1551 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———‘———-‘———-
1551 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بقية ح و حدثنا موسى بن مروان الرقي وكثير بن عبيد المذحجي قالا حدثنا محمد بن حرب المعنى عن محمد بن زياد عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة قالت
قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين فقال هم من آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين قلت يا رسول الله فذراري المشركين قال من آبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين.
هذا حديث صحيح من حيث السند، وأما من حيث المتن فإن حمل على الحكم الدنيوي فيما إذا بيت الكفار المسلمون ولم يستطيعوا التمييز بين الكبير والصغير فالأبناء من آبائهم. وأما الحكم الأخروي فهم في الجنة، كما في حديث سمرة بن جندب. راجع تهذيب السنن لابن القيم.
………………………….
صححه الالباني في سنن أبي داود 4712
المسالة الأولى: مصير أطفال المسلمين.
فقد قال ابن كثير رحمه الله: فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة. وهذا هو المشهور بين الناس (أي عامة العلماء) وهو الذي نقطع به إن شاء الله عز وجل أ. هـ ” تفسير القرآن العظيم ” (3/ 33).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: من يشك أن أولاد المسلمين في الجنة؟!
وقال أيضا: إنه لا اختلاف فيهم. أ. هـ ” حاشية ابن القيم على سنن أبي داود ” (7/ 83).
وقال الإمام النووي: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة؛ لأنه ليس مكلفا. أ. هـ ” شرح مسلم ” … (16/ 207).
وقال القرطبي: إن قول أنهم في الجنة هو قول الأكثر، وقال: وقد أنكر بعض العلماء الخلاف فيهم. ” التذكرة ” (2/ 328).
وأما الثاني: وهو مصير أطفال الكفار:
فقد اختلف العلماء فيه إلى أقوال:
1. أنَّهم في الجنَّة – وبعضهم يقول: إنَّهم على الأعراف، ومردُّ هذا القول أنَّهم في الجنَّة لأن هذا هو حال أهل الأعراف -. وهو قول الأكثر من أهل العلم كما نقله عنهم ابن عبد البر في ” التمهيد ” (18/ 96).
ودليلهم:
أ. حديث سمرة رضي الله عنه: أنه عليه السلام رأى مع إبراهيم عليه السلام أولاد المسلمين وأولاد المشركين. رواه البخاري (6640).
ب. عن حسناء بنت معاوية من بني صريم قالت حدثني عمي قال قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة والوئيد في الجنة. رواه الإمام أحمد (5/ 409). ضعفه الألباني في ” ضعيف الجامع ” (5997).
2. أنَّهم مع آبائهم في النار. وقد نسب القاضي أبو يعلى هذا القول لأحمد! وغلَّطه شيخ الإسلام جدّاً. انظر ” حاشية ابن القيم على سنن أبي داود ” (7/ 87).
ودليلهم:
أ. عن سلمة بن قيس الأشجعي قال أتيت أنا وأخي النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا إن أُمّنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وأنها وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فقال الوائدة والمؤودة في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم.
والحديث حسنه الحافظ ابن كثير في ” التفسير ” (3/ 33)، ومن قبله ابن عبد البر في ” التمهيد ” … (18/ 120).
ب. ولهم أحاديث أخرى، لكنها ضعيفة.
3. التوقف فيهم. وهو قول حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه.
دليلهم:
أ. عن ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين.
رواه البخاري (1383) ومسلم (2660).
ب. ومثله من حديث أبي هريرة.
رواه البخاري (1384) ومسلم (2659).
4. ومنهم من قال: إنَّهم خدم أهل الجنَّة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولا أصل لهذا القول. ” مجموع الفتاوى ” (4/ 279).
قلت: وقد ورد ذلك في حديث عند الطبراني والبزار، لكن ضعفه الأئمة ومنهم الحافظ ابن حجر في ” الفتح ” (3/ 246). الصحيحة 1468
- أنَّهم يُمتحنون في الآخرة، فمن أطاع الله دخل الجنة، ومن عصى دخل النار. وهو قول معظم أهل السنة والجماعة كما نقله عنهم أبو الحسن الأشعري، وهو قول البيهقي، وطائفة من المحققين، وهو الذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أنه مقتضى نصوص الإمام أحمد، وهو الذي رجحه الحافظ ابن كثير، وقال: وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض. ” التفسير ” (3/ 31).
دليلهم:
أ. عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يؤتى بأربعة يوم القيامة: بالمولود، والمعتوه، ومن مات في الفترة، والشيخ الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الرب تبارك وتعالى لعُنُق من النار: أُبْرزْ، ويقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم، اُدخلوا هذه (أي النار)، قال: فيقول من كتب عليه الشقاء: يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفرّ، قال: ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعاً، قال: فيقول الله تعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار”.
رواه أبو يعلى (4224)، وله شواهد كثيرة ذكرها الحافظ ابن كثير في ” التفسير (3/ 29 – 31).
وقال ابن القيم رحمه الله: وهذا أعدل الأقوال وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث في هذا الباب.
وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة كما في حديث سمرة، وبعضهم في النار كما دل عليه حديث عائشة، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا؛ فإنه قال: “الله أعلم بما كانوا عاملين إذْ خلقهم”، ومعلوم أن الله لا يعذبهم بعلمه فيهم ما لم يقع معلومه، فهو إنما يعذب من يستحق العذاب على معلومه وهو متعلق علمه السابق فيه لا على علمه المجدد وهذا العلم يظهر معلومه في الدار الآخرة.
وفي قوله: “الله أعلم بما كانوا عاملين”: إشارة إلى أنه سبحانه كان يعلم ما كانوا عاملين لو عاشوا، وأن من يطيعه وقت الامتحان كان ممن يطيعه لو عاش في الدنيا، ومن يعصيه حينئذ كان ممن يعصيه لو عاش في الدنيا فهو دليل على تعلق علمه بما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
والله أعلم. أ. هـ ” حاشية ابن القيم على سنن أبي داود ” (7/ 87).
= وما جاء في بعض الأحاديث السابقة أنهم في الجنة أو النار لا يشكل على ما رجحناه، قال ابن كثير رحمه الله: أحاديث الامتحان أخص منه فمن علم الله منه أنه يطيع جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا على الفطرة ومن علم منه أنه لا يجيب فأمره إلى الله تعالى ويوم القيامة يكون في النار كما دلت عليه أحاديث الامتحان ونقله الأشعري عن أهل السنة. أ. هـ ” التفسير ” (3/ 33).
وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم ” الله أعلم بما كانوا عاملين “: لا يدل على التوقف فيهم.
قال ابن القيم رحمه الله: وفيما استدلت به هذه الطائفة نظر والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُجِب فيهم بالوقف وإنما وكل علم ما كانوا يعملونه لو عاشوا إلى الله وهذا جواب عن سؤالهم كيف يكونون مع آبائهم بغير عمل وهو طرف من الحديث … . والنبي صلى الله عليه وسلم وَكَل العلم بعملهم إلى الله، ولم يقل الله أعلم حيث يستقرون أو أين يكونون، فالدليل غير مطابق لمذهب هذه الطائفة. أ. هـ ” حاشية ابن القيم على سنن أبي داود ” (7/ 85).