150، 151 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني و عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي وناجي الصيعري وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
قال الشيخ مقبل:
150 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 347): حدثنا الفضل بن دكين حدثنا ابن أبي غَنِيَّةَ (1) عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكرت عليًّا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتغير فقال «يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قلت بلى يا رسول الله قال «من كنت مولاه فعلي مولاه».
هذا حديث صحيحٌ.
151_ قال الإمام أحمد رحمه الله ج5ص350:حد ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعيد بن عبيدة عن بن بريدة عن أبيه قال صلى الله عليه وسلم بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في سرية قال لما قدمنا قال كيف رأيتم صحابة صاحبكم قال فأما شكوته أو شكاه غيري قال فرفعت رأسي وكنت رجلا مكبابا قال فإذا النبي صلى الله عليه و سلم قد احمر وجهة قال وهو يقول من كنت وليه فعلى وليه.
هذا حديث صحيح
…………….
قال الألباني في الصحيحة 1750:
ورد من حديث زيد بن أرقم وسعد بن أبي وقاص وبريدة بن الحصيب وعلي بن أبي
طالب وأبي أيوب الأنصاري والبراء بن عازب وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك
وأبي سعيد وأبي هريرة.
قال الشيخ مقبل في صفة الصلاة: والحديث له طرق يبلغ بها إلى حد التواتر.
قوله: (مكبابا) قال في لسان العرب (1/ 696): وأَكَبَّ الرَّجلُ يُكِبُّ إِكْباباً إِذا مَا نَكَّسَ. وأَكَبَّ عَلَى الشيءِ: أَقبل عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ. وأَكَبَّ للشَّيء: تَجانَأَ. وَرَجُلٌ مُكِبٌّ ومِكْبابٌ: كَثِيرُ النَّظَر إِلى الأَرض. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ.
وقد جمع الذهبي طرق هذا الحديث في جزء
طرق حديث من كنت مولاه للذهبي ذكره هو في تذكرة الحفاظ – في ترجمة الحاكم النيسابوري قال: وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا، قد أفردتها بمصنف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل، وأما حديث من كنت مولاه، فله طرق جيدة، وقد أفردت ذلك أيضا. وقال أيضا في سير أعلام النبلاء 17/ 169: وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء، وطرق حديث من كنت مولاه، وهو أصح منهما ما أخرجه مسلم عن علي قال: إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.
_________
بوب البخاري في صحيحه: باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه
ثم أورد جملة من الأحاديث في فضائله.
بوب عليه الشيخ مقبل في الجامع:
77 – الغزو في سبيل الله
121 – التعديل
11 – فضل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –
133 – قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}
كنا بحثنا فضائل علي في صحيح مسلم: باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال الطحاوي:
فدل ما ذكرنا أن عليا كان في خروجه إلى اليمن لولاية أشياء دخلت فيها الصدقات وكان بتوليه تلك الأشياء كالخليفة الهاشمي في توليه إياها ليوليها غيره ممن ليس في نسبه، فيرزقه منها، ويتولاها بنفسه بلا رزق يرزقه منها، ويكتفي بارتزاقه مما سواها، وبسهمه مما يغنمه بقتاله، وبسهمه بذوي قرابه
أحكام القرآن للطحاوي (1/ 386)
قال ابن عبدالبر:
وأما قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي: “أنت مني بمنزلة هارون من موسى”، واحتجاج أهل الزيغ به على أنه أراد بذلك استخلافه، فقد أجابه عن ذلك أبو إسحاق المروزي رحمه الله بجواب على وجهين محتملين:
أحدهما: أن هارون كان خليفة موسى في حياته، ولم يكن علي خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وإذا جاز أن يتأخر علي عن خلافة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته -على حسب ما كان هارون خليفة موسى في حياته- جاز أن يتأخر بعد موته زمانا، ويكون غيره مقدما عليه، ويكون معنى الحديث القصد إلى إثبات الخلافة له كما ثبت لهارون، لا أنه استحق تعجيلها في الوقت الذي تعجلها هارون من موسى عليهما السلام.
