1587 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ووالديهم ووالدينا ).
——-‘——–‘——
الصحيح المسند
1587 أخرج محمد بن نصر في الصلاة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن .
—–‘—-‘—-
مشاركة عبدالله البلوشي أبي عيسى وفيصل البلوشي :
الحديث تكرر في صحيح البخاري رحمه الله، ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله أقوال كثير من أهل العلم في معنى الحديث، وناقش بعضها.
ترجم البخاري في كتاب الحدود،
باب لا يشرب الخمر وقال ابن عباس : ينزع منه نور الإيمان في الزنا
راجع فتح الباري لابن حجر
وبما أن المسألة من المسائل العقدية، ونقل أقوال العلماء التي نقل عنهم الحافظ ابن حجر، قد يحتاج توضيحات دقيقة، فأكتفي بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال في الواسطية:
فصل:
ومن أصول أهل السنة: أن الدين والإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج؛ بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال سبحانه وتعالى في آية القصاص: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف} وقال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}
ولا يسلبون الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة بل الفاسق يدخل في اسم الإيمان في مثل قوله تعالى {فتحرير رقبة مؤمنة} .
وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله تعالى {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا} وقوله صلى الله عليه وسلم: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبةً ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن} .
ويقولون: هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته؛ فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم.
___________
وله في مجموع الفتاوى (28/43):
وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ” {أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا ولم يعط رجلًا وهو أحب إلي منهم فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله إني أراه مؤمنًا قال: أو مسلمًا مرتين أو ثلاثًا ثم قال: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله على وجهه في النار} .
ولهذا قال أبو جعفر الباقر وغيره من السلف: الإسلام دائرة كبيرة والإيمان دائرة في وسطها؛ فإذا زنى العبد خرج من الإيمان إلى الإسلام: كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن} .
وهذا أظهر قولي العلماء: إن هؤلاء الأعراب الذين قالوا: أسلمنا ونحوهم من المسلمين الذين لم يدخل الإيمان المتقدم في قلوبهم يثابون على أعمالهم الصالحة كما قال تعالى: {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئًا} وهم ليسوا بكفار ولا منافقين: بل لم يبلغوا حقيقة الإيمان وكماله فنفي عنهم كمال الإيمان الواجب وإن كانوا يدخلون في الإيمان مثل قوله: {فتحرير رقبة مؤمنة} وقوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم} وهذا باب واسع.
_____________
و في مجموع الفتاوى (7/670) :
سئل: عن معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم {إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان فوق رأسه كالظلة فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان} رواه الترمذي وأبو داود. وهل يكون الزاني في حالة الزنا مؤمنًا أو غير مؤمن؟ وهل حمل الحديث على ظاهره أحد من الأئمة أو أجمعوا على تأويله؟
فأجاب:
الحمد لله، الناس في الفاسق من أهل الملة مثل الزاني والسارق والشارب ونحوهم ” ثلاثة أقسام “: طرفين ووسط.
أحد الطرفين: أنه ليس بمؤمن بوجه من الوجوه ولا يدخل في عموم الأحكام المتعلقة باسم الإيمان ثم من هؤلاء من يقول: هو كافر: كاليهودي والنصراني. وهو قول الخوارج ومنهم من يقول: ننزله منزلةً بين المنزلتين؛ وهي منزلة الفاسق وليس هو بمؤمن ولا كافر وهم المعتزلة وهؤلاء يقولون: إن أهل الكبائر يخلدون في النار وإن أحدًا منهم لا يخرج منها؛
وهذا من ” مقالات أهل البدع ” التي دل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان على خلافها قال الله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} – إلى قوله – {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} فسماهم مؤمنين وجعلهم إخوةً مع الاقتتال وبغي بعضهم على بعض وقال الله تعالى: {فتحرير رقبة مؤمنة} ولو أعتق مذنبًا أجزأ عتقه بإجماع العلماء.
