151 جامع الأجوبة الفقهية ص 191
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-”——”——-”
باب المسح على الخفين
بلوغ المرام
55 – عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ، فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)، فمسح عليهما. متفق عليه
وللأربعة عنه إلا النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف واسفله. وفي إسناده ضعف.
151. مسألة: المسح على الخفين.
بمعنى هل يشرع المسح على الخفين؟
– أولاً: التعريفات
أ) المسح لغة:
مصدر مسح، ومعناه: إمرار اليد على الشيء بسطا.
انظر القاموس المحيط، ومقاييس اللغة، والتعريفات للجرجاني.
ب) المسح على الخف اصطلاحاً:
والمسح على الخفين: إصابة البلة لخف مخصوص في محل مخصوص وزمن مخصوص.
انظر: الدر المختار 1/ 174.
وقال في المنهل العذب (2/ 101):
والمسح إصابة اليد المبتلة أو ما يقوم مقامها أعلى الخف في المدّة الشرعية. وقد عدّى المسح بعلى إشارة إلى موضعه وهو أعلى الخفّ دون داخله وأسفله على ما سيأتي. والخفّ الشرعيّ ما يستر الكعب ويمكن تتابع المشي فيه فرسخا فأكثر وثني لأنه لا يجوز المسح على أحدهما دون الآخر. والمسح على الخفين من خصائص هذه الأمة وهو رخصة إسقاط. انتهى
– ثانياً: مشروعية المسح على الخفين عند أهل السنة:
ثبتت مشروعية المسح على الخفين في السفر والحضر في الشريعة بالسنة النبوية، وهو قول عامة أهل العلم من أهل السنة بل نُقل الإجماع على ذلك، باستثناء ما روي عن الإمام مالك رحمه الله تعالى وسيأتي بيانه.
– وقد جاءت الأحاديث الشريفة التي تثبت مشروعية المسح على الخفين ومنها:
1 – حديث الباب المذكور أول البحث وهو حديث المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه-، قال: كنت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: “دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين” فمسح عليهما.
أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، (ح 203)، (1/ 85)، ومسلم كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، (ح 274)، (1/ 230).
2 – حديث حذيفة بن اليمان -رضي اللَّه عنهما-، قال: “كنت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فبال، وتوضأ، ومسح على خفيه”.
أخرجه مسلم كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، (ح 273)، (1/ 238).
3 – حديث علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، قال: “جعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم” يعني: في المسح على الخفين.
أخرجه مسلم كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، (ح 276)، (1/ 232).
4 – وعن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ” لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه.
أخرجه أبو داود (1/ 114) وصححه ابن حجر في ” التلخيص الحبير ” (1/ 160).
5 – جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-: أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: أتفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه
انظر: نصب الراية (1/ 162)، وسنن النسائي (1/ 69)، وسنن ابن ماجه (1/ 102)، وتحفة الأحوذي (3/ 313، 315).
والاحاديث الثلاثة واضحة الدلالة على مشروعية المسح إما بفعله أو بأمره صلى الله عليه وسلم.
– كما نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على مشروعية المسح، وسننقل ما جاء في موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (1/ 312) حيث قال:
إذا توضأ المسلم، ثم لبس خفيه، فإنه يجوز له المسح عليهما، إذا أراد الوضوء، ويُكتفى بذلك من خَلع الخف غسل القدمين. من نقل الإجماع:
• ابن المبارك (181 هـ) حيث يقول: “ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائز”.
• ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: “وأجمعوا على أن من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين وأحدث؛ أن له أن يمسح عليهما”.
وقال: “وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، وكل من لقيت منهم؛ على القول به”. ونقله عنه النووي، والعيني، وابن قاسم.
• القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث يقول: “اتفق أهل العلم ومالك رحمه اللَّه على جواز المسح على الخفين”.
• ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول عن المسح على الخفين: “فأهل الفقه والأثر لا خلاف بينهم في ذلك، بالحجاز والعراق والشام وسائر البلدان؛ إلا قوما ابتدعوا؛ فأنكروا المسح على الخفين”.
وقال: “لا أعلم أحدًا من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين، من لا يختلف عليه فيه؛ إلا عائشة، وكذلك لا أعلم أحدًا من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك؛ إلا مالكًا، والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك، “مُوَطؤه” يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر، وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة”. ونقله عنه الشوكاني.
• البغوي (516 هـ) حيث يقول: “أما المسح على الخفين، فجائز عند عامة أهل العلم، من الصحابة فمن بعدهم”.
• محمد السمرقندي (615 هـ) حيث يقول في المسح على الخفين: “وثبوته بالإجماع”. نقله عنه ابن عابدين.
• ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: “وأجمعوا على جواز المسح على الخفين في السفر”.
وقال أيضًا: “وأجمعوا على من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين، وهو مسافر سفرًا مباحا تقصر في مثله الصلاة، ثم أحدث، فله أن يمسح عليهما”.
• الكاساني (587 هـ) حيث يقول: “فالمسح على الخفين جائز عند عامة الفقهاء، وعامة الصحابة -رضي اللَّه عنهم-؛ إلا شيئًا قليلًا، رُوي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أنه لا يجوز”.
