153 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
وبمشاركة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
مسند أحمد
23602 حدثنا حسن بن موسى حدثنا زهير عن عبدالله بن عيسى عن موسى بن عبدالله عن أبي حميد أو حميدة الشك من زهير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم
23603 حدثنا ابوكامل حدثنا زهير
حدثنا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبي حميد أو أبي حميدة قال: وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم)
قال صاحبنا ابوصالح: 23602، 23603 الظاهر أنهما على الشرط مع أن البزار قال: لفظ حديث أبي حميد مخالف لسائر الأحاديث التي رويت في ذلك.
قلت سيف: ظاهر إسناده الصحة، وقول محقق المنتخب لعبد بن حميد أن عبدالله بن عيسى ليس هو بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ونسبه ابن حجر لأبي الحسن القطان وإنما هو آخر مجهول. ليس بجيد لأن الزيلعي في نصب الراية عزاه لاسحاق بن راهوية ونسبه انصاري وهو بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
———–
النظر الى المخطوبة
أقول: هذا الحديث الذي أَذِن فيه النبي عليه الصلاة والسلام، بل أمر الخاطب أن ينظر من مخطوبته ما يدعوه إلى نكاحها, هذا فيه السماح للخاطب أن ينظر من مخطوبته ما يرى غَبْنَه فيها، فينظر الوجه، والرأس، واليدين، والرجلين، بشرط ألا يخلو بها, بل يكون عندها أحدٌ من محارمها, لابد أيضاً من أن يأمن الفتنة, فينظر بقدر الحاجة، ولا حرج عليه إذا لم يتمكن من رؤيتها في المرة الأولى أن ينظر إليها مرة أخرى, لكن بالشرط الذي ذكرناه، وهو ألا يخلو بها, لأن الخلوة بالمرأة محرمة, كذلك ينبغي ألا تتجمل أو تزين وجهها عند نظره إليها؛ لأن ذلك قد يُنْتِج نتيجة عكسية, فإنه إذا نظر إليها وهي قد تجمَّلت وتحسَّنت, يراها جميلة أكثر مما هي عليه في الواقع، فحينئذٍ إذا دخل عليها ونظر إليها على حسب الواقع ربما يرغب عنها ويزهد فيها. جلسات وفتاوى للعلامة ابن عثيمين. انتهى
وحد زينة المخطوبة هو ما جاء في هذا الحديث ,فلا يتجاوز الكحل والخضاب –أي الحناء – فلا يجوز لها بما زاد على ذلك من مساحيق المكياج أو الطيب , وإنما فقط الكحل والخضاب.
قلت سيف: ربما يقصد الشيخ ابن عثيمين وما يذكره بعض الفقهاء أن تزين المخطوبة يفوت على الخاطب مقصده من النظر كما في الفقه المنهجي على مذهب مالك هو:
التجمل الذي يخرج الوجه والبدن عن طبيعته كتغيير لون البشرة، أما مثل الكحل والحلي وما شابه فلا تمنع، ففي حديث سبيعة الاسلمية في البخاري ومسلم ” فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها مالي أراك تجملت للخطاب ترجين النكاح ”
وحديث “لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه “. أخرجه أحمد في مسنده (6/ 139، 222)، وابن ماجة (1976)، وصححه العراقي في تخريج الإحياء (2/ 197) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5279)، والسلسلة الصحيحة (1019).
وفي التنوير شرح الجامع الصغير:7451 – “لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه. (حم هـ) عن عائشة (ح) “.
(جارية لكسوته) من محاسن ثياب النساء كما يدل له قرينة آخره (وحليته) خير حلية النساء. (حتى أنفقه) بضم الهمزة وتشديد الفاء وكسرها من التنفيق: هو بيان علة ما ذكر وهو أنه يكسوه ويحليه لينفق بالزواج وفيه أن زواج الحريم ينبغي أن يكون مقصوداً للأولياء وأن يرغبوا الناس في طلبهن بتحسين الهيئة وتجميل الملبوس وأخذ منه العراقي أن للولي أن يحلي وليته ولو بثمنه من مالها ليرغب فيها. (حم هـ عن عائشة) رمز المصنف لحسنه، وقال الحافظ العراقي بعد عزوه إلى أحمد: إسناده صحيح وسبب الحديث عن عائشة قالت: عثر أسامة فشج وجهه فقال – صلى الله عليه وسلم -: “أميطوا عنه الأذى فتعذر به فجعل يمص الدم ويمسحه عن وجهه ثم ذكره”. انتهى
تنبيه 1: ورد في حديث سبيعة الاسلمية بلفظ الخضاب، وبلفظ التعطر، وحكم باحث على أحد اللفظين بالشذوذ والآخر بالنكارة.
