: 1492 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالحميد البلوشي ومجموعة إبراهيم البلوشي
————
الصحيح المسند:
1492 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني حارثة
أنه كان يرعى لقحة بشعب من شعاب أحد فأخذها الموت فلم يجد شيئا ينحرها به فأخذ وتدا فوجأ به في لبتها حتى أهريق دمها ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأمره بأكلها
@@@@@@@@@
قال شعَيب الأرنؤوط في تعليقه على سنن أبي داود:
إسناده صحيح. يعقوب. هو ابن عبد الرحمن الإسكندراني.
وأخرجه البيهقي 9/ 250 و281 من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (23647) من طريق سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 391، وعبد الرزاق (8626) و (8627) عن سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أن غلاما من بنى حارثة فذكره مرسلاً.
وأخرجه النسائي (4402)، وابن عدي في “الكامل” 2/ 552 من طريق جرير بن حازم، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: كانت لرجل من الأنصار ناقة … فجعله من مسند أبي سعيد الخدري.
وفي جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير
تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط
@@ وأخرجه النسائي عن عطاء، عن أبي سعيد، قال: «كان لرجلٍ من الأنصار ناقة ترعى في قِبل أُحُد، فعرض لها، فنحرها بِوتِدٍ» قال أحدُ رواته: فقلت لزيد بن أسلم: «بوتِدٍ من خشب، أو حديد؟ قال: لا بل من خشب، فأتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فأَمره بأكلها»
فوجأته: وجأته بالسكين: ضربته بها.
بشظاظ: الشظاظ: خشيبة صغيرة، يجمع بها بين طرفي حبلي العدلين على البعير، فلا يحتاج معها إلى شد.
لقحة: اللقحة: الناقة ذات اللبن.
وقال الزرقاني في «شرح الموطأ» قال أبو عمر: مرسل عند جميع الرواة، ووصله أبو العباس محمد بن إسحاق السراج من طريق أيوب والبزار من طريق جرير بن حازم كلاهما عن زيد، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري.
@@@@@@@@@@@
رواه أبو داود (2823) وصححه الألباني:
@@ لقحة: بكسر اللام ويفتح وبسكون القاف أي ناقة قريبة العهد بالنتاج
@@ بشعب من شعاب أحد: بضمتين جبل معروف بالمدينة. والشعب بالكسر الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن أرض وما انفرج بين الجبلين
@@ فأخذها): اللقحة.
@@ فأخذ وتدا: بفتح فكسر. وفي القاموس: بالفتح والتحريك ككتف وهو بالفارسية ميخ
@@ فوجأ): أي ضرب
@@ به): أي بالوتد يعني بحده. قال في القاموس: وجأه باليد والسكين كوضعه ضربه (
@@ في لبتها): بفتح اللام وتشديد الموحدة وهي الهزمة التي فوق الصدر على ما في النهاية، وقيل هي آخر الحلق. ذكره القاري
@@ حتى أهريق): أي أريق وأسيل. والحديث سكت عنه المنذري
@@ قال ابن عبدالبر في الاستذكار
والشظاظ العود الحديد الطرف.
كذا قال أهل اللغة
وقد روى هذا الحديث يعقوب بن جعفر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار فقال فيه فأخذها الموت فلم يجد شيئا ينحرها به فأخذ وتدا فوجا في لبنها حتى أهراق دمها ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأمره بأكلها
فعلى هذا الحديث وحديث جرير بن حازم الشظاظ الوتد
وتفسير أهل اللغة أبين
وقال بعضهم الشظاظ هو العود الذي يجمع به بين عروتي الغرارتين على ظهر الدابة واستشهد بقول أمية بن أبي الصلت بحال العروتين من الشظاظ
وقال الخليل الشظاظ خشبة عقفاء محددة الطرف
قال أبو عمر التذكية بالشظاظ إنما تكون فيما ينحر لا فيما يذبح لأنه كطرف السنان
وفي هذا الحديث من الفقه إباحة تذكية ما نزل به الموت من الحيوان المباح أكله كانت حياته ترجي أو لا ترجى إذا كانت فيه حياة معلومة من حين الذكاة لأن في الحديث فأصابها الموت.