ولهذا يقول علماء السلف في المقدمات الاعتقادية: لا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل وقد ثبت الزنا والسرقة وشرب الخمر على أناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحكم فيهم حكم من كفر ولا قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين بل جلد هذا وقطع هذا وهو في ذلك يستغفر لهم ويقول: لا تكونوا أعوان الشيطان على أخيكم وأحكام الإسلام كلها مرتبة على هذا الأصل.
(الطرف الثاني: قول من يقول: إيمانهم باق كما كان لم ينقص ” بناءً على أن الإيمان هو مجرد التصديق والاعتقاد الجازم وهو لم يتغير وإنما نقصت شرائع الإسلام وهذا قول المرجئة والجهمية ومن سلك سبيلهم وهو أيضًا قول مخالف للكتاب والسنة وإجماع السابقين والتابعين لهم بإحسان. قال الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} وقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} – إلى قوله – {أولئك هم المؤمنون حقًا} وقال: {فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله} وقال: {ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم} وقال: {فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم {الإيمان بضع وسبعون شعبةً أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق} {وقال لوفد عبد القيس: آمركم بالإيمان بالله أتدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن تؤدوا خمس ما غنمتم} .
وأجمع السلف أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ومعنى ذلك أنه قول القلب وعمل القلب ثم قول اللسان وعمل الجوارح. فأما قول القلب فهو التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويدخل فيه الإيمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم الناس في هذا على أقسام: منهم من صدق به جملةً ولم يعرف التفصيل ومنهم من صدق جملةً وتفصيلًا ثم منهم من يدوم استحضاره وذكره لهذا التصديق ومنهم من يغفل عنه ويذهل ومنهم من استبصر فيه بما قذف الله في قلبه من النور والإيمان ومنهم من جزم به لدليل قد تعترض فيه شبهة أو تقليد جازم وهذا التصديق يتبعه عمل القلب وهو حب الله ورسوله وتعظيم الله ورسوله وتعزير الرسول وتوقيره وخشية الله والإنابة إليه والإخلاص له والتوكل عليه إلى غير ذلك من الأحوال فهذه الأعمال القلبية كلها من الإيمان وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد إيجاب العلة للمعلول. ويتبع الاعتقاد قول اللسان ويتبع عمل القلب الجوارح من الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك.
وعند هذا فالقول الوسط الذي هو قول أهل السنة والجماعة أنهم لا يسلبون الاسم على الإطلاق ولا يعطونه على الإطلاق. فنقول: هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن عاص أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ويقال: ليس بمؤمن حقًا أو ليس بصادق الإيمان. وكل كلام أطلق في الكتاب والسنة فلا بد أن يقترن به ما يبين المراد منه. والأحكام منها ما يترتب على أصل الإيمان فقط؛ كجواز العتق في الكفارة وكالموالاة والموارثة ونحو ذلك ومنها ما يترتب على أصله وفرعه: كاستحقاق الحمد والثواب وغفران السيئات ونحو ذلك.
إذا عرفت ” هذه القاعدة “. فالذي في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبةً ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن} والزيادة التي رواها أبو داود والترمذي صحيحة وهي مفسرة للرواية المشهورة. فقول السائل: هل حمل الحديث على ظاهره أحد من الأئمة؟ لفظ مشترك؛ فإن عنى بذلك أن ظاهره أن الزاني يصير كافرًا وأنه يسلب الإيمان بالكلية فلم يحمل الحديث على هذا أحد من الأئمة ولا هو أيضًا ظاهر الحديث لأن قوله {خرج منه الإيمان فكان فوق رأسه كالظلة} دليل على أن الإيمان لا يفارقه بالكلية فإن الظلة تظلل صاحبها وهي متعلقة ومرتبطة به نوع ارتباط.
