1467 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-
الصحيح المسند
1467 – قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا محمد بن سلمة قال أنبأنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت وأنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لأرقبن رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة حتى أرى فعله فلما صلى صلاة العشاء وهي العتمة اضطجع هويا من الليل ثم استيقظ فنظر في الأفق فقال {ربنا ما خلقت هذا باطلا حتى بلغ إنك لا تخلف الميعاد} ثم أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فراشه فاستل منه سواكا ثم أفرغ في قدح من إداوة عنده ماء فاستن ثم قام فصلى حتى قلت قد صلى قدر ما نام ثم اضطجع حتى قلت قد نام قدر ما صلى ثم استيقظ ففعل كما فعل أول مرة وقال مثل ما قال ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قبل الفجر.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
* الحديث أخرجه الإمام النسائي رحمه الله بمعناه في عمل اليوم والليلة فقال: أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب قال حدثنا الليث قال حدثني خالد عن بن أبي هلال عن الأعرج قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن رجل من الأنصار أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فقال لأنظرن كيف يصلي رسول الله صلى الله عليه و سلم فنام رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم استيقظ فرفع رأسه إلى السماء فتلا أربع آيات من آخر سورة آل عمران {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} حتى مر بالأربع ثم أهوى يده في القرب فأخذ سواكا فاستن به ثم توضأ وصلى ثم نام ثم استيقظ فصنع كصنيعه أول مرة ثم نام ثم استيقظ فصنع كصنيعه أول مرة ويزعمون أنه التهجد الذي أمر الله عز و جل به
……………………………………….
وصححه الالباني في سنن النسائي (1626) وصححه الأثيوبي في ” ذخيرة العقبي “.
قوله: (لارقبن) يحتمل أن يكون المعنى هنا: لأحفظنّ ما يفعله رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم – في صلاته، ويحتمل أن يكون: لأنتظرنّه حتى يفرغ من صلاته، لأحفظ كيفيتها.
(فَلَمَا صَلَّى صَلَاةَ العِشَاءِ، وَهِيَ الْعَتَمَةُ) أي العشاء الأخيرة، ذكره بعد لفظ العشاء، لئلا يُتوهّم أن المراد به المغرب.
(اضْطَجَعَ هَوِيًّا) بفتح الهاء، وكسر الواو، وتشديد الياء: أي حينًا طويلاً (مِنَ اللَّيْلِ) بيان للَّهَوِيّ (ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فنظَرَ فِي الْأُفُقِ) بضمتين: الناحيةُ من الأرض، ومن السماء، والجمع آفاق.
(فقَالَ) أي قرأ رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم – قوله تعالى: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 191]، حَتَّى بَلَغَ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194] ولعله ما ختم الآيات إلى آخر السورة في تلك الليلة، كما تقدّم في حديث ابن عباس – رضي اللَّه عنهما -، حيث قرأ الآيات حتى ختم السورة، أو ختمها , لكن الذي سمع منه ذلك الصحابيّ هذا القدر فقط.
(ثم أَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى اللَّه عليه وسلم -، إِلَى فِرَاشِهِ) أي مَدّ يده إليه، يقال: أهوى إلى سيفه بالألف: تناوله بيده، وأهوى إلى الشيء بيده: مدّها ليأخذه، إذا كان عن قُرْب، فإن كان عن بُعْد قيل: هَوَى إليه بغير ألف. قاله في “المصباح”.
(فَاسْتَلَّ مِنْهُ سِوَاكًا) أي أخرجه منه في رفق، قال المجد اللغوي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: السَّلُّ بالفتح: انتزاعك الشيء، وإخراجه في رفق، كالاستلال انتهى (ثُمَّ أَفْرَغَ فِي قَدَحٍ) بفتحتين: إناء يُرْوِي الرجلين، جمعه أقداح (مِنْ إِدَاوَةٍ) بالكسر: المِطْهرة، جمعها الأدَوَى بفتح الواو. والمعنى أنه – صلى اللَّه عليه وسلم – صبّ ماء من إداوة كائنة عنده في قَدَح (فَاسْتَنَّ) بتشديد النون: أي استعمل السواك في الأسنان، والظاهر أنه لم يتوضأ، لأن نومه لا ينقض وضوءه، بل استاك، فقام إلى الصلاة، ويحتمل أن يكون ذلك الاستنان عند الوضوء، فيكون المراد بقوله: “فاستنّ”، أي توضأ مع الاستنان.
قلت (عبد الله الديني) جاء عند النسائي أنه توضأ كما ذكره المؤلف (الشيخ مقبل) هنا.
(ثُم قَامَ، فَصَلَّى، حَتَّى قُلْتُ: قَدْ صَلَّى قَدّرَ مَا نَامَ) غاية لطول صلاته – صلى اللَّه عليه وسلم -.
والمعنى أنه – صلى اللَّه عليه وسلم – طوّل صلاته إلى أن قدّرت تطويله لها بالوقت الذي نامه، وقد ذكر أنه نام طويلاً، حيث قال: “اضطجع هَوِيّا من الليل”، ومعنى الهَويّ. الحين الطويل (ثُمَّ اضْطَجَعَ، حَتَّى قُلْتُ. قَد نَامَ قَدْرَ مَا صَلَّى) يعني أنه نام طويلاً (ثم اسْتَيْقَظَ، فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي من صبّه الماءَ من الإداوة في القدح، والاستنان (وَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ) أي من قراءة الآيات المذكورة (فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى اللَّه عليه وسلم -، ثَلَاثَ مَرَّاتِ قَبْلَ الْفَجْرِ) أي كلّ ذلك حصل منه قبل طلوع الفجر.
فوائد الحديث:
1 – ما ترجم له المصنف، وهو بيان ما تُفتتح به صلاة الليل، يعني الذكر الذي يتقدمها وهو وإن كان خارجها، إلا أنه وقع قربَ افتتاحها.
2 – ما كان عليه الصحابة – رضي اللَّه عنهم -، من الحرص على تتبع أفعال النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – في عبادته، حتى يقتدوا به فيها.
3 – استحباب التأهّب لصلاة الليل بإعداد السواك، والطَّهُور.
4 – تقسيم أجزاء الليل إلى أقسام، فيجعل بعضه للصلاة، وبعضه للاستراحة، حتى تأخذ النفس حظّها من الراحة، كما جعل الشارع لها ذلك، حيث قال: “فإن لنفسك عليك حقا”، فينبغي إعطاء كل ذي حق حقّه.
” ذخيرة العقبى شرح المجتبى ” (17/ 341)