@@@@@@@@@@@@@@@@
قال العباد في شرح سنن أبي داود:
هذا مثل محمد بن صفوان الذي مر أنه جاء وقد ذبح الأرنبين بمروة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلهما.
@@ فدل على أن الذبح بكل شيء محدد يحصل به الذبح صحيح ما لم يكن سناً أو ظفراً، كما جاء ذلك مبيناً في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أورده أبو داود رحمه الله في أول هذا الباب
=====
وهذا سؤال وجه لمجلس مجمع الفقه الإسلامي:
السؤال: ما هى أحكام الذبائح فى الإسلام مع تعدد الوسائل للذبح وتعدد مصادر اللحوم فى العصر الحاضر؟
الإجابة: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23 – 28 صفر 1418هـ، الموافق 28 – حزيران (يونيو) – 3 تموز (يوليو) 1997م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع المجمع بخصوص موضوع الذبائح، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء وخبراء الأغذية، واستحضاره أن التذكية من الأمور التي تخضع لأحكام شرعية ثبتت بالكتاب والسنة، وفي مراعاة أحكامها التزام بشعائر الإسلام وعلاماته التي تميز المسلم من غيره، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله “، قرر ما يلي:
أولاً:
التذكية الشرعية تتم بإحدى الطرق التالية:
1 – الذبح، ويتحقق بقطع الحلقوم والمريء والودجين. وهي الطريقة المفضلة شرعاً في تذكية الغنم والبقر والطيور ونحوها، وتجوز في غيرها.
2 – النحر، ويتحقق بالطعن في اللبة، وهي الوهدة (الحفرة) التي في أسفل العنق. وهي الطريقة المفضلة شرعاً في تذكية الإبل وأمثالها، وتجوز في البقر.
3 – العقر، ويتحقق بجرح الحيوان غير المقدور عليه في أي جزء من بدنه، سواء الوحشي المباح صيده، والمتوحش من الحيوانات المستأنسة. فإن أدركه الصائد حياً وجب عليه ذبحه أو نحره.
ثانياً:
يشترط لصحة التذكية ما يلي:
1 – أن يكون المذكي بالغاً أو مميزاً، مسلماً أو كتابياً (يهودياً) أو (نصرانياً)، فلا تؤكل ذبائح الوثنيين، واللادينيين، والملحدين، والمجوس، والمرتدين، وسائر الكفار من غير الكتابيين.
2 – أن يكون الذبح بآلة حادة تقطع وتفري بحدها، سواء كانت من الحديد أم من غيره مما ينهر الدم، ما عدا السن والظفر.
* فلا تحل المنخنقة بفعلها أو بفعل غيرها.
* ولا الموقوذة: وهي التي أُزهقت روحها بضربها بمثقل (حجر أو هراوة أو نحوهما).
* ولا المتردية: وهي التي تموت بسقوطها من مكان عال، أو بوقوعها في حفرة.
* ولا النطيحة: وهي التي تموت بالنطح.
* ولا مأكل السبع: وهو ما افترسه شاء من السباع أو الطيور الجارحة غير المعلمة المرسلة على الصيد.
** على أنه إذا أدرك شيء مما سبق حياً حياة مستقرة فذُّكيَ جاز أكله.
3 – أن يذكر المذكي اسم الله تعالى عند التذكية، ولا يكتفي باستعمال آلة تسجيل لذكر التسمية، إلا أن من ترك التسمية ناسياً فذبيحته حلال.
ثالثاً:
للتذكية آداب نبهت إليها الشريعة الإسلامية للرفق والرحمة بالحيوان قبل ذبحه، وفي أثناء ذبحه، وبعد ذبحه:
فلا تُحد آلة الذبح أمام الحيوان المراد ذبحه، ولا يذبح حيوان بمشهد حيوان آخر، ولا يُذَّكي بآلة غير حادة، ولا تعذب الذبيحة، ولا يقطع أي جزء من أجزائها ولا تسلخ ولا تغطس في الماء الحار، ولا ينتف الريش إلا بعد التأكد من زهوق الروح.
