1556 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري
ومراجعة حسين البلوشي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——-‘——–
الصحيح المسند 1556
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول : من خلقك ؟ فيقول : الله ، فيقول : فمن خلق الله ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقرأ : آمنت بالله ورسله ؛ فإن ذلك يذهب عنه .
———
مشاركة عبدالله البلوشي ابي صالح:
*الحديث أورده البخاري رحمه الله في صحيحه:*
أولا: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده
قال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا ، حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته
ثانيا: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه :
حديث أنس بن مالك ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا : هذا الله خالق كل شيء ، فمن خلق الله
*قال ابن حجر رحمه الله (باختصار) في الفتح:*
قال الطيبي إنما أمر بالاستعاذة والاشتغال بأمر آخر ولم يأمر بالتأمل والاحتجاج لأن العلم باستغناء الله جل وعلا عن الموجد أمر ضروري لا يقبل المناظرة ولأن الاسترسال في الفكر في ذلك لا يزيد المرء إلا حيرة ومن هذا حاله فلا علاج له إلا الملجأ إلى الله تعالى والاعتصام به وفي الحديث إشارة إلى ذم كثرة السؤال عما لا يعني المرء وعما هو مستغن عنه وفيه علم من أعلام النبوة لإخباره بوقوع ما سيقع فوقع.
*وقال الحافظ في موضع آخر من الفتح (باختصار):*
قوله فمن خلق الله في رواية بدء الخلق من خلق ربك وزاد فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته
وفي لفظ لمسلم فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله
وزاد في أخرى ورسله ولأبي داود والنسائي من الزيادة فقولوا الله أحد الله الصمد السورة ثم ليتفل عن يساره ثم ليستعذ
ولأحمد من حديث عائشة فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسوله فإن ذلك يذهب عنه
ولمسلم في رواية أبي سلمة عن أبي هريرة نحو الأول وزاد فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فذكر سؤالهم عن ذلك وأنه رماهم بالحصا.
نقل الخطابي المراد بصريح الإيمان هو الذي يعظم في نفوسهم إن تكلموا به ويمنعهم من قبول ما يلقي الشيطان فلولا ذلك لم يتعاظم في أنفسهم حتى أنكروه وليس المراد أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان بل هي من قبل الشيطان وكيده.
قال الطيبي وقـوله يعظم أن نتكلم به أي للعلم بأنه لا يليق أن نعتقده
وقـوله ذاك صريح الإيمان أي علمكم بقبيح تلك الوساوس وامتناع قبولكم ووجودكم النفرة عنها دليل على خلوص إيمانكم فإن الكافر يصر على ما في قلبه من المحال ولا ينفر عنه
وقـوله في الحديث الآخر فليستعذ بالله ولينته أي يترك التفكر في ذلك الخاطر ويستعيذ بالله إذا لم يزل عنه التفكر والحكمة في ذلك أن العلم باستغناء الله تعالى عن كل ما يوسوسه الشيطان أمر ضروري لا يحتاج للاحتجاج والمناظرة فإن وقع شيء من ذلك فهو من وسوسة الشيطان وهي غير متناهية فمهما عورض بحجة يجد مسلكا آخر من المغالطة والاسترسال فيضيع الوقت إن سلم من فتنته فلا تدبير في دفعه أقوى من الإلجاء إلى الله تعالى بالاستعاذة به كما قال تعالى وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله الآية.
انتهى النقل من الفتح
======
قال النووي :
[١٣٤] فقوله صلى الله عليه وسلم ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان .
وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد فعلى هذا معنى الحديث سبب الوسوسة محض الإيمان أو الوسوسة علامة محض الإيمان وهذا القول اختيار القاضي عياض
قال الإمام المازري رحمه الله والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر فى دليل اذلا أصل له ينظر فيه وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها والله أعلم
– شرح النووي على مسلم .
—–
قال ابن عثيمين : لطرد الوسوسة ذكر
أربعة أشياء :
الأول: الانتهاء عن هذه الوساوس ، يعني الإعراض عنها بالكلية وتناسيها حتى كأنها لم تكن ، والاشتغال عنها بالأفكار السليمة .
الثاني : الاستعاذة منها ومن الشيطان الرجيم .
الثالث : أن يقول : آمن بالله ورسوله .
