155 جامع الأجوبة الفقهية ص 194
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——–‘——‘
باب المسح على الخفين
مسألة 5: إذا لبس خفه اليمنى بعد غسل رجله اليمنى قبل غسل رجله اليسرى ثم غسل اليسرى ولبس الخف؟
بمعنى أنه هل يشترط لُبس الخفَّين بعد كمال الطَّهارة، أم أنه يجوز للماسح أن يلبس خفه في رجله الأولى التي غسلها قبل أن يًكمل غسل الثانية؟
– اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
– الأول: أنه يشترط لجواز المسح على الخفين أن يكون لبسهما بعد غسل الرجلين كِلتيهما، وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
انظر: التاج والإكليل (1/ 320)، روضة الطالبين (1/ 124)، الإنصاف (1/ 171 – 172)، كشاف القناع (1/ 126، 127).
واحتجوا بما يلي:
1 – عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ، فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)، فمسح عليهما. متفق عليه
وجه الدلالة: أن عموم قوله صلى الله عليه وسلم (أدخلتهما طاهرتين) يدل على اشتراط الطهارة الكاملة عند إدخال الخفين، لصحة المسح عليهما.
2 – عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت أنبط العلم قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من خارج يخرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاء بما يصنع» قال: قد جئتك أسألك، عن المسح على الخفين قال: «نعم كنا في الجيش الذي بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهور، ثلاثا إذا سافرنا، وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما من غائط ولا بول، ولا نخلعهما إلا من جنابة»، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرته سبعون سنة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها» نحوه قال أبو بكر: ” ذكرت للمزني خبر عبد الرزاق، فقال: حدث بهذا أصحابنا؛ فإنه ليس للشافعي حجة أقوى من هذا ” انظر: صحيح ابن خزيمة (1/ 97) قال الأعظمي: إسناده حسن.
وهو في الصحيح المسند 505.
قال ابن حجر: وحديث صفوان وإن كان صحيحًا، لكنه ليس على شرط البخاري.
3 – عن ابن عمر رضي الله عنهما سألت عمر رضي الله عنه أيتوضأ أحدنا ورجلاه في الخفين قال نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان. قال النووي في المجموع رواه البيهقي بإسناد صحيح
4 – قالوا: أنه لابس أحد الخفين قبل كمال الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في المسح على الخفين إذا لبسهما على طهارة.
قال ابن خزيمة (1/ 96): باب الدليل على أن لابس أحد الخفين قبل غسل كلا الرجلين، إذا لبس الخف الآخر بعد غسل الرجل الأخرى غير جائز له المسح على الخفين إذا أحدث «إذ هو لابس أحد الخفين قبل كمال الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في المسح على الخفين إذا لبسهما على طهارة، ومن ذكرنا في هذا الباب صفته هو لابس أحد الخفين على غير طهر، إذ هو غاسل إحدى الرجلين لا كلتيهما عند لبسه أحد الخفين». انتهى
5 – ما رواه أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمقيم إذا توضأ فلبس خفيه أن يمسح يوما وليلة ….. الحديث
وجه الدلالة: قوله: «إذا توضأ» يدل على أن من لم يغسل الرجل اليسرى لم يصدق عليه أنه توضأ.
– القول الثاني: أنه يجوز المسح، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد وهو مذهب الظاهرية، وقال به الثوري والكوفيون والمزني صاحب الشافعي ومطرف صاحب مالك وبن المنذر واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. قال ابن حزم في المحلى (1/ 333): (وهو قولُ يحيى بن آدَم وأبي ثور والمُزَني). انتهى
انظر: المبسوط (1/ 231)، البناية شرح الهداية (1/ 578)، المغني (1/ 207)، المحلى (1/ 333)، فتح الباري (1/ 310)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 209)، إعلام الموقعين (3/ 370).
وحجتهم:
1 – حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه المتقدم ووجه الدلالة: إنه يصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين، فلم يدخل اليمنى إلا بعد أن طهرها، واليسرى كذلك.
2 – أن المخالف يأمره – حتى تصح طهارته- أن ينزع خفه الأيمن، ثم يلبسه مرة أخرى حتى يصدق عليه أنه لبسه على طهارة كاملة، وهذا عبث محض يُنزه الشارع عن الأمر به، ولا مصلحة للمكلف في القيام به.
