1520 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———”———–‘—–
الصحيح المسند
1520قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا هشيم أخبرنا داود بن عمرو قال حدثنا أبو سلام قال حدثني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم تلا شيئا من القرآن وقال هشيم مرة آيا من القرآن قبل أن يمس ماء
هذا حديث حسن.
……………………………
الحديث صححه محققو المسند (29/ 616)
قال النووي في ” شرح المهذب ” (2/ 163): أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمحدث الحدث الاصغر والافضل أن يتوضأ لها.
أما حكم قراءة القرآن للجنب والحائض فاختلف أهل فيها:
فمذهب الجمهور عدم جواز قراءة القرآن للجنب والحائض والنفساء واستدلوا بحديث علي رضي الله عنه «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يحجبه، أو قال: يحجزه، عن قراءة القرآن شيء، ليس الجنابة.» رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
قال الشيخ الاباني في صحيح أبو داود: «إسناده ضعيف، وقد ضعفه الحفاظ المحققون، كما قال النووي. وممن ضعفه: الإمام أحمد والبخاري والشافعي، وقال: ” أهل الحديث لا يثبتونه “،
قال البيهقي: ” وإنما توقف الشافعي في ثبوته؛ لأن مداره على عبد الله بن
سلِمة الكوفي، وكان قد كبِر وأنكِر من حديثه وعقله بعضُ النكْرة؛ وإنما روى
هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة “اهـ
واستدلوا بحديث ابن عمر «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن.» رواه أبو داود، والترمذي. وقال: يرويه إسماعيل بن عياش عن نافع، وقد ضعف، البخاري روايته عن أهل الحجاز، وقال: إنما روايته عن أهل الشام.
وضعفه الالباني في صحيح الترمذي 131.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/ 460): وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ. هـ
وحكي عن مالك للحائض القراءة دون الجنب؛ لأن أيامها تطول، فإن منعناها من القراءة نسيت. (وهو ترجيح ابن باز)
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها:
1 – أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة، وقال: ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء.
2 – أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم.
3 – أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة.
4 – أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم.
بوّب البخاري – رحمه الله – باباً في الصحيح فقال: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت. وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية، ولم يَر َابن عباس بالقراءة للجنب بأسا.
قال ابن حجر في توجيه التبويب: والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعا لابن بطال وغيره: إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب حديث عائشة رضي الله عنها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يَستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك، فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه. انتهى.
وهذا الذي رجّحه الشيخ الألباني – رحمه الله -.
سؤال: قراءة القرآن من الجوال هل يلزمها طهارة، وكذلك لمس الآيات في الشاشة؟
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: لا ما يلزم طهارة، الطهارة إنما تكون لمس المصحف مباشرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم قال: لا يمس القرآن إلا طاهر.
والجوال المسجل فيه القرآن هذا المكتوب في القرآن على شاشته هذا ليس مصحفا هذا جوال، فله أن يقرأ وفيه وأن يحمله وأن يمسه ولا حرج في ذلك ولو كان على غير طهارة لأنه ليس بمصحف ولا يأخذ أحكام المصحف.
قلت سيف: وهذا بحث لأخينا سعيد الجابري:
مسألة في مس المصحف للمحدث.
فقد ذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء إلى أنه لا يجوز للمُحدِث أن يمسَّ المصحف، وغاية ما استدلوا به أمران:
(1) – قوله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}.
(2) – حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابًا وفيه: «لا يمسُّ القرآن إلا طاهر». ضعيف: له أسانيد ضعيفة وبعضها صحيفة لا سند لها، وقد اختلف في ترقيتها بمجموعها إلى الحسن، فصححه الألباني في الإرواء» ((1) / (158))
قلت: ويُجاب عما استدلوا به بما يلي:
(1) – أما الآية الكريمة فلا يتم الاستدلال بها إلا بعد جعل الضمير في (يمسهُّ) راجعًا إلى القرآن، والظاهر الذي عليه أكثر المفسِّرين أنه عائد على الكتاب المكنون الذي في السماء وهو اللوح المحفوظ، والمطهرون: هم الملائكة، ويُشعر بهذا سياق الآيات الكريمة: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}. ويتأيد هذا بقوله تعالى {فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ}.
(2) – وأما الحديث فضعيف لا يصلح للاحتجاج، لأنه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد.
وعلى فرض صحته، وأن الضمير في الآية عائد على القرآن، فنقول: «الطاهر» من المشتركات اللفظية، فيطلق على المؤمن، وعلى الطاهر من الحدث الأكبر، وعلى الطاهر من الحدث الأصغر، وعلى من ليس على بدنه نجاسة،
فرجعت المسألة إلى المقرر في الأصول:
فمن أجاز حمل المشترك اللفظي على جميع معانيه، حمله عليها هنا، لن لما كان إطلاق اسم النجس على المؤمن المُحدِث أو الجنب لا يصح لا حقيقة ولا مجازًا ولا لغة لقوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن لا ينجس» وثبت أن المؤمن طاهر دائمًا، امتنع أن يتناوله الآية والحديث، فيتعين حمل اللفظ على من ليس بمشترك، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو.
ومن قال: المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يُبيَّن، قال: لا حجة في الآية أو الحديث حتى ولو صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثًا أكبر أو أصغر.
فعلم أنه لا دليل على إيجاب الوضوء لمسِّ المصحف، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وابن حزم وبه قال ابن عباس وجماعة من السلف واختاره ابن المنذر، والله أعلم.