154 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
قال الشيخ مقبل:
154 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 10 ص 370): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ أخبرَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَحَبَّ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةُ وَمِنْ الرِّجَالِ عَلِيٌّ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَعْنِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ.
___________
ذكرنا مناقب علي في شرح مسلم بما أغنى عن إعادته.
وضعف النسائي الحديث فقال ؛ بعد أن أورد الحديث :
عبد الله بن عطاء ليس بالقوي في الحديث
السنن الكبرى – النسائي – ط الرسالة (7/ 449)
قال الطبراني:
لم يرو هذا الحديث عن جعفر الأحمر إلا شاذان، ولا رواه الله بن عطاء إلا جعفر الأحمر، ومندل بن علي ”
المعجم الأوسط (7/ 199)
الحديث قال عنه الألباني: منكر. سنن الترمذي .
وقال في الضعيفة 1124:
باطل
أخرجه الترمذي (2/319) والحاكم (3/155) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: فذكره. وقال الترمذي:
” هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه “.
وقال الحاكم:
” صحيح الإسناد “. ووافقه الذهبي!!
قلت: عبد الله بن عطاء، قال الذهبي نفسه في ” الضعفاء ”
” قال النسائي: ليس بالقوي “.
وقال الحافظ في ” التقريب “:
” صدوق يخطىء ويدلس “.
قلت: وقد عنعن إسناد هذا الحديث، فلا يحتج به لو كان ثقة، فكيف وهو صدوق يخطىء؟ !
ثم إن الراوي عنه جعفر بن زياد الأحمر، مختلف فيه، وقد أورده الذهبي أيضا في ” الضعفاء ” وقال:
” ثقة ينفرد، قال ابن حبان: في القلب منه! ! “.
وقال الحافظ في ” التقريب “:
” صدوق يتشيع “.
قلت: فمثله لا يطمئن القلب لحديثه، لا سيما وهو في فضل علي رضي الله عنه!
فإن من المعلوم غلو الشيعة فيه، وإكثارهم الحديث في مناقبه مما لم يثبت!
وإنما حكمت على الحديث بالبطلان من حيث المعنى لأنه مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحب النساء والرجال إليه كما يأتي.
وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنه، وهو باطل عنها أيضا، يرويه جميع ابن عمير التيمي قال:
” دخلت مع عمتي (وفي رواية: أمي) على عائشة، فسئلت: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال؟ قالت:
زوجها “. أخرجه الترمذي (2/320) والحاكم (3/154) من طريقين عن جميع به والسياق للترمذي وقال:
” حديث حسن غريب “. وقال الحاكم – والرواية الأخرى له -:
” صحيح الإسناد “! ورده الذهبي فأحسن:
” قلت: جميع متهم، ولم تقل عائشة هذا أصلا “.
ويؤيد قوله شيئان:
الأول: أنه ثبت عن عائشة خلافه، فقال الإمام أحمد (6/241) : حدثنا عبد الواحد الحداد عن كهمس عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: عائشة، قلت: فمن الرجال؟
قالت: أبوها “.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
والآخر: أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، من رواية عمرو بن العاص قال:
” أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا “.
أخرجه الشيخان وأحمد (4/203) …
قلت: وكون أبي بكر رضي الله عنه أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم هو الموافق لكونه أفضل الخلفاء الراشدين عند أهل السنة، بل هو الذي شهد به علي نفسه رضي الله عنه، برواية أعرف الناس به ألا وهو ابنه محمد بن الحنفيه قال:
” قلت لأبي: أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر.. ” الحديث.
أخرجه البخاري (2/422) .
