1507 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة جمعه النعيمي ابوحمد وصالح الصيعري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—‘—‘———‘-
الصحيح المسند
1507 عن أبي الحسن مهاجر قال: جاء رجل زمن زياد إلى الكوفة فسمعته يحدث انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له. قال: وركبتي تصيب أو تمس ركبته. فسمع رجلا يقرأ (قل يا أيها الكافرون) قال: برئ من الشرك. وسمع رجلا يقرأ: (قل هو الله أحد) قال: غفر له
————————–
وصححه الالباني وراجع في ” السلسلة الصحيحة ” 6/ 936:
ومحقق سنن سعيد بن منصور دار الصميعي. 129
وقال وله شاهد
– عن ابن مسعود ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ونحن نسير فقرأ رجل من القوم {قل يا أيها الكافرون} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما صاحبكم فقد برئ من الشرك فذهبت أنظر من هو فأبشره فقرأ رجل آخر {قل هو الله أحد} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما صاحبكم فقد غفر له))
وفيه ابوالمصفى مجهول. انتهى من تحقيق سنن سعيد بن منصور باختصار.
الأحاديث الواردة في فضل سورة (الكافرون)
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ….. ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن …. » [رواه الترمذي (2893).
وقال الترمذي حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ الحسن بن مسلم.
قال العقيلي في ترجمة الحسن بن مسلم بن صالح العجلي: عن ثابت، مجهول في النقل، وحديثه غير محفوظ. وقد روي في قل هو الله أحد أحاديث صالح الأسانيد من حديث ثابت وأما في إذا زلزلت وقل يا أيها الكافرون أسانيدها مقاربات الإسناد.
ثم ذكر الحديث الذي أنكر على الحسن بن مسلم من حديث أنس (من قرأ اذا زلزلت عدلت بنصف القرآن، ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت بثلث القرآن، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت بربع القرآن).
وكذلك أنكره ابن حبان على الحسن بن مسلم كما في أطراف الكتاب لابن القيسراني.
وفي سنن الترمذي:
[2895] من طريق سلمة بن وردان عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه هل تزوجت يا فلان قال لا والله يا رسول الله ولا عندي ما أتزوج به قال أليس معك قل هو الله أحد قال بلى قال ثلث القرآن قال أليس معك إذا جاء نصر الله والفتح قال بلى قال ربع القرآن قال أليس معك قل يا أيها الكافرون قال بلى قال ربع القرآن قال أليس معك إذا زلزلت الأرض قال بلى قال ربع القرآن قال تزوج تزوج قال أبو عيسى هذا حديث حسن
ذكره ابن عدي في منكرات سلمة بن وردان.
وورد من حديث سعد بن مالك وفيه أن قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن وانكره ابوحاتم على زكريا بن عطيه العلل 1764.
وورد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما واعتبره الدارقطني غير محفوظ العلل 2994.
وذكر البزار والطبراني التفرد.
وعن ابن عباس أخرجه الترمذي 6439 واستغربه الترمذي.
وشاهد عن أبي هريرة، رواه ابن مردوية كما في الدر المنثور للسيوطي ((15) / (716)) مرة عزاه لابن مردوية عن أبي هريرة مرفوعا من قرأ (قل يا أيها الكافرون) كانت له عدل ربع القرآن.
ومرة عزاه لابن مردويه عن رافع وأبي هريرة مرفوعا وفيه أنزلت علي سورة تبارك وهي ثلاثون آية جملة واحدة وقال: هي المانعة في القبور. …. وإن قراءة قل يا أيها الكافرون في صلاة تعدل ربع القرآن وإن قراءة إذا زلزلت تعدل نصف القرآن.
وسبق تعليل العقيلي في ترجمة الحسن بن مسلم لكل الروايات التي فيها اذا زلزلت، وقل يا أيها الكافرون
عن علي- رضي الله عنه- قال: لدغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقرب وهو يصلي، فلما فرغ قال: «لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره»، ثم دعا بماء وملح، وجعل يمسح عليها ويقرأ ب قل يا أيها الكافرون، و قل أعوذ برب الفلق، و قل أعوذ برب الناس»] رواه الطبراني في المعجم الصغير
قلت (سيف):
ورد من طريق شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة، لكن قال أحمد: قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي؟ قد أدخل بينه وبين سعيد نحو عشرة رجال لا يعرفون (راجع جامع التحصيل) خاصة أن البزار والطبراني في الأوسط قالا: لا نعرفه إلا من حديث الحكم، و المشهور بهذا الإسناد (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم)، أخرجه مسلم من طريقين عن محمد بن جعفر.
