1554 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري
———-‘———-‘——–
الصحيح المسند 1554
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم حلية من عند النجاشي أهداها له، فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي. قالت: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معرضا عنه، أو ببعض أصابعه ثم دعا أمامة بنة أبي العاص ابنة ابنته زينب فقال: تحلي بهذا يا بنية.
———–‘————‘——–
روى الحديث ابن ماجه وأبو داود رحمهما الله.
*قال العباد -حفظه الله- في شرح السنن:*
أورد أبو داود [باب ما جاء في الذهب للنساء].
أي: جواز اتخاذ الذهب للنساء، وأنهن يتحلين به، والرجال كما هو معلوم قد منعوا منه، كما قال عليه الصلاة والسلام في الذهب والحرير: (هذان حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها) فالذهب حل للإناث، ولهن أن يتجملن به، وأما الرجال فليس لهم ذلك، وإنما يجوز للرجال ما تدعو إليه الحاجة، كما تقدم في اتخاذ الأنف ومثله الأسنان.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته حلية من النجاشي وفيها خاتم من ذهب، فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم أو تناوله بأصابعه أو بعود ودعا بابنة ابنته زينب أمامة ابنة أبي العاص بن الربيع وقال: [(تحلي به يا بنية)] يعني: تجملي به يا بنية.
وهذا يدل على استعمال الذهب للنساء، حتى ولو كان محلقاً؛ لأن هذا الخاتم كان محلقاً، ومع ذلك أذن لـ أمامة في استعماله، وقال: [(تحلي به)].
أما عن استخدام الرجل للذهب للحظات، كأن يجعله في يده حتى لا يضيع فليس له ذلك؛ لأن هذا لبس، ولكن يجعله في جيبه، وأما كونه يستعمله ليقيسه كالصائغ أو المشتري، فهذا لا بأس به إن شاء الله؛ لأن هذا ما هو لبساً، وإنما هو قياس.
_______
*قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (باختصار):*
قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن خاتم الذهب في الكلام حذف تقديره نهى عن لبس خاتم الذهب
قال ابن دقيق العيد إخبار الصحابي عن الأمر والنهي على ثلاث مراتب الأولى أن يأتي بالصيغة كقوله افعلوا أولا تفعلوا
الثانية. قوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ونهانا عن كذا وهو كالمرتبة الأولى في العمل به أمرا ونهيا وإنما نزل عنها لاحتمال أن يكون ظن ما ليس بأمر أمرا إلا أن هذا الاحتمال مرجوح للعلم بعدالته ومعرفته بمدلولات الألفاظ لغة.
المرتبة الثالثة أمرنا ونهينا على البناء للمجهول وهي كالثانية وإنما نزلت عنها لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي صلى الله عليه وسلم وإذا تقرر هذا فالنهي عن خاتم الذهب أو التختم به مختص بالرجال دون النساء فقد نقل الإجماع على إباحته للنساء.
قلت وقد أخرج بن أبي شيبة من حديث عائشة أن النجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حلية فيها خاتم من ذهب فأخذه وإنه لمعرض عنه ثم دعا أمامة بنت ابنته فقال تحلي به
قال ابن دقيق العيد وظاهر النهي التحريم وهو قول الأئمة واستقر الأمر عليه قال عياض وما نقل عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم من تختمه بالذهب فشذوذ والأشبه أنه لم تبلغه السنة فيه فالناس بعده مجمعون على خلافه وكذا ما روي فيه عن خباب وقد قال له بن مسعود أما آن لهذا الخاتم أن يلقى فقال إنك لن تراه علي بعد اليوم فكأنه ما كان بلغه النهي فلما بلغه رجع قال وقد ذهب بعضهم إلى أن لبسه للرجال مكروه كراهة تنزيه لا تحريم كما قال مثل ذلك في الحرير
قال ابن دقيق العيد هذا يقتضي إثبات الخلاف في التحريم وهو يناقض القول بالإجماع على التحريم ولا بد من اعتبار وصف كونه خاتما.
قلت التوفيق بين الكلامين ممكن بأن يكون القائل بكراهة التنزيه انقرض واستقر الإجماع بعده على التحريم وقد جاء عن جماعة من الصحابة لبس خاتم الذهب من ذلك ما أخرجه بن أبي شيبة من طريق محمد بن أبي إسماعيل أنه رأى ذلك على سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وصهيب وذكر ستة أو سبعة وأخرج بن أبي شيبة أيضا عن حذيفة وعن جابر بن سمرة وعن عبد الله بن يزيد الخطمي نحوه ومن طريق حمزة بن أبي أسيد نزعنا من يدي أبي أسيد خاتما من ذهب وأغرب ما ورد من ذلك ما جاء عن البراء الذي روى النهي فأخرج بن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي السفر قال رأيت على البراء خاتما من ذهب وعن شعبة عن أبي إسحاق نحوه أخرجه البغوي في الجعديات وأخرج أحمد من طريق محمد بن مالك قال رأيت على البراء خاتما من ذهب فقال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فألبسنيه فقال البس ما كساك الله ورسوله قال الحازمي إسناده ليس بذاك ولو صح فهو منسوخ.