فثبت بما قدمنا من النصوص بطلان هذا الحديث. والله المستعان
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (3/ 253
قال الطحاوي في مشكل الآثار:
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحب الناس كان إليه
ففي هذا الحديث من قول رسول الله صلىالله عليه وسلم : أن أسامة من أحب الناس إليه، وفي الحديث الذي رويته قبله أنه أحب الرجال إليه، فهذان حديثان متضادان فكان جوابنا له في ذاك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنهما ليسا بمتضادين كما ظن؛ لأن الحديث الأول إنما كان فيه سؤال علي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه، وعن أحب أهل بيته إليه، وإخباره إياه جوابا له أنه فاطمة وفي الحديث الثاني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسامة: ” أنه من أحب الناس إليه “، والناس فيهم فاطمة، فلما كانت فاطمة عليها السلام في محبته عليه السلام فوق أسامة من محبته، كان موضع أسامة من محبته دون ذلك، فكان من أحب الناس إليه إذا كان في الناس النساء والرجال، وكان أحب الرجال إليه، إذ ليست فاطمة من الرجال، ولكنها من النساء، وفي ذلك ما قد دل على أن لا تضاد في واحد من هذين الحديثين للآخر منهما قال: فقد رويتم من جوابه كان لعمرو بن العاص لما سأله عن أحب الناس إليه، فذكر 5303 – ما قد حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ، ومحمد بن خزيمة قالا: حدثنا معلى بن أسد قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان قال: حدثني عمرو بن العاص: ” أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، قال: فقلت: أي الناس أحب إليك؟ فقال: ” عائشة “، فقلت: فمن الرجال؟ قال: ” فأبوها “، قلت: ثم من؟ قال: ” عمر بن الخطاب “، فعد رجالا ” قال: فبهذا الحديث جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا بما أجابه به فيه، وهو خلاف ما أجاب به عليا في حديث أسامة الذي قد ذكرته في هذا الباب وذكر في ذلك أيضا 5304 – ما قد حدثنا أحمد بن شعيب قال: أخبرنا علي بن سعيد بن مسروق قال: حدثنا علي بن مسهر، عن إسماعيل يعني: ابن أبي خالد، عن قيس يعني: ابن أبي حازم، عن عمرو بن العاص قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك، فأحبه؟ قال: ” عائشة “، قلت: لست أسألك عن النساء، إنما أسألك عن الرجال، فقال: ” أبو بكر “، أو قال: ” أبوها ” رضي الله عنه فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه قد يحتمل أن يكون عمرو علم أن لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبته إياهم ما ليس لغيرهم، فكان سؤاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه، يريد به الناس الذين هم سوى أهل بيته، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم مراده كان في ذلك، فأجابه بالجواب الذي أجابه به، مما ذكر في حديثه، وكان حديث أسامة فيه ذكر سؤال علي عليه السلام إياه، عما سأله عنه، وعلي من أهل بيته، فأجابه بما أجابه به، مما ذكر جوابه إياه في ذلك الحديث فقال قائل: فقد ذكر في ذلك أسامة، وليس من أهل بيته فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه قد يحتمل أن يكون كان ذلك منه، وأسامة حينئذ من أهل بيته؛ لأن أباه قد كان يدعى ابنه، فيقال: زيد بن محمد
5305 – كما حدثنا روح بن الفرج قال: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: ” والله إن كنا لنسمي زيد بن حارثة: زيد بن محمد، حتى أنزل الله عز وجل: {ادعوهم لآبائهم} [الأحزاب: 5] ” قال أبو جعفر: فكان أسامة حينئذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ابن، فكان بذلك من أهل بيته، وبذلك المعنى تقدم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من سواه، ممن ذكر في حديثه ذلك من أهل بيته، ثم نسخ الله عز وجل ذلك بما نسخه به، مما قد تلونا، وبقوله عز وجل: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: 40] ، وأعاد زيدا، وأسامة، وأمثالهما إلى قوله عز وجل: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم، فإخوانكم في الدين ومواليكم} [الأحزاب: 5] وفي ذلك ما قد دل أن أسامة لما خرج عن البنوة التي كان فيها مما استحق به تقدم غيره من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في محبة رسول الله أن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك قد عادت إلى من كان ذكره من محبته بمحبته بعده من أهل بيته وقال قائل آخر: قد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى ما قد رويتموه عنه فيه، مما قد ذكرتموه في هذا الباب، وأنتم تروون عنه ما يخالف ذلك، فذكر