والوجه الآخر: أن هذا الكلام إنما خرج من النبي -صلى الله عليه وسلم- في تفضيل علي ومعرفة حقه لا في الإمامة؛ لأنه ليس كل من وجب حقه وصار مفضلا استحق الإمامة؛ لأن هارون مات قبل موسى بزمان، واستخلف موسى بعده يوشع بن نون، فهارون إنما كان خليفة موسى في حياته، وقد علم أن عليا لم يكن خليفة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، ولم يكن هارون خليفة موسى بعد موته، فيكون ذلك دليلا على أن عليا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد موته.
قال أبو عمر: كان هذا القول من النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي حين استخلفه على المدينة في وقت خروجه غازيا غزوة تبوك، وهذا استخلاف منه في حياته، وقد شركه في مثل هذا الاستخلاف غيره ممن لا يدعي له أحد خلافة؛ جماعة قد ذكرهم أهل السير، وقد ذكرناهم في كتاب الصحابة، وليس في استخلافه حين قال له ذلك القول دليل على أنه خليفة بعد موته. والله أعلم.
وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: “من كنت مولاه فعلي مولاه”، فمحتمل للتأويل؛ لأن المولى يحتمل وجوها في اللغة، أصحها أنه الولي والناصر، وليس في شيء منها ما يدل على أنه استخلفه بعده.
ولا ينكر فضل علي مؤمن، ولا يجهل سابقته وموضعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن دين الله عالم، وقد ثبت عنه رضي الله عنه أنه فضل أبا بكر على نفسه، من طرق صحاح، وقال: خير الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر. وحسبك بهذا منه رضي الله عنه.
التمهيد – ابن عبد البر (14/ 77 ت بشار)
قال بعضهم: وليس في هذا الحديث أن عليا أحق بالخلافة، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يوص بالخلافة، وإنما أشار إشارات أنها لأبي بكر الصديق وهو حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ادعي لي أباك وأخاك، حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».
وهذا كما يقول الإمام الشافعي والطحاوي رحمهما الله: إن الحديث لا يدل على أن عليا أحق بالخلافة، وإنما هو ولاء الإسلام كقوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}، وكقوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} فإن قال قائل: فلم خص علي؟. فالجواب: أن خصوصية علي دليل على منزلته الرفيعة.
ففرق بين علو المنزلة، وبين الاستحقاق للخلافة، فقد يكون رجلا من أعلم الناس، ولكن ليس لديه بصيرة بالخلافة، فهل تسلم الخلافة إلى هذا الشخص الذي يعتبر من أعلم الناس، وقد يكون من أشجع الناس، ولكنه قد لا يكون لديه بصيرة لسياسة الرعية. فالسياسة شيء والعلم والزهد والشجاعة شيء آخر.
قال ابن الجوزي:
(727) الحديث الحادي والأربعون: حدثنا البخاري قال: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا علي بن سويد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- عليا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا، فاصطفى منها سبية، فأصبح وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا. فلما قدمنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: “يا بريدة، أتبغض عليا؟ ” فقلت: نعم. قال: “لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر منك”.
انفرد بإخراجه البخاري.
* طريق آخر:
حدثنا أحمد قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا عبد الجليل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا قط، قال: وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا. قال: فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته، ما أصحبه إلا على بغضه عليا. قال: فأصبنا سبيا، فكتب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابعث لنا من يخمسه، قال: فبعث إلينا عليا، وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي، قال: فخمس وقسم، فخرج ورأسه يقطر، فقلنا: يا أبا الحسن، ما هذا؟ قال: ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي، فإني قسمت وخمست، فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم صارت في آل علي، ووقعت بها. قال: فكتب الرجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: ابعثني، فبعثني مصدقا، قال: فجعلت أقرأ الكتاب وأقول: صدق. قال: فأمسك يدي والكتاب وقال: “أتبغض عليا؟ ” قال: قلت: نعم، قال: “فلا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حبا. فوالذي نفس محمد بيده، لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة” قال: فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إلي من علي.
* طريق آخر:
حدثنا أحمد قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا ابن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال:
غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتغير، وقال: “يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قلت: بلى يا رسول الله. قال: “من كنت مولاه فعلي مولاه”.
