما قتل الساحر، فإن كان سحره كفرا; قتل قتل ردة، إلا أن يتوب على القول بقبول توبته، وهو الصحيح، وإن كان سحره دون الكفر; قتل قتل الصائل; أي: قتل لدفع أذاه وفساده في الأرض، وعلى هذا يرجع في قتله إلى اجتهاد الإمام، وظاهر النصوص التي ذكرها المؤلف أنه يقتل بكل حال; فالمهم أن السحر يؤثر بلا شك، لكنه لا يؤثر بقلب الأعيان إلى أعيان أخرى; لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عزوجل وإنما يخيل إلى المسحور أن هذا الشيء انقلب وهذا الشيء تحرك أو مشى وما أشبه ذلك.
و جاء في أضواء البيان للعلامة الشنقيطي رحمه الله:
قال مقيده – عفا الله عنه وغفر له -: التحقيق في هذه المسألة إن شاء الله تعالى أن السحر نوعان كما تقدم؟ منه ما هو كفر، ومنه ما لا يبلغ بصاحبه الكفر، فإن كان الساحر استعمل السحر الذي هو كفر فلا شك في أنه يقتل كفراً؟ لقوله صلى الله عليه وسلم: “من بدل دينه فاقتلوه”. وأظهر القولين عندي في استتابته أنه يستتاب، فإن تاب قبلت توبته. وقد بيّنت في كتابي “دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب” في سورة “آل عمران” أن أظهر القولين دليلاً أن الزنديق تقبل توبته؟ لأن الله لم يأمر نبيه ولا أمته صلى الله عليه وسلم بالتنقيب عن قلوب الناس؟ بل بالاكتفاء بالظاهر. وما يخفونه في سرائرهم أمره إلى الله تعالى. خلافاً للإمام مالك رحمه الله وأصحابه القائلين بأن الساحر له حكم الزنديق. لأنه مستمر بالكفر والزنديق لا تقبل توبته عنده إلا إذا جاء تائباً قبل الاطلاع عليه. وأظهر القولين عندي: أن المرأة الساحرة حكمها حكم الرجل الساحر وأنها إن كفرت بسحرها قتلت كما يقتل الرجل. لأن لفظة “من” في قوله: “من بدل دينه فاقتلوه” تشمل الأنثى على أظهر القولين وأصحهما إن شاء الله تعالى.
—
[حل السحر عن المسحور]
اعلم أن العلماء اختلفوا في حلّ السحر عن المسحور. فأجازه بعضهم، ومنعه بعضهم. وممن أجازه سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى. قال البخاري في صحيحه “باب هل يستخرج السحر”: وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه، أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح. فأما ما ينفع فلم ينه عنه ا هـ. ومال إلى هذا المزني. وقال الشافعي: لا بأس بالنشرة. قاله القرطبي. وقال أيضاً: قال ابن بطال: وفي كتاب وهب بن منبه: أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء ويقرأ عليه آية الكرسي ثم يحسو منه ثلاث حسوات ويغتسل. فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله تعالى، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله, انتهى منه. [أضواء البيان]
وَسُئِلَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَنْ النَّشْرَةِ، فَقَالَ: هِيَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، صححه الألباني.
وَالنَّشْرَةُ: حَلُّ السِّحْرِ عَنْ الْمَسْحُورِ.
قال ابن القيم: النشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان – وعليه يحمل قول الحسن – فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة؛ فهذا جائز. (إعلام الموقعين عن رب العالمين) (301/ 4).
قال مقيده (الشنقيطي) – رحمه الله -: التحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه في هذه المسألة: أن استخراج السحر إن كان بالقرآن كالمعوذتين، وآية الكرسي ونحو ذلك مما تجوز الرقيا به فلا مانع من ذلك. وإن كان بسحر أو بألفاظ عجمية، أو بما لا يفهم معناه، أو بنوع آخر مما لا يجوز فإنه ممنوع. وهذا واضح وهو الصواب إن شاء الله تعالى كما ترى. [أضواء البيان].
