1550 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
الصحيح المسند
1550 عن عائشة رضي الله عنها قالت : أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض
——–‘——–‘———
تعريف العدة :
لغة: العَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدًّا وتَعْداداً وعَدَّةً وعَدَّدَه، والاسم العدد والعديد، والعَدَدُ: مقدار ما يُعَدُّ ومَبْلغُه، والـجمع أَعداد وكذلك العِدَّةُ؛ وقـيل: العِدّةُ مصدر كالعَدِّ، والعِدّة أَيضاً: الـجماعة، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ؛ تقول: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، أَنْفَذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ أَي جماعة كتب. والعديدُ: الكثرة، وهذه الدراهمُ عَديدُ هذه الدراهم أَي مِثْلُها فـي العِدة
اصطلاحا:من التعاريف التي قيلت في العدة، وهي متقاربة:
- هي مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها , أو للتعبد , أو لتفجعها على زوج[
- هي تربص من فارقت زوجها بوفاة أو حياة
حكم العدة :
اتفق الفقهاء على وجوب العدة على المرأة عند وجود سببها، واستدلوا على ذلك بما يلي:
- قول الله تعالى :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ (البقرة:228) وقوله تعالى :﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾(الطلاق:4) وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾(البقرة:234)
- عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:(لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا)
- أنه – صلى الله عليه وسلم – قال لفاطمة بنت قيس:( اعتدي في بيت ابن أم مكتوم )
- أن الأمة أجمعت على مشروعية العدة ووجوبها من عصر الرسول – صلى الله عليه وسلم – لى يومنا هذا دون نكير من أحد.
المقاصد الشرعية من تشريع العدة
شرعت العدة لمعان وحكم اعتبرها الشارع، ومن الحكم التي ذكرها الفقهاء:
- العلم ببراءة الرحم , وأن لا يجتمع ماء الأزواج على زوجة واحدة، فتختلط الأنساب وتفسد.
- تعظيم خطر الزواج ورفع قدره وإظهار شرفه، بحيث لا تنتقل الزوجة من زوج إلى زوج إلا بعد إمضاء فترة العدة.
- تطويل زمان الرجعة للمطلق لعله يندم ويفيء فيصادف زمنا يتمكن فيه من الرجعة.
- قضاء حق الزوج وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين والتجمل , ولذلك شرع الإحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد.
- الاحتياط لحق الزوج , ومصلحة الزوجة , وحق الولد , والقيام بحق الله الذي أوجبه.
انطلاقا من هذه المقاصد فإن الأرجح في أكثر مسائل الخلاف في العدة هو الأخذ بأقصى الآجال رعاية للمصالح التي ذكرت في مقاصد العلة، فقد يفيئ الزوج المطلق إن طالت مدة العدة، ويستبرأ الرحم، وليس في القول بذلك أي مضرة للمرأة.
====
ـ أسباب العدة :
نص الفقهاء على أسباب العدة التالية مع اختلاف بينهم في تفاصيلها:
ـ الطلاق:
أجمع العلماء على أن المطلقة قبل المسيس لا عدة عليها ; لقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾(الأحزاب:49) ولأن العدة تجب لبراءة الرحم , وقد تيقنا هنا تحقق هذه البراءة، ومثل الطلاق الفرقة الحاصلة في الحياة , كالفسخ لرضاع , أو عيب , أو عتق , أو لعان، أو اختلاف دين قبل الدخول.
وأجمعوا على وجوب العدة من الطلاق بعد الدخول من الزواج الصحيح للأدلة الكثيرة في ذلك، والتي سنستعرضها في محالها من هذا الفصل.
ـ الفسخ:
اختلف الفقهاء في العدة من الفرقة الحاصلة بسبب الفسخ على الأقوال التالية:
القول الأول: إن كل فرقة بين زوجين فعدتها عدة الطلاق , سواء كانت بخلع أو لعان أو رضاع, أو فسخ بعيب , أو إعسار , أو إعتاق , أو اختلاف دين , أو غيره , وهو قول أكثر العلماء كما ذكر ابن قدامة.
القول الثاني: لا عدة في الفسخ إلا في المعتقة التي تختار فراق زوجها، وهو قول الظاهرية، ومن الأدلة على ذلك :
- قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾(الممتحنة:10) , فلم يوجب تعالى عليهن عدة في انفساخ نكاحهن من أزواجهن الكفار بإسلامهن.
- عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: كانوا إذا هاجرت امرأة من دار الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر , فإذا طهرت حل لها النكاح، وهو يدل على أن هذا فعل الصحابة – رضي الله عنهم – جملة فلا يجوز خلافه.
- أمر رسول الله – رضي الله عنه – لها بالعدة , ولم يأمر غيرها بعدة ولا يجوز أمرها بذلك ; لأنه شرع لم يأذن به الله تعالى.
- لا يجوز قياس الفسخ على الطلاق , لأنهما مختلفان , لأن الطلاق لا يكون إلا بلفظ المطلق واختياره , والفسخ يقع بغير لفظ الزوج أحب أم كره.
ولا معنى لتطويل العدة بعد معرفة براءة الرحم من غير سبب داع، بل في ذلك إيذاء شديد للمرأة وحبس لها عن الزواج من غير فائدة.
ـ الخلع:
اختلف الفقهاء في المختلعة هل عليها عدة ثلاثة قروء أو تستبرأ بحيضة على قولين:
القول الأول: أن عدة المختلعة هي نفس عدة المطلقة، وقد روي عن سعيد بن المسيب , وسالم بن عبد الله , وعروة , وسليمان بن يسار , وعمر بن عبد العزيز , والحسن , والشعبي , والنخعي , والزهري , وقتادة وخلاس بن عمرو , وأبو عياض ،وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المذهب , واستدلوا على ذلك بما يلي:
- قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾(البقرة:228)
- أن الخلع فرقة بين الزوجين في الحياة بعد الدخول , فكانت العدة ثلاثة قروء كعدة المطلقة.
القول الثاني: تستبرئ بحيضة، وهو قول عثمان وابن عباس وابن عمر في آخر روايتيه، وهو قول إسحق وابن المنذر وغيرهما وهو رواية عن أحمد، واستدلوا علىذلك بما يأتي :
- أنه لو كان الخلع طلاقا لما جاز في الحيض لأن الله حرم طلاق الحائض، وقد سلم المخالفون أو أكثرهم أنه يجوز في الحيض.
- أن الحاجة داعية إليه في الحيض، والله تعالى إنما حرم المرأة بعد الطلقة الثالثة عقوبة للرجل لئلا يطلق لغير حاجة لأن الأصل في الطلاق الحذر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة والحاجة تندفع بثلاث مرات، ولهذا أبيحت الهجرة ثلاثا والإحداد لغير موت الزوج ثلاثا، ومقام المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا، والأصل في الهجرة ومقام المهاجر بمكة التحريم.
والأرجح ـ أن الخلع ما دام فسخا، فإنه يكتفى فيه باستبراء الرحم، لأنه لا معنى لتطويل عدة من لا تحب الرجوع لزوجها بعد أن افتدت منه بمالها، ونرى أن هذا الاستبراء يمكن أن يتم بأي وسيلة بشرط دلالتها على الجزم.
======
بعد هذا العرض إليك مسألة الحديث وهي الأمة تكون تحت العبد ثم تعتق وتختار نفسها . فماذا عليها :
مشاركة عبدالله البلوشي ابي عيسى :
*قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:*
وفيه أن المرأة إذا سألت زوجها الطلاق على مال فطلقها وقع الطلاق فإن لم يقع الطلاق صريحا ولا نوياه ففيه الخلاف المتقدم من قبل واستدل لمن قال بأنه فسخ بما وقع في بعض طرق حديث الباب من الزيادة ففي رواية عمرو بن مسلم عن عكرمة عن بن عباس عند أبي داود والترمذي في قصة امرأة ثابت بن قيس فأمرها أن تعتد بحيضة وعند أبي داود والنسائي وبن ماجه من حديث الربيع بنت معوذ أن عثمان أمرها أن تعتد بحيضة قال وتبع عثمان في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة ثابت بن قيس وفي رواية للنسائي والطبري من حديث الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس ضرب امرأته فذكر نحو حديث الباب.
وقال في آخره خذ الذي لها وخل سبيلها قال نعم فأمرها أن تتربص حيضة وتلحق بأهلها قال الخطابي في هذا أقوى دليل لمن قال إن الخلع فسخ وليس بطلاق إذ لو كان طلاقا لم تكتف بحيضة للعدة اه
وقد قال الإمام أحمد إن الخلع فسخ.
وقال في رواية وإنها لا تحل لغير زوجها حتى يمضي ثلاثة أقراء فلم يكن عنده بين كونه فسخا وبين النقص من العدة تلازم .