رابعاً:
ينبغي أن يكون الحيوان المراد تذكيتة خالياً من الأمراض المعدية، ومما يغير اللحم تغيراً يضر بآكله، ويتأكد هذا المطلب الصحي فيما يطرح في الأسواق، أو يستورد.
خامساً:
(أ) الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان، لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل، رحمة بالحيوان وإحساناً لذبحته وتقليلاً من معاناته، ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم، بحيث تحقق هذا الأصل في الذبح على الوجه الأكمل.
(ب) مع مراعاة ما هو مبين في البند (أ) من هذه الفقرة، فإن الحيوانات التي تذكى بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء في الوقت الحالي بما يلي:
1 – أن يتم تطبيق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي – القذالي (القفوي).
2 – أن يتراوح الفولطاج ما بين (100 – 400فولط).
3 – أن تتراوح شدة التيار ما بين (75ر0إلى 0ر1 أمبير) بالنسبة للغنم، وما بين (2 إلى 5ر2 أمبير) بالنسبة للبقر.
4 – أن يجرى تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين (3 إلى 6 ثوان).
(ج) لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة أو بالبلطة أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية.
(د) لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية، لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية.
(هـ) لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأكسجين أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته.
سادساً:
على المسلمين المقيمين في البلاد غير الإسلامية أن يسعوا بالطرق القانونية للحصول على الإذن لهم بالذبح على الطريقة الإسلامية بدون تدويخ.
سابعاً:
يجوز للمسلمين الزائرين لبلاد غير إسلامية أو المقيمين فيها، أن يأكلوا من ذبائح أهل الكتاب ما هو مباح شرعاً، بعد التأكد من خلوها مما يخالطها من المحرمات، إلا إذا ثبت لديهم أنها لم تُذَّك تذكية شرعية.
ثامناً:
الأصل أن تتم التذكية في الدواجن وغيرها بيد المذكي، ولا بأس باستخدام الآلات الميكانيكية في تذكية الدواجن ما دامت شروط التذكية الشرعية المذكورة في الفقرة (ثانياً) قد توافرت، وتجزئ التسمية على كل مجموعة يتواصل ذبحها، فإن انقطعت أعيدت التسمية.
تاسعاً:
(أ) إذا كان استيراد اللحوم من بلاد غالبية سكانها من أهل الكتاب وتذبح حيواناتها في المجازر الحديثة بمراعاة شروط التذكية الشرعية المبينة في الفقرة (ثانياً) فهي لحوم حلال لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} [المائدة: 5].
(ب) اللحوم المستوردة من بلاد غالبية سكانها من غير أهل الكتاب محرمة، لغلبة الظن بأن إزهاق روحها وقع ممن لا تحل تذكيته.
(ج) اللحوم المستوردة من البلاد المشار إليها في البند (ب) من هذه الفقرة إذا تمت تذكيتها تذكية شرعية تحت إشراف هيئة إسلامية معتمدة وكان المذكي مسلماً أو كتابياً فهي حلال.
ويوصي المجمع بما يلي:
أولاً:
السعي على مستوى الحكومات الإسلامية لدى السلطات غير الإسلامية التي يعيش في بلادها مسلمون، لكي توفر لهم فرص الذبح بالطريقة الشرعية بدون تدويخ.
ثانياً:
لتحقيق التخلص نهائياً من المشكلات الناجمة عن استيراد اللحوم من البلاد غير الإسلامية ينبغي مراعاة ما يلي:
(أ) العمل على تنمية الثروة الحيوانية في البلاد الإسلامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
(ب) الاقتصار ما أمكن على البلاد الإسلامية في استيراد اللحوم.
(ج) استيراد المواشي حية وذبحها في البلاد الإسلامية الإسلامية للتأكد من مراعاة شروط التذكية الشرعية.
(د) الطلب إلى منظمة المؤتمر الإسلامي اختيار جهة إسلامية موحدة تتولى مهمة المراقبة للحوم المستوردة، بإيجاد مؤسسة تتولى العمل المباشر في هذا المجال، مع التفرغ التام لشؤونه، ووضع لوائح مفصلة عن كل من شروط التذكية الشرعية، وتنظيم المراقبة والإشراف على هذه المهمة. وذلك بالاستعانة بخبراء شرعيين وفنيين، وأن توضع على اللحوم المقبولة من الإدارة علامة تجارية مسجلة عالمية في سجل العلامات التجارية المحمية قانونياً.