وأما إن عنى بظاهره ما هو المفهوم منه كما سنفسره إن شاء الله فنعم؛ فإن عامة علماء السلف يقرون هذه الأحاديث ويمرونها كما جاءت ويكرهون أن تتأول تأويلات تخرجها عن مقصود رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نقل كراهة تأويل أحاديث الوعيد: عن سفيان. وأحمد بن حنبل – رضي الله عنهم – وجماعة كثيرة من العلماء ونص أحمد على أن مثل هذا الحديث لا يتأول تأويلًا يخرجه عن ظاهره المقصود به
وقد تأوله الخطابي وغيره تأويلات مستكرهةً مثل قولهم لفظه لفظ الخبر ومعناه النهي: أي ينبغي للمؤمن ألا يفعل ذلك وقولهم: المقصود به الوعيد والزجر دون حقيقة النفي وإنما ساغ ذلك لما بين حاله وحال من عدم الإيمان من المشابهة والمقاربة وقولهم: إنما عدم كمال الإيمان وتمامه أو شرائعه وثمراته ونحو ذلك وكل هذه التأويلات لا يخفى حالها على من أمعن النظر.
فالحق أن يقال: نفس التصديق المفرق بينه وبين الكافر لم يعدمه لكن هذا التصديق لو بقي على حاله لكان صاحبه مصدقًا بأن الله حرم هذه الكبيرة وأنه توعد عليها بالعقوبة العظيمة وأنه يرى الفاعل ويشاهده؛ وهو سبحانه وتعالى مع عظمته وجلاله وعلوه وكبريائه يمقت هذا الفاعل فلو تصور هذا حق التصور لامتنع صدور الفعل منه ومتى فعل هذه الخطيئة فلا بد من أحد ” ثلاثة أشياء “.
إما اضطراب العقيدة؛ بأن يعتقد بأن الوعيد ليس ظاهره كباطنه وإنما مقصوده الزجر كما تقوله: المرجئة. أو أن هذا إنما يحرم على العامة دون الخاصة كما يقوله الإباحية أو نحو ذلك من العقائد التي تخرج عن الملة. وإما الغفلة والذهول عن التحريم وعظمة الرب وشدة بأسه. وإما فرط الشهوة بحيث يقهر مقتضى الإيمان ويمنعه موجبه بحيث يصير الاعتقاد مغمورًا مقهورًا كالعقل في النائم والسكران وكالروح في النائم.
ومعلوم أن ” الإيمان ” الذي هو الإيمان ليس باقيًا كما كان؛ إذ ليس مستقرًا ظاهرًا في القلب واسم المؤمن عند الإطلاق إنما ينصرف إلى من يكون إيمانه باقيًا على حاله عاملًا عمله وهو يشبه من بعض الوجوه روح النائم؛ فإنه سبحانه: يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها؛ فالنائم ميت من وجه حي من وجه وكذلك السكران والمغمى عليه عاقل من وجه وليس بعاقل من وجه فإذا قال قائل: السكران ليس بعاقل فإذا صحا عاد عقله إليه كان صادقًا مع العلم بأنه ليس بمنزلة البهيمة إذ عقله مستور وعقل البهيمة معدوم؛ بل الغضبان ينتهي به الغضب إلى حال يعزب فيها عقله ورأيه وفي الأثر {إذا أراد الله نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم فإذا أنفذ قضاءه. وقدره رد عليهم عقولهم ليعتبروا} فالعقل الذي به يكون التكليف لم يسلب وإنما سلب العقل الذي به يكون صلاح الأمور في الدنيا والآخرة.
كذلك الزاني والسارق والشارب والمنتهب لم يعدم الإيمان الذي به يستحق ألا يخلد في النار وبه ترجى له الشفاعة والمغفرة وبه يستحق المناكحة والموارثة لكن عدم الإيمان الذي به يستحق النجاة من العذاب ويستحق به تكفير السيئات وقبول الطاعات وكرامة الله ومثوبته؛ وبه يستحق أن يكون محمودًا مرضيًا. وهذا يبين أن الحديث على ظاهره الذي يليق به.
والله أعلم.
—–
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله… كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة.
وإنما تأولناه على هذا المعنى لحديث أبي ذر وغيره من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق…
مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائرغير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبيرة كانوا في المشيئة، إن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولاً، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة.
