153 جامع الأجوبة الفقهية ص 193
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——–‘——‘
153 جامع الأجوبة الفقهية ص 193
مسألة 3: اشتراط لبسهما على طهارة:
سبق وأن بحثنا مسألة مشروعية المسح على الخفين، وبعد أن نقلنا إجماع أهل العلم من أهل السنة عليه، نتطرق هنا لمسألة اشتراط لبسهما – أي الخفين – على طهارة من عدمه، وليس المقصود هنا الطهارة الكاملة لكونها مسألة مستقلة اختلف الفقهاء فيها بناءً على خلافهم في وجوب الترتيب في الوضوء، ولكن مسألتنا هنا هي اشتراط الطهارة بدون تفصيل.
– فنقول: اختلف الفقهاء في هذه المسالة على قولين:
– القول الأول: أنه يشترط لبسهما على طهارة، وهذا قول عامة أهل العلم بل نقل الإجماع على ذلك.
وممن نقل الإجماع:
1 – ابن عبد البر المالكي في الاستذكار (1/ 225) حيث يقول: “وأجمع العلماء على أنه لا يجوز أن يمسح على الخفين إلا من لبسهما على طهارة”. انتهى ونقله عنه القرافي بغير لفظه في الذخيرة (1/ 325).
2 – البغوي الشافعي في شرح السنة (1/ 457) حيث يقول: “وفيه – حديث المغيرة المتقدم- دليل على أن المسح على الخفين إنما يجوز إذا لبسهما على كمال الطهارة، وهذا قول عامة أهل العلم”.
3 – الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (1/ 9) حيث يقول: “ولو لبس خفيه وهو محدث، ثم أحدث قبل أن يتم الوضوء، ثم أتم، لا يجوز المسح بالإجماع”.
4 – ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 48) حيث يقول: “وأما شرط المسح على الخفين؛ فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء، وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافًا شاذًّا، وقد روي عن ابن القاسم عن مالك”. انتهى
5 – ابن قدامة في المغني (1/ 361) حيث يقول: “لا نعلم في اشتراط تقدم الطهارة لجواز المسح خلافًا”.
6 – النووي في المجموع” (1/ 541) حيث يقول في نقاش له: “وجواب آخر وهو: أن المسح رخصة، واتفقوا على اشتراط الطهارة له”. ونقله عنه ابن قاسم في حاشية الروض (1/ 228).
7 – ابن الهمام في فتح القدير (1/ 155) حيث يقول: “وإنما يُمسح على خف رجل لا حدث فيها إجماعًا”.
– واستندوا لإجماعهم على التالي:
أ) حديث الباب عن المغيرة بن شعبة – رضي اللَّه عنه -، قال: كنت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: “دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين” فمسح عليهما. متفق عليه
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رخص في هذا الحديث بالمسح على الخفين، وعلق تركه للأصل بأنه أدخلهما طاهرتين، فلا يجوز غيره إلا بدليل، ولا دليل على جواز المسح دون الطهارة قبله.
انظر: المغني (1/ 361)، والمجموع (1/ 541).
ب) عن أبي بكرة، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه رخص للمسافر في ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة، إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما.
اخرجه ابن خزيمة (192)، ومن طريقه الدارقطني 1/ 204، والمصنف في المعرفة (426). وأخرجه ابن ماجه (556) عن محمد بن بشار به. حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (451).
• وجه الدلالة: أن النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – رخص بالمسح على الخفين لمن تطهر.
– القول الثاني: أنه لا يشترط ذلك للمسح، بل يجوز أن يمسح وإن لم يكون على طهارة، وروي هذا القول عن مالك في رواية وداوود الظاهري.
وحجتهم: أن المقصود في الحديث الطهارة من النجاسة أو الطهارة اللغوية.
انظر: سبل السلام (1/ 82)، بداية المجتهد (1/ 48).
وقد نقل ابن رشد في بداية المجتهد الرواية الثانية عن الإمام مالك وقال أنها شاذه كما سبق.
– قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (ص: 53):
“وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة: “دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين” دليل على اشتراط الطهارة في اللبس لجواز المسح حيث علل عدم نزعهما بإدخالهما طاهرتين فيقتضي أن إدخالهما غير طاهرتين مقتض للنزع”. انتهى
قال ابن حجر في فتح الباري: والشافعي والجمهور حملوا الطهارة على الطهارة الشرعية في الوضوء، وخالفهم داود فقال: إذا لم يكن على رجليه نجاسة عند اللبس جاز أ ه.
– وجاء في ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (3/ 242):
المسألة الثامنة: في اشتراط الطهارة في لبس الخف. قال العلامة ابن رشد في بدايته ص (21، ج 1): وأما شرط المسح على الخفين، فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء، وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافا شاذا. وقد روي عن ابن القاسم عن مالك ذكره ابن لبابة في المنتخب، وإنما قال به الأكثر لثبوته في حديث المغيرة، وغيره، إذ أراد ينزع الخف عنه، فقال عليه الصلاة والسلام: “دعهما، فإني أدخلتهما، وهما طاهرتان”، والمخالف حمل هذه الطهارة على الطهارة اللغوية. انتهى
– يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كما في اللقاء الشهري (23/ 4)
“من شروط المسح على الخفين:
الشرط الأول: أن يلبسهما على طهارة، فإن لبسهما على غير طهارة ولو ناسياً لم يصح المسح عليهما، لو كان على غير وضوء ونسي ولبس الخفين ثم جاء الوقت ومسح وصلى فصلاته غير صحيحة؛ لأنه صلى بغير وضوء، لا بد أن يلبسهما على طهارة، والدليل: حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
– وقال الشيخ عبدالعزيز الراجحي في شرحه لسنن أبي داود (10/ 3):
“وفيه دليل على اشتراط الطهارة في لبس الخفين؛ إذ جاء في اللفظ الآخر أن المغيرة: قال (فأهويت لأنزع الخفين، فقال: دعهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين، ثم مسح عليهما) ففيه دليل على اشتراط الطهارة للمسح على الخفين، وأنه لابد من الطهارة، فإن لبسهما على غير طهارة فلابد من نزعهما”. انتهى
والله أعلم …