(هـ) العمل على حصر عملية المراقبة بالجهة المشار إليها في البند (د) من هذه الفقرة والسعي إلى اعتراف جميع الدول الإسلامية بحصر المراقبة فيها.
(و) إلى أن تتحقق التوصية المبينة في البند (د) من هذه الفقرة يُطلب من مُصدِّري اللحوم ومستورديها ضمان الالتزام بشروط التذكية الشرعية فيما يصدَّر إلى البلاد الإسلامية حتى لا يوقعوا المسلمين في الحرام بالتساهل في استيراد اللحوم دون التثبت من شرعية تذكيتها، والله الموفق.
مجمع الفقه الإسلامي
المستجدات الفقهية المعاصرة في الأطعمة والأشربة:
حكم الحيوان المذبوح بالصعق الكهربائي
عبد العزيز بن باز
حكم اللحوم المستوردة من بلاد غير إسلامية
صالح بن فوزان الفوزان
وغيرها من البحوث
——
وهذا بحث آخر عبارة عن سؤال ونقلنا الجواب باختصار:
هل يجوز أكل اللُّحوم المستورَدة مع عدم العلم بأنها ذُبحت على الطريقة الشرعية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فيقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
اللحوم المحفوظة والمستوردة إذا عَلِمْنَا بطريق موثوق به أنها ذُبحت على غير الطريقة الإسلامية فلا يجوز أكلها قطعًا، أما إذا علمنا أنها ذُبِحَت على الطريقة الإسلامية جاز أكلها دون حرج، فإذا لم نعلم طريقة ذبحها فإذا كانت هناك أمارات تُرجِّح أن ذبحها شرعي جاز أكلُها، ومن هذه الأمارات أن يُكتب عليها عبارة “مذبوح على الطريقة الإسلامية” أو تكون هذه الذبائح مستوردة من بلاد تَدين باليهودية أو النصرانية، للنص على حِل ذبائحهم في قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (المائدة: 5).
وبعض النشرات التي تحذِّر من تناول هذه اللحوم لا يصح أن تكون دليلاً قاطعًا على أنها لم تُذبح على الطريقة الشرعية، وعلى ذوي الاختصاص أن يتثبتوا إن كانت هذه اللحوم مستوفية لشروط الذبح الشرعي أولا، وإلى أن يحصُل هذا التثبُّت يكون العمل بالقاعدة الشرعية وهي: الأصل في الأشياء الإباحة، واليقين لا يزول بالشك.
هذا، ويغلِب على البلاد التي تدين باليهودية أو النصرانية أن تكون صادراتها للبلاد الإسلامية من الذبائح مذكَّاة حسب شريعتهم فهي حلال، أما البلاد التي لا تدين باليهودية أو النصرانية فيقال: إن ما أُعد للتصدير منها إلى البلاد الإسلامية يتولَّى ذبحَه كتابي، ويُكتب عليه: مذبوح على الطريقة الإسلامية.
ويمكن الاعتماد على ما كُتِب عليه، أما ما لا يُكْتَبُ عليه ذلك فلا يُطْمَأن إليه، وعلى المسئولين مراقبة ذلك عند الاستيراد.
وزيادة في الإيضاح لهذا الموضوع ننقِل لك ما نُشر في الجزء الثاني من كتاب “بيان للناس من الأزهر الشريف “،
أُثيرت في هذا الموضوع عدة مسائل نذكر أهمها فيما يلي:
1 ـ تخدير الحيوان قبل ذبْحه:
إذا كانت الصَّدمة الكهرُبائية أو غيرها من طرق التخدير تساعد على التمكُّن من ذبح الحيوان بإضعاف مقاومته وقت الذبح، وكانت لا تؤثِّر في حياته، بمعنى أنه لو تُرك بعدها دون ذبح عاد إلى حياته الطبيعية ـ جاز استعمال الصدمة الكهربائية أو غيرها من طرق التخدير بهذا المفهوم قبل الذبح، وحلَّت الذبيحة بهذه الطريقة.
