1552 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري ورامي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——‘——‘
الصحيح المسند
1552 قال أبوداود حدثنا مسدد أخبرنا إسماعيل انبانا أيوب عن عبدالله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت عدّة من مساكين. قال أبوداود: وقال غيره: أو عدَّة من صدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطي ولا تحصي فيحصي عليك.
الحديث أخرجه النسائي
2549 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ هِنْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسًا، وَنَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَأَرْسَلْنَا رَجُلًا إِلَى عَائِشَةَ لِيَسْتَاذِنَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ سَائِلٌ مَرَّةً، وَعِنْدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرْتُ لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ دَعَوْتُ بِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تُرِيدِينَ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتَكِ شَيْءٌ، وَلَا يَخْرُجَ، إِلَّا بِعِلْمِكِ» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، لَا تُحْصِي، فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكِ»
——–‘——–”———‘——
معاني الكلمات:
لا توكى فيوكى الله عليك: كناية عن البخل والمنع يقال سألناه فأوكى علينا أي بخل علينا
لا تحصى: الإفراط في التقصي والاستئثار
وانضحى: كناية عن السماحة والإعطاء
انفحي: ويقال لا يزال لفلان نفحات بالمعروف يحلس إليها أي عطايا وفي الحديث
فإن لله نفحات من فضله يصيب بها من يشاء من عباده ونفح الريح هبوبها
ولا توعي فيوعي الله عليك: من الإمساك والشح أيضا
الرضخ: العطاء أيضا وارضخي ما استطعت أي ما قدرت عليه وإن قل
تفسير غريب ما فى الصحيحين البخارى ومسلم [ص 276]
***
قال ابن حجر رحمه الله:
وقوله لا توكى فيوكى الله عليك أي لا تضيقي على نفسك في النفقة
فتح الباري – ابن حجر [1/ 206]
قال المباركفوري رحمه الله:
دل الحديث على أن الصدقة تنمي المال وتكون سببا إلى البركة والزيادة فيه وأن من شح ولم يتصدق فإن الله يوكي عليه ويمنعه من البركة في ماله والنماء فيه (يقول لا تحصى فيحصى عليك) هذا تفسير لقوله لا توكي فيوكي عليك من بعض الرواة وضمير يقول راجع إلى النبي صلى الله عليه و سلم
تحفة الأحوذي [6/ 80]
——
*حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بوب له أبوداود رحمه الله – باب في الشح،*
وأورد قبله حديث أختها أسماء رضي الله عنها
قالت: قلت: يا رسول الله، ما لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير بيته، أفأعطي منه؟ قال: أعطي، ولا توكي، فيوكى عليك
*قال صاحب عون المعبود في شرح حديث عائشة:*
أي ذكرت عائشة عدة من الصدقة التي تصدقت بها ذلك اليوم أو المعنى أي كم مقدار من الصدقة أعطيها للمساكين إن جاؤوا على بابي (لا تحصي) من الإحصاء وهو العد والحفظ (فيحصى عليك) بصيغة المجهول أي يمحق البركة حتى يصير كالشيء المعدود أو يحاسبك الله تعالى ويناقشك في الآخرة قاله الطيبي.
*وقال في شرح حديث أسماء:*
(ما لي) ما نافية (إلا ما أدخل علي الزبير) اسم زوجها (ولا توكي فيوكى عليك) قال الخطابي معناه وأعطي من نصيبك منه ولا توكي أي لا تدخري والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو الرباط الذي يربط به يقول لا تمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عليك
وفيه وجه آخر أن صاحب البيت إذا أدخل الشيء بيته كان ذلك في العرف مفوضا إلى ربة المنزل فهي تنفق منه قدر الحاجة في الوقت وربما تدخر منه الشيء لغابر الزمان فكأنه قال إذا كان الشيء مفوضا إليك موكولا إلى تدبيرك فاقتصري على قدر الحاجة للنفقة وتصدقي بالباقي منه ولا تدخريه والله أعلم
قال المنذري أخرجه الترمذي والنسائي وأخرجه البخاري ومسلم من حديث بن أبي مليكة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أسماء مختصرا ومطولا بنحوه
_________
وأستعين الله في إحصاء *المواضع التي ذكر فيها البخاري -رحمه الله- حديث أسماء رضي الله عنها:*
أولا: كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها.
