152 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
مسند أحمد
18974 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الْأَدْرَعِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “، قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ ” ثَلَاثَ مِرَارٍ.
قال محققوا المسند:
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أن صحابيه لم يخرج له سوى البخاري في “الأدب المفرد”، وأبو داود والنسائي. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري. وحسين المعلم: هو ابن ذكوان، وابن بريدة: هو عبد الله الأسلمي.
قلت سيف وأخرجه أحمد:
22952 – حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا مالك، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: خرج بريدة عشاء فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيده فأدخله المسجد فإذا صوت رجل يقرأ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” تراه مرائيا؟ ” فأسكت بريدة فإذا رجل يدعو. فقال: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت. الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” والذي نفسي بيده، أو قال والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب “. قال: فلما كان من القابلة خرج بريدة عشاء، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيده فأدخله المسجد، فإذا صوت الرجل يقرأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” أتقوله مرائيا؟ ” فقال بريدة: أتقوله مرائيا يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا. بل مؤمن منيب، لا. بل مؤمن منيب “. فإذا الأشعري يقرأ بصوت له في جانب المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الأشعري، أو إن عبد الله بن قيس، أعطي مزمارا من مزامير داود “. فقلت: ألا أخبره يا رسول الله؟ قال: ” بلى فأخبره ” فأخبرته، فقال: أنت لي صديق أخبرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث
أخرجه مسلم 793 مختصرا وهنا زيادات.
ذكرنا في سنن أبي داود 1490 أن أباحاتم أعله كما في العلل 2082 ورجح أنه من حديث محجن، وخالفه ابن منده فرجح هذا الحديث، فلو قلنا أنه محفوظ من الوجهين
فنعتبر حديث محجن على شرط المتمم على الذيل
وكذلك الزيادات الواردة في حديث بريدة على صحيح مسلم. على شرط المتمم على الذيل.
أو نقول أن أباحاتم أمتن في علم العلل. من ابن مندة ونقتصر على ما ورد في مسلم من حديث بريدة
المهم حديث محجن على شرط المتمم على الذيل
فمعنى الأحد يوجب الإخلاص لله المنافي للشرك ومعنى الصمد يوجب الاستسلام لله وحده المنافي للاستكبار فإن الصمد يتضمن صمود كل شيء إليه وفقره إليه وأيضا فدين الله واحد لا تفرق فيه والصمد يناسب اجتماعه فالله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد ودينه واحد وعباده المؤمنون مجتمعون يعتصمون بحبله غير مفترقين واسمه الأحد يقتضي التوحيد والصمد يقتضي الإجتماع وعدم التفرق فإن الصمد فيه معنى الإجتماع وعدم التفريق والتوحيد أبدا قرين الإجتماع لأن الإجتماع فيه الوحدة والتفرق لابد فيه من التثنية والتعدد. ” بيان تلبيس الجهمية ” ((4) / (223) – (224))
قال ابن رجب في الفتح: استحباب تقديم الثناء على الله على الصلاة على نبيه انتهى.
هذا الحديث يُبين مشروعية التوسل بأسماء الله تعالى و صفاته.
قال الشيخ محمد ابن ابراهيم في الفتاوى (ج (1) / (362)): من التوسل فهو التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وذلك كأن تسأل الله عز وجل وتدعوه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا فتقول مثلا: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحيم اللطيف افعل كذا وكذا لي.
قال ابن القيم:
فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل، فإنه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله، وعرض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته، فهذا المقتضى منه، وأوصاف المسئول مقتضى من الله، فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضى من المسؤول في الدعاء، وكان أبلغ وألطف موقعا وأتم معرفة وعبودية. ” الوابل الصيب (ص (90))
أقسام الدعاء ثلاثة:
أحدها: أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) الأعراف 180.
والثاني: أن تسأله بحاجتك وفقرك وذُلِّك فتقول أنا العبد الفقير المسكين البائس الذليل المستجير ونحو ذلك.
والثالث: أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحدا من الأمرين فالأول أكمل من الثاني والثاني أكمل من الثالث فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة كان أكمل.
وهذه عامة أدعية النبي صلى الله عليه وسلم
وفي الدعاء الذي علمه صدِّيق الأمة رضي الله عنه ذكر الأقسام الثلاثة فإنه قال في أوله (ظلمت نفسي ظلما كثيرا) وهذا حال السائل ثم قال (وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) وهذا حال المسؤول ثم قال (فاغفر لي) فذكر حاجته وختم الدعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه
وهذا القول الذي اخترناه جاء عن غير واحد من السلف.
المصدر: جلاء الافهام (72 – 73).
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” فيه استحبابُ تقديم الثناء على المسألة عند كلِّ مطلوب، اقتداءً به صلى الله عليه وسلم ”
” فتح الباري ” (3/ 5)
اداب الدعاء
وللدعاء آداب: من ذلك أن يتحرى الأوقات الشريفة، كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الشهور، والجمعة من الإسبوع، والسحر من الليل.
ومن الأوقات الشريفة بين الأذان والإقامة، وعقيب الصلوات، وعند نزول الغيث، وعند القتال في سبيل الله، وعند ختم القرآن، وفى السجود، وعند الإفطار، وعند حضور القلب ووجله.
وعلى الحقيقة فإن شرف الأوقات يرجع إلى شرف الحالات، فإن وقت السحر وقت
صفاء القلب وفراغه، وحالة السجود حالة الذل.
ومن آداب الدعاء أن يدعو مستقبل القبلة ويرفع يديه ثم يمسح بهما وجهه، وأن يخفض صوته حال الدعاء.
ومن آدابه أن يبدأ بذكر الله عز وجل، ثم يصلى على النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ولا يتكلف السجع في الدعاء.
ومن آدابه وهو الأدب الباطن -وهو الأصل في الإجابة- التوبة ورد المظالم. ” مختصر منهاج القاصدين (ج (1) / (56))
و على هذا تبين أن على العبد المسلم يحرص على الأدعية الجامعة المانعة و أن يكثر ذلك في صلاته، و أن يدع الأدعية المحدثة التي فيها سجع و تكلف و قد يكون فيه اعتداء في الدعاء فيحرم الإجابة، فاحرص أيها المحب على الأدعية التي جاء ذكرها في الكتاب و السنة.