أما إذا كانت تؤثِّر في حياته بحيث لو تُرِك بعدها دون ذبح فَقَدَ حياته، فإن الذبح وقتئذٍ يكون قد ورد على مَيْتَة
2 ـ ضرب الحيوان على رأسه بحديدة أو تفريغ شحنة مسدَّس قاتل فيها، أو صعقه بتيار الكهرباء وإلقاؤه في ماء مغلي ليَلفظ أنفاسه:
إذا مات الحيوان بهذه الطرق فهو مَيْتة، والمَيْتة مُحَرَّمة بنص القرآن الكريم، وهي ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يُذبح، أو ما مات حُكمًا من الحيوان حتْف أنفه من غير قتل بذكاة، أو مقتولاً بغير ذكاة.
والميتة بهذه الطرق هي الموقوذة التي ورد النص بتحريمها في آية المائدة
والوقذ شدة الضرب قال قتادة: كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونه.
وقال الضحاك: كانوا يضربون الأنعام بالخُشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها.
وفي صحيح مسلم عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله فإني أرمي بالمِعْراض الصيد فأصيب. فقال “إذا رمَيْت بالمِعْرَاض فخزقه فكلْه، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله”، وفي رواية “فإنه وقيذ”. المعراض سهم يصيب بعرض عوده دون حدِّه، خزق السهم أي نفذ في الرمية، والمعنى نفذ وأسال الدَّم؛ لأنه ربما قتل بعرضه ولا يجوز.
والفقهاء اتفقوا على أنه تصح تذكية الحيوان الحي غير الميئوس من بقائه، فإن أصابه ما يُوئِس من بقائه مثل أن يكون موقوذًا أو منخنقًا فقد اختلفوا في استباحته بالذكاة.
ففي فقه الإمام أبي حنيفة: وإن عُلمت حياتها ـ وإن قلَّت ـ وقت الذبح أُكلت مطلقًا بكل حال.
وفي إحدى روايتين عن الإمام مالك، وأظهر الروايتين عن الإمام أحمد: متى عُلم بمستمَر العادة أنه لا يعيش حرُم أكله ولا تصح تذكيته، وفي الرواية الأخرى عن الإمام مالك: أن الذكاة تبيح منه ما وُجد فيه حياة مستقرة. وينافي الحياة عنده أن يندَّق عنقه أو دماغه.
وفي فقه الإمام الشافعي: أنه متى كانت فيه حياة مستقرة تصح تذكيته، وبها يحل أكله باتفاق فقهاء المذهب.
والذكاة في كلام العرب الذبح وفي الشرع عبارة عن إنهار الدم وفري الأوداج في المذبوح، والنحر في المنحور، والعَقر في غير المقدور عليه.
واختلف العلماء فيما تقع به الذكاة، والذي جرى عليه جمهور العلماء أن كل ما أَنهر الدم وَفرى الأوداج فهو آلة للذبح، ما عدا الظُّفْر والسن، إذا كانا غير منزوعين؛ لأن الذبح بهما قائمين في الجسد من باب الخنق.
كما اختلفوا في العروق التي يتم الذبح بقطعها، بعد الاتفاق على أن كماله بقطع أربعة، هي: الحلقوم والمريء والودجان.
واتفقوا كذلك على أن موضع الذبح الاختياري، بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر.
فإذا ثبت قطعًا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بهذه الطريقة التي قررها الإسلام، وإنما تُضْرَب على رأسها بحديدة ثقيلة، أو يُفرغ في رأسها محتوى مسدس مُمِيت، أو تُصعق بتيار الكهرباء ثم تُلقى في ماء مغلي تلفِظ فيه أنفاسها ـ إذا ثبت هذا دخلت في نطاق المنخنقة والموقوذة المُحَرَّمَة بنص الآية الكريمة.