* طريق آخر:
حدثنا أحمد قال: حدثنا ابن نمير قال: حدثني أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: “إذا التقيتم فعلي على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده” قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن، فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة، وسبينا الذرية، واصطفى علي امرأة من السبي لنفسه. قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخبره بذلك، فلما أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- دفعت الكتاب، فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله، هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه، ففعلت ما أرسلت به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا تقع في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي”.
الطرق التي قبله أصح منه. قال أحمد بن حنبل: أجلح قد روى غير حديث منكر. وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج بحديثه. وقال ابن حبان: كان لا يدري ما يقول.
قلت: وفي هذه الطرق إشكالات:
منها: أن يقول القائل: كيف يجور لعلي أن يصطفي مما لا يقسم، وأن يطأ من غير استبراء؟ وكيف جاز لبريدة أن يبغض عليا؟.
فالجواب: أن كثيرا من الأحاديث يروى مبتورا، فيقع الإشكال لذلك. وطريق عبد الجليل الذي ذكرناه يبين الحال، وأنه أمر علي بقبض الخمس، وقبض حقه منه، فما تصرف إلا بعد القسمة.
وقوله: فأصبح قد اغتسل، يحتمل أن يكون بعد الاستبراء، ويحتمل أن تكون غير بالغة: ومذهب جماعة، منهم القاسم بن محمد والليث وأبو يوسف: لا يستبرأ إلا من بلغ، وكان أبو يوسف لا يرى استبراء العذراء.
وأما بغض بريدة فلأنه رأى من أفعال علي ما لم يعلم وجهه، فأبغضه لذلك، وكم يلقى العلماء من الجاهلين بأحوالهم.
جامع المسانيد لابن الجوزي (1/ 347)
وراجع كشف المشكل من حديث الصحيحين (2) / (19)
قال الطبري:
وعن البراء بن عازب قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فنزلنا بغدير خم فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد علي وقال: “ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قالوا: بلى، فأخذ بيد علي وقال: “اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه” قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئا لك يابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وعن زيد بن أرقم مثله. خرجه أحمد في مسنده وخرج الأول ابن السمان، وخرج في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله: “وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأحب من أحبه” قال شعبة: أو قال: “ابغض من أبغضه” وخرج ابن السمان عن عمر منه: “من كنت مولاه فعلي مولاه” وخرجه المخلص الذهبي عن حبشي بن جنادة وقال بعد “وانصر من نصره”: “وأعن من أعانه” ولم يذكر ما بعده.
وعن أبي الطفيل قال: قال علي: أنشد الله كل امرئ سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم غدير خم لما قام، فقام ناس فشهدوا أنهم سمعوه يقول: “ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قالوا: بلى يا رسول الله قال: “من كنت مولاه فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه” فخرجت وفي نفسي من ذلك شيء فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك له، قال أبو نعيم: قلت لفطر -يعني الذي روى عنه الحديث: كم بين القول وبين موته? قال: مائة يوم. خرجه أبو حاتم وقال: يريد موت علي بن أبي طالب. وخرج الترمذي عنه من ذلك: “من كنت مولاه فعلي مولاه” وقال: حسن غريب وخرجه أحمد عن سعيد بن موهب ولفظه قال: نشد علي، فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فشهدوا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من كنت مولاه فعلي مولاه”.
وعن زيد بن أرقم قال: استنشد علي الناس فقال: أنشد الله رجلا سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه” فقام ستة عشر رجلا، فشهدوا وعن زياد بن أبي زياد قال: سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلا مسلما سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر رجلا بدريا فشهدوا.
وعن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتغير وقال: “يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم?” قلت: بلى يا رسول الله، قال: “من كنت مولاه فعلي مولاه” خرجه أحمد.
وعن عمر أنه قال: علي مولى من كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مولاه.
وعن سالم قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنه مولاي.
وعن عمر وقد جاء أعرابيان يختصمان فقال لعلي: اقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علي بينهما فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا? فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا، هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال: بيني وبينك هذا الجالس، وأشار إلى علي بن أبي طالب فقال الرجل: هذا الأبطن! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض ثم قال: أتدري من صغرت? مولاي ومولى كل مسلم، خرجهن ابن السمان.
