150، 151، 152 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
(15) باب الاستنجاء بالماء
150 – حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال حدثنا شعبة عن أبي معاذ واسمه عطاء بن أبي ميمونة قال سمعت أنس بن مالك يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام معنا إداوة من ماء يعني يستنجي به
(16) باب من حمل معه الماء لطهوره وقال أبو الدرداء أليس فيكم صاحب النعلين والطهور والوساد
151 – حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن أبي معاذ هو عطاء بن أبي ميمونة قال سمعت أنسا يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام منا معنا إداوة من ماء
(17) باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء
152 – حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة سمع أنس بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء تابعه النضر وشاذان عن شعبة العنزة عصا عليه زج
—————————–
فوائد الباب:
1 – قوله (الاستنجاء بالماء) أي مشروعيته خلافا لمن كره ذلك، وقد ترجم بنحو هذه الترجمة غير واحد من الأئمة منهم أبو داود والترمذي والنسائي.
2 – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وأشار إليه الترمذي بقوله ” وفي الباب عن جرير بن عبد الله البجلي، وأنس، وأبي هريرة.”
3 – قال الترمذي “وعليه العمل عند أهل العلم، يختارون الاستنجاء بالماء، وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم، فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء، ورأوه أفضل، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.”
4 – وقد كره قوم من السلف الاستنجاء بالماء وزعم بعض المتأخرين أن الماء نوع من المطعوم فكرهه لأجل ذلك، والسنة تقضي على قوله وتبطله
[معالم السنن (1/ 28)]
5 – قال ابن بطال بعد أن ذكر الخلاف عن السلف في الاستنجاء بالماء:
وروى سفيان، عن يونس بن خباب، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن عبد الله بن خباب، أن أهل قباء ذكروا للنبى، (صلى الله عليه وسلم)، الاستنجاء بالماء، فقال: إن الله قد أثنى عليكم فدوموا -. وقال محمد بن عبد الله بن سلام أما تجدوه مكتوبا علينا في التوراة: الاستنجاء بالماء. فدل ذلك أن الطهارة المذكورة في الآية الأولى هي هذه الطهارة
وقال غيره وروت معاذة، عن عائشة، قالت: مُرن أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول بالماء، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يفعله. وروى مالك فى موطأه، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يتوضأ بالماء وضوءًا لما تحت إزاره. قال مالك: يريد الاستنجاء بالماء، وترجم لحديث أنس باب من حمل معه الماء لطهوره، وباب حمل العَنَزَة مع الماء فى الاستنجاء.
[شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 240)]
6 – قال ابن القيم في زاد المعاد:
وكان -يعني النبي – صلى الله عليه وسلم – يستنجي بالماء تارة، ويستجمر بالأحجار تارة، ويجمع بينهما تارة. اهـ.
7 – قال النووي في شرح المهذب: المعروف في طرق الحديث أنهم كانوا يستنجون بالماء وليس فيها أنهم كانوا يجمعون بين الماء والأحجار.
8 – الاستجمار بالماء يجزئ إذا لم يتعد المحل:
قال ابن قدامة في المغني أيضًا: وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء وبها قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر يعني إذا تجاوز المحل بما لم تجر به العادة مثل أن ينتشر إلى الصفحتين وامتد في الحشفة لم يجزه إلا الماء لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة في غسله لتكرر النجاسة فيه فما لا تتكرر النجاسة فيه لا يجزئ فيه إلا الغسل كساقه وفخذه. انتهى.
ومسألة هل يشترط الماء لإزالة النجاسة أم يجزئ غيره وقع فيها خلاف. وللفقهاء تفريعات أخرى يراجع المغني وغيره من كتب الفقه
9 – فيه حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء قاله البخاري. وفيه الصلاة إلى العنزة وهو الأظهر من وجودها خاصة أن الحديث ظاهر في وجوده خارج البيت ولا مانع من استخدام العنزة لأغراض متعددة
10 – ” قال المهلب: معنى حمل العنزة، والله أعلم، أنه كان إذا استنجى توضأ، وإذا توضأ صلى، فكانت العنزة لسترته في الصلاة” نقله ابن بطال في شرحه.
11 – فيه ما جاء في غسل البول قاله البخاري
12 – وفيه: أن خدمة العالم، وحمل ما يحتاج إليه من إناء وغيره، شرف للمتعلم، ومستحب له. قاله ابن بطال في شرحه.
