157 (ب) عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
15 – باب المحافظة عَلَى الأعمال
157 – عن عمرَ بن الخطاب رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “منْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْل، أَو عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرأَه مَا بينَ صلاةِ الْفَجِر وَصلاةِ الظهرِ، كُتب لَهُ كأَنما قرأَهُ مِن اللَّيْلِ “رواه مسلم.
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقضاه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، يعني فكأنما صلاه في ليلته.
قال النووي:” هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وزعم أنه معلل بأن جماعة رووه هكذا مرفوعا، وجماعة رووه موقوفا، وهذا التعليل فاسد، والحديث صحيح، وإسناده صحيح أيضا، … ثم قال: الصواب الذي عليه الفقهاء والأصوليون، ومحققو المحدثين أنه إذا روي الحديث مرفوعا وموقوفا، أو موصولا ومرسلا، حكم بالرفع والوصل؛ لأنها زيادة ثقة، وسواء كان الرافع والواصل أكثر، أو أقل في الحفظ والعدد”. (شرح مسلم للنووي)
قال الأثيوبي:” النقاد من محققي المحدثين إنما يرجحون حسب القرائن، فتارة يرجحون هذا، وتارة يرجحون العكس، فصنيعهم جار حسب القرائن”.
ثم قال:” لكن حديث الباب صحيح كما قال، وليس للقاعدة المطلقة التي ذكرها، وإنما لوجود ما ذكرناه، مما يرجح الرفع، وذلك لأن يونس لم ينفرد برفعه، بل تابعه عليه عقيل عند ابن خزيمة في “صحيحه” 2/ 195 رقم (1171)، وكذا عند أبي عوانة في “مسنده” 2/ 14 رقم (2136). وأيضا الوقف في مثل هذا له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا مما لا ينال بالرأي.”. (البحر المحيط الثجاج للإتيوبي)
(نام عن حزبه) في رواية ابن ماجه (من نام عن جزئه) قال ابن علان:” بكسر المهملة وسكون الزاي، قال القاضي عياض: أصله النوبة من ورد الماء ثم نقل إلى ما يجعله الإنسان على نفسه من صلاة وقراءة وغيرها” (دليل الفالحين)
قال في المصباح المنير:” الورد الذي يعتاده الشخص، من صلاة، وقراءة، وغير ذلك.
قال السيوطي -رحمه الله-: الحزب هو الجزء من القرآن يصلي به،
وقال العراقي -رحمه الله-: هل المراد به صلاة الليل، أو قراءة القرآن في صلاة، أو غير صلاة؟ يحتمل كلا من الأمرين. (البحر المحيط الثجاج للإتيوبي)
ذكر بعضهم أن في قوله (حزبه من الليل) الليل خرج مخرج الغالب لأن الإنسان ينام عن حزبه في الليل لأن الليل موطن النوم أم إذا كان عنده حزب في النهار في الغالب لا ينام. فمن نام عن حزبه ولو في النهار له أن يقضيه ويأتي به.
قال ابن عثمين:” والحزب معناه: هو الجزء من الشيء، ومنه أحزاب القرآن، ومنه أيضاً الأحزاب من الناس، يعني الطوائف منهم، فإذا كان الإنسان لديه عادة يصليها في الليل؛ ولكنه نام عنها، أو عن شيء منها فقضاه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ فكأنما صلاَّه في ليلته، ولكن إذا كان يوتر في الليل؛ فإنه إذا قضاه في النهار لا يوتر، ولكنه يشفع الوتر، أي يزيده ركعة، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث ركعات فليقض أربعة، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس فليقض ستاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بسبع فليقض ثماني وهكذا.” (شرح رياض الصالحين)
(قوله حزبه) أضافه إليه لأنه ملازم له مواظب على فعله.
قوله: (كتب له كأنما قرأه من الليل) قال القرطبي: هذا الفضل من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القيام. (المفهم للقرطبي)
قال الباجي في المنتقى: قال مالك فيمن فاته حزبه من الليل فذكره بعد طلوع الفجر يصليه فيما بينه وبين صلاة الظهر لأنه أقرب وقت يمكنه فيه فعله والإتيان به. قال الطيبي -رحمه الله-: قال المظهر: إنما خص قبل الظهر بهذا الحكم؛ لأنه متصل بآخر الليل بغير فصل، سوى صلاة الصبح، ولهذا لو نوى الصائم قبل الزوال صوم نافلة جاز، وبعده لم يجز. (المنتقى شرح الموطأ)
حتى يكتب له الأجر كأنما قرأه من الليل يشترط فيه شرطان:
1 – أن يكون مواظب على هذا الحزب (من نام عن حزبه) نسبة الحزب إليه دليل على أنه مواظب عليه.
2 – أن يكون تركه لعذر (من نام عن حزبه) والنوم عذر، فمن تركه متعمدا ليس له أن يقضي.
هذا الحديث فيه دليل على أن الإنسان ينبغي له إذا كان يعتاد شيئاً من العبادة أن يحافظ عليها، ولو بعد ذهاب وقتها. قال ابن باز” هذا من فضل الله حتى يستمر الخير.” (شرح رياض الصالحين)
ودليل ذلك حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع من الليل؛ صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
قال الشوكاني: والحديث يدل على مشروعية اتخاذ ورد في الليل وعلى مشروعية قضائه إذا فات لنوم أو عذر من الأعذار، وأن من فعله ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر كان كمن فعله في الليل. وفي استحباب قضاء التهجد إذا فاته من الليل. ولم يستحب أصحاب الشافعي قضاءه. إنما يستحبوا قضاء السنن الرواتب.
ويؤخذ من الحديث الذي ذكره المؤلف أنه ينبغي للإنسان المداومة على فعل الخير، وألا يدع ما نسيه إذا كان يمكن قضاؤه، أما ما لا يمكن قضاؤه فإنه إذا نسيه سقط، مثل سنة دخول المسجد التي تسمى تحية المسجد، إذا دخل الإنسان المسجد، ونسى وجلس وطالت المدة؛ فإنه لا يقضيها؛ لأن هذه الصلاة سنة مقيدة بسبب، فإذا تأخرت عنه سقطت سنتها (شرح الرياض للعثيمين)
قال فيصل آل مبارك:” في هذا الحديث: دليل على أنَّ كل وَرْدٍ من قول أو فعل، يفوت الإنسان أنه يثبت له أجره إذا قضاه كاملًا.” (تطريز رياض الصالحين)
في هذا دلالة على أنه ينبغي للإنسان إذا اعتاد شيئاً من العبادة أن يحافظ عليها ولو بعد ذهاب وقتها.