قلت لو ثبت النسخ عند البراء ما لبسه بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى حديث النهي المتفق على صحته عنه فالجمع بين روايته وفعله إما بأن يكون حمله على التنزيه أو فهم الخصوصية له من قوله (البس ما كساك الله ورسوله) وهذا أولى من قول الحازمي لعل البراء لم يبلغه النهي ويؤيد الاحتمال الثاني أنه وقع في رواية أحمد كان الناس يقولون للبراء لم تتختم بالذهب وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكر لهم هذا الحديث ثم يقول كيف تأمرونني أن أضع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (البس ما كساك الله ورسوله) ومن أدلة النهي أيضا ما رواه يونس عن الزهري عن أبي إدريس عن رجل له صحبة قال جلس رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده خاتم من ذهب فقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بقضيب فقال ألق هذا وعموم الأحاديث المقدم ذكرها في باب لبس الحرير حيث قال في الذهب والحرير هذان حرامان على رجال أمتي حل لإناثها. وحديث عبد الله بن عمرو رفعه (من مات من أمتي وهو يلبس الذهب حرم الله عليه ذهب الجنة) الحديث أخرجه أحمد والطبراني وفي حديث بن عمر ثالث أحاديث الباب ما يستدل به على نسخ جواز لبس الخاتم إذا كان من ذهب واستدل به على تحريم الذهب على الرجال قليله وكثيره للنهي عن التختم وهو قليل.
وتعقبه ابن دقيق العيد بأن التحريم يتناول ما هو في قدر الخاتم وما فوقه كالدملج والمعضد وغيرهما فأما ما هو دونه فلا دلالة من الحديث عليه وتناول النهي جميع الأحوال فلا يجوز لبس خاتم الذهب لمن فاجأه الحرب لأنه لا تعلق له بالحرب بخلاف ما تقدم في الحرير من الرخصة في لبسه بسبب الحرب وبخلاف ما على السيف أو الترس أو المنطقة من حلية الذهب فإنه لو فجأه الحرب جاز له الضرب بذلك السيف فإذا انقضت الحرب فلينتقض لأنه كله من متعلقات الحرب بخلاف الخاتم
_______
فيه فوائد:
• فيه جواز قبول الهدية
• فيه حب النجاشي للنبي صلى الله عليه وسلم
- إعراض النبي عن متاع الدنيا
• تحريم الذهب للرجال
• فيه جواز لبس الذهب المحلق للنساء
• فيه جواز إهداء الهدية خلافا لما هو شائع عند العامة
• فيه إعطاء ما لا ينفعك لك لمن ينتفع به
• فيه البيان بالفعل (أخذه بعود معرضا عنه .. )
—–
قلت سيف:
تكلمنا على تحريم لبس الذهب في عون الصمد في شرحه لحديث:
مسند أحمد:
1162 – حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن سميع، حدثني مالك بن عمير قال: جاء زيد بن صوحان إلى علي، فقال: حدثني ما نهاك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ” نهاني عن الحنتم، والدباء، والنقير، والجعة، وعن خاتم الذهب – أو قال: حلقة الذهب – وعن الحرير والقسي، والميثرة الحمراء ”
قال: ” وأهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة حرير فكسانيها، فخرجت فيها، فأخذها فأعطاها فاطمة – أو عمته – “، إسماعيل يقول ذلك،1163 – حدثناه يونس، حدثنا عبد الواحد، فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال: جاء صعصعة بن صوحان إلى علي رضي الله عنه
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
(قسم الزيادات على الصحيحين) فعند أحمد زيادة
——
وكذلك توسعنا في التعليق على:
الصحيح المسند 940:
عن عقبة بن عامر يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير، ويقول: (إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها، فلا تلبسوها في الدنيا)
الحديث صححه غير واحد من الباحثين، وصححه الألباني في الصحيحة 338.
ووقف سيف بن غدير النعيمي على بحث في حكم الذهب نقلناه هناك لكن ننقل منه هنا قول النووي:
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم:
“أجمع المسلمون على إباحتِه “خاتم الذهب” للنِّساء، وأجمعوا على تحريمه على الرِّجال، إلاَّ ما حُكِي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن محمد بن حزم أنَّه أباحه، وعن بعض أنَّه مكروه لا حرام، وهذا الناقلان باطلان، فقائلهما محجوجٌ بالأحاديث التي ذكرها مسلمٌ – سوف تأتي – مع إجماع مَن قبله على تحريمه له مع قوله – – في الذهب والحرير: إنَّ هذين حرامٌ على ذكور أمَّتي، حِلٌّ لإناثها.
قلت سيف: ونقل الإجماع ابن عبدالبر وابن حزم والقرطبي، حتى قال ابن عبدالبر بعد أن نقل جملة من الصحابة روى عنهم التختم بالذهب، وفي الأسانيد إليهم ضعف والحجة بالسنة. (راجع فوائدنا على صحيح مسلم)