___________
*وقال الحافظ في موضع آخر:*
قوله ( ثلاث سنن) وفي رواية هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه( ثلاث قضيات ) وفي حديث بن عباس عند أحمد وأبي داود قضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم (أربع قضيات) فذكر نحو حديث عائشة وزاد وأمرها أن تعتد عدة الحرة أخرجه الدارقطني وهذه الزيادة لم تقع في حديث عائشة فلذلك اقتصرت على ثلاث لكن أخرج بن ماجه من طريق الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت( أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض ) وهذا مثل حديث بن عباس في قوله ( تعتد عدة الحرة ) ويخالف ما وقع في رواية أخرى عن بن عباس تعتد بحيضة
وقد تقدم البحث في عدة المختلعة وأن من قال الخلع فسخ قال تعتد بحيضة وهنا ليس اختيار العتيقة نفسها طلاقا فكان القياس أن تعتد بحيضة لكن الحديث الذي أخرجه بن ماجه على شرط الشيخين بل هو في أعلى درجات الصحة وقد أخرج أبو يعلى والبيهقي من طريق أبي معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ( جعل عدة بريرة عدة المطلقة) وهو شاهد قوي لأن أبا معشر وإن كان فيه ضعف لكن يصلح في المتابعات وأخرج بن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عثمان وبن عمر وزيد بن ثابت وآخرين أن الأمة إذا أعتقت تحت العبد فطلاقها طلاق عبد وعدتها عدة حرة
_______
* والحديث أعله ابن حجر في بلوغ المرام فقال :*
1104 وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات، لكنه معلول.
قلت سيف :
وسيأتي أيضا تعليل ابن القيم لهذا الحديث
____________
*قال العباد حفظه الله في شرح السنن (كتاب الخلع) (باختصار):*
هل الخلع يكون فسخاً أو يكون طلاقاً؟ ولكن الأدلة واضحة في أنه فسخ وليس بطلاق، والفسخ بينونة، وإن أرادوا الرجعة فيكون بينهما زواج جديد؛ لأن العقد الأول قد انتهى بالفسخ.
والطلاق -كما هو معلوم- له عدة، والفسخ تستبرأ بحيضة فقط حتى يُعلم براءة رحمها، مثل المسبية التي تُستبرأ بحيضة، وأما إذا كان طلقها طلاقاً فهذه يكون عليها عدة وهي ثلاث حيض إذا كانت تحيض………
قال أبوداود رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز حدثنا علي بن بحر القطان حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس (أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدتها حيضة).
قال أبو داود: وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلاً].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن حبيبة بنت سهل اختلعت من زوجها فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة واحدة، ولم يجعل عدتها ثلاثة قروء، فهذا يدل على أنه فسخ وليس بطلاق؛ لأن الطلاق تكون فيه العدة ثلاثة أقراء………..
قال ابوداود رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: عدة المختلعة حيضة].
أورد المصنف الأثر عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: عدة المختلعة حيضة، وهو مطابق لما جاء في حديث ابن عباس المتقدم من أن عدتها حيضة واحدة……….
قال أبوداود رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن زوج بريرة كان عبداً أسود يسمى مغيثاً، فخيرها -يعني: النبي صلى الله عليه وآله وسلم- وأمرها أن تعتد)].
أورد أبو داود حديث ابن عباس: [(أن زوج بريرة كان عبداً أسود يسمى مغيثاً، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وأمرها أن تعتد)].
أي: لما اختارت الفراق أمرها أن تعتد بحيضة، وقد سبق أن مر الحديث في ذلك عن ابن عباس والأثر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهذا دليل واضح على أنه كان عبداً؛ لأنه ذكر كونه عبداً وذكر وصفه وذكر أنه يسمى مغيثاً، فهذا يدل على أنه كان عبداً وليس حراً كما في بعض الروايات التي ستأتي، وبعض أهل العلم يقول: كان حراً، والصحيح أنه كان عبداً.
قوله: [وأمرها أن تعتد] هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم: منهم من قال: إنها لا تعتد إلا بحيضة لاستبراء رحمها.
ومنهم من قال: إنها تعتد بثلاثة أقراء………….
الحديث السابق أخرجه البخاري مختصراً، وأخرجه بمعناه الترمذي وابن ماجة في الطلاق، باب خيار الأمة إذا أعتقت، بلفظ (أُمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض)، وأخرجه النسائي، وأخرجه كذلك الدارقطني زاد فيه: (أن تعتد عدة الحرة)].