الوقاية من السحر
قال ابن حجر في فتح الباري ما نصه: “تكميل” قال ابن القيم رحمه الله: من أنفع الأدوية، وأقوى ما يوجد من النشرة مقاومة السحر الذي هو من تأثيرات الأرواح الخبيثة بالأدوية الإلهية: من الذكر، والدعاء، والقراءة. فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله، معموراً بذكره، وله ورد من الذكر والدعاء والتوجه، لا يخلّ به, كان ذلك من أعظم الأسباب المانعة من إصابة السحر له. قال: وسلطان تأثير السحر هو في القلوب الضعيفة. ولهذا غالب ما يؤثر فيه النساء والصبيان والجهال. لأن الأرواح الخبيثة إنما تنشط على الأرواح، تلقاها مستعدة لما يناسبها, انتهى ملخصاً. ويعكر عليه حديث الباب، وجواز السحر على النَّبي صلى الله عليه وسلم، مع عظيم مقامه، وصدق توجهه، وملازمة ورده ولكن يمكن الانفصال عن ذلك بأن الذي ذكره محمول على الغالب، وإنما وقع به صلى الله عليه وسلم لبيان تجويز ذلك، والله أعلم, انتهى من فتح الباري.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه، وهي أيضاً من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه، مع الإكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس، ومن الأدعية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في علاج الأمراض من السحر وغيره، وكان صلى الله عليه وسلم يرقي بها أصحابه: (اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفائك شفاء لا يغادر سقماً)، ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله: (بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسدة الله يشفيك بسم الله أرقيك)، وليكرر ذلك ثلاث مرات. ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضاً وهو علاج نافع للرجال إذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها آية الكرسي، و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وآيات السحر التي في سورة الأعراف وهي قوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَافِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ.
والآيات التي في سورة يونس وهي قوله سبحانه: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ.
والآيات التي في سورة طه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى.
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله تعالى، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء. ومن علاج السحر أيضاً وهو من انفع علاجه بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر. هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها، والله ولي التوفيق. [حكم السحر و الكهانة – بن باز].
—
التنجيم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- هو: نسبة الحوادث الأرضيّة إلى الأحوال الفلكيّة. ” مجموع الفتاوى” (35/ 192).
[النهي عن تعلم التنجيم]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من اقتبس شُعبة من النجوم، فقد اقتبس شُعبة من السحر، زاد ما زاد” رواه أبو داود، وإسناده صحيح.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: يدل على أن تعلم النجوم وزعم أنه يكون كذا إذا طلع النجم الفلاني أو غاب النجم الفلاني فهذا كله من أقوال المنجمين والمشعوذين فالتعلق بالنجوم والدعوى بأن لها تأثيراً بالكون من حوادث من موت فلان أو حياة فلان أو زوال ملك فلان كل هذا باطل لا أصل له. ” التعليقات البازية على كتاب التوحيد”.
قال العلامة الفوزان حفظه الله: فالإنسان لا يجوز له أن يتعلم التنجيم الذي عليه المشركون، لأنه سحر وشرك بالله سبحانه وتعالى، وادِّعاءٌ لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى. ” إعانة المستفيد”.
وسئل – رحمه الله تعالى – في المجموع (35/ 197):
عن صناعة ” التنجيم ” والاستدلال بها على الحوادث: هل هو حلال أم حرام؟ يحل أخذ الأجرة وبذلها أم لا؟ وهل يجب على ولي الأمر منعهم وإزالتهم من الجلوس في الدكاكين؟
فأجاب:
بل ذلك محرم بإجماع المسلمين وأخذ الأجرة على ذلك و [منعهم] من الجلوس في الحوانيت والطرقات ومنع الناس من أن يكروهم والقيام في ذلك من أفضل الجهاد في سبيل الله. والله أعلم. انتهى
وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:
1 – علم التأثير.
2 – علم التسيير.
