1486 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة إبراهيم البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————–
الصحيح المسند
1486 عن مجاهد قال: دخلت أنا ويحيى بن جعدة على رجل من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ذكَرُوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاة لبني عبدالمطلب فقال: إنها تقوم الليل وتصوم النهار. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لكني أنا أصوم وأصلي، وأصوم وأفطر، فمن اقتدى بي فهو مني ومن رغب عن سنتي فليس منِّي إن لكل عمل شرِّه ثم فترة، فمن كانت فترته إلى بدعه فقد ضل، ومن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى.
………………
هذا الحديث شرحه قريب من شرح حديث الثلاثة نفر الذين تقالُّوا عبادة النبي صلى الله عليه وسلم:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين:
134 – وعن أنس رضي الله عنه قال جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فأصلي الليل أبدا وقال الآخر وأنا أصوم الدهر أبدا ولا أفطر وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني متفق عليه.
الشَّرْحُ
ولا شك أن هذا الذي قالوا خلاف الشرع لأن هذا فيه إشقاقا على النفس وإتعابا لها يبقى الإنسان لا يرقد أبدا كل الدهر يصلي هذا لا شك أنه مشق على النفس ومتعب لها وأنه داع إلى الملل وبالتالي إلى كراهة العبادة لأن الإنسان إذا مل الشيء كرهه.
كذلك الذي قال أصوم أبدا يبقى صيفا وشتاء صائما هذا لا شك أنه مشقة.
والثالث قال أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا هذا أيضا يشق على الإنسان لا سيما الشباب يشق عليه أن يدع النكاح ثم إن التبتل وعدم النكاح منهي عنه قال عثمان بن مظعون كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا عن التبتل شديدا ولو أذن لنا لاختصينا.
والمهم أن هذه العبادة التي أرادها هؤلاء رضي الله عنهم كانت شاقة وهي خلاف السنة ولكن النبي عليه الصلاة والسلام سألهم واستقرهم هل قالوا ذلك؟ قالوا نعم قال أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني يعني من رغب عن طريقتي واتخذ عبادة أشد فإنه ليس مني.
ففي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يقتصد في العبادة بل ينبغي له أن يقتصد في جميع أموره لأنه إن قصر فاته خير كثير وإن شدد فإنه سوف يكل ويعجز ويرجع ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون في أعماله كلها مقتصدا.
ولهذا جاء في الحديث إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى والمنبت الذي يمشي ليلا ونهارا هذا لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى بل يتعب ظهره وبالتالي يتعب ويحسر ويقعد.
فالاقتصاد في العبادة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي لك أيها العبد أن تشق على نفسك وامش في أمورك رويدا رويدا وكما سبق في الحديث الذي قبل أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل فعليك بالراحة لا تقصر ولا تزد فإن خير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم جعلني الله وإياكم من متبعي هديه الذين يمشون على طريقته وسنته.
شرح رياض الصالحين
……………………………………..
وقال محمد بن صالح العثيمين أيضا في جواب سؤال مفاده:
س (7): ما المراد بالوسط في الدين؟
الجواب: الوسط في الدين أن لا يغلو الإنسان فيه فيتجاوز ما حد الله -عز وجل- ولا يقصر فيه فينقص عما حد الله -سبحانه وتعالى-.
الوسط في الدين أن يتمسك بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والغلو في الدين أن يتجاوزها، والتقصير أن لا يبلغها … ثم ذكر أمثلة.
فتاوى أركان الإسلام.
…….
ـــ فالعبادة التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل إنما هي التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تقبل العبادة زيادة ما على ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ختاما والبحث في هذا طويل وطويل جدا فنريد أن نفسح المجال كالعادة لتلقي بعض الأسئلة, أختم هذه الكلمة لبيان خطر الزيادة في الدين والتقرب إلى الله بما لم يشرعه رب العالمين بأثر عن الإمام مالك إمام دار الهجرة المدينة المنورة حيث قال ونعم ما قال ” من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة ” ” من ابتدع في الإسلام بدعة ” واحدة يراها حسنة فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة، اقرؤوا قول الله تبارك الله وتعالى ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) – اسمعوا – ” فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ولا يصلح هذه ” – حكمة بالغة – ” ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ” بماذا صلح به أولها بالإستسلام للإسلام كما قال رب العالمين ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما))
……….
ومن الأحاديث كذلك في نفس معنى حديث الباب:
نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو أن لا يشق على نفسه:
عن أبي سلمة حدثه أن عبد الله قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرتي فقال ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار قال بلى قال فلا تفعلن نم وقم وصم وأفطر فإن لعينك عليك حقا وإن لجسدك عليك حقا وإن لزوجتك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لصديقك عليك حقا وإنه عسى أن يطول بك عمر وإنه حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثا فذلك صيام الدهر كله والحسنة بعشر أمثالها قلت إني أجد قوة فشددت فشدد علي قال صم من كل جمعة ثلاثة أيام قلت إني أطيق أكثر من ذلك فشددت فشدد علي قال صم صوم نبي الله داود عليه السلام قلت وما كان صوم داود قال نصف الدهر.
وأيضا في صحيح البخاري (1150)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: «ما هذا الحبل؟» قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد»
@@@@@@@
وفي صحيح البخاري (39)
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة»
وفي صحيح البخاري (212) أيضا:
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد، حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه»