1491 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
1491 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد
أنه قال نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد فقال لي أهلي اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا شيئا نأكله فجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلا يسأله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا أجد ما أعطيك فتولى الرجل عنه وهو مغضب وهو يقول لعمري إنك لتعطي من شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب علي أن لا أجد ما أعطيه من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا قال الأسدي فقلت للقحة لنا خير من أوقية والأوقية أربعون درهما قال فرجعت ولم أسأله فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شعير وزبيب فقسم لنا منه أو كما قال حتى أغنانا الله عز وجل.
قال أبو داود هكذا رواه الثوري كما قال مالكز
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
………………………………………
صحيح الجامع (2416) صححه الاثيوبي في ذخيرة العقبى
بوب ابن زنجويه في الاموال: باب التشديد في مسألة الناس من أموالهم.
وبَابٌ: مَا جَاءَ فِيمَنْ رَأَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَحِلُّ لِمَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
بوب البيهقي في السنن الكبرى باب لا وقت فيما يعطى الفقراء والمساكين إلى ما يخرجون به من الفقر والمسكنة.
بوب النسائي في السنن الكبرى إذا لم يكن عنده دراهم وكان عنده عدلها.
بوب أبو داود في السنن باب مَنْ يُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ وَحَدِّ الْغِنَى.
بوب ابن خزيمة باب ذكر الغني الذي يكون المسألة معه إلحافا.
قال العباد: (من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافاً)، والأوقية أربعون درهماً؛ لأن نصاب الفضة خمس أواق، ومقدارها مائتا درهم، فالأوقية إذاً أربعون درهماً.
قوله: (فقد سأل إلحافاً) يعني: سأل وعنده ما يغنيه، فيكون قد ألح في السؤال وهو ليس محلاً لذلك، وهذا في حال وجود ذلك المقدار عنده، وأما إذا لم يكن عنده هذا المقدار فله أن يسأل، وهذا كما هو معلوم شيء، وإعطاؤه من الزكاة شيء آخر، فهو وإن كان ينبغي له ألا يسأل لكنه يُعطي من الزكاة ما يكفيه لمدة سنة وإن كان عنده أربعون درهماً.
فهذا الأسدي الذي جاء كفته هذه المحاورة التي جرت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ذلك الرجل، وذلك عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول له هذه المقالة.
قوله: (فقال الأسدي: فقلت: للقحة لنا خير من أوقية). الأسدي: نسبة إلى بني أسد، واللقحة هي الناقة، فيشربون من حليبها، وهي عندهم خير من الأوقية التي هي أربعون درهماً.
قوله: (قال: فرجعت ولم أسأله) أي: كفاه ذلك الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يسأله، فجاء النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شعيرٌ أو زبيب فأعطاه منه حتى أغناه الله).
وقد جاء في الحديث الماضي: خمسون، وهنا: أربعون، وهما متقاربان. وأما مقدار ذلك الآن فالمائتا درهم تعادل ستة وخمسين، فالأربعون أوقية خمُس الستة والخمسين، أي: أحد عشر وخمس من ريالات الفضة، فإذا قيل: إن الريال عُشر الفضة فالعشرة ريالات فضة تصير مائة وعشرة ريال. ومرجع الإعطاء والكفاية إلى العرف، فبعض الأماكن وبعض الناس تختلف قضية الغنى والفقر عندهم فالأعزب مثلاً ليس كالمتزوج الذي عنده عيال من حيث الغنى والفقر، فتختلف الكفاية بحسب ذلك، وكذلك تختلف كفاية العائلة بحسب عدد أفرادها وهكذا. شرح سنن ابي داود
قال الأثيوبي في شرح النسائي:
و”العدل” -بالكسر والفتح-: المثل، وقيل: -بالفتح- ما عادله من جنسه، و-بالكسر- ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس. قاله ابن الأثير
(وإِنَّكَ لَتُعْطِي مَن شِئْتَ) ممن لا يستحقّها، أي وتمنع من شئت ممن يستحقّها، والظاهر أن الرجل كان من أجلاف الأعراب حديث عهد بالإِسلام، أو كان منافقًا، على أن رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم – كان لا ينتقم لنفسه.
وقال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: يحتمل أن يكون من الأعراب الجفاة الذين لا يدرون حدود ما أنزل اللَّه على رسوله. وفي هذا دليلٌ على ما قال مالك: إن من تولّى تفريق الصدقات لم يَعدَم من يلومه، قال: وقد كنتُ أتولاّها لنفسي، فأوذيت، فتركت ذلك.
وقد يجوز أن يكون مَنْعُ النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – للرجل الذي منعه حين سأله من الصدقة؛ لأنه كان غنيًّا، لا تحلّ له، أو ممن لا يجوز له أخذها لمعان، اللَّه ورسوله أعلم بها انتهى كلام ابن عبد البرّ.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الثاني فيه نظر، إذ ظاهر قوله – صلى اللَّه عليه وسلم -: “لا أجد ما أعطيك” يُبعده.
وثم أتبع الأثيوبي شرحه قائلا:
فوائده:
(منها): ما بوّب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو أنه إذا لم يكن عند الشخص أربعون درهما، ولكن عنده ما يعادلها قيمة من غير النقود كان كمن عنده أربعون درهمًا، فلا يحلّ له أن يسأل الناس
(ومنها): ما كان عليه بعض الأعراب من الجهل بمقام رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم -، وغلظة الطبيعة، وجفاء السلوك، كما أخبر اللَّه تعالى عنهم بقوله: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} الآية
(ومنها): ما كان عليه النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – من الحلم، والصفح، والعفو، والإعراض عن الجاهلين، عملًا بقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
(ومنها): ما كان عليه الصحابة من الصبر على الإقلال، وقلّة ذات اليد.
(ومنها): ما كان عليه الصحابة من قوّة الفهم، وشدّة الحزم والعزم، فإن هذا الصحابيّ جاء إلى رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم – يسأله في حاجة له، فلما سمع منه الموعظة اتعظ، وأعرض عن اجته، وتوكّل على ربّه، فرجع، ففتح اللَّه تعالى عليه من غير مسألة، فاستغنى. (ذخيرة العقبى)
مسألة: الصدقة على من كان صحيحا قادرا على العمل؟
س: يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24 – 25]، أرجو توضيح معنى الآية؛ لأن الذي دعاني لهذا أنه يقف أمامي شخص تدل ملامحه على أنه قوي يستطيع العمل، والكسب من عمل يده، وطلب مني أن أعطيه مالاً صدقة، فهل يجوز لي التصدق على أمثال هؤلاء؟
ج:
الصدقة على من كان صحيحا قادرا على العمل
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فيقول الله -سبحانه-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات: 15 – 19] الحق: اختلف فيه العلماء فقيل: هو الزكاة، وقيل: غير الزكاة. فالكمَّل من المؤمنين يخرجون حقاً من أموالهم للفقراء والمساكين غير الزكاة، منافسة في الخير، ومسارعة إلى أعمال البر، ومواساة للمحاويج والفقراء، السائل ومن يسأل ويستجدي فله حق، إلا إذا علمت أنه غني لا يستحق الزكاة فإنه لا يعطى، ويبين له أنه لا يجوز له أن يسأل. أما إذا كان مجهولاً لا يدرى عن حاله، أو كان معروف الفقر والحاجة فإنه يعطى من الزكاة، ويعطى من غيرها من الصدقات. أما المحروم فهو الفقير الذي حرم المال، أو كان ذا مال ثم أصيب بجائحة اجتاحت ماله فصار فقيراً، فإنه يعطى من الزكاة، ويعطى من غيرها من الصدقات، وإذا كان المتقدم السائل قوياً فإنه ينصح ويقال له: إنها لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب، فإن اعتذر وذكر أنه ما عنده عمل، ولا عنده شيء يقوم بحاله يعطى، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه سأله رجلان فنظر فيهما فإذا هما جلدان، فقال: (إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) فالإنسان قد يكون قوي البدن، ولكن لا يجد عملاً فيبقى في حاجة شديدة، وقد تكون له علة داخلية تمنعه من العمل، ولكن ظاهر جسمه يقتضي أنه قوي، فإذا أبدى ما يدل على استحقاقه فإنه يعطى ويصدق في ذلك حرصاً على مواساة المحاويج، ولأن هذا قد يقع، قد يتيسر المال للقوي وقد لا يتيسر المال، إما لقلة الأعمال في البلد، وإما لأسباب أخرى.
ابن باز رحمه الله