فالأول: علم التأثير. وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ: أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور; فهذا شرك أكبر; لأن من ادعى أن مع الله خالقا; فهو مشرك شركا أكبر; فهذا جعل المخلوق المسخر خالقا مُسَخِّرًا.
ب: أن يجعلها سببا يدعي به علم الغيب; فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا; لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا، مثل أن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء; لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة; لأنه ولد في النجم الفلاني; فهذا اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر مخرج عن الملة; لأن الله يقول: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة النمل: من الآية 65] وهذا من أقوى أنواع الحصر; لأنه بالنفي والإثبات، فإذا ادعى أحد علم الغيب; فقد كَذَّب القرآن.
ج: أن يعتقدها سببا لحدوث الخير والشر، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم، ولا ينسب إلى النجوم شيئا إلا بعد وقوعه; فهذا شرك أصغر. أنظر: [القول المفيد للعلامة ابن عثيمين رحمه الله (2/ 5 – 6)].
حكم قراءة الأبراج في المجلات
سئل العلامة العباد حفظه الله:
هل يدخل في إتيان الكهان قراءة المجلات التي فيها بروج الحظ؟
الجواب
كون الإنسان يقرؤها ويفتتن بها لا شك أنه من جنس إتيان الكهان، وقراءتها قد تؤثر فيه، فالابتعاد عنها فيه فائدة كبيرة للإنسان. ” شرح سنن أبي داود”.
وقال العلامة الفوزان حفظه الله: ولا تزال آثار هذه الخصلة الجاهلية في عصرنا الحاضر فيما يظفر عند المنجِّمين والذين يذهبون إليهم، وبما يُكتب في بعض الصُّحف والمجلاّت من أحوال البُرُوج، لأن نسبة هذه الأمور إليها في طلوعها أو غروبها، أو إلى الأفلاك في تحرُّكها؛ شرك بالله عزّ وجلّ، لأن الذي يدبِّر النجوم، ويدبِّر الأفلاك، ويدبِّر الكون كله هو الله سبحانه وتعالى، فيجب أن نؤمن بذلك. أما النجوم، وأما الأفلاك، وأما جميع المخلوقات فليس لها تدبير، وليس لها إحداث شيء، أو جَلْبُ نفع، أو دفع ضر إلاَّ بإذن الله سبحانه وتعالى، فالأمر يرجع كلّه إلى الله. ويجب على المسلم أن يعتمد على الله، وأن يتوكّل على الله، ولا يتأثّر بما يقوله المنجِّمون والفلكيُّون.
أما تعلّم حساب منازل القمر من أجل معرفة مواقيت العبادات، ومواقيت الزراعة والبذور؛ فلا بأس به، وهذا ما يسمِّيه العلماء بعلم التَّسْيِير. ” اعانة المستفيد”.
[زجر الطير]
قال ابن الأثير: العِيَافَة: زَجْر الطَّير والتَّفَاؤُل بأسْمائِها وأصْوَاتها ومَمرَّها. وهو من عَادَة العَرب كثيرا. وهو كثير في أشعارهم. يُقال: عَاف يَعِيف عَيْفاً إذا زَجَر وَحَدَس وظنَّ. وَبُنو أسَد يُذْكَرُون بالعِيَافة ويُوصَفُون بها. ” النهاية في غريب الحديث” (3/ 622).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وكانوا في الجاهلية يستعملون الطيور يطيرونه من الأرض إن اتجه للأمام مضى في سفره وإن طار ثم رجع رجع من سفره وإن طار فذهب يمينا تيمن في سفره وقال هذا سفر طيب وخير وإن ذهب يسارا مضى في سفره لكن يعتقد أن السفر شاقا لماذا لأن الطير ذهب إلى الشمال والشمال غير مرغوبة هذه عادتهم والعياذ بالله الطيور لا تغني شيئا هذا كله أبطله النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يتعلق الإنسان بأحد سوى الله وأمر الإنسان إذا هم بأمر ولم يتبين له أن يستخير يصلي ركعتين من غير الفريضة ويقول الدعاء المعروف للاستخارة: (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به) حينئذ إذا قدر الله له شيئا بعد هذه الإستخارة فهو خير له يمضي ويتوكل على الله وإن صرف الله همته عنه فهذا يعني بأنه ليس بخير له وأما الاستقسام بالأزلام والطير وما أشبه ذلك فكله لا خير فيه. ” شرح رياض الصالحين” (6/ 409 – 410).