الرياض النضرة في مناقب العشرة (3/ 126)
قال ابن كثير:
فصل في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة – يقال له غدير خم –
فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا، والصواب كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرغ عليه السلام من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك، فبين فيها أشياء.
وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه.
ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه.
وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة.
ونحو نورد عيون ما روي في ذلك مع إعلامنا أنه لا حظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه، فنقول وبالله المستعان.
قال محمد بن إسحاق – في سياق حجة الوداع – حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة.
قال: لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، تعجل إلى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل.
قال: ويلك ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس.
قال ويلك: انزع قبل أن ينتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فانتزع الحلل من الناس، فردها في البز، قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب – وكانت عند أبي سعيد الخدري – عن أبي سعيد.
قال: اشتكى الناس عليا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا
خطيبا، فسمعته يقول: أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله [من أن يشكى].
ورواه الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق به.
وقال: إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله.
وقال الإمام أحمد حدثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير.
فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قلت: بلى يا رسول الله! قال: ” من كنت مولاه فعلي مولاه “.
وكذا رواه النسائي، عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك بن أبي غنية بإسناده نحوه.
وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات.
وقد روى النسائي في سننه: عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم.
قال: لما رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: ” كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ” فقلت لزيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه.
تفرد به النسائي من هذا الوجه.
قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي وهذا حديث صحيح …
البداية والنهاية ط إحياء التراث (5/ 227)
قال الألوسي:
وروى ابن جرير عن علي بن زيد وأبي هارون العبيدي وموسى بن عثمان عن البراء قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلما أتينا على غدير خم كسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين ونودي في الناس الصلاة جامعة، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا كرم الله تعالى وجهه وأخذ بيده وأقامه عن يمينه، فقال: ألست أولى بكل امرئ من نفسه؟ قالوا:
بلى، قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطاب فقال رضي الله تعالى عنه: هنيئا لك أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة
– وهذا ضعيف- فقد نصوا أن علي بن زيد وأبا هارون وموسى ضعفاء لا يعتمد على روايتهم، وفي السند أيضا- أبو إسحاق- وهو شيعي مردود الرواية
وروى ضمرة بإسناده عن أبي هريرة قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يد علي كرم الله تعالى وجهه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم [المائدة: 3] ثم قال أبو هريرة: وهو يوم غدير خم، ومن صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب الله تعالى له صيام ستين شهرا،
وهو حديث منكر جدا، ونص في البداية والنهاية على أنه موضوع، وقد اعتنى بحديث الغدير أبو جعفر بن جرير الطبري فجمع فيه مجلدين أورد فيهما سائر طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم على ما جرت به عادة كثير من المحدثين، فإنهم يوردون ما وقع لهم في الباب من غير تمييز بين صحيح وضعيف، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة، والمعول عليه فيها ما أشرنا إليه، ونحوه مما ليس فيه خبر الاستخلاف كما يزعمه الشيعة، وعن الذهبي أن
من كنت مولاه فعلي مولاه
متواتر يتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، وأما