– نقل أقوال الفقهاء في المسألة:
– قال ابن حجر في الفتح (1/ 310):
ولو توضأ مرتبا وبقي غسل إحدى رجليه فلبس ثم غسل الثانية ولبس لم يبح له المسح عند الأكثر وأجازه الثوري والكوفيون والمزني صاحب الشافعي ومطرف صاحب مالك وبن المنذر وغيرهم لصدق أنه أدخل كلا من رجليه الخفين وهي طاهرة وتعقب بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الوحدة واستضعفه بن دقيق العيد لأن الاحتمال باق قال لكن إن ضم إليه دليل يدل على أن الطهارة لا تتبعض اتجه. انتهى
– المجموع شرح المهذب (1/ 491)
“مذاهب العلماء في اشتراط الطهارة الكاملة في لبس الخف قد ذكرنا أن مذهبنا أنه شرط وبه قال مالك وأحمد في أصح الروايتين واسحق وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري ويحيى بن آدم والمزني وداود رضي الله عنهم يجوز لبسهما على حدث ثم يكمل الطهارة فإذا أحدث بعد ذلك جاز المسح واختاره ابن المنذر فيما إذا غسل إحدى رجليه ثم لبس خفها قبل غسل الأخرى” انتهى
– قال ابن تيميَّة كما في مجموع الفتاوى (21/ 209): “ولو غَسَل إحدى رِجلَيه وأدخَلَها الخفَّ، ثم فعَلَ بالأخرى مثلَ ذلك، ففيه قولان، هما روايتان عن أحمد: إحداهما: يجوز المسح … والثانية: لا يجوز … والقولُ الأوَّل هو الصَّوابُ بلا شك”. انتهى
– وقال ابن القيِّم إعلام الموقعين (3/ 370): ” إذا توضَّأ ولبس إحدى خفَّيه قَبل غسْلِ رِجله الأخرى، ثم غسَل رِجلَه الأخرى وأدْخَلَها في الخفِّ؛ جاز له المسحُ على أصحِّ القولين”.
– قال المرداوي في الإنصاف (1/ 171):
“إن كان الممسوح عليه غير جبيرة: فالصحيح من المذهب: أنه يشترط لجواز المسح عليه كمال الطهارة قبل لبسه. وعليه الأصحاب. وعنه لا يشترط كمالها، اختاره الشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق. وقال: وعنه لا يشترط الطهارة لمسح العمامة ذكره ابن هبيرة. فعلى كلا الروايتين الأولتين: يشترط تقدم الطهارة على الصحيح من المذهب، وهو المقطوع به عند الأصحاب”. انتهى
– قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 248):
ولو توضأ رجل ثم غسل رجله اليمنى، فأدخلها الخف، ثم غسل اليسرى؛ فالمشهور من المذهب: عدم الجواز، لقوله: «إذا لبس ذلك بعد كمال الطهارة»، فهو لما لبس الخف في الرجل اليمنى لبسها قبل اكتمال الطهارة لبقاء غسل اليسرى، فلا بد من غسل اليسرى قبل إدخال اليمنى الخف.
ودليل هذا القول: قوله صلى الله عليه وسلم: «فإني أدخلتهما طاهرتين».
فقوله: «طاهرتين» وصف للقدمين، فهل المعنى أدخلت كل واحدة وهما طاهرتان، فيكون أدخلهما بعد كمال الطهارة. أو أن المعنى: أدخلت كل واحدة طاهرة، فتجوز الصورة التي ذكرنا؟ هذا محتمل.
واختار شيخ الإسلام: أنه يجوز إذا طهر اليمنى أن يلبس الخف، ثم يطهر اليسرى، ثم يلبس الخف.
وقال: إنه أدخلهما طاهرتين، فلم يدخل اليمنى إلا بعد أن طهرها، واليسرى كذلك، فيصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين.
وعلى المذهب: لو أن رجلا فعل هذا، نقول له: اخلع اليمنى ثم البسها؛ لأنك إذا لبستها بعد خلعها لبستها بعد كمال الطهارة.
وربما يقال: هذا نوع من العبث؛ إذ لا معنى لخلعها ثم لبسها مرة أخرى؛ لأن هذا لم يؤثر شيئا، ما دام أنه لا يجب إعادة تطهير الرجل فقد حصل المقصود.
ولكن روى أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمقيم إذا توضأ فلبس خفيه أن يمسح يوما وليلة …..
فقوله: «إذا توضأ» قد يرجح المشهور من المذهب؛ لأن من لم يغسل الرجل اليسرى لم يصدق عليه أنه توضأ.