قال العلامة العباد حفظه الله: أورد أبو داود باب في الخط وزجر الطير، أي: الخط في الأرض للتوصل إلى معرفة أمور مغيبة، وهذا عمل محرم باطل، ويكون ذلك باستخدام الشياطين، فالأمور المغيبة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولا تعلم بهذه الطرق الخبيثة السيئة، وزجر الطير هو من أجل أن يقدم الإنسان أو لا يقدم، فكانوا في الجاهلية إذا أراد الرجل سفراً زجر الطير، فإن طار إلى جهة اليمين تفاءل وأقدم على السفر، وإن طار إلى جهة الشمال تشاءم وامتنع من السفر.
قوله: [قال الرسول صلى الله عليه وسلم (العيافة والطيرة والطرق من الجبت)].
العيافة هي الخط في الأرض، والطرْق هو زجر الطير، فيقدم بذهابها إلى جهة، ويحجم إذا ذهبت إلى جهة.
والطيرة: هي التطير بالأشياء، فيتشاءم الإنسان ويتطير بالأشياء، فيقدم أو يحجم بناءً على أمر قد حصل له، ومن ذلك ما يحصل بالطير من زجرها وذهابها يميناً أو شمالاً، وقد يكون التطير بغير الطير كرؤية شيء لا يعجبه فيكون بذلك متشائماً، أو رؤية شيء يعجبه فيكون بذلك متفائلاً، فيترتب ذهابه وإيابه على ما يحصل له من زجر الطير أو التطير أو الخط بالأرض، وكل هذا محرم. ” شرح سنن أبي داود”.
[حروف أبي جاد]
وكتابة أبي جاد وتعلمها لمن يدعي بها معرفة علم الغيب هو الذي يسمى علم الحرف. [تيسير العزيز الحميد]
قال الحافظ الحكمي رحمه الله: ومنها ما يفعله من يكتب حروف أبي جاد ويجعل لكل حرف منها قدرا من العدد معلوما ويجري على ذلك أسماء الآدميين والأزمة والأمكنة وغيرها ويجمع جمعا معروفا عنده ويطرح منها طرحا خاصا ويثبت إثباتا خاصا وينسبه إلى الأبراج الإثني عشر المعروفه عند أهل الحساب ثم يحكم على تلك القواعد بالسعود والنحوس وغيرها مما يوحيه إليه الشيطان وكثير منهم يغير الإسم لأجل ذلك ويفرق بين المرء وزوجه بذلك ويعتقد أنهم إن جمعهم بيت لا يعيش أحدهم وقد يتحكم في الغيب فيدعي أن هذا يولد له وهذا لا وهذا الذكر وهذا الأنثى وهذا يكون غنيا وهذا يكون فقيرا وهذا يكون شريفا وهذا وضيعا وهذا محببا وهذا مبغضا كأنه هو الكاتب ذلك للجنين في بطن أمه لا والله لا يدريه الملك الذي يكتب ذلك حتي يسأل ربه أذكر أم أنثى شقي أم سعيد ما الرزق وما الأجل فيقول له فيكتب وهذا الكاذب المفتري يدعي علم ما استأثر الله بعلمه ويدعي أنه يدركه بصناعة إخترقها وأكاذيب اختلقها وهذا من أعظم الشرك في الربوبية ومن صدقه واعتقده فيه كفر والعياذ بالله. ” معارج القبول” (2/ 560).
وقال العلامة العثيمين-رحمه الله- في القول المفيد شرح كتاب التوحيد:” …
وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أباجاد) وينظرون في النجوم: “ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق”.