13 – فيه جواز استخدام الأحرار خصوصا إذا ارصدوا لذلك ليحصل لهم التمرن على التواضع قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
14 – فيه التباعد لقضاء الحاجه عن الناس وقد اشتهر هذا من فعله صلى الله عليه وسلم قاله بدر الدين العيني كما في عمدة القاري.
15 – فيه جواز الاستعانه في أسباب الوضوء قاله بدر الدين العيني كما في عمدة القاري.
16 – فيه اتخاذ آنية الوضوء كالإداوة ونحوها وحمل الماء معه الى الكنيف قاله بدر الدين العيني كما في عمدة القاري.
17 – عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ” قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة زاد قتيبة، قال وكيع: ” انتقاص الماء: يعني الاستنجاء ” رواه مسلم 261 وهذا الحديث اختلفوا في تصحيحه وتضعيفه سيأتي بيان ذلك بإذن الله آخر الفوائد
18 – وقال الترمذي قال أبو عبيد: انتقاص الماء: الاستنجاء بالماء. وقال في غريب الحديث له انتقاص الماء فإنا نراه غسل الذكر بالماء وذلك أنه إذا غسل الذكر ارتدَّ البول ولم ينزل وإن لم يغسل نزل منه الشيء حتى يُسْتبرأ.
19 – قوله (كان النبي) هذه اللفظة مشعرة باستمرار ذلك واعتياده له قاله الكرماني في الكواكب الدراري
20 – قوله (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته) وعند البخاري 152 من طريق محمد بن جعفر ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء”، وعند البخاري 217 ومسلم 271 من طريق روح بن القاسم ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تبرز لحاجته” وعند مسلم 270 من طريق خالد – هو الحذاء- ” دخل حائطا ……. ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، فخرج علينا وقد استنجى بالماء» ” وعند الإمام أحمد 13110 وأبي عوانة في مستخرجه 564 من طريق يزيد بن هارون ” ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج للغائط”
21 – قوله (أنا وغلام) زاد البخاري 151 من طريق سليمان بن حرب ” منا” وعند النسائي 45 من طريق النضر ” أنا وغلام معي نحوي”، وعند مسلم 270 وأبي عوانة في مستخرجه 563 من طريق خالد الحذاء ” وهو أصغرنا”، وعند ابن حبان في صحيحه 1442 من طريق أبي الوليد شيخ البخاري والبيهقي في السنن الكبرى 522 من طريق أبي داود الطيالسي وللإسماعيلي في مستخرجه من طريق ابن مرزوق- أي عمرو- عن شعبة– كما عزاه الحافظ في الفتح إليه-” وغلام من الأنصار”.
22 – قوله (معنا إداوة من ماء) وعند البخاري 152 ومسلم 271 من طريق محمد بن جعفر ” إداوة من ماء وعنزة”، وعند البخاري 217 من طريق روح بن القاسم ” أتيته بماء فيغسل به”، وعند البخاري 500 من طريق شاذان ” فإذا فرغ من حاجته ناولناه الإداوة”.
23 – قوله (العنزة عصا عليه زج) قال الفراهيدي في كتاب العين ” العَنَزَةُ كهيئة عصا في طرفها الأعلى زُجٌّ يَتَوَكَّأُ عليها الشيخ. وقال القاسم بن سلام في كتاب السلاح ” العَنَزَةُ: قَدْر نصفِ الرمحِ أو أكبَرُ شيئاً، وفيها زُجٌّ كَزُجِّ الرمحِ”. والزج الحديدة التي في أسفل الرمح كالسنان قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
24 – قوله (يعني يستنجي به) وعند الدارمي 703 عن شيخ البخاري بلفظ ” كان يستنجي به”، وعند البخاري 152 ومسلم 271 والإمام أحمد 12754 من طريق محمد بن جعفر ” يستنجي بالماء”، وعند البخاري 217 واللفظ له ومسلم 271 من طريق روح بن القاسم ” فيغسل به”، وعند مسلم 270 وأبي داود 3 من طريق خالد الحذاء” فخرج علينا وقد استنجى بالماء”، وعند الإمام أحمد عن يزيد بن هارون ” فاستنجى” 13110 زاد أبو عوانة 564 من طريقه “به”، وعند ابن خزيمة في صحيحه 85 من طريق سلم بن قتيبة ” فإذا خرج مسح بالماء، وتوضأ من الإداوة”، وعند ابن الجارود 41 من طريق وهب بن جرير ” ناولته الإداوة فيستنجي” قال الحافظ ابن حجر في الفتح ” وقد بان بهذه الروايات أن حكاية الاستنجاء من قول أنس راوي الحديث”
25 – قوله (وقال أبو الدرداء أليس فيكم صاحب النعلين والطهور والوساد) وأراد بإخراج طرف هذا الحديث ههنا مع حديث أنس رضي الله عنه التنبيه على ما ترجم عليه من حمل الماء إلى الكنيف لأجل التطهر قاله العيني في عمدة القاري. ووصله البخاري في مواضع 3742و2743 و3761 وفيه قال أبو الدرداء لعلقمة ” ممن أنت؟ قلت من أهل الكوفة، قال أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ ” وعدل البخاري هنا في التعليق عن ذكر ” المطهرة” وهي الإناء الذي يوضع فيه الماء إلى ” الطهور” وهو الماء نفسه لأنه المقصود وهو اللائق بالباب
26 – فيه مناقب عبد الله بن مسعود قاله البخاري
27 – الإسنادان الأول والثاني من رباعيات البخاري.