5306 – ما قد حدثنا مالك بن يحيى الهمداني أبو غسان قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرني الجريري، عن عبد الله بن شقيق قال: ” سألت عائشة: أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثم من؟ قالت: ثم أبو عبيدة بن الجراح قال: قلت: ثم من؟، فسكتت ” قال: فالذي في هذا الحديث من هذا المعنى يخالف ما قد رويتموه قبله في حديث أسامة بن زيد في هذا الباب فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه لا خلاف في شيء مما قد رويناه في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذي رويناه عنه في حديث أسامة على حقائق ما كان عنده صلى الله عليه وسلم في ذلك، لأنه كان مسئولا عنه، ومجيبا لسائله، عما أجابه به في حديث أسامة، والذي في حديث عائشة هو جوابها عما سألت عنه، عما كان عليه، وذلك على ما يقع في قلبها، مما كان عليه صلى الله عليه وسلم، وقد يكون على خلاف ذلك قال: فقد رويتم عنها جوابا منها عن مثل هذا السؤال ما يخالف هذا الجواب، وذكر
5307 – ما قد حدثنا أحمد بن شعيب قال: أخبرنا محمد بن آدم قال: حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن جميع وهو ابن عمير قال: ” دخلت مع أبي على عائشة وأنا غلام، فذكر لها عليا، فقالت: ” ما رأيت رجلا كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته ”
5308 – وما قد حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن جميع بن عمير قال: ” دخلت مع أمي على عائشة فقالت لها أمي: من كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة، قالت: فمن الرجال؟ قالت: ” زوجها ” قال: فالذي عنها في هذا الحديث يخالف الذي عنها في الحديث الذي ذكرتموه عنها قبله في هذا الباب فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه لا خلاف في ذلك كما ظن، ولكن عائشة سئلت في حديثها الأول عن أحب الناس كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الذي عندها أن أحدا لا يذهب عنه أن أحدا لا يتقدم أهل بيته في محبته، كما لم يتقدم أحد سواهم إياهم في التبليغ عنه في الموسم سورة براءة، وفي قوله: ” إنه لا يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي “، فأجابت بالجواب المذكور فيه عن أحب الناس كان إليه سوى أهل بيته، وسئلت في حديثها الثاني عن علي، وهو من أهل بيته، فأجابت فيه بالجواب الذي أجابت به فيه، وفي ذلك ما قد حقق ما حملنا عليه معنى حديث أسامة، وحديث عمرو على ما ذكرنا من معنى كل واحد منهما الذي ذكرناه في هذا الباب وما حقق ما ذكرنا فيما رويناه عن عائشة من سائر أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن سواهم من الناس في محبته
5309 – ما قد حدثنا أبو أمية قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثنا العيزار بن حريث قال: قال النعمان بن بشير: ” استأذن أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت عائشة تقول: والله لقد عرفت أن عليا أحب إليك من أبي، مرتين أو ثلاثا، فاستأذن أبو بكر رضي الله عنه، فدخل، فأهوى إليها، وقال: يا بنت فلانة، ألا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فكان في هذا الحديث وقوف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قالت عائشة من ذلك، فلم ينكره عليها، وخرج جميع معاني كل ما رويناه في هذا الباب خروجا لا تضاد فيه، ولم يكن ما ذكرناه من تقديم علي عليه السلام في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فيها، بمانع أن يكون أبو بكر يتقدمه بالفضل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كل واحد منهما له موضعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة، ومن فضل، رضوان الله عليهما، وعلى سائر أصحابه سواهما، والله نسأله التوفيق
شرح مشكل الآثار (13/ 323)
قال السخاوي:
وهو موقوف، لكنه موافق للمرفوع في فاطمة، ولقول ابن عمر أيضا، ومخالف لما صح عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: “عائشة” قلت: فمن الرجال؟ قال: “أبوها” قلت: ثم من؟ قال: “عمر” فعد رجالا. قال عمرو: سألت رجاء أن يجعلني في آخرهم، وهذا مع قول بريدة أيضا مخالف لما تقدم في زيد الذي روى ابن سعد أيضا بإسناد حسن عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة: “يا زيد أنت مولاي ومني وإلي، وأحب الناس إلي” وهو عند أحمد مطول. ونحوه ما يثبت من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخاطبا لابنه عبد الله رضي الله عنهما، وقد فرض منك، وأن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك. لكن يشهد لقول النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: استأذن أبو بكر رضي الله عنه على صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة رضي الله عنهما عاليا وهي تقول: والله لقد علمت أن عليا رضي الله عنه أحب إليك من أبي. ويؤيد الأول ما رواه الترمذي وصححه أن عبد الله بن شقيق قال لعائشة رضي الله عنها: أي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب الناس إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قالت: عمر قلت: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة قلت: ثم من؟ فسكتت.
