154 جامع الأجوبة الفقهية ص 194
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——–‘——‘
باب المسح على الخفين
بلوغ المرام
55 – عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ، فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)، فمسح عليهما. متفق عليه
وللأربعة عنه إلا النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف واسفله. وفي إسناده ضعف.
———–
مسألة 4: المستحاضة وصاحب سلس البول
– تعريف الاستحاضة لغة:
جاء في اللسان (7/ 142): “الاستحاضة: أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتاد.
يقال: استحيضت فهي مستحاضة، وهو استفعال من الحيض.
وقال أيضاً: والمستحاضة: التي لا يرقأ دم حيضها، ولا يسيل من المحيض، ولكنه يسيل من عرق يقال له: العاذل.
وقال أيضاً: إذا سال – يعني الدم – في غير أيامه المعلومة، ومن غير عرق المحيض قيل: استحيضت فهي مستحاضة”. اهـ.
وعرفه في المصباح (ص: 85).: دم غالب ليس بالحيض.
– أما تعريف الاستحاضة في الاصطلاح:
فقال في كشاف القناع (1/ 196): “سيلان الدم في غير أوقاته، من مرض وفساد من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل”.
– حكم مسح المستحاضة ومن به سلس بول على الخفين:
– اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أربعة أقوال:
– الأول: يمسح من به حدث دائم كغيره. وهو المشهور من مذهب المالكية، والحنابلة، وزفر من الحنفية.
وحجتهم:
1 – إن الطهارة كاملة في حق من به حدث دائم، وإذا كانت كذلك، وقد لبس الخفين على طهارة فله أن يمسح، ولا يوجد دليل يمنع من به حدث دائم من المسح على الخفين.
2 – إذا كان خروج الحدث لم يؤثر في نقض طهارته، وجاز له أن يستبيح بتلك الطهارة الصلاة، فكونه يستبيح به المسح على الخفين من باب أولى.
3 – قالوا: من المعلوم في قواعد الشريعة أن الإنسان لا يسأل إلا عن فعله، الذي نواه وأراده، ولذلك لما كان الصبي ليس له قصد صحيح اعتبر عمده خطأ، فكذلك المستحاضة ومن به حدث دائم مع حدثه، لم ينو الحدث، ولم يرده، وهو مغلوب عليه، فكأنه لم يوجد، فالشرع حكيم، ولا يؤخذ المكلف إلا بما فعل قاصداً لذلك الفعل.
4 – لأنها – أي المستحاضة – مضطرة إلى الترخص، وأحق من يترخص المضطر.
انظر: المدونة (1/ 144)، حاشية الدسوقي (1/ 141). شرح الزركشي (1/ 383)، الإنصاف (1/ 169).
– الثاني: يمسح ما لم يخرج الوقت وهذا مذهب الحنفية.
وحجتهم:
1 – سيلان الدم عفو في الوقت لا بعده، حتى تنتقض الطهارة بخروج الوقت، وخروج الوقت ليس بحدث، فكان اللبس حاصلاً على طهارة معتبرة في الوقت لا بعد خروج الوقت، فلهذا كان لها أن تمسح في وقت الصلاة، لا بعد خروج الوقت.
2 – قالوا: بخروج الوقت عاد إليها الحدث السابق المتقدم على لبس الخف، فتكون كأنها لبست الخف، وهي محدثة، وقاسوها بمن تيمم، ثم لبس خفيه، ثم وجد الماء، فإنه بوجود الماء رجع إليه حدثه السابق المتقدم على لبس الخف، فوجب نزعه.
انظر: المبسوط (1/ 105)، شرح فتح القدير (1/ 148)
– الثالث: يمسح فريضة واحدة وهو مذهب الشافعية.
وحجتهم: بأن طهارتها مقصورة على استباحة فريضة واحدة ونوافل، وهي محدثة بالنسبة لما زاد على ذلك، فكأنها لبست الخفين على حدث، بل لبست على حدث حقيقة، فإنه طهارتها لا ترفع الحدث عندهم.
