155 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
مسند احمد
12404 حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: كان أسيد بن حضير ورجلا آخر تحدثا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة في حاجة لهما حتى ذهب من الليل ساعة، و ليلة شديدة الظلمة ثم خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلبان، وبيد كل واحد منهما عصية، فأضاءت لهما عصا أحدهما، حتى مشيا في ضوئها، حتى إذا افترق بهما الطريق، أضاءت للآخر عصاه فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ الى أهله
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيحين)
الحديث في البخاري 465 ولفظها (أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم. في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين ايديهما … ) لكن هذه الرواية في مسند أحمد ذكرت أن الذي وقعت عليه الإضاءة هي العصا. وتوبع معمر تابعه حماد بن سلمة. وفي رواية حماد سمى الرجل الآخر عباد بن بشر.
ورواية معمر وحماد ذكرها البخاري تعليقا بصيغة الجزم بعد أن ذكر الحديث 3805 وانظر المنتخب لعبد بن حميد 1245
———-
[الحديث يبين إثبات الكرامة لبعض الصحابة، و هذه جاءت من بركة اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم، و من أصول أهل السنة والجماعة إثباتها وهو قول جمهور علماء المسلمين، ولا ينكر ذلك الا معاند ومكابر].
قال ابن تيمية: من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات. مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 3/ 156.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكرامات الأولياء حق باتفاق أئمة أهل الإسلام والسنة والجماعة وقد دل عليها القرآن في غير موضع والأحاديث الصحيحة والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين وغيرهم وإنما أنكرها أهل البدع من المعتزلة والجهمية ومن تابعهم لكن كثيرا ممن يدعيها أو تدعى له يكون كذا أو ملبوسا عليه. ” مختصر الفتاوى المصرية ” (ج 2/ 63)
قال العلامة الطحاوي: وَنُؤْمِنُ بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَاتِهِمْ وَصَحَّ عَنِ الثقات من رواياتهم.
قلت: لقد أحسن المؤلف صنعا بتقييد ذلك بما صح من الروايات. ذلك لأن الناس وبخاصة المتأخرين منهم قد توسعوا في رواية الكرامات إلى درجة أنهم رووا باسمها الأباطيل التي لا يشك في بطلانها من له أدنى ذرة من عقل بل إن فيها أحيانا ما هو الشرك الأكبر وفي الربوبية وكتاب طبقات الأولياء للشعراني من أوسع الكتب ذكرا لمثل تلك الأباطيل التي منها قول أحد أوليائه: تركت قولي للشيء كن فيكون عشرين سنة أدبا مع الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وتجد طائفة لا بأس بها من الكرامات الصحيحة عن بعض الصحابة في كتاب ” رياض الصالحين ” للإمام النووي (باب 253 الأحاديث 1516 – 1523) ” تخريج العقيدة الطحاوية ” (ص 84)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
” فَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُتَّقُونَ هُمْ الْمُقْتَدُونَ بِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَفْعَلُونَ مَا أَمَرَ بِهِ، وَيَنْتَهُونَ عَمَّا عَنْهُ زَجَرَ، وَيَقْتَدُونَ بِهِ فِيمَا بَيَّنَ لَهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوهُ فِيهِ، فَيُؤَيِّدُهُمْ بِمَلَائِكَتِهِ وَرُوحٍ مِنْهُ، وَيَقْذِفُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ أَنْوَارِهِ، وَلَهُمْ الْكَرَامَاتُ الَّتِي يُكْرِمُ اللَّهُ بِهَا أَوْلِيَاءَهُ الْمُتَّقِينَ، وَخِيَارُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ كَرَامَاتُهُمْ لِحُجَّةِ فِي الدِّينِ أَوْ لِحَاجَةِ بِالْمُسْلِمِينَ، كَمَا كَانَتْ مُعْجِزَاتُ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ.
وَكَرَامَاتُ أَوْلِيَاءِ اللَّهُ إنَّمَا حَصَلَتْ بِبَرَكَةِ اتِّبَاعِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَدْخُلُ فِي مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
“مجموع الفتاوى” (11/ 274 – 275)
قال ابن تيمية: وكرامات الصحابة والتابعين بعدهم وسائر الصالحين كثيرة جدا، مثل ما كان أسيد بن حضير يقرأ سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج، وهي الملائكة نزلت لقرائته
وكانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين،
وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلان في صحفة، فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها.
و «عباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فأضاء لهما نور مثل طرف السوط، فلما افترقا، افترق الضوء معهما» رواه البخاري وغيره.
وقصة الصديق في الصحيحين «لما ذهب بثلاثة أضياف معه إلى بيته، وجعل لا يأكل لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها، فشبعوا وصارت أكثر مما هي قبل ذلك.
فنظر إليها أبو بكر وامرأته، فإذا هي أكثر مماكانت، فرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء إليه أقوام كثيرون فأكلوا منها وشبعوا».
وخبيب بن عدي كان أسيرا عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى، وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة عنبة.
وعامر بن فهيرة قتل شهيدا، فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه، وكان لما كان قتل رفع، فرآه عامر بن الطفيل وقد رفع.
وقال عروة: فيرون الملائكة رفعته. ” الفرقان بين أولياء الرحمن و بين أولياء الشيطان ” ص 158 – 159
قال السفاريني:
ما تواتر معناه وإن كانت تفاصيله آحادا من كرامات الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإلى وقتنا هذا مما ذاع وشاع، وملأ الآفاق والأسماع، وضاقت عن إحصائه الدفاتر، وشهدت بوجوده الأكابر والأصاغر، ولا ينكره إلا معاند ومكابر، فلا جرم فهو الحق الصراح الرادع لأهل الإنكار والكفاح. ” لوامع الأنوار البهية ” (2/ 394).
[هل لكل وليٍ كرامة]
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
والجواب لا ليس لكل وليٍ كرامة بل من الأولياء من يعطيه الله تعالى كرامة محسوسة يشهدها بنفسه ويشهدها الناس ومن الناس من يجعل الله كرامته زيادة إيمانه وتقواه وهذه الكرامة أعظم من الكرامة الأولى الحسية لأن هذه الكرامة أنفع للعبد من الكرامة الأولى إذ أن الكرامة الأولى سببٌ لزيادة الإيمان والتقوى وأما زيادة الإيمان والتقوى فهي الغاية ولهذا نجد أن الصحابة رضي الله عنهم تقل فيهم الكرامات بالنسبة للتابعين لأن كرامات الصحابة في زيادة إيمانهم وتقواهم والتابعون ليسوا مثل الصحابة في ذلك ولهذا كثرت الكرامات في عهدهم أكثر من الكرامات في عهد الصحابة رضي الله عنهم والكرامات. ” مجموع الفتاوى “