3 ـالمؤلفات والنشرات التي توصي بمنع استيراد اللحوم المذبوحة في الخارج:
ما ينقل عن بعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح لا يكفي لرفع الحِلّ الثابت أصلاً بعموم نص الآية الكريمة
وإذا كان الطب البيطري أو الشرعي يستطيع علميًا بيان هذا على وجه الثبوت، كان على القائمين بأمر هذه السلع استظهار حالها بهذا الطريق أو بغيرها من الطرق المجدية
وقد جاء في ” أحكام القرآن ” لابن العربي في تفسيره للآية الأولى: فإن قيل: فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه مَيْتَة، وهي حرام بالنص.
والصعق بالكهرباء حتى الموت من باب الخنق، فلا يحلُّ ما انتهت حياته بهذا الطريق. أما إذا كانت كهربة الحيوان لا تؤثِّر على حياته، بمعنى أنه يبقى فيه حياة مستقرة ثم يُذبح كان لحمه حلالاً في رأي جمهور الفقهاء، أو أي حياة وإن قلَّت في مذهب الإمام أبي حنيفة.
وعملية الكهرباء في ذاتها إذا كان الغرض منها فقط إضعافُ مقاومة الحيوان والوصول إلى التغلُّب عليه وإمكان ذَبْحِه، جائزة ولا بأس، وإن لم يكن الغرض منها هذا أصبحت نوعًا من تعذيب الحيوان قبل ذبحه، وهو مكروه، دون تأثير في حِلِّه إذا ذُبِح بالطريقة الشرعية حال وجوده في حياة مستقرة. أما إذا مات صعقًا بالكهرباء فهو مَيْتة غير مباحة ومُحَرَّمة قطعًا.
فالفيصل في الموضوع أن يثبت على وجه قاطع أن اللُّحوم والدواجن والطيور المستوردة المتداولة في أسواقنا قد ذُبحت بواحد من الطرق التي تصيِّرها من المحرمات المعدودات في آية المائدة. وما في الكتب والنشرات لا يُعتمد عليه في ذلك. وعلى الجهات المَعْنِيَّة أن تتثبت من ذلك، وإلى أن تتثبَّت يكون العمل بالقاعدة الشرعية: الأصل في الأشياء الإباحة، واليقين لا يزول بالشك، امتثالاً لحديث سلمان أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئِل عن الجُبن والسَّمن والغِراء التي يصنعها غير المسلمين فقال ” الحلال ما أحلَّ الله في كتابه، والحرام ما حرَّم الله في كتابه، وما سكَت عنه فهو مما عفا عنه “.
وثبت في الصحيحين أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ من مَزادة امرأة مُشْرِكَة، ولم يسألها عن دِبَاغها ولا عن غسلها.
4 ـ ذبائح أهل الكتاب:
أهل الكتاب هم اليهود والنصارى؛ لأنهم في الأصل أهل التوحيد، وقد جاء حكم الله في الآية بإباحة طعامهم للمسلمين، وإباحة طعام المسلمين لهم في قوله سبحانه (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ).
وتُثَار في ذبائحهم نقطتان، الأولى طريقة ذبحهم، والثانية التسمية عند الذبح.
أما في الأولى فقد اشترط فقهاء المسلمين لحِلِّ ذبائحهم أن يكون الذَّبح على الوجه الذي ورد به الإسلام. وقال بعض فقهاء المالكية: إن كانت ذبائحهم وسائر أطعمتهم مما يعتبرونه مذكًّي عندهم حَلَّ لنا أكله وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة صحيحة، وما لا يرونه مذكًّي عندهم لا يحلُّ لنا.
ثم استدرك هذا الفريق فقال: فإن قيل: فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس؟ فالجواب أن هذه ميتة وحرام بالنص، فلا نأكلها نحن، كالخنزير فإنه حلال ومن طعامهم، وهو حرام علينا فهذه أمثلة والله أعلم.
هذا، ولو سمعنا ذكر اسم غير الله عند الذبح فالجمهور على عدم الأكل من هذه الذبيحة، حتى من قال منهم بأن التسمية سُنَّة غير واجبة، أما إذا لم نسمع تسمية فالذبيحة حلال للنصوص المذكورة.