قوله: “يكتبون أباجاد وينظرون في النجوم”. والواو هنا ليست عطفاً، ولكنها للحال، يعني: والحال أنهم ينظرون، فيربطون ما يكتبون بسير النجوم وحركتها.
قوله: “ما أرى من فعل ذلك”. ويجوز بفتح الهمزة بمعنى: أعلم، وبالضم بمعنى: ما أظن.
وقوله: “أباجاد”. هي: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضطغ … وتعلم أباجاد ينقسم إلى قسمين:
الأول: تعلم مباح بأن نتعلمها لحساب الجمل، وما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به، وما زال أناس يستعملونها، حتى العلماء يؤرخون بها، قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تاريخ بناء المسجد الجامع القديم:
جد بالرضا واعط المنى
تاريخه حين انتهى
والشهر في شوال يا
من ساعدوا في ذا البنا
قول المنيب اغفر لنا
رب تقبل سعينا
فقوله: “اغفر لنا” لو عددناها حسب الجمل صارت 1362هـ.
وقد اعتنى بها العلماء في العصور الوسطى، حتى في القصائد الفقهية والنحوية وغيرها.
ويؤرخون بها مواليد العلماء ووفياتهم، ولم يرد ابن عباس هذا القسم.
الثاني: محرم، وهو كتابة “أبا جاد” كتابة مربوطة بسير النجوم وحركتها وطلوعها وغروبها، وينظرون في النجوم ليستدلوا بالموافقة أو المخالفة على ما سيحدث في الأرض، إما على سبيل العموم، كالجذب والمرض والجرب وما أشبه ذلك، أو على سبيل الخصوص، كأن يقول لشخص: سيحدث لك مرض أو فقر أو سعادة أو نحس في هذا وما أشبه ذلك، فهم يربطون هذه بهذه، وليس هناك علاقة بين حركات النجوم واختلاف الوقائع في الأرض … ”
=======
قراءة الكف:
قال الإمام ابن باز رحمه الله: لا شك أن تصديق السحرة والمنجمين والرمالين ونحوهم وسؤالهم لا يجوز؛ لأنهم يدعون علم الغيب بأشياء يتخذونها ويلبسون بها على الناس; من الخط في الأرض , أو ضرب الحصى , أو قراءة الكف , أو السؤال عن برج فلان وفلان , وأنه سيموت له كذا وكذا , أو يذكرون له اسم أمه وأبيه , وأنه إذا كان في وقت كذا كان كذا , وكل هذا باطل , وهو من أعمال المنجمين والسحرة والكهان والمشعوذين , فلا يجوز تصديقهم ولا سؤالهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن سؤالهم وتصديقهم , «فقد ثبت أن معاوية بن الحكم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن عندنا كهانا. قال: لا تأتوهم. قال: وإن منا أناسا يتطيرون. قال: ذلك شيء يجده أحدكم في صدره فلا يصدنكم».
وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة». خرجه مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي , وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم , وقال صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك. قالها ثلاثا».
فبين عليه الصلاة والسلام أن هذه الأمور من أعمال الجاهلية التي يجب اجتنابها وطرحها والحذر منها , وأن لا يؤتى أهلها ولا يسألوا ولا يصدقوا؛ لأن إتيانهم وسؤالهم فيه رفع لشأنهم , ويسبب شيوع أمرهم في البلاد , وتصديق الناس لهم فيما يقولون من الأمور الباطلة التي لا أساس لها , ويسبب بعضها وقوع الشرك , وأنواعا من الباطل والمنكرات , وقد أخبر صلى الله عليه وسلم: أن الشياطين تسترق السمع من السماء , فيسمعون الكلمة من السماء مما تتحدث به الملائكة فيكذبون معها مائة كذبة , فيصدقهم الناس بكذبهم؛ بسبب تلك الكلمة التي استرقوها. ” مجموع الفتاوى” (8/ 125 – 126).
