1571 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———‘——–‘———-
الصحيح المسند:
1571 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا الحسن بن علي وابن بشار قالا حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا.
وقال الحسن حديثا وكلاما ولم يذكر الحسن السمت والهدي والدل برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
هذا حديث حسن.
الحديث رواه الترمذي (ج10 ص374) وزاد فيه: فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها فبكت، ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت»، فقلت: ” إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا فإذا هي من النساء، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لها: أرأيت حين أكببت على النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت، ما حملك على ذلك “؟ قالت: إني إذا لبذرة أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقا به فذاك حين ضحكت “: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عائشة»
قال أبو عبد الرحمن: بعض ألفاظه في الصحيح
…………………………..
قولها: (ما رأيت أحد أشبه سمتا) بفتح فسكون (ودلا) بفتح دال وتشديد لام (وهديا) بفتح فسكون قال في فتح الودود هذه الألفاظ متقاربة المعاني فمعناها الهيئة والطريقة وحسن الحال ونحو ذلك انتهى
وفسر الراغب الدل بحسن الشمائل وأصله من دل امرأة وهو شكلها وما يستحسن منها
قال التوربشتي: كأنها أشارت بالسمت إلى ما يرى على الإنسان من الخشوع والتواضع لله وبالهدي ما يتحلى من السكينة والوقار وإلى ما يسلكه من المنهج المرضي وبالدل حسن الخلق ولطف الحديث (قالت) أي عائشة (وكانت إذا دخلت) أي فاطمة (قام إليها) أي مستقبلا ومتوجها إليها (فقبلها) وفي رواية أبي داود فأخذ بيدها فقبلها (وأجلسها في مجلسه) أي تكريما لها.
قولها: (بذرة) قال في النهاية: البَذِر: الذي يُفْشي السّرَّ ويُظْهر ما يَسْمعه.
جاء كذلك من حديث عائشة في الصحيحين قالت: إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم عنده جميعا لم تغادر منا واحدة فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي ولا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما رآها رحب وقال (مرحبا بابنتي). ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاء شديدا فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه و سلم بالسر من بيننا ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله صلى الله عليه و سلم سألتها عم سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه و سلم سره. فلما توفي قلت: لها عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني قالت: أما الآن فنعم فأخبرتني قالت: أما حين سارني في الأمر الأول؛ فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة. (وإنه قد عارضني به العام مرتين ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك). قالت فبكيت بكائي الذي رأيت فلما رأى جزعي سارني الثانية قال (يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة)
وفي الحديث من الفوائد:
– جواز مسارة الواحد مع الواحد بحضرة الجماعة؛ لأن المنهى الذي يخاف من ترك الواحد، لا يخاف من ترك الجماعة.
– جواز إفشاء السر إذا زال ما يترتب على إفشائه من المضرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسر إليها لم تحدث به الا بعد موته.
– جواز تقبيل الأب ابنته البالغة.
– القيام للضيف.
– دليل على فضيلة فاطمة أنها أول من يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم.
– توجيه للناس لإكرام البنت، لا يكون الإكرام والعناية والحفاوة بالذكر دون الأنثى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم بناته، ويستقبلهن، فاطمة وغيرها أحسن استقبال.
(شرح الادب المفرد للشيخ محمد بن سعيد رسلان 5/ 3859)
مسألة القيام للقادم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية إجابة مفصلة مبنية على الأدلة الشرعية رأينا ذكرها لوفائها بالمقصود، قال رحمه الله تعالى: (لم تكن عادة السلف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه السلام، كما يفعله كثير من الناس، بل قال أنس بن مالك: (لم يكن شخص أحب إليهم من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك). رواه الترمذي (2754) وصححه الألباني في صحيح الترمذي. ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقيا له، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لعكرمة. وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ: “قوموا إلى سيدكم” رواه البخاري (3043) ومسلم (1768). وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة؛ لأنهم نزلوا على حكمه.
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يعدل أحد عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه. وينبغي للمطاع أن لا يقر ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد.
وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقيا له فحسن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام، ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له؛ لأن ذلك أصلح لذات البين وإزالة التباغض والشحناء، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في ترك ذلك إيذاء له، وليس هذا القيام المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار). رواه الترمذي (2755) وصححه الألباني في صحيح الترمذي. فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد، ليس هو أن يقوموا له لمجيئه إذا جاء، ولهذا فرقوا بين أن يقال قمت إليه وقمت له، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قاعدا من مرضه وصلوا قياما أمرهم بالقعود، وقال: (لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضا) وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود وجماع ذلك كله الذي يصلح، اتباع عادات السلف وأخلاقهم والاجتهاد عليه بحسب الإمكان.
فمن لم يعتقد ذلك ولم يعرف أنه العادة وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام مفسدة راجحة فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتفويت أدناهما). انتهى كلام شيخ الإسلام. مجموع الفتاوى 1/ 376
ومما يزيد ما ذكره إيضاحا ما ثبت في الصحيحين في قصة كعب بن مالك لما تاب الله عليه وعلى صاحبيه رضي الله عنهم جميعا، وفيه أن كعبا لما دخل المسجد قام إليه طلحة بن عبيد الله يهرول فسلم عليه وهنأه بالتوبة، ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على جواز القيام لمقابلة الداخل ومصافحته والسلام عليه. ومن ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وأخذت بيده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت عليه قام إليها وأخذ بيدها وأجلسها مكانه ” حسنه الترمذي.