معنى لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، أي لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن كامل الإيمان، بل لابد أن يكون إيمانه ناقصاً بهذا الزنى، وكذلك يقال في السارق.
فضيلة الشيخ محمد: «ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن»؟
*ابن عثيمين رحمه الله *
—–
قلت سيف بن دورة :
وأرسل صاحبنا فيصل كتاب شرح ابن تيمية لحديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فلخصته كالتالي:
– قول الخوارج والمعتزلة في أن صاحب الكبيرة مخلد في النار مخالف لنصوص الكتاب والسنة.
– المرجئة والجهمية يرون الفاسق تام وكامل الإيمان ويتأولون الحديث على أن المنفي موجب الإيمان وثمرته أو العمل به . ونحو ذلك من تأويلاتهم .
الصحابة التابعون واهل الحديث وأئمة السنة قال :لا يخلد في النار أهل التوحيد بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. والإيمان يتفاضل .
من وقع في الكبيرة قيل يخرجاه من مسمى الإيمان إلى الإسلام . بدليل ما نزل في الأعراب الذين قالوا آمنا قال الله :(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة الحجرات 14] وهذا قول أكثر أهل الحديث . وقيل بل هؤلاء أهل نفاق فلا يكون مسلما مثابا إلا من كان هو مؤمن .
قال والتحقيق : أن نفي الإيمان باعتبارين فمن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان يثاب على عمله وهو مسلم ومعه إيمان ولما يدخل كمال الإيمان قلبه فليس من ترك الطمأنينة في الصلاة كمن ترك الصلاة بالكلية . وكذلك يكتب له من صلاته عشرها تسعها. ….
والصائم الذي ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ليس كمن ترك الصوم.
ثم ذكر نفي الإيمان :
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)
[سورة التوبة 24]
وأن الزاني والشارب أبعد عن كون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما من هؤلاء التاركين الجهاد وإن كانوا يحبون الله ورسوله . لكن لم يقل له أنه أحب إليه مما سواهما. ولا انه متصف بذلك وقت الشرب . فقد يتصف العبد بالاحبية في حال دون حال . ولا بد في الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
ومن هنا غلطت الجهمية والمرجئة حيث جعلوا الإيمان من باب القول أما قول القلب الذي هو علمه أو معنى غير العلم عند من يقول بذلك وهذا قول الجهمية وأكثر من تبعهم كأكبر الأشاعرة وبعض متأخري الحنفية. وإما قول القلب واللسان كالمشهور عن المرجئة . ولم يجعلوا عمل القلب كحب الله ورسوله. وخوف الله من الإيمان فغلطوا في هذا الأصل .
وغطلت الجهمية غلطا أعظم وهو انهم ظنوا أن القلب يقوم به الإيمان قياما لا يظهر على الجوارح . فظنوا أن الرجل يقوم به تصديق تام بالرسول ومحبة تامه وهو مع ذلك يشتمه .
وغلطوا غلطا ثالثا فقالوا كل من حكم الشرع بكفره في الظاهر فهذا دليل على أنه جاحد في الباطن وهذه مكابرة
ولابد في الإيمان المنجي من قول القلب وعمل القلب . لذا أطلق السلف الإيمان قول وعمل
و أن القلب اذا كان فيه تصديق وإيمان لا بد أن يظهر على الجوارح.
ثم بين ابن تيمية أن من أحب شيئا انشغل به عمن سواه …… ولما كان يوسف عليه الصلاة والسلام مشتغل بحب الله اعرض عن امرأة العزيز مع وجود الدواعي والتهديدات . وما ينقل أن حاول وخلع سراويله أو. …. كل هذا كذب . وقد ينقل بعض السلف عن أهل الكتاب أقوال لا يتبين لهم كذبها . وإنما يتبين لمن بعدهم كذبها .
ثم فصل ابن تيمية في مسألة أن العمل المقبول لابد معه من إخلاص واتباع