28 – قوله (حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك) هو الطيالسي تابعه سليمان بن حرب كما عند البخاري 151 تابعه محمد بن جعفر كما عند البخاري 152ومسلم 271 والإمام أحمد في مسنده 12754 تابعه النضر علقه البخاري عقب الحديث 152 ووصله النسائي في السنن الصغرى 45 تابعه شاذان علقه البخاري عقب الحديث 152 ووصله أيضا في موضع آخر 500 تابعه وكيع كما عند مسلم 271 تابعه يزيد بن هارون كما عند الإمام أحمد في مسنده 13110 والدارمي 702 تابعه عفان كما عند الإمام أحمد في مسنده 13717 و 14026 تابعه سالم بن قتيبة كما عند ابن خزيمة في صحيحه 85 تابعه عبد الوارث كما عند ابن خزيمة في صحيحه 86 تابعه وهب بن جرير كما عند ابن الجارود في المنتقى 41 تابعه أبو داود الطيالسي كما عند البيهقي في السنن الكبرى 522
29 – قوله (حدثنا شعبة) تابعه روح بن القاسم كما عند البخاري 217 ومسلم 271 تابعه خالد – هو الحذاء- كما عند مسلم 270 وأبي داود 3 والإمام أحمد في مسنده 12100
30 – قوله (عن أبي معاذ واسمه عطاء بن أبي ميمونة) وعند البخاري من طريق روح بن القاسم 217 ” حدثني عطاء بن أبي ميمونة”
31 – هذا بحث لبعض الباحثين في الحكم على حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ)).
قَالَ زَكَرِيَّاءُ بنُ أبي زائدةَ: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.
زَادَ قُتَيْبة: قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ الْمَاءِ: يَعْنِي: الاِسْتِنْجَاءَ أخرجه مسلم
هذا الحديث مدارُه- عند الجميع- على مُصْعَب بن شَيْبة، عن طَلْق بن حَبيب، عن عبد الله بن الزُّبَير، عن عائشةَ، به.
وقد أعلَّه عددٌ من أهل العلم: كالإمام أحمدَ، والنَّسائي، والعُقَيلي، والدارَقُطْني، وابنِ عبد البر، وابن مَنْدَه، وغيرِهم؛ وذلك لأمرين:
الأوَّل: تفرُّد مُصْعَب بنِ شَيْبة به؛ وهو ضعيفٌ منكَرُ الحديث
الثاني: أن مُصْعب بنَ شَيْبةَ مع ضعْفه قد خُولِف فيه؛ فقد رواه سُلَيمانُ التيميُّ وجعفرُ بن إِيَاس- وهما ثقتان ثبْتان- عن طَلْق بن حبيبٍ مِن قولِه، ولم يَرفعاه.
وهذا بيان أقوالهم:
1 – الإمام أحمد بن حنبل:
عن أحمد بن محمد بن هانئ، قال: ذكرتُ لأبي عبد الله: ((الْوُضُوء مِنَ الحِجَامَةِ))، فقال: “ذاك حديثٌ منكر، رواه مُصْعب بن شيبة، أحاديثُه مناكيرُ؛ منها هذا الحديثُ، و ((عَشَرَةٌ مِنَ الْفِطْرَةِ))، و ((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ)) ” (الضعفاء للعقيلي 4/ 7).