أما حديث عبدالله فرجح الدارقطني أنه عن ابن الحنفية مرسلا. وهو أصح.
ومثله عن ابن الحنفية عن علي أيضا يرجح المرسل عليه.
– عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» [رواه مسلم (2041)].
عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما أحصى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر بـ «قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» [رواه الترمذي (431) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي [.
قلت سيف: قال البخاري عن عبدالملك بن الوليد بن معدان فيه نظر التاريخ الكبير 5/ 436
وأخرجه العقيلي في الضعفاء وقال: ولا يتابع عليه بهذا الإسناد وقد روي المتن بإسناد جيد
وكذلك ذكره ابن عدي في ترجمته
ومن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صحيح مسلم 1218: لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا. ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام. فقرأ: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [2 / البقرة / الآية 125] فجعل المقام بينه وبين البيت. فكان أبي يقول (ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم): كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون.
عن عبد العزيز بن جريج قال: سألنا عائشة- رضي الله عنها- بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان يقرأ في الأولى بـ «سبح اسم ربك الأعلى» وفي الثانية بـ «قل يا أيها الكافرون» وفي الثالثة بـ «قل هو الله أحد» [رواه الترمذي (463) ورواه ابن ماجه وصححه الألباني.971
عن فروة بن نوفل- رضي الله عنه- أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني شيئاً أقوله إذا أويت إلى فراشي، قال: «اقرأ قل يا أيها الكافرون فإنها براءة من الشرك» [رواه الترمذي (3403) وأبو داود (5055)
قلت سيف:
قال عبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال – (3/ 237) 5042 – كتب إلي بن خلاد قال سمعت يحيى قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن فروة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لرجل من أهله أو لظئر له إقرء قل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك قال يحيى وحدثني شعبة عن إسحاق عن فروة بن نوفل نحوه كان عندي فمحوته
وقال أبو عمر: نوفل حديثه مضطرب الإسناد لا يثبت (عون المعبود)
ذكر الترمذي رواية إسرائيل وقال: هذا أصح من حديث شعبة واضطرب أصحاب أبي إسحاق في هذا الحديث.
ورجح الدارقطني 13/ 277 … رواية إسرائيل.
وعن الحارث بن جبلة قال قلت يا رسول الله علمني شيئاً أقوله عند منامي.
قال: (إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ (قل يا أيها الكافرون) حتى تمر بآخرها فإنها براءة من الشرك.
رواه أحمد ((24009))
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة ((1) / (457)):
حديث متصل صحيح الإسناد.
قال سيف وصاحبه: هو أحد أوجه الاضطراب في حديث نوفل:
الحديث انفرد به شريك عن ابي اسحاق
وشريك مشهور بالتدليس وقد عنعن. صدوق سيء الحفظ يخطئ كثيرا
قال ابن عبد البر:
البر في ” الصحابة “: حديثه مضطرب، وفروة بن نوفل الأشجعي من الخوارج، خرج على المغيرة بن شعبة في صدر خلافة معاوية، فبعث إليهم المغيرة، فقتلوه سنة خمس وأربعين، وليس لفروة بن نوفل صحبة ولا رؤية، وإنما يروي عن أبيه وعن عائشة
إذاً
هذا الطريق ضعيف؛ لأنَّ شريكاً خالف أصحاب أبي إسحاق كما أنَّه قد اخْتُلِف عليه، إذ رواه موافقاً لزهير وإسرائيل مرةً، ورواه هنا مخالفاً الجميع وجعل الحديث عن جبلة بن حارثة.