وثبت قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار: “إنهم أحب الناس إلي”.
فهذه أحاديث مفتقرة للجمع بينها على تقدير ثبوتها.
فأقول: أما أسامة، فيمكن أن يقال: إن الأحبية في حقه وحق أبيه بالنسبة لجهة مخصوصة كالموالي مثلا، لكونها منهم، أو تكون الأحبية بالنسبة لمن طعن في إمارته ردا لهم وزجرا، أو أحب إليه في التوجه فيما ندب إليه خاصة، ولا ينافيه أحبية غيره المطلقة كما قد قيل: إنه لا يلزم من كون أن يكون أفضل من أبي بكر ونحو ذلك، وحينئذ فيكون حب أبي بكر على عمومه، وحب غيره مخصوصا كما يمكن أن يقال في حق علي بالنسبة إلى بقية الأقارب.
وأما قوله في زيد، فلعله قاله تواضعا، وقول من قال: أحبية أبي بكر ثبتت من قوله صلى الله عليه وسلم، وأحبية على من قول عائشة الذي أقره صلى الله عليه وسلم، والقول مقدم، ليس بمرضي، إذ ليس في القصة التصريح بالتقرير والنعمان حاكي كلامهما، يحتمل أن يكون مع أبي بكر ظاهر الباب، فلم يطلعه أهل أقرها صلى الله عليه وسلم أم لا ويحتمل أن يكون داخل الباب، وإذا كان كذلك فلا يعارض الصحيح بل حديث عبد الله بن شقيق دل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يقرها، فإنه كما تقدم لما سألها عن أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر، وقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار معناه: أنتم بمجموعكم أحب إلي من مجموع غيركم، فلما ـ[لعلها:فأصبح]ـ قوله في أبي بكر وغيره على بابه، روي في الأنصار بلفظ: “من أحب الناس إلي” بالتبعيض، كما في حديث أسامة حيث روي بالتبعيض وبدونه.
ويجمع بين حديثي فاطمة وعائشة باختلاف جهتي المحبة. والله الموفق
الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية (2/ 763)
قال ابن رشد القرطبي:
[أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم]
فيمن هو أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحدثني عن ابن القاسم عن مالك عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: «بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعثا وأمر عليهم أسامه بن زيد فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: إن تطعنوا في إمارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله وأيم الله إن كان لخليقا بالإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده» .
قال محمد بن رشد: قد روي «أن عليا سأل النبي – عليه السلام -: أي الناس أحب إليه؟ فقال: فاطمة بنت محمد، فقال: إني لست أسألك عن النساء، وإنما أسألك عن الرجال، قال: من أنعم الله عليه وأنعمت عليه أسامة بن زيد. قال علي: ثم من؟ فقال: ثم أنت، فقال العباس شبه المغضب: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم عمي، فقال: جعلت عمك آخر القوم، فقال: يا عباس، إن عليا سبقك بالهجرة» . وروي «أن عمرو بن العاص سأل النبي – عليه السلام -: من أحب إليه؟ فقال: عائشة، فقلت: من الرجال، قال أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب، فعد رجالا.» وروي أن عائشة سئلت عن أي أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر ثم عمر ثم أبو عبيدة بن الجراح. وروي عنها أنه ذكر لها علي فقالت: ما رأيت رجلا كان أحب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منه ولا امرأة أحب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من امرأته.