2 – النَّسائي:
حيث قال بإِثر رواية مُصْعب: “خالفه سُلَيمانُ التَّيْميُّ وجعفرُ بن إِيَاس”، وأسنده عنهما عن طَلْق بن حَبيب من قوله، ثم قال: “وحديث سُلَيمانَ التَّيْمي وجعفرِ بن إِيَاس أشبَهُ بالصواب من حديث مُصْعَب بن شَيْبة، ومُصْعب بن شَيْبة منكَر الحديث” (السنن الكبرى 11/ 261) و (المجتبى 8/ 128).
ولذا قال العِراقي: “وقد ضعّف النَّسائي رفعَه” (طرح التثريب 2/ 73).
وقال- أيضًا-: “وضعَّفه النَّسائي؛ بمُصْعَب بن شَيْبة، فقال: إنه منكَر الحديث، وأن الأشبَهَ بالصواب وقْفُه على طَلْق بن حَبيب” (مسألة في قص الشارب ص 31)، وانظر أيضًا (المغني عن حمل الأسفار 357)
3 – العُقَيلي:
حيث ذكره في الضعفاء في ترجمة مُصْعب، ثم قال: “الفِطْرَة يُروَى بإسنادٍ صالح من هذا الإسناد، ودُونَ العددِ الذي ذكرناه” (الضعفاء 4/ 8). يعني: حديثَ أبي هريرة: ((خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ … )).
4 – الدارَقُطْني:
حيث قال: “يرويه طَلْق بن حَبيب، واختُلِف عنه؛
فرواه مُصْعَب بن شَيْبة، عن طَلْق بن حَبيب، عن عبد الله بن الزُّبَير، عن عائشةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالفه سُلَيمان التَّيْميُّ، وأبو بِشْرٍ جعفرُ بن إِيَاس؛
فرَوَياه عن طَلْق بن حَبيب، قال: ((كَانَ يُقَالُ: عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ … ))، وهما أثبَتُ من مُصْعَب بن شَيْبةَ وأصحُّ حديثًا” (العلل 8/ 89).
وقال في (الإلزامات والتتبُّع ص 340): “خالفه رجلانِ حافظان: سُلَيْمانُ وأبو بِشْر، رَوَياه عن طَلْق بن حبيبٍ مِن قوله. قاله مُعْتَمِرٌ عن أبيه، وأبو عَوانة عن أبي بِشْر. ومُصْعَب منكَر الحديث، قاله النَّسائي”.
وقال في “السنن” بإِثره: “تفرَّد به مُصَعب بنُ شَيْبة، وخالفه أبو بِشْر وسُلَيمانُ التَّيْمي، فرَوَياه عن طَلْق بن حَبيب، قولَه غيرَ مرفوعٍ”.
5 – ابن عبد البر:
حيث قال: “روَتْ عائشةُ وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ))، منها: ((قَصُّ الشَّارِبِ))، وفي إسناديهما مقالٌ” (التمهيد 21/ 65)
6 – ابن مَنْدَه:
حيث قال: “خرَّجه مسلم وتركه البخاري، وهو حديث معلول، رواه التيميُّ عن طلْقٍ مرسلًا” (شرح ابن ماجه لمُغْلَطاي 1/ 123)، (البدر المنير 2/ 99).
قال ابن دقيقِ العيدِ معلِّقًا على كلام ابن مَنْدَه: “ولم يلتفت مسلم لهذا التعليل؛ لأنه قدَّمَ وصْلَ الثقةِ عنده على الإرسال” (الإمام 1/ 402).
قلنا: هذا لو كان ثقةً، وليس من منهج مسلمٍ ولا غيرِه من المحدِّثين، تقديمُ وصْلِ الثقةِ على إرسال غيرِه مطلقًا، بل يرجعون في ذلك إلى القرائن المحتفَّةِ بالخبر، هذا على خلاف طريقةِ الفقهاء ونحوِهم مِن قَبول زيادةِ الثقةِ مطلقًا.
7 – عبد الحق الإشْبيلي:
حيث قال: “ومصعب قد خُولف في حديثه، وأُنكِرَ عليه” (الأحكام الكبرى 1/ 405).
وقال في (الأحكام الوسطى 1/ 241): “وحديث مصعب، رواه سُلَيْمانُ التيميُّ وأبو بِشْرٍ، عن طَلْقِ بن حبيبٍ، من قوله”.
8 – ابن القَطَّان:
قال: “وكذلك مُصْعَب بن شَيْبة في حديث: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ))، وهو ضعيف” (بيان الوهم والإيهام 5/ 507)
9 – ابن التُّرْكُماني:
حيث قال: “ومصعب وإنْ وصله، لكنّه متكلَّمٌ فيه وإنْ أخرج له مسلم؛ قال ابن حنبل: روى أحاديثَ مناكيرَ، وقال أبو حاتم: لا يَحْمَدونه، وليس بقوي. والتيميُّ اتفق عليه الشيخان” (الجوهر النَّقِي بحاشية سنن البَيْهَقي 1/ 52).
10 – الزَّيْلَعي:
حيث قال: “وهذا الحديث وإنْ كان مسلم أخرجه في “صحيحه” ففيه علتان، ذكرهما الشيخ تقيُّ الدين في “الإمام”، وعزاهما لابن مَنْدَه:
إحداهما: الكلام في مصعب بن شيبة … ، الثانية: أن سُلَيْمان التيمي رواه عن طلْق بن حبيب عن ابن الزبير مرسلًا، هكذا رواه النَّسائي في “سننه”، ورواه أيضًا عن أبي بِشْرٍ عن طلْقِ بن حبيب عن ابن الزبير مرسلًا … ؛ ولأجل هاتين العلتين لم يخرِّجْه البخاري، ولم يلتفت مسلم إليهما؛ لأن مصعبًا عنده ثقةٌ، والثقة إذا وصل حديثًا يُقَدّم وصْله على الإرسال” (نصب الراية 1/ 76).
11 – ابن عبد الهادي:
حيث قال: “رواه مسلم، وذكر له النَّسائي والدارَقُطْني علةً مؤثِّرَة، ومصعب: هو ابن شيبة، تُكُلِّم فيه؛ قال النَّسائي: منكر الحديث” (المحرر في الحديث 32)
وفي المقابل:
قد صحَّحَ الحديثَ عددٌ من أهل العلم غير الإمامِ مسلم، فصحَّحَه ابنُ خزيمة؛ حيث أخرجه في (صحيحه 93)، والبَغَوي في (شرح السنة 205)، وأبو محمدٍ الخَلَّال في مجلسين من أماليه (17)، وحسَّنه الألباني بشواهده في (صحيح أبي داود 43).
وقال التِّرْمذي: “هذا حديث حسن” (السنن 2957).
وقال ابن تيميَّة: “وقد ثبت في الصحيح عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ …. )) الحديثَ” (الفتاوى 21/ 306).
وقال ابن كثير: ” ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ ….. )) الحديثَ” (التفسير 1/ 284).
وقال ابن حَجَر: “ورجَّحَ النَّسائي الروايةَ المقطوعة على الموصولة المرفوعةِ، والذي يظهر لي أنها ليست بعلةٍ قادحةٍ؛ فإن راويها مصعبَ بن شيبة وثَّقه ابن مَعين والعِجْلي وغيرَهما، وليَّنه أحمدُ وأبو حاتم وغيرُهما؛ فحديثه حسن، وله شواهدُ في حديث أبي هريرة وغيرِه، فالحُكم بصحته من هذه الحيثيةِ سائغ، وقولُ سُلَيْمانَ التيميِّ: ((سَمِعْتُ طَلْقَ بْنَ حَبِيبٍ يَذْكُرُ عَشْرًا مِنَ الْفِطْرَةِ)) يحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها مِن قِبَلِ نفْسِه على ظاهر ما فهمه النَّسائي، ويحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها وسندَها، فحذف سُلَيْمانُ السند” (الفتح 10/ 337).
قلنا: وما قال الحافظ في مصعب هنا، مخالفٌ لما قرَّره في التقريب أنه: “ليِّن الحديث”
وقال مُغْلَطاي: “وقيل: الرفعُ صحيحٌ؛ اعتبارًا بتوثيق مصعبٍ عند ابن مَعين والعِجْلي وابن خزيمة لذكره حديثَه هذا في صحيحه” (شرح ابن ماجه 1/ 123).
[تنبيه]:
وقال المُناوي- بعد ذِكْرِه لبعض أقوال العلماءِ في مصعب-: “لكنْ لروايته شاهدٌ صحيح مرفوعٌ” (فيض القدير 4/ 316).
قال الألباني معقِّبًا على كلام المُناوي: “ولم أجد هذا الشاهدَ الصحيحَ المرفوع؛ وإنما وجدْتُ له شاهدًا صحيحًا، ولكنه موقوفٌ على ابن عباس كما يأتي في الذي بعده، وشاهدًا مرفوعًا، ولكنه ضعيف وهو الآتي” (صحيح أبي داود 1/ 92)
[ديوان السنة – قسم الطهارة (8/ 50 بترقيم الشاملة آليا)]