إلا أنَّ ابن حجر قد صحح هذا الطريق؛ إذ قال في “الإصابة” 1/ 336 (1072): ((وله في النَّسائيِّ حديث متصل صحيح الإسناد، من رواية أبي إسحاق، عن فروة، عن جبلة بن حارثة، في القول عند النوم … ))،
لكن الحافظ رجع وقال في موضع آخر من ” الإصابة ” 4/ 341 (6979): ((وخالف الجميع شريك بن عبد الله القاضي، فقال: عن أبي إسحاق، عن جبلة بن حارثة، أخرجه النَّسائيُّ من رواية سعيد بن سليمان، عنه)).
أقول: سعيد بن سليمان رواه عن شريك بإثبات فروة في السند، أما الرواية التي عناها الحافظ فهي رواية محمد بن الطفيل، وذِكْر جبلة بن حارثة لا أعلم لشريك متابعاً له عليه، والطرق التي تقدمت عن أبي إسحاق تبين ذلك.
وانظر: ” تحفة الأشراف ” 2/ 548 (3183).
أما على ترجيح الدارقطني حيث رجح رواية إسرائيل فإنما جعله عن فروة بن نوفل
واخاف أن يكون في علل الدارقطني سقط (عن أبيه) حيث هي رواية إسرائيل كما عند الترمذي وغيره وعزاها ابن حجر إلى الترمذي كما في تهذيب التهذيب
بقي أن فروة بن نوفل لم يوثقه معتبر. بل قال ابن عبدالبر أنه من الخوارج. وتابعه عبدالرحمن بن نوفل قال الترمذي هو أخو فروة بن نوفل. وعبدالرحمن بن نوفل له ترجمه في تاريخ البخاري ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وقال ابن حبان: وقد قيل أن له صحبة وقد ذكرناه في الصحابة والقلب إلى تلك اللفظة ليست بمحفوظة أميل، إنما قالها عبدالعزيز بن مسلم القسملي عن أبي إسحاق.
وقال العجلي: تابعي كوفي ثقة وابوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
لكن لفظ عبدالرحمن بن نوفل كما في التاريخ الكبير (دلني على عمل يبرئني من الشرك قال اقرأ قل يا أيها الكافرون فما أخطأ من يوم ولا ليلة حتى مات)
فعبدالرحمن بن نوفل مجهول. أما توثيق العجلي فإن العجلي متساهل
-عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمت السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون» اخرجه ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان
قلت سيف: الجريري اختلط.
لكن ورد ذكر قل هو الله أحد من حديث عقبة انك لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس. وهو في الصحيح المسند 933
ما اشتملت عليه سورة الكافرون من فوائد:
الإعلان بكفر الكفار وتسميتهم بلقب ((الكافرون)).
مشروعية نداء الكفار بلقب (أيها الكافرون) للبراءة منه ومن عبادته.
بطلان دعوة (وحدة الأديان) التي يتبناها بعض الدعاة هنا وهناك بين الحين والآخر قال تعالى (إًنَّ الدًّينَ عًندَ اللّهً الإًسْلاَمُ) [آل عمران-19]، وقال تعالى (وَمَن يَبْتَغً غَيْرَ الإًسْلاَمً دًيناً فَلَن يُقْبَلَ مًنْهُ وَهُوَ فًي الآخًرَةً مًنَ الْخَاسًرًينَ) [آل عمران-85 [.
يستفاد من تكرار قراءة سورة (الكافرون) تاكيد التوحيد في نفس المؤمن وقلبه وتوكيد البراءة من الشرك وأهله.
تفسيرها قل يا أيها الكافرون:
قال أبن كثير
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرة بالإخلاص فيه، فقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} شمل كل كافر على وجه الأرض، ولكن المواجهين بهذا الخطاب هم كفارُ قريش.
قال السعدي
أي: قل للكافرين معلنا ومصرحًا {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} أي: تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله، ظاهرًا وباطنًا.
قال العلامة ابن عثيمين
في قوله عز وجل: {لكم دينكم ولي دين} {لكم دينكم} الذي أنتم عليه وتدينون به. ولي ديني، فأنا براء من دينكم، وأنتم بريؤون من ديني.
