: 1483 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
1483 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا ابن إدريس أخبرنا عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة قالت يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعميه الأسارى.
………………………………………
صححه الالباني في الصحيحة 754 والارواء 3/ 196
اختلف على عاصم بن كليب وصحح الدارقطني هذه الرواية. راجع تخريج السنن 3332
وجاء نحو الحديث في الصحيح المسند 241: عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه مروا بامرأة فذبحت لهم شاة واتخذت لهم طعاما فلما رجع قالت يا رسول الله انا اتخذنا لكم طعاما فادخلوا فكلوا فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه وكانوا لا يبدؤون حتى يبتدئ النبي صلى الله عليه و سلم فأخذ النبي صلى الله عليه و سلم لقمة فلم يستطع أن يسيغها فقال النبي صلى الله عليه و سلم هذه شاة ذبحت بغير إذن أهلها فقالت المرأة يا نبي الله إنا لا نحتشم من آل سعد بن معاذ ولا يحتشمون منا نأخذ منهم ويأخذون منا.
بوب أبو داود على هذا الحديث: باب اجتناب الشبهات، وبوب البيهقي: باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: (أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها)، وهذا علمه الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحي؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عز وجل عليه، وليس كل غيب يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يعلم الغيب على الإطلاق هو الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في كثير من الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب. قوله: [(فأرسلت المرأة قالت: يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشترى لي شاة)].
أخبرت المرأة بالذي حصل، وهو أنها أرسلت إلى البقيع -وهو المكان الذي تباع فيه الغنم- من يشتري لها شاة، فلم يجد، وكان أحد جيرانها قد اشترى شاة، فأرسلت إليه تطلب منه أن يعطيها الشاة بثمنها، فلم تجد صاحب الشاة الذي هو صاحب البيت، فطلبت من امرأته أن تعطيها إياها، فأعطتها الشاة بدون إذن زوجها، فأخذت الشاة بغير إذن صاحبها الذي هو صاحب البيت.
والشاهد من إيراد الحديث فيما يتعلق بالشبهات: هو ترك النبي صلى الله عليه وسلم لأكل هذه الشاة بعد أن علم أنها أخذت بغير إذن أهلها، فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تركوا الأكل منها، وقال: (أطعميه الأسارى) ولعل المقصود بذلك أسارى الكفار، فيطعم ذلك للكفار بدلاً من أن يتلف ولا يستفاد منه، وهذا يدل على أن المال الذي يكون بيد الإنسان وهو غير حلال يتخلص منه بطريقة مناسبة، ومثله ما يسمى بالفوائد الربوية، وهي في الحقيقة مضار، فمن وقع في يده شيء منها، ثم جاء يسأل: ماذا يصنع فيها؟ فالجواب:
أنه يصرف ذلك المال في أمور ممتهنة مثل تعبيد طرق أو بناء حمامات، أو ما إلى ذلك من الأشياء التي ليست في أمور شريفة، فيصرف المال في مثل ذلك للتخلص منه، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المرأة إلى التخلص من هذه الشاة بهذه الطريقة.
قال صاحب العون (5/ 183): (فأرسلت) أي المرأة (إلي بها) أي بالشاة فظهر أن شراءها غير صحيح لأن إذن زوجته ورضاها غير صحيح وهو يقارب بيع الفضولي المتوقف على إجازة صاحبه وعلى كل فالشبهة قوية والمباشرة غير مرضية.