والحكم في هذه الأحاديث أن لا تحمل على التعارض، وأن تصحح بأن يقال: إن أهل بيت النبي – عليه السلام – أحب إليه ممن سواهم، وإن أحب أهل بيته إليه من النساء، فاطمة، ومن الرجال علي بن أبي طالب، ثم العباس، لأن ما روي عنه – صلى الله عليه وسلم – تقديمه أسامة على علي في محبته إياه كان والله أعلم إذ كان من أهل بيته، تبنى ابنه زيدا لأنه كان ابن ابنه، فلما نسخ الله ذلك بقوله: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: 40] وقوله: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} [الأحزاب: 5] فخرج عن أن يكون من أهل بيته، ذهب المعنى الذي من أجله تقدم في محبته، فعادت المحبة إلى من ذكر بعده، وهو علي بن أبي طالب، وأن أحب، من سوى أهل بيته إليه من النساء، عائشة، ومن الرجال أبوها، ثم عمر بن الخطاب، ثم أبو عبيدة بن الجراح والله الموفق
البيان والتحصيل (17/ 188)
قال محب الدين الطبري:
(ذكر أنها كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن اسامة بن زيد قالوا يا رسول الله من أحب اليك قال فاطمة قالوا نسألك عن الرجال قال اما أنت يا جعفر وذكر حديثا سيأتي في مناقب جعفر، وفيه أن أحبهم إليه زيد بن حارثة.
خرجه أحمد.
وعن عائشة رضى الله عنها انها سئلت أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت فاطمة فقيل من الرجال قالت زوجها إن كان ما علمت صواما قواما.
خرجه الترمذي وقال حسن غريب، وخرجه ابن عبيد وزاد بعد قوله قواما جديرا بقول الحق.
وعن بريدة قال كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال على.
خرجه أبو عمر، قال ابراهيم يعنى من أهل بيته، ويؤيد تأويل ابراهيم الحديث المتقدم أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة أنكحتك أحب أهل بيتى إلى، وفى المصير إليه جمع بينه وبين ماروى في الصحيح: عن عمرو بن العاص انه صلىالله عليه وسلم سئل عن أحبهم إليه قال عائشة قالوا من الرجال قال أبوها.
وقد ذكرنا ذلك في مناقب أبى بكر رضى الله عنه في كتاب الرياض النضرة في فضائل العشرة، وذكرناه في مناقب عائشة رضى الله عنها في كتاب السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين، وما خرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي (1) عن أسامة أن عليا قال يارسول الله أي أهلك أحب اليك قال فاطمة بنت محمد قال على لا والله ما نسألك عن أهلك قال فأحب أهلى إلى من أنعم الله عليه وأنعمت عليه أسامة بن زيد قال ومن يا رسول الله قال ثم أنت قال فقال العباس يا رسول الله عمك آخرهم قال إن عليا سبقك بالهجرة
ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى (ص35)
قال الذهبي:
وقال الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر، عن علي قال: إنه لعهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق2. أخرجه مسلم، والترمذي وصححه.
وقال أبو صالح السمان، وغيره، عن أبي سعيد قال: إن كنا لنعرف المنافقين ببغضهم عليا.
وقال أبو الزبير، عن جابر قال: ما كنا نعرف منافقي هذه الأمة إلا ببغضهم عليا
وقال الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن الحارث، عن علي قال: يهلك في رجلان، مبغض مفتر، ومحب مطْر.
تاريخ الإسلام – ط التوفيقية (3/ 145)