انظر: المجموع (1/ 543)، الحاوي الكبير (1/ 368)، مغني المحتاج (1/ 64).
– الرابع: لا تمسح مطلقاً. وهو وجه في مذهب الشافعية والحنابلة.
وحجتهم: لأنها محدثة، وإنما جوزت لها الصلاة مع الحدث الدائم للضرورة، ولا ضرورة للمسح على الخفين، بل هي رخصة بشرط لبسه على طهارة كاملة، ولم توجد مع من حدثه دائم.
انظر: المجموع (1/ 543)، الإنصاف (1/ 169).
– وعلى ما تقدم من أقول الفقهاء في المسألة فإن القول الأول هو أقوى الأقوال وذلك بأن بجواز المسح على الخفين لأهل الأعذار مثل المستحاضة ومن به سلس بول، لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة بشيء زائد إلا بالوضوء لكل صلاة، ولو كان لا يجوز للمستحاضة المسح على الخفين لنهاها النبي- صلى الله عليه وسلم- عنه. ولأن المبتلى بهذا البلاء أحوج من غيره إلى الرخصة. والله أعلم
– جاء في المغني لابن قدامة (1/ 218) في مسألة الرجل والمرأة في المسح على الخفاف سواء:
“ولا فرق بين المستحاضة ومن به سلس البول وغيرهما. وقال بعض الشافعية: ليس لهما أن يمسحا على الخف أكثر من وقت صلاة؛ لأن الطهارة التي لبسا الخف عليها لا يستباح بها أكثر من ذلك، ولنا عموم قوله – عليه السلام -: «يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن». ولأن المسح لا يبطل بمبطلات الطهارة فلا يبطل بخروج الوقت. لكن إن زال عذرهما كملا في بابهما، فلم يكن لهما المسح بتلك الطهارة كالتيمم إذا أكمل بالقدرة على الماء، لا يمسح بالخف الملبوس على التيمم”. انتهى
وقال أيضاً رحمه الله في موضع أخر في المغني (1/ 208)
“وإن تطهرت المستحاضة، ومن به سلس البول، وشبههما، ولبسوا خفافا، فلهم المسح عليها. نص عليه أحمد؛ لأن طهارتهم كاملة في حقهم. قال ابن عقيل: لأنها مضطرة إلى الترخص، وأحق من يترخص المضطر. فإن انقطع الدم، وزالت الضرورة، بطلت الطهارة من أصلها، ولم يكن لها المسح، كالمتيمم إذا وجد الماء”. انتهى
– وقال المرداوي رحمه الله في الإنصاف (1/ 169):
” يجوز المسح للمستحاضة ونحوها كغيرها على الصحيح من المذهب نص عليه [يعني: الإمام أحمد] ” انتهى
– وجاء في فتاوى “اللجنة الدائمة” (4/ 245): ” من أصيب بسلس البول الدائم فإنه إذا دخل وقت الصلاة يستنجي ويضع على ذكره شيئا يمنع تقاطر البول ثم يتوضأ ويصلي،، وهكذا عند كل صلاة، والدليل قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ولأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر المستحاضة أن تلتجم وتتوضأ لكل صلاة. ويجوز لمن به سلس البول المذكور إذا توضأ أن يلبس الخفين وأن يمسح عليهما إلى تمام المدة؛ لعموم الأدلة. والله أعلم.
بكر أبو زيد … صالح الفوزان … عبد العزيز آل الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
قال ابن عثيمين في تعليقاته على الكافي لابن قدامة:
وقول المؤلف أنه إن لبست المستحاضة ومن به سلس البول خفا على طهارتهما فلهما المسح نص عليه لأن طهارتهما كاملة في حقهما فإن عوفيا لم يجز المسح هذا أيضا ضعيف والصحيح أن المستحاضة ومن به سلس البول إذا لبسا خفا ثم عوفيا قبل تمام المدة فلهما المسح لأن طهارتهما كاملة في حقهما.
وراجع المجموع للنووي حيث ذكر تفريعات أخرى للمسألة. 2/ 431