157 جامع الأجوبة الفقهية ص 196
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-
باب المسح على الخفين
مسألة: إذا لبس خفين ثم أحدث ثم لبس فوقهما خفين أو جرموقين؟
———-‘——-‘——-
– تعريف الجُرْمُوق:
قال في مواهب الجليل (1/ 318): “الجرموقان بضم الجيم والميم بينهما راء ساكنة قال في التوضيح فسره مالك بأنه جورب مجلد من تحته ومن فوقه”.
وعرفه في الفواكه الدواني (1/ 160): بأنه “خف غليظ لا ساق له”.
وفي كشاف القناع (1/ 130): “الجُرموق: خف يلبس فوق الخف المعتاد، لاسيما في بلاد الباردة “.
وفي المبدع (1/ 113): الموق هو الجرموق، وهو خف صغير، وقال الجوهري: هو مثال الخف يلبس فوقه لا سيما في البلاد الباردة، وهو معرب، وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف. انتهى
– حكم المسح على الجرموق:
إذا لبس الجرموقين بدون خفين فجمهور الفقهاء على جواز المسح عليهما واختلفوا في حال لبسهما على الخفين، فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (15/ 144): لا خلاف بين جمهور الفقهاء في أن الجرموقين إذا لبسا وحدهما بدون خفين يجوز المسح عليهما، واختلفوا فيما إذا لبسا فوق الخفين:
فذهب الحنفية والحنابلة وهو المذهب لدى المالكية ومقابل الأظهر عند الشافعية، إلى أنه يجوز المسح على الجرموقين … وقال مالك في رواية: إنه لا يمسح على الجرموقين أصلا. وهو الأظهر عند الشافعية فيما إذا لبسهما فوق الخفين. انتهى
وقد رجح المزني قول الشافعي في القديم من مذهبه بجواز المسح على الجرموق خلافًا لقوله الجديد بالمنع من ذلك تحرزًا من انفراد الشافعي عن سائر العلماء الذين وافقوه في مذهبه القديم. قال المزني -رحمه الله-: قال الشافعي – رضي الله عنه -: ولا يمسح على جرموقين. قال (يعني الشافعي) في القديم يمسح عليهما (قال المزني) قلت أنا: ولا أعلم بين العلماء في ذلك اختلافًا وقوله (يعني قول الشافعي) معهم (يعني مع العلماء) أولى به من انفراده عنهم .. اهـ. انظر الحاوي للماوردي (1/ 366).
واحتج من قال بجواز المسح على الجرموق بحديث بلال رضي الله عنه قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على موقيه”. أخرجه أبو داود (1/ 106 – 107)، والحاكم في ” المستدرك ” (1/ 170) وقال الحاكم: ” هذا حديث صحيح “. وموقيه أي الجرموق عندهم.
وقال ابن سيد الناس في النفح الشذي شرح جامع الترمذي (2/ 383): “وأما المسح على الجرموقين فقال: ثنا ابن إدريس، عن يزيد بن أبي زياد؛ قال: رأيت على إبراهيم جرموقين من لبود يمسح عليهما”. انتهى
– والذين قالوا بجواز المسح على الجرموقين إذا لبسا فوق الخفين، اختلفوا في بعض شروط هذا المسح، ومنها شرط الطهارة، وهي نقطة البحث.
– صورة المسألة:
إذا لبس المتوضئ الخفين على طهارة، ثم أحدث، ثم لبس خفين آخرين أو جرموقين فوقهما، فما حكم المسح عليهما؟
– اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين اثنين:
– الأول: لا يجوز له المسح عليهما. وهذا قول الحنفية والمالكية في قول، والشافعية على المذهب عندهم، والحنابلة.
بل نقل ابن قدامة نفي الخلاف على ذلك فقال في المغني (1/ 208):
“إذا لبس خفين، ثم أحدث، ثم لبس فوقهما خفين أو جرموقين، لم يجز المسح عليهما، بغير خلاف؛ لأنه لبسهما على حدث”. انتهى
– وحجتهم في ذلك:
1 – أن من لبس الخفين الفوقيين بعد الحدث، لم يحقق شرط المسح على الخفين، وهو أن يلبسهما على طهارة؛ فلم يجز له المسح عليهما. قال حاشية ابن عابدين (1/ 179): فكما لبس الأسفل على طهارة يجب أن يلبس الأعلى على طهارة كذلك. انتهى
2 – أن ابتداء مدة المسح من وقت الحدث -هذا على قولٍ للعلماء-، وقد انعقد في الخف الأول؛ فلا يتحول إلى الخف الثاني بعد ذلك.
قال الإمام الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 11):
ثم إنما يجوز المسح على الجرموقين عندنا إذا لبسهما على الخفين قبل أن يحدث فإن أحدث ثم لبس الجرموقين لا يجوز المسح عليهما سواء مسح على الخفين أو لا، أما إذا مسح فلأن حكم المسح استقر على الخف فلا يتحول إلى غيره. وأما إذا لم يمسح فلأن ابتداء مدة المسح من وقت الحدث وقد انعقد في الخف فلا يتحول إلى الجرموق بعد ذلك، ولأن جواز المسح على الجرموق لمكان الحاجة لتعذر النزع وهنا لا حاجة لأنه لا يتعذر عليه المسح على الخفين ثم لبس الجرموق فلم يجز ولهذا لم يجز المسح على الخفين إذا لبسهما على الحدث كذا هذا. انتهى
وانظر: البحر الرائق (1/ 189)، المبسوط للسرخسي (1/ 185)
– القول الثاني في هذه المسألة: أنه يجوز المسح على الجرموقين، وهذا قول عند المالكية ووجه عند الشافعية. انظر: التاج والإكليل (1/ 467)، ومواهب الجليل (1/ 319)، والمجموع (1/ 506)
– وحجتهم بأنه كما لو لبس الخف على طهارة، ثم أحدث، ثم رقع فيه رقعة
– وقد ضعف هذا القول الإمام النووي رحمه الله فقال شرحه للمهذب (1/ 506)
“فإن لبس الخفين على طهارة ثم لبس الجرموقين على حدث لم يجز المسح عليهما على المذهب وبه قطع العراقيون وصححه الخراسانيون لأنه لبس ما يمسح عليه على حدث وفيه وجه ضعيف للخراسانيين أنه يجوز كما لو لبس الخف على طهارة ثم أحدث ثم رقع فيه رقعة”. انتهى
– وقال في التعليقة للقاضي حسين (1/ 521):
“فأما إذا لبس الجرموقين بعد الحدث، وقبل الطهارة، والمسح، إن جعلناهما كالطهارة جاز، كما لو ألصق بالخف طاقة بعد الحدث، وإن جعلناهما كالخفين والأسفلين، كاللفافة لم يجز، وكذلك إذا جعلناهما بدل الأسفلين، لأن شرط صحة البدل وقوعه على كمال الطهارة كالأصل سواء”. انتهى
– قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1/ 257):
“فلو لبس خفا ثم أحدث، ثم لبس خفا آخر فالحكم للتحتاني، فلا يجوز أن يمسح على الأعلى. فإن لبس الأعلى بعد أن أحدث، ومسح الأسفل فالحكم للأسفل، كما لو لبس خفا ثم أحدث، ثم مسح عليه، ثم لبس خفا آخر فوق الأول وهو على طهارة مسح عند لبسه للثاني، فالمذهب أن الحكم للتحتاني؛ لأنه لبس الثاني بعد الحدث … أما لو لبس الثاني وهو محدث فإنه لا يمسح؛ لأنه لبسه على غير طهارة”. انتهى