قال بعض أهل العلم: وهذه السورة نزلت قبل فرض الجهاد؛ لأنه بعد الجهاد لا يقر الكافر على دينه إلا بالجزية إن كانوا من أهل الكتاب. وعلى القول الراجح أو من غيرهم.
ولكن الصحيح أنها لا تنافي الأمر بالجهاد حتى نقول إنها منسوخة، بل هي باقية ويجب أن نتبرأ من دين اليهود والنصارى والمشركين، في كل وقت وحين، ولهذا نقر اليهود والنصارى على دينهم بالجزية، ونحن نعبد الله، وهم يعبدون ما يعبدون، فهذه السورة فيها البراءة والتخلي من عبادة غير الله عز وجل، سواء في المعبود أو في نوع الفعل، وفيها الإخلاص لله عز وجل، وأن لا نعبد إلا الله وحده لا شريك له.
تنبيه:
وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَالَ ” قَالَتْ قُرَيْش لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُفَّ عَنْ آلِهَتنَا فَلَا تَذْكُرهَا بِسُوءٍ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَاعْبُدْ آلِهَتنَا سَنَة وَنَعْبُد إِلَهك سَنَة، فَنَزَلَتْ ” وَفِي إِسْنَاده أَبُو خَلَف عَبْد اللَّه بْن عِيسَى، وَهُوَ ضَعِيف.
==========
سورة الإخلاص والمعوذتين**
وسبق ذكرها.
وراجع التعليق على 945. وحديث 1426
ما صح من الأحاديث والآثار في قرءاة سورتي الإخلاص مقال لبعض الباحثين:
ما صح من الأحاديث والآثار الواردة
في قراءة وفضائل سورتي الإخلاص
{قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد جمعت كل ما وقفت عليه من الخبر مما ورد فيه ذكر قراءة سورتي الإخلاص في نص واحد سواء كان في الصلاة أم في خارجها في بحث مستقل بعنوان ((جونة القناص بجمع ما ورد في قراءة سورتي الإخلاص))
وقد اشتمل على الصحيح والضعيف بل والموضوع، من باب جمع الروايات، فأحببت أن اختصره باقتصاري على بعض ما ثبت (صحيح أو حسن)؛ تذكرة لنفسي ولإخواني طلاب العلم ولعامة المسلمين
وقد سميته ((ما صح من الأحاديث والآثار الواردة في قراءة وفضائل سورتي الإخلاص))
وقد حذفت تخريج الأحاديث والآثار، فمن أراد الوقوف على تخريجها فعليه بالأصل
ما ورد في فضلهما:
– عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قال ((إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَرَأَ في رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِسُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هو الله أَحَدٌ))
قال شيخ الإسلام اَللَّهُ ابن تيمية: لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ , بِخِلَافِ الَّذِي فَعَلَ مَا فَعَلَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَهَذَا مِمَّا يُحَقِّقُ أَنَّ الْإِيمَانَ , وَالتَّوْحِيدَ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ , كَحُبِّ الْقَلْبِ , فَلَا بُدَّ مِنْ إخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ , وَالدِّينُ لَا يَكُونُ دِينًا إلَّا بِعَمَلٍ ; فَإِنَّ الدِّينَ يَتَضَمَّنُ الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ ; وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ U سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
إحْدَاهُمَا فِي تَوْحِيدِ الْقَوْلِ وَالْعِلْمِ
وَالثَّانِيَةُ فِي تَوْحِيدِ الْعَمَلِ وَالْإِرَادَةِ ; فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ , اللَّهُ الصَّمَدُ , لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا التَّوْحِيدَ
وَقَالَ فِي الثَّانِي {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ , لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ , وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ , وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ , لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَة انتهى
– وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (({قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن))
قلت سيف: سبق الكلام عليه في أول التعليق.
– وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى {قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حَتَّى انْقَضَتِ السُّورَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ وَقَرَأَ فِي الآخِرَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حَتَّى انْقَضَتِ السُّورَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا عَبْدٌ آمَنَ بِرَبِّهِ))
فَقَالَ طَلْحَةُ ((فَأَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ))
– وقال أبو مسعود ((مَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فِي لَيْلَةٍ، فَقَدْ أَكْثَرَ وَأَطْيَبَ))
القراءة بهما في صلاة الفجر:
– قال عمرو بن ميمون: صليت مع عمر بذي الحليفة وهو يريد مكة صلاة الفجر فقرأ بـ {قل يا أيها الكافرون} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
قراءتهما في ركعتي الفجر:
– عن أبي هريرة ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
– وعن عبد الله بن مسعود قال ((ما أحصي ما سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
– وعن عبدالله بن عمر قال ((رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين مرة أو خمساً وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
قلت سيف: هذا من الأحاديث التي أعلها الدارقطني.
– وعن عَائِشَةَ قالت كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول ((نِعْمَ السُّورَتَانِ هُمَا يقرؤنها في الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفَجْرِ {قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هو الله أَحَدٌ}))
– وعن عائشة قالت ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يسر فيهما القراءة))
– وعن إبراهيم قال ((كان أَصْحَابُ عبد اللهِ يَقْرَؤُونَ في الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفَجْرِ وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ}
– وقال غُنَيْم بْن قَيْسٍ: كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نُنَابِذَ الشَّيْطَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ، أَوْ قَبْلَ الْغَدَاةِ بِـ: قُلْ {يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
– وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قال كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَقْرَءُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ بِـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
– وقَالَ ابن سيرين ((كَانُوا يَقْرَءُونَ فِيهِمَا بِـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
فائدة:
قال شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تيمية: سُنّةُ الْفَجْرِ تَجْرِي مَجْرَى بِدَايَةِ الْعَمَلِ وَالْوِتْرُ خَاتِمَتَهُ
وَلِذَلِكَ كَانَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي سُنّةَ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ بِسُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ
وَهُمَا الْجَامِعَتَانِ لِتَوْحِيدِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَتَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِرَادَةِ وَتَوْحِيدِ الِاعْتِقَادِ وَالْقَصْدِ انْتَهَى
قراءتها في الركعتين بعد المغرب:
– وعن عبد الله بن مسعود قال ((ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
قراءتهما في الوتر:
– عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}))
– وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث فيقرأ في أول ركعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}))
قلت سيف: زيادة (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) شاذ
ما جاء في قراءتهما في ركعتي الطواف:
– عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه كان يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ هو الله أَحَدٌ وَقُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ))
– وعن يعقوب بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الطواف {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}))
– وعن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه أَنَّهُ كان يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ في رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِـ {قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هو الله أَحَدٌ}))
قراءتهما على المنبر:
– وعن علي أنه كان يقرأ يوم الجمعة على المنبر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} انتهى
قال شيخ الإسلام:
فإذا قرأ الإنسان {قل هو الله أحد}: حصل له ثوابٌ بقدر ثواب ثلث القرآن لكن لا يجب أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل ببقية القرآن، بل قد يحتاج إلى جنس الثواب الحاصل بالأمر والنهي والقصص، فلا تسد {قل هو الله أحد} مسد ذلك ولا تقوم مقامه.
ثم قال رحمه الله:
فالمعارف التي تحصل بقراءة سائر القرآن لا تحصل بمجرد قراءة هذه السورة فيكون من قرأ القرآن كله أفضل ممن قرأها ثلاث مرات من هذه الجهة لتنوع الثواب، وإن كان قارئ {قل هو الله أحد} ثلاثاً يحصل له ثواب بقدر ذلك الثواب لكنه جنس واحد ليس فيه الأنواع التي يحتاج إليها العبد كمن معه ثلاثة آلاف دينار وآخر معه طعام ولباس ومساكن ونقد يعدل ثلاثة آلاف دينار فإن هذا معه ما ينتفع به في جميع أموره وذاك محتاج إلى ما مع هذا، وإن كان ما معه يعدل ما مع هذا، وكذلك لو كان معه طعام من أشرف الطعام يساوي ثلاثة آلاف دينار فإنه محتاج إلى لباس ومساكن وما يدفع به الضرر من السلاح والأدوية وغير ذلك مما لا يحصل بمجرد الطعام.
” مجموع الفتاوى ” (17/ 137 – 139)