الرابع : أن يقول : الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . ويتفل عن يساره ثلاثاً ويقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
======
قوله ( ذاك صريح الإيمان ) قال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى 7/282 ) : أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد ، و الصريح الخالص كاللبن الصريح وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان فصار صريحا اهـ
وقال أيضاً : مجموع الفتاوى 14 / 108
وهذه الوسوسة هي مما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان فإذا كرهه العبد و نفاه كانت كراهته صريح الإيمان اهـ
وقل أيضاً : مجموع الفتاوى 22 / 608
قال كثير من العلماء : فكراهة ذلك وبغضه وفرار القلب منه هو صريح الإيمان والحمد لله الذي كان غاية كيد الشيطان الوسوسة ، فإن شيطان الجن إذا غُلِبَ وسوس ، وشيطان الإنس إذا غُلِبَ كَذَبَ . والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره لابد له من ذلك فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر فانه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا اهـ
وقال في درء التعارض 3 / 318
وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك : بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه : بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس ، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه ، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة اهـ
—-‘—-
الحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 116
قال الشيخ الألباني:
دلت هذه الأحاديث الصحيحة على أنه يجب على من وسوس إليه الشيطان بقوله: من خلق الله؟ أن ينصرف عن مجادلته إلى إجابته بما جاء في الأحاديث المذكورة، وخلاصتها أن يقول: ” آمنت بالله ورسله، الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. ثم يتفل عن يساره ثلاثا، ويستعيذ بالله من الشيطان، ثم ينتهي عن الانسياق مع الوسوسة.
وأعتقد أن من فعل ذلك طاعة لله ورسوله، مخلصا في ذلك أنه لابد أن تذهب الوسوسة عنه، ويندحر شيطانه لقوله – صلى الله عليه وآله وسلم -: ” فإن ذلك يذهب عنه “.
وهذا التعليم النبوي الكريم أنفع وأقطع للوسوسة من المجادلة العقلية في هذه القضية، فإن المجادلة قلما تنفع في مثلها. ومن المؤسف أن أكثر الناس في غفلة عن هذا التعليم النبوي الكريم، فتنبهوا أيها المسلمون، وتعرفوا إلى سنة نبيكم، واعملوا بها، فإن فيها شفاءكم وعزكم.
“الصحيحة” (1/ 1/233 – 236).
حكم الشك في وجود الله بسبب وسوسة الشيطان :
قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي:
السؤال
هل يدخل في كفر الشك والظن ما يعتري قلب المؤمن في بعض الأحيان من الشك في أشياء اعتقادية، كوجود الله وغيره لوسوسة الشيطان؟
الجواب
على الإنسان أن يستعيذ بالله من الشيطان ومن وساوسه، وأن يدافعها ولا تضره إذا دافعها واستعظمها، ولهذا استعظم الصحابة رضوان الله عليهم هذا الشيء، وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه شيئاً لا يستطيع أن يتكلم به -يعني: من عظمه- لأن يخر من السماء خير له من أن يتكلم به -وفي بعض الروايات: لأن يكون حممة- أي: فحمة -تحترق ولا يتكلم به- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقد وجدتموه؟! ذاك صريح الإيمان) يعني: أن كتم الوسوسة ودفعها واستعظام التكلم بها هو طريق الإيمان، فهذا عدو الله يريد أن يتعب الإنسان، فعلى الإنسان أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وجاء في الحديث الآخر: (أن الشيطان لا يزال بالإنسان يوسوس له، ثم يقول: هذا خلقه الله وهذا خلق الله، فمن خلق الله؟! فإذا وجد ذلك فليستعذ بالله ولينته) يعني: ليقطع الشك فيه، ولينظر في عمله، فإذا وجد شيئاً من ذلك قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويقطع الشك فيه، وجاء في بعضها (ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:1 – 4]).
وفي بعضها (يقرأ: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]).
والمقصود أن الإنسان إذا وجد شيئاً من ذلك فإنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي، ولا يسترسل في التفكير، ولينظر في عمله، ويقرأ سورة (قل هو الله أحد)، وقوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ} [الحديد:3] ولا يضره ذلك إن شاء الله.
دروس في العقيدة (12\15)
——–‘——-‘——-
يثاب المرء على إعراضه عن هذه الوساوس ومجاهدته للشيطان لأمور :
1- مدح النبي صلى الله عليه وسلم كراهة هذه الوسوسة المتعلقة بالتشكيك في العقيدة بقوله : (ذاك صريح الإيمان) . ومن لوازم كراهة هذه الوسوسة الإعراض عنا ، وعدم الاسترسال معها.
2- امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ( ولينته ) .
3- قوله صلى الله عليه وسلم في سجدتي السهو : ( كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ ) ففيه الحث على ترغيم الشيطان وإذلاله ، وترغيمه هنا إنما هو بالإعراض عن هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها مع ما أرشد الله ورسوله إليه من الاستعاذة بالله من الشيطان وغير ذلك .
4- ما يصيب المؤمن من ضيقٍ وهمٍّ من هذه الوساوس قد يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) البخاري (5642) ومسلم (2573) .
5- كذلك قول شيخ الإسلام رحمه الله (كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد) . فتشبيهه ذلك بالمجاهد ووصفه بأنه أعظم الجهاد يؤخذ منه أنه يثاب عليه .