و سئل أيضا العلامة ابن باز رحمه الله:
يقول السائل: صاحب الودع وقارئة الفنجان والكف؛ هل هذا حرام أم حلال؟
الجواب:
كل هذا بدعة، وكل هذا منكر لا صحة له، صاحب الفنجان وقراءة الكف ورمي الودع وضرب الودع أو الحصى، كله من تعاطي علم الغيب، كله باطل، ومنكر ولا صحة له، وهو دجل وكذب وافتراء، كونهم يدعون علم الغيب بأشياء أخرى غير هذا كذب، وإنما يعتمدون على ما تقول لهم أصحابهم من الجن،
فإن بعضهم يستخدم الجن ويقول ما تقول له الجن، فَيَصْدُقون ويكذبون،
يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان أو استرقوها من السمع، ويكذبون في الغالب والأكثر.
ويتحيلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل، وهكذا الإنس الذين يخدمونهم يكذبون أيضاً ويفترون ويقولون هذا كذا وهذا كذا وهم كَذَبةٌ، إنما يأكلون أموال الناس بالباطل.
وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهذا كله باطل وإن تكرر حدوث ما يخبر به هؤلاء مثل أن يخبروا عن إنسان فعل كذا أو فعل كذا وهم قد شاهدوه في مناطق أخرى، أو أشياء أخبر بها الجن أنها وقعت في بلاد كذا وكذا، أو حدث كذا، أو صار كذا، فهم ينقلون عن الجن أخباراً أدركها الجن في بعض البلدان فأخبروا بها أولياءهم وهذا كله لا صحة له، ولا يحكم بأنهم يعلمون الغيب أبداً، علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى.
لكن هناك أمور تقع في بعض البلدان فينقلها الجن بعضهم إلى بعض، أو شيء يسمع من السماء؛ يسمعونه من الملائكة، إذا استرقوا السمع إلى السماء، فينقلونه إلى أوليائهم من الإنس، فقد تكون حقاً فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوا وقالوا صحيح، ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير كما في الحديث: ((إنهم يكذبون معها مائة كذبة)) [1]،
والبعض منهم يكذب أكثر من مائة كذبة فلا يلتفت إليهم؛ لأن عمدتهم الكذب، وتعاطي الباطل والقول بغير علم، نسأل الله العافية.
والجن كالإنس فيهم الكافر وفيهم المبتدع وفيهم الفاسق وفيهم الطيب، فالفساق للفساق، والكفار للكفار، والطيبون للطيبين
فالجن الذين يكذبون لبعض شياطين الإنس بإخبارهم ببعض المغيبات التي سمعوها من السماء، أو سمعوها من بعض البلدان،
هؤلاء يفعلون ذلك؛ لأنهم خدموهم بعبادتهم من دون الله والذبح لهم ونحو ذلك.
فالجن يخدمونهم بهذه الأخبار وهذه الآثار التي يكذبون فيها، وقد يصدقون في الشيء القليل، فيظنهم الناس صادقين في البقية.
—
و سئل الفوزان: ما رأيكم في قراءة الفنجان وقراءة الكف وما يسمى بالأبراج التي تنشر في الجرائد؟
الاجابة
كل هذه من الكهانة والشعوذة قراءة الفنجان والكف والأبراج التي تنشر في الجرائد كلها من ادعاء علم الغيب، فهي كهانة، والكهانة نوع من السحر، كلها أعمال باطلة: الكهانة والسحر والعيافة وطرق الحصى وضرب الودع ونثر الودع كلها من أنواع الباطل وادعاء علم الغيب والتدجيل على الناس لإفساد عقائدهم.