لكن ابن القيم في تهذيب السنن.
أشار إلى تقوية أنها تعتد بحيضة.
يقول ابن القيم: (ويبعد أن تكون الثلاث حيض محفوظة، فإن مذهب عائشة رضي الله عنها أن الأقراء: الأطهار، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تستبرئ بحيضة كما تقدم، فهذه أولى، ولأن الأقراء الثلاث إنما جُعلت في حق المطلقة ليطول زمن الرجعة، فيتمكن زوجها من رجعتها متى شاء، ثم أُجري الطلاق كله مجرىً واحداً، وطرد هذا أن المزني بها تستبرئ بحيضة، وهذا نص عليه أحمد، وبالجملة فالأمر بالتربص ثلاثة قروء إنما هو للمطلقة، والمعتقة إذا فسخت فهي بالمختلعة والأمة المستبرأة أشبه، إذ المقصود براءة رحمها، فالاستدلال على تعدد الأقراء في حقها بالآية غير صحيح؛ لأنها ليست مطلقة، ولو كانت مطلقة لثبت لزوجها عليها الرجعة).
وقبل ذلك يقول ابن القيم: (وروى ابن ماجة في سننه قال: أخبرنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض) وهذا مع أنه إسناد الصحيحين فلم يروه أحد من أهل الكتب الستة إلا ابن ماجه).
انتهى كلام ابن القيم.
________
قلت وذكرنا في بعض بحوثنا تأييد اختيار ابن القيم في ضعف الحديث . فمن ذلك :
في 223 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
ذكرنا حديث في : مسند أحمد
2542 – حدثنا عفان، حدثنا همام، قال: أخبرنا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن زوج بريرة كان عبدا أسود يسمى مغيثا، قال: فكنت أراه يتبعها في سكك المدينة، يعصر عينيه عليها، قال: وقضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أربع قضيات: إن مواليها اشترطوا الولاء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم: ” الولاء لمن أعتق ” وخيرها، فاختارت نفسها، فأمرها أن تعتد، قال: وتصدق عليها بصدقة، فأهدت منها إلى عائشة رضي الله عنها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ” هو عليها صدقة، وإلينا هدية ”
هو في البخاري مختصرامن رواية ابن عباس ومطولا من رواية عائشة
قال أبو صالح حازم خلف: 2542 على شرط الذيل في ظني
رواه البخاري مختصرا كما تفضلت، وهنا زيادات.
قال الهيثمي في الصحيح بعضه
رواه أحمد والطبراني في الاوسط بنحوه ورجاله رجال الصحيح. اه
وأشار إليه الدارقطني في العلل في آخر بحثه عند الرقم 3849 وأشار إلى أنه سيذكر الاختلاف في ذلك في حديث عكرمة عن ابن عباس إن شاء الله، ولم أجده
قلت سيف :
في تعليقنا على حديث من مسند أحمد قلنا على شرط الذيل على الصحيح المسند ( قسم الزيادات على الصحيحين )
فأخرج أحمد :
3405 – حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُسَمَّى مُغِيثًا، وَكُنْتُ أَرَاهُ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، يَعْصِرُ عَيْنَيْهِ عَلَيْهَا، قَالَ: فَقَضَى فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ قَضِيَّاتٍ: قَضَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَخَيَّرَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ – قَالَ: هَمَّامٌ مَرَّةً: عِدَّةَ الْحُرَّةِ – قَالَ: وَتُصُدِّقَ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ، فَأَهْدَتْ مِنْهَا إِلَى عَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ” هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ ”
إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري. وانظر (2542).
قلت سيف : سبق 2542 وقال صاحبنا أبوصالح: في ظني انه على الشرط، هو في البخاري وهنا زيادات.
قلت (سيف): وزاد همام هنا (الحرة) وذكر له الشيخ الألباني متابعات، وورد له شاهد من حديث عائشة وهو في الصحيح المسند 1550 لكن أعله ابن حجر في البلوغ، وكل الأحاديث في هذا المعنى يراها ابن تيمية وابن القيم في تهذيب السنن وابن عبدالهادي ضعيفه (راجع تحقيق البلوغ – طبعة الآثار – وتحقيقنا لسنن أبي داود ) فزيادة (الحرة) في القلب منها شئ أما حديث 2542 فهو على الشرط كما قال أبوصالح