اللهم وال من والاه، فزيادة قوية الإسناد
تفسير الألوسي = روح المعاني (3/ 360)
ثم شرع الألوسي في الرد على الرافضة
قال المباركفوري في (باب مناقب علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي):
واستشكل وقوع علي على الجارية بغير استبراء وأجيب بأنه محمول على أنها كانت بكرا غير بالغ ورأى أن مثلها لا يستبرأ كما صار إليه غيره من الصحابة ويجوز أن تكون حاضت عقب صيرورتها له ثم طهرت بعد يوم وليلة ثم وقع عليها وليس في السياق ما يدفعه (فأنكروا عليه) أي على علي ووجه إنكارهم أنهم رأوا أنه أخذ من المغنم فظنوا أنه غل وفي حديث بريدة عند البخاري قال بعث النبي عليا إلى خالد ليقبض الخمس وكنت أبغض عليا وقد اغتسل فقلت لخالد ألا ترى إلى هذا فلما قدمنا على النبي ذكرت ذلك له فقال يا بريدة أتبغض عليا فقلت نعم
قال لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك (وتعاقد) أي تعاهد (وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر إلخ) وفي رواية أحمد قال عمران وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله (إلى رحالهم) أي إلى منازلهم وبيوتهم (فأقبل إليه) وفي رواية أحمد فأقبل رسول الله على الرابع (والغضب يعرف في وجهه) جملة حالية وفي رواية أحمد وقد تغير وجهه (ما تريدون من علي إلخ) وفي رواية أحمد دعوا عليا دعوا عليا (إن عليا مني وأنا منه) أي في النسب والصهر والمسابقة والمحبة وغير ذلك من المزايا ولم يرد محض القرابة وإلا فجعفر شريكه فيها
قاله الحافظ في الفتح وقال النووي في شرح قوله في شأن جليبيب رضي الله عنه هذا مني وأنا منه معناه المبالغة في اتحاد طريقتهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى
تنبيه احتج الشيعة بقوله إن عليا مني وأنا منه على أن عليا رضي الله عنه أفضل من سائر الصحابة رضي الله عنهم زعما منهم أن رسول الله جعل عليا من نفسه حيث قال إن عليا مني ولم يقل هذا القول في غير علي
قلت زعمهم هذا باطل جدا فإنه ليس معنى قوله إن عليا مني أنه جعله من نفسه حقيقة بل معناه هو ما قد عرفت آنفا وأما قولهم لم يقل هذا القول في غير علي فباطل أيضا فإنه قد قال هذا القول في شأن جليبيب رضي الله تعالى عنه ففي حديث أبي برزة أن النبي كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه هل تفقدون من أحد قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا الحديث وفيه قال لكني أفقد جليبيبا فاطلبوه فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه
فأتى النبي فوقف عليه فقال قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه
ورواه مسلم وقال هذا القول في شأن الأشعريين
ففي حديث أبي موسى قال قال رسول الله إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم
رواه مسلم
وقال هذا القول في شأن بني ناجية ففي حديث سعد أن رسول الله قال لبني ناجية أنا منهم وهم مني
رواه أحمد في مسنده (وهو ولي كل مؤمن من بعدي) كذا في بعض النسخ بزيادة من ووقع في بعضها بعدي بحذف من وكذا وقع في رواية أحمد في مسنده وقد استدل به الشيعة على أن عليا رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله من غير فصل واستدلالهم به عن هذا باطل فإن مداره عن صحة زيادة لفظ بعدي وكونها صحيحة محفوظة قابلة للاحتجاج والأمر ليس كذلك فإنها قد تفرد بها جعفر بن سليمان وهو شيعي بل هو غال في التشيع قال في تهذيب التهذيب قال الدوري كان جعفر إذا ذكر معاوية شتمه وإذا ذكر عليا قعد يبكي وقال بن حبان في كتاب الثقات حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا إسحاق بن أبي كامل حدثنا جرير بن يزيد بن هارون بين يدي أبيه قال بعثني أبي إلى جعفر فقلت بلغنا أنك تسب أبا بكر وعمر قال أما السب فلا ولكن البغض ما شئت فإذا هو رافضي الحمار انتهى فسبه أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ينادي بأعلى نداء أنه كان غاليا في التشيع لكن قال بن عدي عن زكريا الساجي وأما الحكاية التي حكيت عنه فإنما عنى به جارين كانا له قد تأذى بهما يكنى أحدهما أبا بكر ويسمى الآخر عمر فسئل عنهما فقال أما السب فلا ولكن بغضا مالك ولم يعن به الشيخين أو كما قال انتهى
فإن كان كلام بن عدي هذا صحيحا فغلوه منتف وإلا فهو ظاهر وأما كونه شيعيا فهو بالاتفاق قال في التقريب جعفر بن سليمان الضبعي أبو سليمان البصري صدوق زاهد لكنه كان يتشيع انتهى وكذا في الميزان وغيره وظاهر أن قوله بعدي في هذا الحديث مما يقوى به معتقدا الشيعة وقد تقرر في مقره أن المبتدع إذا روى شيئا يقوي به بدعته فهو مردود