[من موقعه]
حكم الصلاة خلف من يدعي قراءة الكف والفنجان؟
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال علما بأن منهم من يجيد قراءة القرآن؟
فأجاب: ” إذا كان الإمام مشعوذا يدعي علم الغيب أو يقوم بخرافات ومنكرات فلا يجوز أن يتخذ إماما ولا يصلى خلفه؛ لأن من ادعى علم الغيب فهو كافر، نسأل الله العافية , يقول جل وعلا: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) النمل/65، وهكذا من يتعاطى السحر حكمه حكم الكفار، لقول الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) البقرة/102. أما إذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده شيء من أعمال الكفر كالسحر ودعوى علم الغيب ولكن عنده شيء من المعاصي فالصلاة خلفه صحيحة، والأفضل التماس غيره من أهل العدالة والاستقامة، احتياطاً للدين، وخروجاً من خلاف العلماء القائلين بعدم جواز الصلاة خلفه.
أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة، لكن متى وُجدوا أئمة صحت الصلاة خلفهم لأنهم قد يبتلى بهم الناس وقد تدعو الحاجة للصلاة خلفهم. أما من يدعو غير الله أو يستنجد بالموتى ويستغيث بهم ويطلب منهم المدد فهذا لا يصلى خلفه؛ لأنه يكون بهذا الأمر من جملة الكفار، لأن هذا هو عمل المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وغيرها. ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، إنه سميع قريب ” “مجموع فتاوى ابن باز” (9/ 278).
[استحضار الأرواح]
قالت اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله: تحضير الأرواح عمل شيطاني واستخدام للجن ينافي عقيدة التوحيد؛ لأنه لا يتم إلا بأعمال شركية، والذي يتكلم ويعطي المعلومات المذكورة في السؤال ليس هو الأرواح، وإنما هم الشياطين تتكلم بهذه الأشياء تضل بني آدم، أما الأرواح فلا يقدر أحد على إحضارها إلا الله سبحانه وتعالى، فيجب اعتقاد بطلان هذا العمل وإنكاره، وعدم حضوره وعدم تصديقه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثانية].
و قال العلامة الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى و النور: استحضار الأرواح اليوم تدجيل عصري.
وكلمة تدجيل عصري معناها شخص مات، ونحن المسلمون نعلم أنه مات، و الكفار الأوربيون طلعوا لنا بهذه الضلالة الجديدة في العصر الحاضر، إن بإمكان الحي يستحضر روح الميت وهذا مستحيل، لأنه لو كان في روضة من رياض الجنة ماذا يريد من هذه ا لدنيا ومشاكلها، وإن كان من أهل النار من سيخلصه من أهل النار.
و قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: فأجاب رحمه الله تعالى: هذا التحضير لأرواح الموتى لا يصح ولا يمكن أن يكون ثابتاً، وإذا قدر أن أحداً زعم أنه حضر روح فلان وخاطبها وخاطبته فإن هذا شيطان يخاطبه بصوت ذلك الميت، فإن الأرواح بعد الموت محفوظة، كما قال الله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة. حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ). أي: لا يفرطون في حفظ هذه الروح. ثم إن الأرواح تكون بعد الموت في مقرها، ولا يمكن أن تحضر إلى الدنيا بأي حال من الأحوال. وتعاطي مثل هذا العمل محرم؛ لما فيه من الكذب والدجل وغش الناس وأكل المال بالباطل، فالواجب الحذر منه والتحذير أيضاً؛ لما فيه من المفاسد الكثيرة العظيمة. ” فتاوى نور على الدرب” (15/ 21).
و سئل العلامة الفوزان حفظه الله:
ما حكم تحضير الأرواح وهل هو نوع من أنواع السحر؟
لا شك أن تحضير الأرواح نوع من أنواع السحر أو من الكهانة وهذه الأرواح ليست أرواح الموتى، كما يقولون، وإنما هي شياطين تتمثل بالموتى وتقول: إن روح فلان أو أنا فلان وهو من الشياطين فلا يجوز هذا.
وأرواح الموتى لا يمكن تحضيرها، لأنها في قبضة الله سبحانه وتعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [سورة الزمر: آية 42].
فالأرواح ليست كما يزعمون أنها تذهب وتجيء إلا بتدبير الله عز وجل فتحضير الأرواح باطل، وهو نوع من السحر والكهانة. ” المنتقى من فتاوى الفوزان”.