1540 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبد الله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——-‘——-
الصحيح المسند
1540 – قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا أسود ثنا إسرائيل عن عاصم بن سليمان عن عبد الله بن الحرث عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول صلى الله عليه وسلم اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي.
هذا حديث صحيح.
………………
الارواء (1/ 115)
قال الشيخ ابن عثيمين “اللهم كما حسنت خلقي”، يقوله الآدمي أيا كان قدره حتى لو كان من أشد الناس دمامة فهو حسن الخلق، فإنه لا شيء من مخلوقات الله -فيما نعلم- أكمل من خلقه الإنسان، فالإنسان بخلقته مكمل مفضل على غيره، خلقته أحسن خلقة، قال الله عز وجل: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} [التين: 4]. وقال: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} [البلد: 4]. أي: في ارتفاع وعلو على غيره، وقيل: {في كبدٍ} مكابدة الأمور، وكلا المعنيين صحيح، لكن على كل حال الإنسان خلقته محسنة على كل الحيوانات.
نقول: “كما حسنت خَلقي فحسن خُلقي”، والخُلق: هو الصورة الباطنة، كم من إنسان جميل الخلقة من أحسن الناس لكن خلقه سيئ، فيغطي سوء خلقه محاسن خلقته، وكم من إنسان دميم الخلقة ولكنه حسن الخلق، فيغطي حسن خلقه دمامة خلقته، فإذا اجتمع الأمران صار هذا خيراً، لكن على كل حال: قل: اللهم كما أحسنت خَلقي فحسن خُلقي.
ففي هذا الحديث فوائد منها: جواز التوسل بأفعال الله عز وجل لقوله: “كما حسنت خلقي فحسن خلقي” كقوله صلى الله عليه وسلم: “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم”، والتوسل إلى الله بأفعاله توسل شرعي.
ومن فوائد الحديث: الثناء على الله عز وجل، والاعتراف له بالنعمة بتحسين الخلقة.
ومن فوائده: حث الإنسان على سؤال الله تعالى أن يحسن خلقه؛ لأنه إذا حسن الله خلقه استراح واطمأن، وصار دائماً في رضا لا يغضب، وإذا غضب فهو سريع القيئة، ولا يعيش في وجه أحد تجده دائماً راضياً مرضياً عنه.
(فتح ذي الجلال والاكرام شرح بلغ المرام)
قال المناي في فيض القدير (2/ 120): (اللهم كما حسنت) وفي رواية أحسنت (خلقي) أوله (فحسن خلقي) بضمتين أي لأقوى على أثقال الخلق وأتخلق بتحقيق العبودية والرضا بالقدر ومشاهدة الربوبية. قال الطيبي: ويحتمل أن يراد طلب الكمال وإتمام النعمة عليه بإكمال دينه. وفيه إشارة إلى قول عائشة كان خلقه القرآن وأن يكون قد طلب المزيد والثبات على ما كان وتمسك به من قال إن حسن الخلق غريزي لا مكتسب والمختار أن أصول الأخلاق غرائز والتفاوت في الثمرات وهو الذي به التكليف.
وحسن الخلق يكون مع الله ويكون مع عباد الله:
أما حسن الخلق مع الله: فهو الرضا بحكمه شرعاً وقدراً، وتلقي ذلك بالانشراح وعدم التضجر، وعدم الأسى والحزن، فإذا قدر الله على المسلم شيئاً يكرهه رضي بذلك واستسلم وصبر، وقال بلسانه وقلبه: رضيت بالله رباّ، وإذا حكم الله عليه بحكم شرعي؛ رضي واستسلم، وانقاد لشريعة الله عزّ وجلّ بصدر منشرح ونفس مطمئنة، فهذا حسن الخلق مع الله عزّ وجلّ.
أما مع الخَلق:
فيحسن الخُلق معهم بما قاله بعض العلماء: كف الأذى، وبذل الندى، وطلاقه الوجه، وهذا حسن الخلق.
_كف الأذى بألا يؤذي الناس لا بلسانه ولا بجوارحه، وبذل الندى يعني العطاء، يبذل العطاء من مال وعلم وجاه وغير ذلك، وطلاقة الوجه بأن يلاقي الناس بوجه منطلق، ليس بعبوس، ولا مصعّرٍ خده، وهذا هو حسن الخلق.