قال الشيخ عبد الحق الدهلوي في مقدمته والمختار أنه إن كان داعيا إلى بدعته ومروجا له رد وإن لم يكن كذلك قبل إلا أن يروي شيئا يقوي به بدعته فهو مردود قطعا انتهى
فإن قلت لم يتفرد بزيادة قوله بعدي جعفر بن سليمان بل تابعه عليها أجلح الكندي فروى الإمام أحمد في مسنده هذا الحديث من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال بعث رسول الله بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد الحديث وفي آخره لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي
قلت أجلح الكندي هذا أيضا شيعي قال في التقريب أجلح بن عبد الله بن حجية يكنى أبا حجية الكندي يقال اسمه يحيى صدوق شيعي انتهى وكذا في الميزان وغيره
والظاهر أن زيادة بعدي في هذا الحديث من وهم هذين الشيعيين ويؤيده أن الإمام أحمد روى في مسنده هذا الحديث من عدة طرق ليست في واحدة منها هذه الزيادة
فمنها ما رواه من طريق الفضل بن دكين حدثنا بن أبي عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة الحديث وفي آخره فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه
ومنها ما رواه من طريق أبي معاوية حدثنا الأعمش عن سعيد بن عبيدة عن بن بريدة عن أبيه قال بعثنا رسول الله في سرية الحديث
وفي آخره من كنت وليه فعلي وليه
ومنها ما رواه من طريق وكيع حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن بن بريدة عن أبيه أنه مر على مجلس وهم يتناولون من علي الحديث وفي آخره من كنت وليه فعلي وليه
فظهر بهذا كله أن زيادة لفظ بعدي في هذا الحديث ليست بمحفوظة بل هي مردودة فاستدلال الشيعة بها على أن عليا رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله من غير فصل باطل جدا
هذا ما عندي والله تعالى أعلم
وقال الحافظ بن تيمية في منهاج السنة وكذلك قوله هو ولي كل مؤمن بعدي كذب على رسول الله بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن وكل مؤمن وليه في المحيا والممات فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها والي كل مؤمن بعدي كما يقال في صلاة الجنازة إذا اجتمع الولي والوالي قدم الوالي في قول الأكثر وقيل يقدم الولي وقول القائل علي ولي كل مؤمن بعدي كلام يمتنع نسبته إلى النبي فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول بعدي وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول وال على كل مؤمن انتهى
فإن قلت لم يتفرد جعفر بن سليمان بقوله هو ولي كل مؤمن بعدي بل وقع هذا اللفظ في حديث بريدة عند أحمد في مسنده ففي آخره لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي
قلت تفرد بهذا اللفظ في حديث بريدة أجلح الكندي وهو أيضا شيعي
تحفة الأحوذي (10/ 144)
قال الإتيوبي:
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 – (منها): بيان فضيلة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وأنه ذو مكانة عند الله
تعالى، حيث جعله من نبيه -صلى الله عليه وسلم- بمنزلة هارون من موسى عليه السلام، وهذا غاية
الفضل والكمال
2 – (ومنها): ما قاله في “الفتح”: استدل بحديث الباب على استحقاق
علي للخلافة دون غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-، فإن هارون كان خليفة موسى.
وأجيب بأن هارون لم يكن خليفة موسى إلا في حياته، لا بعد موته.
لأنه مات قبل موسى باتفاق، أشار إلى ذلك الخطابي، وقال الطيبي: معنى
الحديث أنه متصل بي، نازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه مبهم بينه
بقوله: “إلا أنه لا نبي بعدي”، فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة
النبوة، بل من جهة ما دونها، وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به إنما
كان خليفة في حياة موسى دل ذلك على تخصيص خلافة علي للنبي -صلى الله عليه وسلم-
بحياته، والله أعلم. انتهى
4 – (ومنها): ما قاله القاضي عياض رحمه الله: هذا الحديث مما تعلقت به
الروافض، والإمامية، وسائر فرق الشيعة، في أن الخلافة كانت حقا لعلي،
وأنه وصى له بها، قال: ثم اختلف هؤلاء، فكفرت الروافض سائر الصحابة في
تقديمهم غيره، وزاد بعضهم، فكفر عليا؛ لأنه لم يقم في طلب حقه بزعمهم،
وهؤلاء أسخف مذهبا، وأفسد عقلا من أن يرد قولهم، أو يناظر
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (38/ 559)