المهم أن لفظ التجمل يشمل الخضاب والكحل والحلي وما كان معروفا في ذلك الوقت من التجمل دون التغرير بالخاطب.
تنبيه2: ما ذهب إليه بعضهم أن سبيعة إنما تجملت للنساء ليرونها ويذكرونها للرجال بعيد
….
ومن خلال التأمل في هذه المسألة (النظر إلى المخطوبة) نجد أن الأصل حرمة النظر للمرآة الأجنبية كقول الله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فهذا نهي عن إطلاق النظر، وفي حديث جرير بن عبد الله سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري. وفي حديث علي: “يا علي لا تتبع النظرة النظرةَ فإن لك وليست لك الآخرة”. فهذه النصوص وما شابهها دليل على تحريم النظر بدون سبب.
ثم جاءت نصوص من السنة النبوية تجيز لمن أراد الزواج أن ينظر إليها ومنها حديث جابر بن عبد الله قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل” قَال جابر: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى نظرت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. رواه أبو داود.
وحديث المغيرة بن شعبة: أنه خطب امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما” أي أدعى إلى الجمع بين قلبيكما. تكون بينكما المحبة والاتفاق.
وحديث أبي هريرة أن رجلاً خطب امرأة من الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أنظرت إليها”، قَال: لا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “اذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً”.
وفي رواية: “هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً”.
فهذه النصوص دلت على جواز النظر إلى المرأة المخطوبة.
وعليه فإن هذه النصوص بصيغة الأمر (افعل) جاءت بعد نصوص الحظر والمنع من النظر ولذلك نقول بأن هذه المسألة الأصل أنها تخرج على قاعدة الأمر بعد الحظر ماذا يفيد؟
فمن العلماء من خرجها عليها وصرح بذلك كالحنابلة ومنهم من لم يخرجها على القاعدة ولعلهم اخذوا باعتبارات آخرى في الحكم على هذه المسألة والله أعلم.
قال الإسنوي في كتابة “التمهيد في تخريج الفروع على الأصول” ومن فروع المسألة:
ما إذا عزم على نكاح امرأة فإنه ينظر إليها لقوله عليه السلام انظر إليهن الحديث لكن هل يستحب ذلك أو يباح على وجهين أصحهما الأول وهما مبنيان على ذلك كما أشار إليه الإمام في النهاية وصرح به غيره”
هذا عند الشافعية
قال ابن اللحام في كتابه القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية ومن فروع القاعدة:
– ومنها أمره صلى الله عليه و سلم بالنظر إلى المخطوبة هو أمر بعد حظر فيقتضى الإباحة بناء على القاعدة وهذا أحد الوجهين لأصحابنا وهو إباحة النظر لا استحبابه
والوجه الثاني وجزم به جماعة من الأصحاب منهم أبو الفتح الحلواني وابن عقيل وصاحب الترغيب استحباب النظر إلى المخطوبة لأنه وإن كان أمرا بعد حظر لكنه معلل بعلة تدل على أنه أريد بالأمر الندب وهى قوله صلى الله عليه و سلم فهو أحرى أن يؤدم بينكما.
وهذا عند الحنابلة انتهى .
….
قال النووي في شرح مسلم: فيه استحباب النظر إلى من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء
قال الشوكاني: وأحاديث الباب فيها دليل على أن لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها والأمر المذكور في حديث أبي هريرة وحديث المغيرة وحديث جابر للإباحة بقرينة قوله في حديث أبي حميد فلا جناح عليه وفي حديث محمد بن مسلمة فلا بأس وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء. ” نيل الأوطار (6/ 170)
مسألة: هل يشترط رضاها في النظر اليها؟
قال النووي: مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز هذا النظر رضاها بل له ذلك في غفلتها ومن غير تقدم إعلام لكن قال مالك أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر اليها إلا بإذنها وهذا ضعيف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقا ولم يشترط استئذانها ولأنها تستحي غالبا من الإذن. ” النووي على مسلم ” (9/ 210).