والذي يزور بلادًا ليست كتابية أو يعيش فيها يجب عليه أن يستوثق مما يأكله من ذبائحهم، فالغالب عليه أنه لم يُذبح كما يذبح الكتابيون والمسلمون. ولا يكفي عدم العلم بحال هذا المطعوم، بخلاف البلاد الكتابية فيكفي فيها عدم العلم؛ لأن الغالب أنهم يذبحون.
والله أعلم
إذا أطرفت بعينيها أو مضغت بذنبها يعني حركته وضربت به أو ركضت برجلها فذكيته فقد أحل الله لك ذلك وذكره عن أصحابه وهو قول أبي هريرة وبن عباس وإليه ذهب بن حبيب وذكره عن أصحاب مالك وروى بن عيينة وشريك وجرير عن الركين بن الربيع عن أبي طلحة الأسدي قال سألت بن عباس عن ذئب عدا على شاة فشق بطنها حتى انتثر فسقط منه شيء إلى الأرض فقال كل وما انتثر من بطنها فلا تأكل وسنزيد هذا المعنى بيانا في باب ما يكره في الذبيحة من الذكاة بعد هذا أن شاء الله وقد أشبعنا هذا الباب بالآثار وأقاويل أهل التفسير وفقهاء الأمصار في معنى قول الله – عز وجل – (إلا ما ذكيتم) [المائدة 3].
((التمهيد)).
قال أبو عمر على هذا أكثر العلماء إلا أن يسمي النصراني من العرب المسيح على ذبيحته فإن قال بسم المسيح أو ذبح لآلهته أو لعيده فإنهم اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا نذكره في هذا الباب – إن شاء الله.
وأما نصارى العرب فمذهب على بن أبي طالب – رضي الله عنه – في نصارى العرب بني تغلب وغيرهم وقد قيل إنه خص بني تغلب بأن لا تؤكل ذبائحهم روى معمر عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة السلماني أن عليا – رضي الله عنه – كان يكره ذبائح نصارى بني تغلب ويقولون أنهم لا يتمسكون من النصرانية إلا بشرب الخمر وقالت بهذا طائفة منهم عطاء وسعيد بن جبير وهو أحد قولي الشافعي.
وأما اختلاف العلماء فيما ذبح النصاري لكنائسهم وأعيادهم أو ما سموا عليه المسيح فقال مالك ما ذبحوه لكنائسهم أكره أكله وما سمي عليه باسم المسيح لا يؤكل والعرب عنده والعجم في ذلك سواء وقال الثوري إذا ذبح وأهل به لغير الله كرهته وهو قول إبراهيم قال سفيان وبلغنا عن عطاء أنه قال قد أحل الله ما أهل لغير الله لأنه قد علم أنهم سيقولون هذا القول وقد أحل ذبائحهم وروي عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت قالا لا بأس بما ذبح النصارى لكنائسهم وموتاهم قال أبو الدرداء طعامهم كله لنا حل وطعامنا لهم حل وإلى هذا ذهب فقهاء الشاميين مكحول والقاسم بن مخيمرة وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وسعيد بن عبد العزيز والأوزاعي وقالوا سواء سمى النصراني المسيح على ذبيحته أو سمى جرجس أو ذبح لعيده أو لكنيسته كل ذلك حلال لأنه كتابي ذبح بدينه وقد أحل الله ذبائحهم في كتابه وقال المزني عن الشافعي لا تحل ذبيحة نصارى العرب وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وروى قيس بن الربيع عن عطاء بن السائب عن زاذان عن علي قال إذا سمعت النصراني يقول باسم المسيح فلا تأكل وإذا لم يسم فكل فقد أحل الله ذبائحهم وعن عائشة قالت لا تأكل ما ذبح لأعيادهم وعن بن عمر مثله وعن الحسن وميمون بن مهران أنهما كانا يكرهان ما ذبح النصارى لأعيادهم وكنائسهم وآلهتهم وقد قال إسماعيل بن إسحاق كان مالك يكرهه من غير أن يوجب فيه تحريما وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران أن عمر بن عبد العزيز كان يوكل بقوم من النصارى قوما من المسلمين إذا ذبحوا أن يسموا الله ولا يتركوهم أن يهلوا لغير الله.