ثانيا: كتاب الزكاة، باب الصدقة فيما استطاع
أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا توعي فيوعي الله عليك، ارضخي ما استطعت.
ثالثا: كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها، إذا كان لها زوج فهو جائز، إذا لم تكن سفيهة، فإذا كانت سفيهة لم يجز
*قال ابن حجر رحمه الله في الفتح:*
والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو الرباط الذي يربط به والإحصاء معرفة قدر الشيء وزنا أو عددا وهو من باب المقابلة
والمعنى النهي عن منع الصدقة خشية النفاد فإن ذلك أعظم الأسباب لقطع مادة البركة لأن الله يثيب على العطاء بغير حساب ومن لا يحاسب عند الجزاء لا يحسب عليه عند العطاء ومن علم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب فحقه أن يعطي ولا يحسب وقيل المراد بالإحصاء عد الشيء لأن يدخر ولا ينفق منه وأحصاه الله قطع البركة عنه أو حبس مادة الرزق أو المحاسبة عليه في الآخرة.
*وقال الحافظ في موضع آخر:*
ارضخي بكسر الهمزة من الرضخ بمعجمتين وهو العطاء اليسير فالمعنى أنفقي بغير إجحاف ما دمت قادرة مستطيعة.
*وقال في موضع آخر:*
قوله (باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها)
أي ولها زوجلو
كان لها زوج فهو جائز إذا لم تكن سفيهة فإذا كانت سفيهة لم يجز.
وقال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وبهذا الحكم قال الجمهور وخالف طاوس فمنع مطلقا وعن مالك لا يجوز لها أن تعطي بغير إذن زوجها ولو كانت رشيدة إلا من الثلث وعن الليث لا يجوز مطلقا إلا في الشيء التافه وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة واحتج لطاوس بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه لا تجوز عطية امرأة في مالها إلا بإذن زوجها أخرجه أبو داود والنسائي.
وقال ابن بطال وأحاديث الباب أصح وحملها مالك على الشيء اليسير وجعل حده الثلث فما دونه وذكر المصنف منها ثلاثة أحاديث الأول حديث أسماء
قوله عن بن أبي مليكة في رواية حجاج عن بن جريج أخبرني بن أبي مليكة وقد تقدمت في الزكاة.
قوله عن عباد بن عبد الله أي بن الزبير بن العوام وأسماء التي روى عنها هي بنت أبي بكر الصديق وهي جدته لأبيه وقد روى أيوب هذا الحديث عن بن أبي مليكة عن عائشة بغير واسطة أخرجه أبو داود والترمذي وصححه النسائي وصرح أيوب عن بن أبي مليكة بتحديث عائشة له بذلك فيحمل على أنه سمعه من عباد عنها ثم حدثته به.
قوله (مالي مال إلا ما أدخل علي) بالتشديد والزبير هو بن العوام كان زوجها.
قوله (فأتصدق) كذا للأكثر بحذف أداة الاستفهام وللمستملي بإثباتها.
قوله (ولا توعي فيوعي الله عليك) بالنصب لكونه جواب النهي وكذا قوله في الرواية الثانية فيحصي الله عليك والمعنى لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازي بمثل ذلك
_______
والبخل يتسبب في ترك النفقة لمن تلزمه النفقة عليهم وآخر يترك النفقة الواجبة للفقراء كالزكاة وبعضهم تسبب الشح في قطع رحمه والبعض يُحرم من فعل الخيرات العظيمة كالإنفاق في سبيل الله أو بناء المساجد … الخ
وصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: «شر ما في رجل، شح هالع وجبن خالع» «سنن أبي داود»
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: «شدة الحرص التي توجب البخل والظلم، وهو منع الخير وكراهته» ا. ه «مجموع فتاوى ابن تيمية» 14/ 480.