والمقصود من ذلك أن الخاطب له أن ينظر إلى المخطوبة إلى وجهها ويديها، فوجهها يعرف منه جمالها، ويداها يعرف منهما خصوبة جسمها، وسواءٌ أكان ذلك بعلمها أم بدون علمها، فكل ذلك سائغ، وقصة جابر التي أوردها المصنف فيها أنه اختبأ لها، فصار ينظر إليها وهي لا تعلم، ولكن سواءٌ أكان بعلمها أم بدون علمها فكل ذلك جائز، فلو جاء بها وليها ودخلت ورآها الخاطب فإنه يحصل المقصود، وإذا لم يحصل هذا ولكنه نظر إليها من ثقب أو من مكان معين فإنه لا بأس بذلك؛ لأن مثل هذا العمل فيه مصلحة، ولأنه قد يكون فيها شيء يقتضي التخلص منها قبل الدخول وقبل الزواج، ولا شك أن هذا أسهل وأخف من أن يكون هناك نكاح وإعلان له ثم يحصل طلاق، فهذا أهون وأخف، والشريعة جاءت بجواز ذلك. شرح سنن أبي داود للعلامة العباد حفظه الله.
مسالة: هل يياح للخاطب النظر الى غير الوجهين والكفين؟
أختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من أجاز النظر الى غير الوجهين و الكفين، و منهم من حصر ذلك في الوجه و الكف فقط، و لكن الصواب الجواز مطلقا كما جاء في سنن أبي داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)، قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها].
قال العلامة الألباني:
فقه الحديث:
———–
و الحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له، و أيده عمل راويه به، و هو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، و قد صنع مثله محمد بن مسلمة كما ذكرناه في الحديث الذي قبله، و كفى بهما حجة، و لا يضرنا بعد ذلك، مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه و الكفين فقط، لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد، و تعطيل لفهم الصحابة بدون حجة، لاسيما و قد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال الحافظ في ” التلخيص ” (ص 291 – 292):
(فائدة):
———-
روى عبد الرزاق و سعيد بن منصور في ” سننه ” (520 – 521) و ابن أبي عمر
و سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن على بن الحنفية: أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، (فقيل له: إن ردك،
فعاوده)، فقال (له علي): أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقيها، فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك.
تنبيه: قلت (نورس): قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ام كلثوم تراجع الشيخ عن تصحيحها، و نبه على تراجعها في التنبيه الثاني في السلسلة الضعيفة رقم (1273).
و هذا يشكل على من قال: إنه لا ينظر غير الوجه و الكفين “.
و هذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية و الشافعية.
قال ابن القيم في ” تهذيب السنن ” (3/ 25 – 26): ” و قال داود: ينظر إلى سائر جسدها. و عن أحمد ثلاث روايات:
إحداهن: ينظر إلى وجهها و يديها.
و الثانية: ينظر ما يظهر غالبا كالرقبة و الساقين و نحوهما.
و الثالثة: ينظر إليها كلها عورة و غيرها، فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر
إليها متجردة! ”
قلت: و الرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث، و تطبيق الصحابة له
و الله أعلم.
و قال ابن قدامة في ” المغني ” (7/ 454):
” و وجه جواز النظر (إلى) ما يظهر غالبا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها من غير علمها، علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة، إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، و لأنه يظهر غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه، و لأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم “.
ثم وقفت على كتاب ” ردود على أباطيل ” لفضيلة الشيخ محمد الحامد، فإذا به يقول (ص 43):
” فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه و الكفين من المخطوبة باطل لا يقبل “.
و هذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه، إذ أن المسألة خلافية كما سبق بيانه، و لا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته و دليله كهذه الأحاديث، و هو لم يصنع شيئا من ذلك، بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة، فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلا، و الواقع خلافه كما ترى، فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته، كيف لا و هو مخالف لخصوص قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (99): ” ما يدعوه
إلى نكاحها “، فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه و الكفان فقط، و مثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (97): ” و إن كانت لا تعلم ”
و تأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم، عمله مع سنته صلى الله عليه وسلم، و منهم محمد ابن مسلمة و جابر بن عبد الله، فإن كلا منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه و الكفين فقط! و مثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم.
فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة أحدهم الخليفة الراشد أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه و الكفين، و لا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم، فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة؟! و عهدى بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحدا من الصحابة اتباعا للسنة الصحيحة، و لو كان الرواية عنه لا تثبت كما فعلوا في عدد ركعات التراويح! و من عجيب أمر الشيخ
عفا الله عنا و عنه أنه قال في آخر البحث: ” قال الله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا “.! فندعو أنفسنا و إياه إلى تحقيق هذه الآية و رد هذه المسألة إلى السنة بعد ما تبينت. و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله.
