158 جامع الأجوبة الفقهية ص 197
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
باب المسح على الخفين
مسألة: إذا لبس الخفين ثم أحدث ثم مسح عليهما ثم لبس الجرموقين؟
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- بحثنا في المسألة السابقة أن الذين قالوا بجواز المسح على الجرموقين إذا لبسا فوق الخفين، اختلفوا في بعض شروط هذا المسح، ومنها شرط الطهارة.
وذكرنا أحدى الصور لهذه المسألة وهي: “إذا لبس المتوضئ الخفين على طهارة، ثم أحدث، ثم لبس خفين آخرين أو جرموقين فوقهما، فما حكم المسح عليهما؟” وذكرنا خلاف الفقهاء فيها.
وهنا البحث في صورة أخرى وهي ” إذا لبس الخفين ثم أحدث ثم مسح عليهما ثم لبس الجرموقين” بمعنى أنه لبس الخف الأعلى بعد أن مسح على الخف الأسفل.
♢- اختلف الفقهاء في هذه الصورة على قولين اثنين:
♢- الأول: لا يمسح إلا على الأسفل، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة، وقول في مذهب المالكية، ووجه في مذهب الشافعية.
وحجتهم:
قالوا: إن الخف الأعلى لم يلبسه على طهارة مائية، وهي شرط في المسح على الخف، وليس المطلوب مطلق الطهارة، ولذلك لو كانت طهارته بالتيمم لم يمسح الخف فيها إذا وجد الماء، ولا يقال: ما دام أن التيمم مطهر فليمسح عليهما؛ لأنه يصدق عليه أنه لبسهما، وهو طاهر.
انظر: الاختيار لتعليل المختار (1/ 24)، المغني (1/208)، مواهب الجليل (1/319)، المجموع (1/506)
♢- القول الثاني: جواز المسح على الأعلى، وهو قول في مذهب المالكية، وأصح الوجهين في مذهب الشافعية ورجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وحجتهم:
قالوا: إذا كان المسح على الخفين رافعاً للحدث، فإذا لبس الخف الأعلى بعد المسح يصدق عليه أنه أدخل رجليه الخف، وهما طاهرتان، فجاز له أن يمسح.
انظر: مختصر خليل للخرشي (1/178)، مواهب الجليل (1/319)، المجموع (1/506).
♢- رأي الحنفية في المسألة:
قال في الاختيار لتعليل المختار (1/24):
“قال: ويجوز المسح على الجرموق فوق الخف لما روي «أنه – عليه الصلاة والسلام – مسح على الجرموقين» ، ولأنهما كخف ذي طاقين، ومعناهما ؛ إذا لبسهما على الخفين قبل الحدث، حتى لو لبسهما بعد الحدث أو بعد ما مسح على الخف لا يمسح عليهما ; لأن الحدث حل الخف”. انتهى
وفي المبسوط للسرخسي (1/102):
“فأما إذا كان مسح على الخف أولا ثم لبس الجرموق فليس له أن يمسح على الجرموق؛ لأن حكم المسح استقر على الخف”. انتهى
♢- رأي المالكية في المسألة:
قال الخرشي في شرح مختصر خليل (1/178):
“وشرط مسحه على الأعليين أن يكون لبسهما وهو على الطهر الذي لبس بعده الأسفلين أو بعد أن أحدث ومسح على الأسفلين”. انتهى
وفي مواهب الجليل (1/319):
“قال في الطراز: وزعم اللخمي أن الخلاف إنما هو إذا لبس الأعليين عقب طهارة غسل الرجلين فأما إذا لبس الأول ثم أحدث فتوضأ ومسح عليه ثم لبس خفا آخر ثم أحدث فإنه يمسح على الأعلى قولا واحدا وتأويله هذا لا يوافق عليه بل القولان لمالك مطلقا، بل الصورة التي جعل فيها الخلاف هي أولى بالجواز قولا واحدا والتي جعل فيها الجواز قولا واحدا هي أحرى بالخلاف، انتهى بالمعنى. وما قاله صاحب الطراز ظاهر، والله أعلم”. انتهى
♢- رأي الشافعية في المسألة:
قال الإمام النووي في شرح المهذب (1/506):
“وإن لبس الخف على طهارة ثم أحدث ومسح عليه ثم لبس الجرموق على طهارة المسح ففي جواز المسح عليه وجهان مشهوران وقد ذكرهما المصنف بعد هذا أحدهما يجوز المسح لأنه لبسهما على طهارة والثاني لا لأنها طهارة ناقصة هكذا علله الأكثرون قال المحاملي وغيره الوجهان مبنيان على الخلاف في المسح على الخف هل يرفع الحدث عن الرجل قال الروياني الأصح منع المسح وهو قول الداركي وقال غيره الأصح الجواز وهو قول الشيخ أبي حامد ومقتضى كلام الرافعي وغيره ترجيحه وهو الأظهر المختار لأنه لبس على طهارة وقولهم إنها طهارة ناقصة غير مقبول”. انتهى
♢- رأي الحنابلة في المسألة:
قال ابن قدامة في المغني (1/208):
“وإن مسح على الأولين، ثم لبس الجرموقين، لم يجز المسح عليهما أيضا. ولأصحاب الشافعي وجه في تجويزه؛ لأن المسح قائم مقام غسل القدم. ولنا أن المسح على الخف لم يزل الحدث عن الرجل، فكأنه لبسه على حدث؛ ولأن الخف الممسوح عليه بدل والبدل لا يكون له بدل؛ ولأنه لبسه على طهارة غير كاملة، فأشبه المتيمم”. انتهى
وفي الروض المربع (ص: 35):
“وإن أحدث ثم لبس الفوقاني قبل المسح التحتاني أو بعده لم يمسح الفوقاني بل ما تحته”. انتهى
♢- ورجح الشيخ ابن عثيمين القول بالجواز كما في الشرح الممتع (1/257) حيث قال:
” فإن لبس الأعلى بعد أن أحدث، ومسح الأسفل فالحكم للأسفل، كما لو لبس خفا ثم أحدث، ثم مسح عليه، ثم لبس خفا آخر فوق الأول وهو على طهارة مسح عند لبسه للثاني، فالمذهب أن الحكم للتحتاني؛ لأنه لبس الثاني بعد الحدث. وقال بعض العلماء: إذا لبس الثاني على طهارة؛ جاز له أن يمسح عليه؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإني أدخلتهما طاهرتين»، وهو شامل لطهارتهما بالغسل والمسح، وهذا قول قوي كما ترى. ويؤيده: أن الأصحاب _ رحمهم الله _ نصوا على أن المسح على الخفين رافع للحدث، فيكون قد لبس الثاني على طهارة تامة، فلماذا لا يمسح؟”. انتهى