—–
هل صريح الإيمان في عمل آخر :
أخرج الحارث فقال في مسنده (كما في الزوائد 1/156): حدثنا يونس بن محمد، ثنا ليث _ يعني: ابن سعد _ ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، أنه سمع ابن أبي رافع يقول إن رجلًا، حدثه أنه سمع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ يقول حين سأله: ما الإيمان يا رسول الله؟ قال: (( الإيمان أن تؤمن بالله ورسوله ))، ثم سأله الثانية، فقال مثل ذلك، ثم سأله الثالثة، فقال: (( أتحب أن أخبرك ما صريح الإيمان؟ )) قال: ذلك أردت. قال: (( إن صريح الإيمان إذا أسأت أو ظلمت أحدًا عبدك أو أمتك أو أحدًا من الناس تصدقت وصمت، وإذا أحسنت استبشرت. ))
وقال البوصيري في إتحاف الخيرة (1/77 الرشد): هذا إسناد فيه مقال، ابن أبي رافع إن كان هو عبد الرحمن بن أبي رافع الراوي عن عمته سلمى وعبد الله بن جعفر، وعنه حماد بن سلمة، فقد قال ابن معين: صالح، وإلا فما علمته، وباقي رجال الإسناد رجال الصحيحين. اهـ
وذكره ابن تيمية في فتاويه (7/227) وعزاه إلى أبي نعيم بلفظ: (( حزنت وساءك ذلك، وإذا تصدقت أو أحسنت استبشرت وسرك ذلك. )) وقال: ورواه بعضهم عن يزيد عمن سمع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أنه سأله عن زيادة الإيمان في القلب ونقصانه، فذكر نحوه. اهـ
وقرر باحث أن الحديث مضطرب السند غريب المتن .
——
كلما زاد الإنسان قربا من الله زاد الشيطان من وسواسه :
قــال شيخ الإسلام بن تيمية :
… وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق، ثم يتوب اللّه عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق، ويدفعه اللّه عنه. والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان، وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قالت الصحابة: يا رسول اللّه، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يَخرَّ من السماء إلى الأرض، أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: (ذاك صريح الإيمان)، وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به. قال:(الحمد للّه الذي رد كيده إلى الوسوسة) أي: حصول هذا الوسواس، مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب، هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو، فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص، كاللبن الصريح. وإنما صار صريحاً، لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية، ودفعوها فخلص الإيمان فصار صريحاً.
ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم؛ لأنه لم يسلك شرع اللّه ومنهاجه، بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه، وهذا مطلوب الشيطان، بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة؛فإنه عدوهم يطلب صدهم عن اللّه، قال تعالى:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر:6]؛ ولهذا أمر قارئ القرآن أن يستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم
وفي الصحيحين عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه قال: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم).فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقيناً وطمأنينة وشفاء، وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا } [الإسراء:82]، وقال تعالى: {هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ}[آل عمران:138]، وقال تعالى:{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]، وقال تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124].
وهذا مما يجده كل مؤمن من نفسه، فالشيطان يريد بوساوسه أن يشغل القلب عن الانتفاع بالقرآن، فأمر اللّه القارئ، إذا قرأ القرآن، أن يستعيذ منه، قال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [النحل:98: 100]، فإن المستعيذ باللّه مستجير به، لاجئ إليه، مستغيث به من الشيطان، فالعائذ بغيره مستجير به؛ فإذا عاذ العبد بربه كان مستجيراً به متوكلاً عليه فيعيذه اللّه من الشيطان ويجيره منه، ولذلك قال اللّه تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [فصلت:34: 36].
العلامة العثيمين رحمه الله
مشكلات الشباب إشكالات ترد على قلب الشباب :
القلب الميت لا ترد عليه الهواجس والوساوس المنافية للدين ، لأنه قلب ميت هالك لا يريد الشيطان منه أكثر مما هوعليه ، ولذلك قيل لابن مسعود أو ابن عباس : إن اليهود يقولون : إنهم لا يوسوسون في صلاتهم أي لا تصيبهم الهواجس ، فقال : صدقوا ، وما يصنع الشيطان بقلب خراب .
أما إذا كان القلب حياً وفيه شئ من الإيمان فإن الشيطان يهاجمه مهاجمة لا هوادة فيها ولا ركود
علاج من يشرد ذهنه في الصلاة ويكثر وسواسه. وهل تصح صلاته ؟
صلاتك صحيحة إذا كنت قد أديت فرائض الصلاة وواجباتها، ونصيحتنا إليك أن تدافع الشيطان عن نفسك ما استطعت وبكل قوة، حتى تذهب عنك الوساوس وتبطل كيد الشيطان، ومما يساعدك على ذلك اللجأ إلى الله والاستعاذة به من الشيطان في أول القراءة وفي نفسك دائما، وتدبر معاني القرآن تدبرا يرشدك إلى عظمة الله والتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، وأن تتذكر أنك بين يدي الله وأنك تناجيه في صلاتك وأن من الواجب عليك الأدب معه وحضور القلب في مناجاته ودعائه مع رجاء أن يدفع الله عنك الهواجس ويسلمك من كيد الشيطان عسى الله أن يوفقك للإقبال عليه والإعراض عن الشيطان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء