(15) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / محمد بن رحمة الشامسي (15)
(للأخ؛ سيف الكعبي)
بالتعاون مع الأخوة بمجموعات السلام1،2،3، والمدارسة، والتخريج رقم 1،والاستفادة
(من لديه فائده أو تعقيب فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
877 – قال الإمام محمد بن حبان رحمه الله كما في الإحسان: أخبرنا الفيريابي قال: حدثنا علي بن حجر السعدي قال: حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبدالله بن مسعود قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم (نحن الآخرون والأولون يوم القيامة وإن الأكثرين هم الأسلفون إلا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وعن يساره ومن خلفه وبين يديه ويحثي بثوبه).
هذا حديث صحيح.
———————–
التعليق:
– ورد من حديث أبي ذر في البخاري 2388، ومسلم 990، وفيه (هم الأخسرون) وفيه (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة … )، وورد في البخاري ورأى أُحُدَاً قال: (ما أحب أنه تحول ذهبا يمكث عندي منه دينارا فوق ثلاث إلا دينارا أرصده لدين) ثم قال (إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال … ). وسيأتينا من حديث أبي هريرة في الصحيح المسند 1361 مطولا.
– فيه محبة النبي صلى الله عليه وسلم إنفاق المال في وجوه الخير.
– على المسلم أن لا يتمنى المال بدون نية صالحة ومنه حديث ( … يا ليت لي مثل مال فلان …. فهما في الأجر سواء).
– ليس في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، تمنى الفقر، بل ثبت أنه كان يستعيذ من الفقر. أما حديث (اللهم أحيني مسكينا … ) فضعيف، وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)، وقال صلى الله عليه وسلم لكعب من مالك حين قال: إن من توبتي أن أنخلع من مالي، قال له: (أمسك عليك بعض مالك)، وما ورد حديث (ذهب أهل الدثور بالأجور … )، وحديث (نعم المال الصالح للرجل الصالح).
– المذموم الإكثار من المال مع الإقلال من ثواب الآخرة فيصير المال له فتنة.
– وأيهما أفضل الغني الشاكر أم الفقير الصابر؟ بحثها ابن حجر بحثا موسعا وذكر أدلة من قال بواحد منهما، وذكر أن بعضهم قال: الأفضل الكفاف، وهي آخر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه حديث (اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا)، وفي رواية (قوتا)،حيث كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلوا في الترف، وتلهيهم الدنيا.
ولو توسطنا وقلنا: أن الإنسان ينظر في أي حال يكون أنفع لنفسه وللأمة، لكان قولاً قوياً.
878 – قال أبو داود رحمه الله: حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال
أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أنا الرزاق ذو القوة المتين.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
——————–
التعليق:
– قال ابن حجر: الحديث على شرط البخاري (راجع تخريجنا لسنن أبي داود 3995)
– (ذو القوة المتين) المعنى أن الله عزوجل شديد القوة.
(الرزاق) قال الخطابي: الرزاق هو المتكفل بالرزق والقائم على كل نفس بما يقيمها، وتكلم الشيخ الهراس في شرح نونية ابن القيم على أنواع الرزق.
– القراءة المشهورة (إن الله هو الرزاق … )، وقرأ (المتين) بالرفع صفة لذو، وبالجر صفة للقوة.
– يدعو الله عزوجل عباده لتوحيده، وأنه هو وحده يرزق عباده فيجب عليهم أن يفردوه بالتوحيد والعبادة.
879 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم آمر بأناس لا يصلون معنا فتحرق عليهم بيوتهم.
——————–
التعليق:
– أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة 644 وبوب عليه باب وجوب صلاة الجماعة، واستدل بأثر الحسن قال: إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها.
قال ابن حجر: هذا يشعر أنها عند البخاري فرض عين، وإليه ذهب عطاء والأوزاعي وأحمد وجماعة من محدثي الشافعية كأبي ثور وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان ثم ذكر ابن حجر للقائلين باستحباب صلاة الجماعة عشر أوجه في الجواب عن هذا الحديث، وأجاب عنها لكنه في آخر المبحث مال إلى أن وجوب الجماعة يختص بصلاتي الفجر والعشاء من باب حمل المطلق على المقيد.
قلت: إنما خصت صلاة الفجر والعشاء في بعض الروايات بتحريق بيوت المتخلفين عنهما لمزيد اهتمام بهما، واعترض الشيخ ابن باز على ابن حجر كذلك فقال: هذا لو لم يكن هناك نصوص تدل على وجوب الجماعة ثم ذكر أحاديث تدل على وجوب صلاة الجماعة.
وذكر ابن خزيمة من أدلة وجوب الصلاة جماعة حديث الأعمى الذي لم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجماعة.
وفي الحديث من الفوائد: تقديم الوعيد على العقوبة، وجواز العقوبة بالمال، وجواز أخذ الجرائم على غرة، واخراج أهل المعاصي والريب من البيوت إذا اختفوا وامتنعوا فيها ولو بالتحريق، والرخصة في ترك الجماعة لأمر مهم.
وليس في الحديث جواز القتل بالنار، لأنه إنما ذكر فيه تحريق البيوت وليس القتل وغير ذلك من الاحتمالات.
880 – قال الحاكم رحمه الله: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة القاضي بمصر، ثنا صفوان بن عيسى، ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن مجاهد، عن عبد الله بن سخبرة، قال: غدوت مع عبد الله بن مسعود من منى إلى عرفة، وكان عبد الله رجلا آدم له ضفيرتان عليه مسحة أهل البادية، وكان يلبي، فاجتمع عليه عرف من عرف الناس فقالوا: يا أعرابي، إن هذا ليس بيوم تلبية إنما هو التكبير، قال: فعند ذلك التفت إلي، فقال: جهل الناس أم نسوا؟ والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق «لقد خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفة، فما ترك التلبية حتى رمى الجمرة إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل».
«هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه»
——————–
* التعليق:
– ورد عن الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة) أخرجه البخاري 1685 ومسلم 1282، وأخرجه البيهقي، وبوب عليه وعلى حديث ابن مسعود الذي معنا؛ باب حتى يرمي جمرة العقبه بأول حصاه، ثم قطع، فالراجح عنده أن التلبية تقطع مع أول حصاة واستدل بالأحاديث التي فيها بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر مع كل حصاة، أما ما ورد في حديث الفضل أنه صلى الله عليه وسلم قطع التلبية مع آخر حصاه، فحكم عليه البيهقي بالغرابة.
– فيه مشروعية التكبير والتهليل والتلبية في الغدو من منى إلى عرفه وكان الصحابة منهم؛ الملبي ومنهم المهلل والمكبر فلا ينكر بعضهم على بعض.