هذا و مع صحة الأحاديث في هذه المسألة، و قول جماهير العلماء بها – على خلاف السابق – فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم – و لو في حدود القول الضيق.
تورعا منهم، زعموا، و من عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لابنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي! ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها، و بين أهلها بثياب الشارع! و في مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم. تقليدا منهم لأسيادهم الأوربيين، فيسمحون للمصور أن يصورهن و هن سافرات سفورا غير مشروع، و المصور رجل أجنبي عنهن، و قد يكون كافرا، ثم يقدمن صورهن إلى بعض الشبان، بزعم أنهم يريدون خطبتهن، ثم ينتهي الأمر على غير خطبة، و تظل صور بناتهم معهم، ليتغزلوا بها، و ليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها!.
ألا فتعسا للآباء الذين لا يغارون. و إنا لله و إنا إليه راجعون. انتهى من السلسلة الصحيحة (ج1/ 98)
فقد أجاد و أفاد رحمه الله
قال العلامة الاثيوبي: قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: الحقّ أن النظر جائز، مطلقًا، فتقييد النظر بالوجه والكفين مخالفٌ لظاهر الحديث، وبهذا يقول داود، وابن حزم، وهو رواية عن أحمد أيضًا. ” شرح المجتبى ” (ج 27/ 123).
مسالة: هل يجوز النظر إلى المخطوبة بشهوة أو التلذذ بذلك؟
لم يشترط الحنفية والمالكية والشافعية لمشروعية النظر أمن الفتنة أو الشهوة أي ثورانها بالنظر، بل قالوا: ينظر لغرض التزوج وإن خاف أن يشتهيها، أو خاف الفتنة؛ لأن الأحاديث بالمشروعية لم تقيد النظر بذلك.
واشترط الحنابلة لإباحة النظر أمن الفتنة، وأما النظر بقصد التلذذ أو الشهوة فهو على أصل التحريم. ” الموسوعة الفقهية الكويتية ”
مسألة: هل يجوز للخاطب أن يكلم خطيبته بالهاتف؟
سئل العلامة الألباني الشريط سلسلة الهدى والنور-269
السائل: هل يجوز أن أتكلم مع خطيبتي بالتليفون؟
فأجاب الشيخ: هل عقدت عليها أم بعد؟
السائل: بعد.
الشيخ: لا يجوز.
السائل: حتى وإن كان من أجل النصيحة؟
الشيخ: لا يجوز.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
وهل يجوز له مكالمتها؟ لا؛ لأن المكالمة أدعى للشهوة والتلذذ بصوتها، ولهذا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «أن ينظر منها»، ولم يقل: أن يسمع منها. الشرح الممتع (12/ 21).مسالة: حكم النظر إلى المخطوبة عبر الصورة الفوتوغرافية
سئل العلامة العباد حفظه الله
السؤال: شخص يريد أن يخطب امرأة، ولكن لا يستطيع الذهاب إلى بلاده لرؤيتها، فهل يجوز في هذه الحالة أن ترسل له صورة شمسية حتى يتمكن من النظر إليها؟
الجواب: لا يجوز، وإنما إذا أراد أن يذهب لينظر إليها فليذهب وينظر إليها هو إذا كان يريد النظر، أما أن ترسل له الصورة فلا يصلح أن تؤخذ صور النساء وتعطى للأزواج؛ لأن الصورة تبقى وقد يستنسخ منها وتنتشر، أما إذا رآها فإن رؤيته لها تنتهي، فإن أعجبته تزوجها وإلا تركها، أما أن تكون الصورة بيد الرجل فيحتفظ بها أو يعطيها لغيره ويطلع غيره عليها فلا يجوز ذلك. شرح سنن أبي داود
السؤال (601): ما حكم إعطاء الخاطب صورة المخطوبة؟
الجواب: لا أرى إعطاء الخاطب صورة المخطوبة؛ أولاً- لأنه لا يحصل المقصود بها، وثانيًا – أنها قد تبقى عند الخاطب لكن إذا احتاج إلى ذلك يمكن أن يريه الولي الصورة وهي بيده، أي: الولي ولا يأخذها.
” الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين” ص 140