قال بعض العلماء:
والشح والبخل صفتان مذمومتان في كل إنسان، يطيع بهما نفسه وهواه والشيطان. إن هذه الخصلة الذميمة والخلة الشنيعة، طهَّر الله منها أنبياءه، ووقى شر تأصلها في نفوس أوليائه، ولها أثر شنيع وخطر فظيع على الأفراد والمجتمعات؛ حيث تورث النفوس الهلع والطمع، وتركيزها في جل تحركاتها على الجمع دون الإنفاق، والأخذ دون العطاء، والخروج بالأموال عما أعطيت له، من جعلها وسيلة يُتقى الله فيها، ويُتقرّب إليها بها براً وإحساناً، وإنفاقاً في سبيله، وجبراً ومواساة لعباده، إلى جعلها هدفاً وغاية ووسيلة لمحاربة الله ومحاربة دينه بها، جبياً من غير حلٍّ، وإنفاقاً في معصية وتعاملاً بما حَرُمْ.
***
فائدة:
الفرق بين الشح والبخل والهلع
قال ابن القيم رحمه الله:
«الشح: هو شدّة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه. والبخل: منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله.
فالبخل ثمرة الشح، والشح يدعو إلى البخل، والشح كامن في النفس؛ فمن بخل فقد أطاع شحه، ومن لم يبخل فقد عصى شحه ووُقِي شره، وذلك هو المفلح {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9].
وقال أيضاً: «الاقتصاد خلق محمود، يتولد من خلقين: عدل وحكمة … وهو وسط بين طرفين مذمومين، …. والشح: خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس، ويمده وعد الشيطان حتى يصير هلعاً، والهلع: شدة الحرص على الشيء والشره به …. » ا. ه
«الوابل الصيب» (ص64)، «الروح» (ص353 – 354)، كلاهما لابن القيم.
وفي صحيح مسلم:
4227 – عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أُمَّ مَالِكٍ كَانَتْ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا فَيَاتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْمَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِي كَانَتْ تُهْدِي فِيهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَجِدُ فِيهِ سَمْنًا فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَصَرْتِيهَا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِمًا
4228 – عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَاكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ
———————-
وقلنا في الفوائد المنتقاة:
-ورد قصة شبيهه عن عائشة أخرج البخاري في الجهاد (3097) باب: نفقة نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته، وفي الرقاق (6451) باب: فضل الفقر، ومسلم في الزهد (2973) من طريق أبي أسامة، وأخرجه أحمد 6/ 108 من طريق سريج، حدثنا ابن أبي الزناد، كلاهما: عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. ولفظ مسلم: “توفي رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-وما في رفي من شيء يأكل ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي، فكلته، ففني”.
وفي رواية عند ابن حبان بسند جيد (حَتَّى كَالَتْهُ الْجَارِيَةُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَن فَنِيَ، وَلَوْ لَمْ تَكِلْهُ، لَرَجَوْنَا أن يَبْقَى أَكْثَر)
-مختلف الحديث: يبدو أن هناك تعارضاً بين حديث عائشة هذا، وبين حديث المقدام بن معدي كرب عند البخاري في البيوع (2128) باب: ما يستحب من الكيل، بلفظ أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: “كيلوا طعامكم يبارك لكم “. وزاد كثير من رواته في آخره “فيه”.
وفي دفع هذا التعارض. قال المهلب: “ليس بين هذا الحديث، وحديث عائشة … معارضة، لأن معنى حديث عائشة أنها كانت تخرج قوتها- وهو شيء يسير- بغير كيل، فبورك لها فيه مع بركة النبي -صلى الله عليه وسلم-فلما كالته علمت المدة التي يبلغ إليها عند إنقضائه”.
وقال المحب الطبري: “لما أمرت عائشة بكيل الطعام ناظرة إلى مقتضى العادة، غافلة عن طلب البركة في تلك الحالة ردت إلى مقتضى العادة”.
وقال الحافظ في “فتح الباري” 4/ 346: “والذي يظهر لي أن حديث المقدام محمول على الطعام الذي يشترى، فالبركة تحصل فيه بالكيل لامتثال أمر الشارع، وإذا لم يمتثل الأمر فيه بالاكتيال، نزعت منه لشؤم العصيان. وحديث عائشة محمول على أنها كالته للاختبار، فلذلك دخله النقص ….
ونقلنا كذلك كلام النووي قريب من هذا المعنى