وقال أيضًا: “وكذا الصحابة -رضي اللَّه عنهم-؛ أجمعوا على جواز المسح قولًا وفعلًا”.
• ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: “المسح على الخفين جائز عند عامة أهل العلم”.
• النووي (676 هـ) حيث يقول: “مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز المسح على الخفين، في الحضر والسفر”. ونقل بعد ذلك اتفاق الصحابة على الجواز.
وقال أيضًا: “وأجمع من يعتد به في الإجماع، على جواز المسح على الخفين، في السفر والحضر؛ سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوز للمرأة الملازِمة بيتها، والزَّمِن الذي لا يمشي، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج، ولا يعتد بخلافهم”.
• ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: “وكذلك اتفق الفقهاء على أن من توضأ وضوءًا كاملًا، ثم لبس الخفين؛ جاز له المسح بلا نزاع”.
• الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: “وقد ذكر في الباب الأول أن المسح على الخفين مجمع عليه بين الصحابة”.
– ثالثاً: الخلاف الوارد من أهل السنة على مشروعية المسح
روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم انكار مشروعية المسح على الخفين ومنهم عائشة، وعلي، وابن عباس، وأبي هريرة، ومن التابعين مجاهد، وسعيد بن جبير، كذلك روي الخلاف عن الإمام مالك رحمه الله في عدة روايات منها الجواز ومنها التفريق بين السفر والحضر وبعض الروايات المنع مطلقاً.
لكن كل من نقل عنه الإنكار نقل عنه خلاف ذلك ومن هذه النقول كما يلي:
– قال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 218): “لا أعلم أحدًا من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين، من لا يختلف عليه فيه؛ إلا عائشة، وكذلك لا أعلم أحدًا من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك؛ إلا مالكًا، والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك، “مُوَطؤه” يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر، وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة”. وانظر: نيل الأوطار (1/ 225).
– وقال الباجي في المنتقى (1/ 77): ” قال الشيخ أبو بكر في شرح المختصر: أنه روي عن مالك لا يمسح المسافر ولا المقيم، فإن صحت هذه الرواية فوجهها أن المسح منسوخ. قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه: وهذا عندي يبعد؛ لأن ابن وهب روى عنه أنه قال: لا أمسح في سفر ولا حضر، وكأنه كرهه، وفي النوادر عن ابن وهب أنه قال: آخر ما فارقته على المسح في السفر والحضر، وكأنه وهو الذي روى عنه متأخر وأصحابه مطرف وابن الماجشون، فدل ذلك على أنه منعه أولاً على وجه الكراهة لما لم ير أهل المدينة يمسحون، ثم رأى الآثار فأباح المسح على الإطلاق. اهـ.
– ونقل ابن المنذر في الأوسط (1/ 434): ذكر ابن المبارك، أن كل من روي عنه أنه كره المسح على الخفين؛ رُوي عنه خلاف ذلك.
– وجاء في المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (2/ 103):
“وما نسب إلى علىّ وعائشة وابن عباس وأبى هريرة من إنكار المسح على الخفين لم يثبت أما قول علىّ سبق الكتاب الخفين فلم يرو عنه بإسناد موصول وأما عائشة فثبت عنها أنها أحالت علم ذلك على علي وأما ابن عباس فإنما كرهه حين لم يثبت مسح النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد نزول المائدة فلما ثبت رجع إليه وقال أحمد لا يصح حديث أبى هريرة في إنكار المسح وهو باطل. انتهى
– رابعاً: من أنكر جواز المسح من غير أهل السنة وحجتهم
وقد أنكرت بعض الفرق مثل الشيعة والخوارج جواز المسح على الخفين، ولكن خلافهم هذا لا يعتد به عند أهل السنة كما ذكره أهل العلم.
– قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه على مسلم (3/ 164): “وأجمع من يعتد به في الإجماع، على جواز المسح على الخفين، في السفر والحضر؛ سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوز للمرأة الملازِمة بيتها، والزَّمِن الذي لا يمشي، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج، ولا يعتد بخلافهم”. انتهى
– واحتجوا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
وجه الدلالة من الآية: أن قراءة النصب تقتضي وجوب غسل الرجلين مطلقا؛ لأنه جعل الأرجل معطوفةً على الوجه واليدين، إذ حكمها الغسل، فكذا الأرجل.
– كذلك احتجوا ببعض الأثار عن بعض الصحابة رضي الله عنهم الذين ذكر إنكارهم كما سبق ولكن جميع هذه الأثار رُدت إما أنها ضعيفة لا تثبت أو أنه ثبت خلافها عن نفس الصحابة رضي الله عنهم.
– قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (1/ 222):
والحديث يدل على مشروعية المسح على الخفين وقد نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف لأن كل من روى عنه منهم إنكاره فقد روى عنه إثباته، وقال ابن عبد البر: لا أعلم من روى عن أحد من فقهاء السلف إنكاره إلا عن مالك مع أن الروايات الصحيحة مصرحة عنه بإثباته وقد أشار الشافعي في الأم إلى إنكار ذلك على المالكية والمعروف المستقر عندهم الآن قولان الجواز مطلقا ثانيهما للمسافر دون المقيم وعن ابن نافع في المبسوطة أن مالكا إنما كان يتوقف فيه في خاصة نفسه مع إفتائه بالجواز. انتهى
– وجاء في المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (2/ 103):
وقول من قال بعدم الجواز مستدلا بما ذكره من الآية والأحاديث مردود أما قولهم في الآية إنها ناسخة للأخبار فغير مسلم لأن الآية نزلت في غزوة المريسيع وهذه القصة كانت في غزوة تبوك وهي متأخرة عنها، وسيأتي للمصنف عن جرير أنه بال ثم توضأ ومسح على الخفين وقال ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمسح قالوا إنما كان ذلك قبل نزول المائدة قال ما أسلمت إلا بعد المائدة. وذكر مسلم نحوه. ويمنع دعوى النسخ أيضا أن الوضوء قبل نزول المائدة بالاتفاق فإن كان المسح على الخفين ثابتا قبل نزول المائدة فورودها بتقرير الغسل وعدم التعرّض للمسح لا يوجب نسخ المسح على الخفين ولا يقال إن الأمر بالشيء نهى عن ضدّه والمسح ضدّ الغسل المأمور به في الآية لأن كون الأمر بالشيء نهيا عن ضدّه محل نزاع واختلاف وكذلك كون المسح على الخفين ضد الغسل إذ يتأتى اجتماعهما، وما كان بهذه المثابة حقيق بأن لا يعوّل عليه لا سيما في إبطال مثل هذه السنة التي سطعت أنوار شموسها في سماء الشريعة المطهرة. وأما إذا كان المسح غير ثابت قبل نزول الآية فلا نسخ قطعا، وأما حديث واغسل رجلك فغاية ما في الأمر بالغسل وليس فيه ما يشعر بالقصر ولو سلم وجود ما يدلّ عليه لكان مخصصا بأحاديث المسح على الخفين المتواترة. وأما حديث لا يقبل الله الصلاة بدونه فلا ينتهض للاحتجاج به فكيف يصلح لمعارضة الأحاديث المتواترة مع أنه لم يوجد بهذا اللفظ من وجه يعتدّ به. وأما حديث ويل للأعقاب من النار فهو وعيد لمن مسح رجليه ولم يغسلهما ولم يرد في المسح على الخفين ولا يقال هو عام لا يقصر على السبب لأنا نقول لا نسلم شموله لمن مسح على الخفين فإنه يدع رجله كلها ولا يدع العقب فقط، ولئن سلم شموله لمن مسح على الخفين فأحاديث المسح عليهما مخصصة للماسح من ذلك الوعيد، أفاده الشوكاني. انتهى
– وقال ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات (ص: 12): ” خفي أصله على كثير من السلف والخلف حتى أنكره بعض الصحابة، وطائفة من أهل المدينة، وأهل البيت، وإذا علم سبب الخلاف لم يبق في الصدر شيء من المسح على الخفين، وهو هل آية المائدة معارضة للمسح على الخفين أم لا؟ وهل كان المسح قبل نزول المائدة أم بعدها، وقد أثبتنا بالأدلة الصحيحة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – مسح بعد آية المائدة كما في حديث جرير والمغيرة وبريدة، فزال الإشكال، والحمد لله رب العالمين.
– قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في بحوث وفتاوى في المسح على الخفين (ص: 8):
س2/ ما حكم المسح على الخفاف والجوارب وما دليل مشروعية ذلك من الكتاب والسنة؟
جـ2 / المسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل. ودليل ذلك: حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، قال المغيرة: فاهويت لأنزع خفيه فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) فمسح عليهما (1 [1]).
ومشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه سلم.
أما كتاب الله ففي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة: من الآية6) فإن قوله تعالى: (وأَرْجُلَكُمْ) فيها قراءتان سبعيتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إحداهما: (وأَرْجُلَكُمْ) بالنصب عطفاً على قوله: (وجُوهَكُمْ) فتكون الرجلان مغسولتين.
والثانية: (وأَرْجُلَكُمْ) بالجر عطفاً على: (بِرُؤُوسِكُمْ) فتكون الرجلان ممسوحتين. والذي بين أن الرجل ممسوحة أو مغسولة هي السنة، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما.
وأما دلالة السنة على ذلك فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس في قلبي من المسح شيء. فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومما يذكر من النظم قول الناظم: مما تواتر حديث من كذب ومن بنى الله بيتاً واحتسب ****ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض.
فهذا دليل مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. انتهى
والله أعلم.
قال الإمام أحمد: ليس في نفسي من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم. المغني 1/ 359
تنبيه: أثر ابن عباس ثبت عنه المنع وثبت عنه الرجوع
قال البيهقي: وأما ابن عباس فإنه كرهه حين لم يثبت له مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين بعد نزول المائدة فلما ثبت له رجع إليه، وأما أثر علي؛ فهو منقطع محمد بن علي بن الحسين لم يدرك عليا. وأما أثر عائشة؛ … ففيه محمد بن هاجر وهو وضاع. (التلخيص الحبير) … وراجع فتح العلام 1/ 192