وهذا ما دام هو الأحوط فسلوكه أولى، ولكن لا نجسر على رجل غسل رجله اليمنى ثم أدخلها الخف، ثم غسل اليسرى ثم أدخلها الخف أن نقول له: أعد صلاتك ووضوءك، لكن نأمر من لم يفعل ألا يفعل احتياطا. انتهى
– قال ابن حزم في المحلى (1/ 333): (مَن توضَّأ فلبِس أحد خفَّيه بعد أن غسَل تلك الرِّجل، ثم إنَّه غسَل الأخرى بعد لِباسه الخفَّ على المغسولةِ، ثم لبِس الخفَّ الآخَرَ، ثم أحْدث، فالمسحُ له جائزٌ، كما لو ابتدأ لباسَهما بعد غَسلِ كِلتَي رِجلَيه، وبه يقول أبو حنيفةَ وداود، وأصحابهما). انتهى
—–
قال عبدالكريم الخضير في شرح التجريد:
بوب البخاري بابٌ إذا أدخل رِجليه وهما طاهرتان.
(أدخلهما طاهرتين) إذا قلنا: الطهارة الشرعية لا بد أن تكون جميع الأعضاء قد غُسلت ومُسح منها ما مُسح. ولو غسل رجليه بنية الوضوء ثم لبسهما، ثم أكمل باقي الأعضاء لم يبح المسح عند الشافعي ومن وافقه على إيجاب الترتيب، وكذا من لا يوجبه بناءً على أن الطهارة لا تتبعض. حتى من لا يوجب الترتيب لا يجيز إدخال القدمين في الخفين ما لم تتم الطهارة، ولو لم تكن مرتبة.
والله أعلم.
قال ابن باز:
الأولى والأحوط وهو الأظهر في الدليل: ألا يلبس المتوضئ الشراب حتى يغسل رجله اليسرى ومن فعل ذلك فينبغي له:
أ-أن ينزع الخف أو الشراب من رجله اليمنى قبل المسح
ب-ثم يعيد إدخالها فيه بعد غسل اليسرى , حتى يخرج من الخلاف ويحتاط لدينه.
مجموع الفتاوى (10 – 117)
وترجم البيهقي باب رخصة المسح لمن لبس الخفين على الطهارة. وكذلك ابن حبان بوب باب ذكر البيان بأن المسافر إنما أبيح له المسح على الخفين إذا أدخل الخفين على طهر. وكذلك ابن خزيمة …. الرخصة في المسح على الخفين للابسها على الطهارة دون لابسها محدثا غير متطهر.
ونقل ابن عبدالبر في الاستذكار الأقوال وأدلتها وبعض التفريعات الأخرى ومما قال:
وَفِي هَذَا الْبَابِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّاهُ وَسَهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا حَتَّى جَفَّ وُضُوءُهُ وَصَلَّى
قَالَ لِيَمْسَحْ عَلَى خُفَّيْهِ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ وَلَا يُعِدِ الْوُضُوءَ
هَذَا لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْوُضُوءِ عِنْدَهُ سَهْوًا لَا يَضُرُّهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ
وَهَذَا أَصْلٌ قَدْ تَكَرَّرَ الْقَوْلُ فِيه
قال صاحب العون: ونقل كلام النووي وذكر أنه لا يشترط نزع اليسرى لكونها ألست بعد كمال الطهارة.
فالأقرب المنع ” فإني أدخلتهما طاهرتين “، فالجمهور حملوا الطهارة على كمالها، ولحديث أبي بكرة ” إذا تطهر فلبس خفية أن يمسح عليهما .. “_ أخرجه الدار قطني
_، فقوله ” إذا تطهر ” يفيد أنه لابد من كمالها.
والحديث قال البخاري: حسن
ذكر الترمذي في جامعه (كتاب الطهارة – باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم – 1/ 161) قال: قال محمد بن إسماعيل: “أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسَّال المرادي”. وقد نقل البيهقي (1/ 276)، والزيلعي (1/ 88) عن الترمذي في العلل الكبير كلام البخاري على الحديث بلفظ:
قال الترمذي: “سألت محمدًا -يعني البخاري- أي حديث أصح عندك في التوقيت في المسح على الخفين؟ فقال. حديث صفوان بن عسال، وحديث أبي بكرة حديث حسن”.
تنبيه: حديث أبي بكرة في الصحيح المسند 1165. والصحيحة 3455
لكن قال العقيلي في ترجمة مهاجر بن مخلد: والمتن معروف من غير هذا الوجه. ولا يتابع مهاجر على هذه الرواية.
وأخرجه ابن عدي في ترجمة مهاجر أيضا
المهم معناه ثابت بحديث المغيرة وحديث صفوان. خاصة أن البخاري قال حديث أبي بكرة حديث حسن